إن ما يحدث في الكرة الأرضية من متغيرات، وما يقع عليها من أحداث متنوعة ومختلفة من بلد إلى آخر سنن كونية تجري بإرادة العزيز الحكيم سبحانه، تحمل في ثناياها دلائل ورسائل إلى الخلق أجمعين، من دون استثناء لأحد من خلقه. وما حصل من زلزال وأعاصير وغيرها – نوع من متغيرات هذا الكون، التي تكون محل اعتبار لبقية الخلق.
سائلين المولى جل وعلا لإخواننا في المناطق المتضررة، أن يكشف عنهم ما نزل بهم من البلاء، وأن يجعله عليهم رحمة ومغفرة، وأن يكون لهم خير معين.
وبالمناسبة ما يجري في هذا الكوكب من زلازل، وفيضانات، وبراكين، وغيرها من الأحداث، يجعلنا نتذكر أخبار المصطفى عليه الصلاة والسلام، عن الساعة وعلاماتها، وما يسبقها من إرهاصات، لاسيما وأن الساعة كانت مقارنة للنبي صلى الله عليه وسلم.
كما جاء في مسلم والبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: «بعثت أنا والساعة كهاتين» وأشار إلى السبابة والتي تلي الإبهام.
فنقول: إن أشراط الساعة: هي العلامات التي تسبق يوم القيامة وتدل على قدومها.
وموعد قيام الساعة من الأمور التي اسـتأثر الله بعلمها فقال جل شأنه: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَا هُوَ) الأعراف.
وقال: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) لقمان.
وإذا كان الله قد أخفى موعد قيام الساعة فقد جعل لها علامات تدل على قرب وقوعها.
فعلامات الساعة أو أشراطها : هي مقدمات وإرهاصات ليوم القيامة.
قال تبارك وتعالى: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا)
وأمارات الساعة نوعان، صغرى، وكبرى.
فمن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام كما جاء في حديث جبريل عند مسلم عندما سأله عن أمارات الساعة فقال «... أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان...» وقوله عليه الصلاة والسلام من حديث أبي هريرة عند البخاري عندما سأله الأعرابي عن الساعة قال: «فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة» – فقال الأعرابي كيف إضاعتها – قال: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».
وجاء في حديث حذيفة ابن أسيد عند مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب والدخان والدجال ودابة الأرض ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس».
وخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل». قال ابن حجر في الفتح في شرح هذا الحديث – إن المراد بـ«تكثر الزلازل»– قال كثرة شمولها ودوامها.
وعن عائشة رضي الله عنها – عند الترمذي – قالت قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – «يكون في آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف». قالت: قلت يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم، إذا ظهر الخبث».
وجاء في سنن الترمذي عن علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء». فقيل وما هن يا رسول الله قال: «إذا كان المغنم دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وأطاع الرجل زوجته وعق أمه وبر صديقه وجفا أباه وارتفعت الأصوات في المساجد وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره وشربت الخمور ولبس الحرير واتخذت القينات والمعازف ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء أو خسفا ومسخا».
فما يحل بهذه الأمة عموماً وليس في بلد دون آخر من الكوارث والزلازل والفتن وغيرها له مدلولان.
المدلول الأول: إنها تهديد ووعيد شديد للعصاة – وكلنا ذاك العاصي، وليس صحيحا أن نلقي بالتبعات على الآخرين – كما هو مأخوذ من ظاهر الأحاديث.
المدلول الثاني: إنها أمارات وعلامات لقيام الساعة، ونذير بقرب وقوعها.
وعلى كل فهذه آيات من آيات الله تعالى يرسلها تعالى تخويفا للعباد ومحذرة لهم من غب التمادي فيما يسخطه قال سبحانه وتعالى: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) الإسراء وقال: (ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) الزمر.
والمرء ليس له بد تجاه هذه الآيات الكونية من الرجوع والإنابة إلى خالقه، والتضرع إليه بالدعاء الاستغفار. بناء على توجيه معلم البشرية حيث قد أرشد عليه الصلاة والسلام في أكثر من حديث كما في الصحيحين عند حدوث مثل هذا الآيات الكونية أن يلجأ الناس إلى الله بالدعاء والذكر والصلاة.
وعلى الناس عامة والدعاة إلى الله خاصة أن يقوموا بواجبهم بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يبادر المصلحون إلى إصلاح الآخرين – رحمة وشفقة على أنفسهم وعلى الآخرين – من أن ينزل بهم غضب الله وسخطه، وأن تكون شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ديدن كل مصلح ومشفق على هذه الأمة.
فما حصل للأمم ويجري لهذه الأمة من المحن مناطه الاتعاظ وأخذ العبر، والعمل بسنة التدافع بين أقدار الله جل وعلا، فهو خير سبيل للنجاة وعون على تثبيت دعائم الإيمان وتقريره وتثبيته في القلوب.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) [النساء:66].
{ داعية وباحث إسلامي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك