العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٩٠ - السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حول نظرية تحسين صغير مستدام «فلسفة الكايزن»

بقلم: الدكتور زكريا الخنجي

الأحد ١٠ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

لنتخيل،‭ ‬مجرد‭ ‬تخيل،‭ ‬أن‭ ‬رجلاً‭ ‬اشترى‭ ‬فسيلة‭ ‬نخلة،‭ ‬وقيل‭ ‬له‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الفسيلة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬حتى‭ ‬تثمر،‭ ‬وحتى‭ ‬تثمر‭ ‬جيدًا‭ ‬فإنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ (‬كذا‭) ‬لتر‭ ‬ماء‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬وإنه‭ ‬ينبغي‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها‭ ‬وتغذيتها‭ (‬بكذا‭) ‬كيلو‭ ‬سماد‭ ‬طبيعي‭ ‬كل‭ ‬6‭ ‬أشهر،‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الحشرات‭ ‬والضواري‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬سبل‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالنخيل‭.‬

أخذ‭ ‬الرجل‭ ‬الفسيلة‭ ‬ووضعها‭ ‬في‭ ‬حديقة‭ ‬منزله،‭ ‬وقال‭ ‬في‭ ‬نفسه‭: ‬‮«‬لماذا‭ ‬الانتظار‭ ‬حوالي‭ ‬5‭ ‬سنوات؟‭ ‬ماذا‭ ‬يحدث‭ ‬لو‭ ‬أني‭ ‬سقيتها‭ ‬كل‭ ‬كميات‭ ‬الماء‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬واحدة،‭ ‬وكذلك‭ ‬إن‭ ‬وضعت‭ ‬لها‭ ‬كل‭ ‬كميات‭ ‬السماد‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الليلة،‭ ‬فهل‭ ‬تنتج‭ ‬ثمارها‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي؟‮»‬‭.‬

فقام‭ ‬الرجل‭ ‬وحسب‭ ‬كميات‭ ‬الماء‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يسقي‭ ‬بها‭ ‬النخلة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس،‭ ‬وكذلك‭ ‬حسب‭ ‬كميات‭ ‬السماد،‭ ‬ثم‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬واشترى‭ ‬كل‭ ‬المستلزمات‭ ‬المطلوبة‭ ‬لتربية‭ ‬وتنمية‭ ‬النخلة،‭ ‬ووضعها‭ ‬كلها‭ ‬تحت‭ ‬النخلة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الليلة،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬يختزل‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬في‭ ‬ليلة‭ ‬واحدة‭ ‬ويستفيد‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬الضائع‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬ثم‭ ‬ذهب‭ ‬لينام،‭ ‬وهو‭ ‬يحلم‭ ‬أنه‭ ‬سوف‭ ‬يجني‭ ‬ثمار‭ ‬النخلة‭ ‬غدًا،‭ ‬فهل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك؟‭ ‬هذه‭ ‬تسمى‭ ‬نظرية‭ ‬المزرعة‭.‬

نظرية‭ ‬المزرعة‭ ‬تعني‭ ‬باختصار‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اختزال‭ ‬كل‭ ‬سنوات‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬واحدة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬اختزال‭ ‬تطور‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬إدارة‭ ‬المشاريع‭ ‬في‭ ‬فكرة‭ ‬واحدة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬حل‭ ‬المشكلات‭ ‬بضربة‭ ‬العصا‭ ‬السحرية،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬تحسين‭ ‬الأمور‭ ‬وتطوير‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطة‭ ‬ومنهجية‭ ‬قصيرة‭ ‬وطويلة‭ ‬المدى،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تتضح‭ ‬الأهداف‭ ‬والرؤيا‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬لابني‭ ‬الصغير‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬يوم‭ ‬مدرسي‭ ‬‮«‬غدًا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أراك‭ ‬أكبر‭ ‬مستثمر‭ ‬أو‭ ‬طبيب‭ ‬أو‭ ‬مهندس‭ ‬في‭ ‬البلاد‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬ضرب‭ ‬من‭ ‬خيال‭.‬

هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬ببساطتها‭ ‬هي‭ ‬فلسفة‭ (‬الكايزن‭) ‬للجودة‭. ‬فما‭ ‬هي‭ ‬فلسفة‭ ‬الكايزن؟‭ ‬ومن‭ ‬أين‭ ‬أتت؟‭ ‬

يقول‭ ‬ماساكي‭ ‬إيماي‭ ‬مبتكر‭ ‬ورائد‭ ‬طريقة‭ ‬وفلسفة‭ ‬الكايزن‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ (‬كايزن‭: ‬مفتاح‭ ‬نجاح‭ ‬اليابان‭ ‬التنافسي‭) ‬الكايزن‭ ‬هو‭ ‬مصطلح‭ ‬ياباني‭ ‬يعني‭ (‬التحسين‭ ‬المستمر‭) ‬وهو‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬مقطعين؛‭ (‬Kai‭) ‬ويعني‭ ‬التغيير،‭ ‬و‭(‬Zen‭) ‬يعني‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل،‭ ‬حيث‭ ‬يعني‭ ‬المصطلح‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭ (‬التغيير‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل‭ ‬أو‭ ‬الأحسن‭)‬،‭ ‬أما‭ ‬المعني‭ ‬الشائع‭ ‬له‭ ‬فهو‭ ‬التحسين‭ ‬التدريجي‭ ‬المستمر‭ (‬Continual‭ ‬Improvement‭) ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة،‭ ‬بحيث‭ ‬يشارك‭ ‬فيه‭ ‬جميع‭ ‬العاملين‭ ‬أو‭ ‬المرتبطين‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التحسين‭ ‬وعلى‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬الإدارية،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مراكزهم‭ ‬الوظيفية‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬العليا‭ ‬إلى‭ ‬عامل‭ ‬التنظيف‭ ‬فيها،‭ ‬وإن‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬الأفراد‭ ‬فإننا‭ ‬نقصد‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أعمارهم‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التحسين،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إبداء‭ ‬آرائهم‭ ‬أو‭ ‬إدخال‭ ‬التحسينات‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬يجدونها‭ ‬مناسبة‭ ‬بصورة‭ ‬تدريجية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليها،‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬كبير‭.‬

يقول‭ ‬ماساكي‭ ‬إماي‭: ‬‮«‬تكمن‭ ‬فلسفة‭ ‬الكايزن‭ ‬في‭ ‬التحسين‭ ‬التدريجي‭ ‬والتغيير‭ ‬المستمر‭ ‬لكافة‭ ‬أوجه‭ ‬وأنشطة‭ ‬المؤسسة‭ ‬نحو‭ ‬الأفضل،‭ ‬ولكن‭ ‬بدون‭ ‬تكبد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المصاريف‭ ‬أثناء‭ ‬إجراء‭ ‬هذا‭ ‬التغيير،‭ ‬والمقصود‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬استراتيجية‭ ‬المؤسسة‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭. ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب،‭ ‬وإنما‭ ‬يعني‭ ‬التحسين‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الشخصية،‭ ‬والحياة‭ ‬المنزلية،‭ ‬والحياة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والحياة‭ ‬العملية‮»‬‭.‬

باختصار‭ ‬وببساطة‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬فلسفة‭ ‬الكايزن‭ ‬تعني‭ ‬التحسين‭ ‬الصغير‭ ‬المستمر،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يعالج‭ ‬هذا‭ ‬التحسين‭ ‬مشكلة‭ ‬من‭ ‬المشاكل،‭ ‬وبأقل‭ ‬كلفة،‭ ‬وبأقل‭ ‬الأخطاء‭.‬

ولعل‭ ‬السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬هنا‭ ‬هو‭: ‬ما‭ ‬أهمية‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬الفلسفة‭ ‬في‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬أو‭ ‬حياتنا‭ ‬الشخصية؟

وجدنا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملنا‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬وتحسين‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬تلخيص‭ ‬أهمية‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬الفلسفة‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬الآتية‭:‬

1-‭  ‬تقليل‭ ‬الهدر‭ ‬والنفايات‭ ‬والترهل‭: ‬سواء‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬حياتنا‭ ‬الشخصية‭ ‬أو‭ ‬المهنية،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحسن‭ ‬الأمور‭ ‬إلا‭ ‬بالتخلص‭ ‬من‭ ‬كلّ‭ ‬الحمل‭ ‬الزائد‭ ‬غير‭ ‬المفيد‭ ‬الذي‭ ‬يحيط‭ ‬بنا‭ ‬بهدف‭ ‬ضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬أفضل‭. ‬ففي‭ ‬حياتنا‭ ‬مثلاً‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأعباء‭ ‬التي‭ ‬نحملها‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تفيدنا،‭ ‬فنحن‭ ‬مثلاً‭ ‬نشتري‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬شهريًا،‭ ‬وجزء‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المواد‭ ‬يتلف‭ ‬ويرمى،‭ ‬فلو‭ ‬أننا‭ ‬قللنا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المواد‭ ‬بصورة‭ ‬تدريجية‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يُعد‭ ‬تحسينًا،‭ ‬وفي‭ ‬حياتنا‭ ‬المهنية‭ ‬فإن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬تنشأ‭ ‬لجانا،‭ ‬لتنبثق‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬اللجان‭ ‬لجان‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬توقيع‭ ‬أو‭ ‬أداء‭ ‬وظيفة‭ ‬معينة‭. ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬اتباع‭ ‬فلسفة‭ ‬الكايزن‭ ‬المعتمد‭ ‬على‭ ‬التغيير‭ ‬المستمرّ‭ ‬سنجد‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬نتخلّص‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬النفايات‭ (‬الماديّة‭ ‬والمعنوية‭) ‬بشكل‭ ‬دائم،‭ ‬ما‭ ‬يقلّل‭ ‬الهدر‭ ‬ويساعدنا‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬الموارد‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬على‭ ‬الدوام‭.‬

2‭-  ‬رفع‭ ‬الإنتاجية‭: ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتخلص‭ ‬المرء‭ ‬من‭ ‬الأعباء‭ ‬والنفايات‭ ‬والهدر‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬المال‭ ‬والجهد‭ ‬والوقت‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عديم‭ ‬النفع‭ ‬ستتحسّن‭ ‬إنتاجية‭ ‬الإنسان‭ ‬وترتفع‭ ‬تلقائيًا،‭ ‬سواء‭ ‬ظهر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬مهامّ‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬أو‭ ‬اكتساب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬لممارسة‭ ‬هواية‭ ‬أو‭ ‬تحسين‭ ‬نمط‭ ‬الحياة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭.‬

3-‭  ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬النتائج‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منهجية‭ ‬متكاملة‭: ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬فلسفة‭ ‬التحسين‭ ‬أو‭ ‬التطوير‭ ‬المستمرّ‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬تركّز‭ ‬على‭ ‬النتائج‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي،‭ ‬لذلك‭ ‬فتطبيقُ‭ ‬هذه‭ ‬الفلسفة‭ ‬وهذا‭ ‬المبدأ‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬سيساعدنا‭ ‬على‭ ‬امتلاك‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬حول‭ ‬الهدف‭ ‬أو‭ ‬النتيجة‭ ‬النهائية‭ ‬التي‭ ‬نريد‭ ‬تحقيقها،‭ ‬ومن‭ ‬ثمّ‭ ‬العمل‭ ‬بجدّ‭ ‬كلّ‭ ‬يوم‭ ‬للوصول‭ ‬إليها‭.‬

4-‭  ‬رفع‭ ‬الجودة‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬ومؤسساتنا‭: ‬يجد‭ ‬العلماء‭ ‬أنه‭ ‬حينما‭ ‬تكون‭ ‬حياتنا‭ ‬بأكملها‭ ‬معتمدة‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬وفلسفة‭ ‬التحسين‭ ‬التدريجي‭ ‬المستمر‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الحتمية‭ ‬أن‭ ‬تتطور‭ ‬وترتفع‭ ‬جودة‭ ‬نمطية‭ ‬حياتنا‭ ‬وأعمالنا‭ ‬المهنية‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬سينعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬مناحي‭ ‬حياتنا‭ ‬المختلفة‭.‬

5‭-  ‬مستويات‭ ‬يومية‭ ‬أعلى‭ ‬وأكثر‭ ‬دقة‭ ‬واحترافية‭: ‬تقوم‭ ‬فلسفة‭ ‬الكايزن‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬مهم‭ ‬هو‭ (‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نقوم‭ ‬بالعمل‭ ‬اليومي‭ ‬بصورة‭ ‬يومية‭)‬،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬نذهب‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطويره‭ ‬وتحسينه،‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬أفضل‭ ‬بصورة‭ ‬يومية‭ ‬للعمل‭ ‬اليومي‭ ‬الروتيني،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المرء‭ ‬يقوم‭ ‬بكلّ‭ ‬أعماله‭ ‬بدقة‭ ‬أكبر،‭ ‬ما‭ ‬يقلل‭ ‬نسبة‭ ‬الخطأ‭ ‬والكلفة‭ ‬والوقت،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬بصورة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬نذهب‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬ليس‭ ‬لمجرد‭ ‬أداء‭ ‬عمل‭ ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬العمل‭ ‬اليومي‭ ‬ولو‭ ‬بصورة‭ ‬بسيطة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭.‬

6‭-  ‬تقليل‭ ‬الكلفة‭ ‬المادية‭: ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نلحظه‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬مبدأ‭ ‬الكايزن،‭ ‬إذ‭ ‬إنّه‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والكفاءة‭ ‬العاليتين‭ ‬وتبني‭ ‬منهجية‭ ‬انتشار‭ ‬السعادة‭ ‬الوظيفية‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬فإنه‭ ‬حتمًا‭ ‬سيتم‭ ‬تقليل‭ ‬الكلفة،‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تحقق‭ ‬مخرجات‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬المدخلات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭.‬

7-‭  ‬رفع‭ ‬درجة‭ ‬التنافسية‭: ‬حتمًا‭ ‬أن‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تتبع‭ ‬مبدأ‭ ‬التطوير‭ ‬المستمر‭ (‬الكايزن‭) ‬تتمتع‭ ‬بميزة‭ ‬تنافسية‭ ‬أعلى،‭ ‬ذلك‭ ‬لأنها‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬أفضل‭ ‬باستمرار،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬تنافس‭ ‬مؤسسات‭ ‬أقوى‭ ‬وأفضل‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭. ‬ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬فقط،‭ ‬فعندما‭ ‬تعيش‭ ‬حياتك‭ ‬مؤمنًا‭ ‬بضرورة‭ ‬التغيير‭ ‬المستمر‭ ‬نحو‭ ‬الأفضل‭ ‬ستجد‭ ‬أنّ‭ ‬مستواك‭ ‬يرتفع‭ ‬تدريجيًا‭ ‬ويتطور‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬وسوف‭ ‬تجد‭ ‬نفسك‭ ‬تنافس‭ ‬أشخاصا‭ ‬جددا‭ ‬بمستويات‭ ‬أعلى‭ ‬طوال‭ ‬الوقت،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬تقصد‭.‬

8-‭  ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬وحياة‭ ‬سعيدة‭: ‬جميع‭ ‬ما‭ ‬ذكرنا‭ ‬من‭ ‬فوائد‭ ‬وأهمية‭ ‬يقود‭ ‬بصورة‭ ‬أكيدة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬إيجابية‭ ‬وسعيدة،‭ ‬لأن‭ ‬كلّ‭ ‬موظف‭ ‬يدرك‭ ‬ويؤمن‭ ‬بأنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وأنّ‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬صغيرًا‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬سيُحدث‭ ‬فرقًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬وكذلك‭ ‬ينعكس‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬الشخصية‭.‬

9-‭  ‬استمرار‭ ‬التطور‭ ‬والتحسين‭: ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬مبدأ‭ ‬وفلسفة‭ ‬الكايزن‭ ‬هو‭ ‬أنّه‭ ‬عملية‭ ‬مستمرّة‭ ‬لا‭ ‬تنتهي؛‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنّك‭ ‬بمجرّد‭ ‬انتهاج‭ ‬هذا‭ ‬المبدأ‭ ‬واكتساب‭ ‬هذه‭ ‬المهارة‭ ‬ستعتاد‭ ‬عليها،‭ ‬وسَتسعى‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬لتحقيق‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التقدّم‭ ‬والتطوّر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة،‭ ‬ما‭ ‬يقدم‭ ‬لك‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬النتائج‭ ‬الإيجابية‭.‬

هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬شائق،‭ ‬لذلك‭ ‬سنحاول‭ ‬أن‭ ‬نتعمق‭ ‬فيه‭ ‬بالتدريج،‭ ‬ولكن‭ ‬نود‭ ‬أن‭ ‬نوضح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفلسفة‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬تنفيذها‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬الأعمال‭ ‬والمهن‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬يمكن‭ ‬تطبيقها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي‭ ‬للفرد،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬أراد‭ ‬شخص‭ ‬أن‭ ‬يتعلم‭ ‬لغة‭ ‬معينة‭ ‬فلا‭ ‬داعي‭ ‬للقفزة‭ ‬الكبيرة،‭ ‬وإنما‭ ‬عليه‭ ‬بالخطوات‭ ‬البسيطة‭ ‬الصغيرة‭. ‬وإذا‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يرفع‭ ‬مستواه‭ ‬في‭ ‬اللياقة‭ ‬البدينة‭ ‬أو‭ ‬حفظ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬أو‭ ‬القيام‭ ‬بأي‭ ‬عمل‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬يستخدم‭ ‬هذه‭ ‬الفلسفة،‭ ‬وسوف‭ ‬يجد‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬أنجز‭ ‬من‭ ‬المهام‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتوقع‭ ‬إنجازه‭. ‬ولكن‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نختم‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬اليوم‭ ‬لنتحدث‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬مقالات‭ ‬قادمة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭:‬

1-‭ ‬لا‭ ‬يمر‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬دون‭ ‬إجراء‭ ‬أي‭ ‬تحسينات‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬ضئيلة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬المؤسسة‭ ‬أو‭ ‬جوانب‭ ‬حياتك‭.‬

2-‭  ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحسينه،‭ ‬فكل‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬تحسينه،‭ ‬بل‭ ‬ينبغي‭ ‬تحسينه‭.‬

3-‭  ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تنتقد،‭ ‬اقترح‭ ‬أي‭ ‬تحسينات‭.‬

نواصل‭ ‬مرات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬الكايزن‭.‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا