العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

آفاق إنتاج الغاز الصخري في دول الخليج

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الاثنين ١٨ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬أعقاب‭ ‬اكتشاف‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬مخزونات‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري‭ ‬في‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي؛‭ ‬حظي‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬الطاقة،‭ ‬لجهة‭ ‬تطوير‭ ‬تقنيات‭ ‬استخراجه،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬تكاليف‭ ‬هذه‭ ‬التقنية،‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬الأخرى‭.‬

والغاز‭ ‬الصخري،‭ ‬هو‭ ‬غاز‭ ‬طبيعي‭ ‬محصور‭ ‬في‭ ‬طبقات‭ ‬صخور‭ ‬تشبه‭ ‬في‭ ‬تركيبها‭ ‬الصفائح‭ ‬التكتونية‭ ‬الصخرية،‭ ‬وتستخدم‭ ‬لاستخراجه‭ ‬تقنية‭ ‬معقدة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بتقنية‭ ‬استخراج‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬التقليدي‭. ‬وحاليًا‭ ‬تستخدم‭ ‬تقنية‭ ‬تحطيم‭ ‬الأحجار‭ ‬بواسطة‭ ‬الماء‭ ‬المضغوط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحداث‭ ‬شقوق‭ ‬خلال‭ ‬المسام‭ ‬المحتوية‭ ‬على‭ ‬الغاز،‭ ‬وقد‭ ‬يصل‭ ‬الحفر‭ ‬اللازم‭ ‬لاستخراجه‭ ‬مسافة‭ ‬3كم،‭ ‬وبعض‭ ‬هذا‭ ‬الغاز‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ممتصًا‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬العضوية‭ ‬التي‭ ‬نشأ‭ ‬منها،‭ ‬وحينئذ‭ ‬يجب‭ ‬تحريره‭ ‬بخفض‭ ‬الضغط‭ ‬في‭ ‬البئر،‭ ‬كما‭ ‬يلزم‭ ‬لاستخراجه‭ ‬حفر‭ ‬آلاف‭ ‬الآبار،‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬عثر‭ ‬في‭ ‬إحداها‭ ‬عليه،‭ ‬يبدأ‭ ‬الحفر‭ ‬عرضيًا‭ ‬لاستخراجه‭.‬

وتشير‭ ‬دراسات‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬احتياطات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬يقدر‭ ‬احتياطها‭ ‬منه‭ ‬بـ1115‭ ‬تريليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة،‭ ‬ثم‭ ‬‮«‬الأرجنتين‮»‬،‭ ‬بنحو‭ ‬802‭ ‬تريليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة،‭ ‬تليها‭ ‬‮«‬الجزائر‮»‬،‭ ‬بحوالي‭ ‬707‭ ‬تريليونات‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة،‭ ‬ثم‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬بنحو‭ ‬665‭ ‬تريليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة،‭ ‬و«السعودية‮»‬‭ ‬بحوالي‭ ‬600‭ ‬تريليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة،‭ ‬و‮«‬كندا‮»‬،‭ ‬بنحو‭ ‬573‭ ‬تريليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة،‭ ‬كما‭ ‬توجد‭ ‬أيضًا‭ ‬احتياطات‭ ‬كبيرة‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬المكسيك،‭ ‬والبرازيل،‭ ‬وأستراليا،‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وروسيا،‭ ‬وليبيا،‭ ‬وتونس،‭ ‬والمغرب،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وبولندا،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬أول‭ ‬اكتشاف‭ ‬له‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬حفرت‭ ‬أول‭ ‬بئر‭ ‬لاستخراجه‭ ‬في‭ ‬1821‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬اعتبارات‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة،‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬المصادر‭ ‬الأخرى،‭ ‬تحفز‭ ‬تطوير‭ ‬تقنية‭ ‬استخراج‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المنظمات‭ ‬المعنية‭ ‬بالبيئة،‭ ‬حذرت‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬الجسيمة،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنجم‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬استخراجه،‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬والنظام‭ ‬البيئي‭ ‬برمته،‭ ‬حيث‭ ‬تتسبب‭ ‬عمليات‭ ‬التنقيب‭ ‬في‭ ‬تسرب‭ ‬الغازات‭ ‬المتسببة‭ ‬في‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري،‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬‮«‬الميثان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬للأرض،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تخلف‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الكيماوية‭ ‬الخطرة‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬التنقيب،‭ ‬وتأثير‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬أحواض‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬بسبب‭ ‬أزمة‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬والعقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬الروسي،‭ ‬رفعت‭ ‬‮«‬بريطانيا‮»‬،‭ ‬الحظر‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬التكسير‭ ‬لاستخراج‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬مفروضًا‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مخزون‭ ‬هذا‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬يفوق‭ ‬ما‭ ‬لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬بسبب‭ ‬المحاذير‭ ‬البيئية،‭ ‬كانت‭ ‬ألمانيا،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وهولندا،‭ ‬واسكتلندا،‭ ‬وبلغاريا،‭ ‬قد‭ ‬حظرت‭ ‬عمليات‭ ‬التكسير‭ ‬الهيدرولكي،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أزمة‭ ‬الغاز‭ ‬وعدم‭ ‬كفاية‭ ‬المصادر‭ ‬البديلة‭ ‬عاد‭ ‬النقاش‭ ‬مجددًا‭ ‬حول‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري‭ ‬الأوروبي‭.‬

وبعد‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬احتياطات‭ ‬بنحو‭ ‬665‭ ‬تريليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬قبل‭ ‬عقدين،‭ ‬تمكنت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬إنتاجها‭ ‬منه،‭ ‬حيث‭ ‬تجاوزت‭ ‬صادراتها‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬الواردات،‭ ‬وطورت‭ ‬طرقا‭ ‬جديدة‭ ‬لاستخراجه،‭ ‬واعتمدت‭ ‬تسييله‭ ‬لتسهيل‭ ‬تصديره،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬خطوط‭ ‬الأنابيب،‭ ‬وحظت‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬بدعم‭ ‬متنامٍ‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الطاقة‭ ‬الأمريكية‭. ‬وعليه،‭ ‬غدت‭ ‬أكبر‭ ‬منتج‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬بلغ‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة‭ ‬يوميًا،‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري،‭ ‬فيما‭ ‬اتجهت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬مصدري‭ ‬الغاز‭ ‬المسال‭ ‬بمتوسط‭ ‬صادرات‭ ‬يوميًا‭ ‬بلغ‭ ‬نحو‭ ‬10‭.‬85‭ ‬مليارات‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة‭ ‬يوميًا،‭ ‬ارتفع‭ ‬إلى‭ ‬12‭.‬69‭ ‬مليار‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬2023‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬يتوافر‭ ‬لديها‭ ‬كميات‭ ‬تجارية‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الصخريين،‭ ‬تدعمها‭ ‬احتياطات‭ ‬ضخمة،‭ ‬وإمكانية‭ ‬توظيف‭ ‬أحدث‭ ‬تقنيات‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وأقلها‭ ‬تكلفة‭. ‬ومع‭ ‬نمو‭ ‬احتياجاتها‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬لتوليد‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية،‭ ‬التي‭ ‬يتزايد‭ ‬استهلاكها‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬النفط،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬مؤجلاً‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬لقلة‭ ‬استهلاكها‭ ‬من‭ ‬النفط،‭ ‬أصبح‭ ‬مطلوبا‭ ‬الآن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬زاد‭ ‬هذا‭ ‬الاستهلاك،‭ ‬وأخذ‭ ‬يطغى‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬صادراتها‭ ‬النفطية،‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬المصدر‭ ‬الرئيسي‭ ‬لتمويل‭ ‬ميزانياتها‭.‬

ويبيّن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالغاز‭ ‬الصخري‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬ستظل‭ ‬مركز‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي‭ ‬لعقود‭ ‬طويلة‭ ‬قادمة‭. ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تعلن‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬اكتشافاتها‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬الغاز،‭ ‬فإنها‭ ‬تعتبر‭ ‬سادس‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إنتاجه‭ ‬بعد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وروسيا،‭ ‬والصين،‭ ‬وقطر،‭ ‬وكندا‭. ‬فيما‭ ‬أعلنت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬أرامكو‮»‬،‭ ‬اكتشاف‭ ‬عدد‭ ‬غير‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬حقول‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭. ‬وجاء‭ ‬إعلان‭ ‬الاكتشافات‭ ‬الجديدة‭ ‬بعد‭ ‬شهرين‭ ‬من‭ ‬تدشين‭ ‬مشروع‭ ‬حقل‭ ‬‮«‬الجافورة‮»‬‭ ‬العملاق‭ ‬بالإحساء،‭ ‬وهو‭ ‬أكبر‭ ‬حقل‭ ‬غاز‭ ‬صخري‭ ‬خارج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ويبلغ‭ ‬احتياطيه‭ ‬نحو‭ ‬200‭ ‬تريليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة،‭ ‬وتتوقع‭ ‬‮«‬أرامكو‮»‬،‭ ‬بدء‭ ‬إنتاج‭ ‬الحقل‭ ‬في‭ ‬2024،‭ ‬لتبلغ‭ ‬مبيعاته‭ ‬2‭.‬2‭ ‬مليار‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬2026‭.‬

وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الرياض‮»‬،‭ ‬تمتلك‭ ‬نحو‭ ‬600‭ ‬تريليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬ضعف‭ ‬احتياطيها‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬التقليدي،‭ ‬فيما‭ ‬أعربت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬سينوبيك‮»‬‭ ‬الصينية‭ ‬عن‭ ‬اهتمامها‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري‭ ‬بالجافورة،‭ ‬الذي‭ ‬يحوي‭ ‬أكبر‭ ‬طبقة‭ ‬غاز‭ ‬صخري‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وتعتمد‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬المملكة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬نصف‭ ‬إنتاج‭ ‬الكهرباء‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والنصف‭ ‬الأخر‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬بحلول‭ ‬2060،‭ ‬فيما‭ ‬تبلغ‭ ‬استثمارات‭ ‬هذا‭ ‬الحقل‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التطوير،‭ ‬و68‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬نفقات‭ ‬رأسمالية‭ ‬خلال‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬و100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬استثمارات‭ ‬في‭ (‬1520‭) ‬عاما‭ ‬المقبلة‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬الإنتاج‭ ‬المتوقع‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الحقل‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬السعودية،‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬منتجي‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬عالميًا‭. ‬ويسهم‭ ‬برنامج‭ ‬الغاز‭ ‬غير‭ ‬التقليدي‭ ‬لدى‭ ‬شركة‭ ‬أرامكو‭ ‬عند‭ ‬بلوغ‭ ‬ذروة‭ ‬إنتاجه؛‭ ‬في‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬نفط‭ ‬يوميًا‭. ‬وفي‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬الطاقة‭ ‬السعودي،‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬بن‭ ‬سلمان‮»‬،‭ ‬اكتشاف‭ ‬الشركة‭ ‬حقلي‭ ‬غاز‭ ‬صخري‭ ‬شرقي‭ ‬البلاد،‭ ‬هما‭ ‬‮«‬أوتاد‮»‬،‭ ‬و«الدهناء»؛‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬استراتيجيات‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬إزاحة‭ ‬الوقود‭ ‬السائل‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الكهرباء‭.‬

وفضلا‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬دخلت‭ ‬خطط‭ ‬‮«‬الكويت‮»‬،‭ ‬لإنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري،‭ ‬مرحلة‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬حين‭ ‬أعلنت‭ ‬أنها‭ ‬ستبدأ‭ ‬تشغيل‭ ‬محطتي‭ ‬إنتاج‭ ‬جديدتين،‭ ‬وأن‭ ‬معدل‭ ‬الإنجاز‭ ‬قد‭ ‬قارب‭ ‬نحو‭ ‬70%،‭ ‬فيما‭ ‬يبلغ‭ ‬إنتاج‭ ‬هاتين‭ ‬المحطتين‭ ‬نحو‭ ‬150‭ ‬مليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة‭ ‬يوميًا،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬إنتاج‭ ‬950‭ ‬مليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة‭ ‬يوميًا،‭ ‬وتأمل‭ ‬‮«‬الكويت‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬هذه‭ ‬المشروعات،‭ ‬إلى‭ ‬تحولها‭ ‬من‭ ‬الاستيراد‭ ‬إلى‭ ‬التصدير،‭ ‬فيما‭ ‬تعد‭ ‬أكبر‭ ‬مستوردي‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬اكتشفت‭ ‬‮«‬البحرين‮»‬،‭ ‬أكبر‭ ‬مواردها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الصخري‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬خليج‭ ‬البحرين‭ ‬غربي‭ ‬المملكة،‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬نحو‭ ‬2000‭ ‬كم2،‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬80‭ ‬مليار‭ ‬برميل‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الصخري،‭ ‬كما‭ ‬تقدر‭ ‬احتياطات‭ ‬الغاز‭ ‬بنحو‭ ‬10‭ ‬‭ ‬20‭ ‬تريليون‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة‭. ‬وجاءت‭ ‬هذه‭ ‬التقديرات‭ ‬بعد‭ ‬إجراء‭ ‬جميع‭ ‬الدراسات،‭ ‬وتحليل‭ ‬المعلومات‭ ‬المتوافرة،‭ ‬واستخدام‭ ‬أحدث‭ ‬التقنيات،‭ ‬فيما‭ ‬يخدم‭ ‬إنتاج‭ ‬هذا‭ ‬الحقل‭ ‬مسعى‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحياد‭ ‬الكربوني‭ ‬بحلول‭ ‬2060‭.‬

وتعتمد‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري،‭ ‬كأحد‭ ‬المصادر‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬بحلول‭ ‬2030،‭ ‬وتصدير‭ ‬الغاز‭ ‬المسال‭. ‬ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬التحديد‭ ‬الزمني‭ ‬قبل‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬انتهاء‭ ‬صلاحية‭ ‬عقود‭ ‬خط‭ ‬‮«‬دولفن‮»‬‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬قطر‭ ‬والإمارات،‭ ‬والذي‭ ‬ينقل‭ ‬الغاز‭ ‬من‭ ‬حقل‭ ‬‮«‬الشمال‮»‬‭ ‬القطري‭ ‬إليها،‭ ‬فيما‭ ‬تستهدف‭ ‬أيضًا‭ ‬الاعتماد‭ ‬بنسبة‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء؛‭ ‬ولهذا،‭ ‬أحدثت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬أدنوك‮»‬،‭ ‬تطويرًا‭ ‬مؤسسيًا،‭ ‬بتأسيسها‭ ‬شركة‭ ‬أدنوك‭ ‬للغاز‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬شركات‭ ‬معالجة‭ ‬الغاز‭ ‬عالميًا،‭ ‬بطاقة‭ ‬تتجاوز‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة‭ ‬يوميًا‭. ‬وتراهن‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬سعيها‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬على‭ ‬موارد‭ ‬الغاز‭ ‬غير‭ ‬التقليدي‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الرويس،‭ ‬وحقلي‭ ‬‮«‬أم‭ ‬الشيف‮»‬،‭ ‬و«باب‮»‬‭. ‬وفيما‭ ‬بلغ‭ ‬إنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬5.6‭ ‬مليارات‭ ‬قدم‭ ‬مكعبة‭ ‬يوميًا‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬مشروعات‭ ‬البلاد‭ ‬لزيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬ولتحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬مازالت‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التخطيط‭ ‬والتصميم‭. ‬

ومع‭ ‬سعيها‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬موقعها‭ ‬الريادي‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الغاز‭ ‬العالمي،‭ ‬كأكبر‭ ‬مصدر‭ ‬للغاز‭ ‬المسال‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬‭ ‬برغم‭ ‬المنافسة‭ ‬التي‭ ‬وفرها‭ ‬الصعود‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬وتصدير‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري‭ ‬‭ ‬تتجه‭ ‬‮«‬قطر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬شركات‭ ‬إنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأستراليا‭. ‬فيما‭ ‬تستهدف‭ ‬‮«‬الدوحة‮»‬،‭ ‬الاستحواذ‭ ‬على‭ ‬40%‭ ‬من‭ ‬تجارة‭ ‬الغاز‭ ‬العالمية‭ ‬بحلول‭ ‬2030‭.‬

وبإضافة‭ ‬السعودية،‭ ‬والإمارات،‭ ‬وسلطنة‭ ‬عُمان؛‭ ‬فإن‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬ستتحول‭ ‬إلى‭ ‬أكبر‭ ‬مورد‭ ‬للغاز‭ ‬عالميا،‭ ‬متخطية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وروسيا،‭ ‬وأستراليا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كونها‭ ‬أكبر‭ ‬مصدر‭ ‬للنفط،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المنطقة‭ ‬محور‭ ‬ومركز‭ ‬ارتكاز‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ويجعل‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬قوة‭ ‬جيوسياسية‭ ‬واقتصادية،‭ ‬جديرة‭ ‬باهتمامات‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬العالمية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شاهدناه‭ ‬من‭ ‬تتابع‭ ‬الزيارات‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬للمنطقة،‭ ‬وانعكس‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬تنويع‭ ‬وتوازن‭ ‬علاقاتها‭ ‬الخارجية‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬القوى،‭ ‬كما‭ ‬سيمكنها‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬المعروض‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬الحيوية‭ ‬للطاقة‭ ‬ومستوى‭ ‬الأسعار‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬تتحقق‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬نسقت‭ ‬دول‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‮»‬‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬بإقامة‭ ‬شبكة‭ ‬خليجية‭ ‬متكاملة‭ ‬للغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬وتوفير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الداعمة،‭ ‬سواء‭ ‬لجهة‭ ‬التصدير‭ ‬أو‭ ‬الاستخدامات‭ ‬الخليجية،‭ ‬والنظر‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬خليجي‭ ‬مشترك‭ ‬لبناء‭ ‬ناقلات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬والتطلع‭ ‬إلى‭ ‬مد‭ ‬خطوط‭ ‬أنابيب‭ ‬للأسواق‭ ‬الرئيسية،‭ ‬كمشروع‭ ‬خط‭ ‬الأنابيب‭ ‬الخليجي‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬عبر‭ ‬تركيا،‭ ‬والخليجي‭ ‬إلى‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬عبر‭ ‬تركمانستان‭.‬

وفيما‭ ‬يمثل‭ ‬الغاز‭ ‬أنظف‭ ‬أنواع‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الضغوط‭ ‬المناخية‭ ‬القائمة‭ ‬سيزداد‭ ‬الطلب‭ ‬عليه،‭ ‬وترتفع‭ ‬أسعاره؛‭ ‬ما‭ ‬يخلق‭ ‬فرصًا‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬لتدعيم‭ ‬استثماراتها‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬احتياطاتها‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الصخري،‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬نمو‭ ‬إنتاجه،‭ ‬الصناعات‭ ‬التي‭ ‬تميزت‭ ‬بها‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬عالميًا،‭ ‬وبالأخص‭ ‬صناعة‭ ‬البتروكيماويات،‭ ‬والألمونيوم،‭ ‬وهي‭ ‬المشاريع‭ ‬كثيفة‭ ‬الاستخدام‭ ‬للغاز‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا