العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

50 عاما على تمثيل ألمانيا داخل الأمم المتحدة

بقلم: أنالينا بيربوك {

الأربعاء ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

قبل‭ ‬50‭ ‬عاما،‭ ‬بالتحديد‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬18‭ ‬أيلول‭/ ‬سبتمبر‭ ‬1973،‭ ‬انضمت‭ ‬دولتان‭ ‬ألمانيتان‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬نهر‭ ‬إيست‭ ‬ريفر‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭. ‬تمت‭ ‬عملية‭ ‬الانضمام‭ ‬بقرار‭ ‬موجز‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة،‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬مختلفة‭ ‬كل‭ ‬الاختلاف‭ ‬عن‭ ‬الروتين‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬المعتاد‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬يرمز‭ ‬إلى‭ ‬عودة‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬المعادية‭ ‬المهزومة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬كنف‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬ألمانيا‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ضد‭ ‬اليهود‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬واللتين‭ ‬تسببتا‭ ‬بمعاناة‭ ‬تفوق‭ ‬الوصف‭ ‬لملايين‭ ‬الأشخاص‭. ‬نحن‭ ‬ممتنون‭ ‬لهذه‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬‭ ‬ونعتبرها‭ ‬التزاماً‭ ‬مؤتمناً‭ ‬علينا‭. ‬

جاء‭ ‬انضمام‭ ‬ألمانيا‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بعد‭ ‬28‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬تأسيسها‭. ‬وهو‭ ‬يرمز‭ ‬من‭ ‬منظورنا‭ ‬لإقرارنا‭ ‬بالذنب‭ ‬الألماني‭ ‬واعترافنا‭ ‬بمبادئ‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وبعالم‭ ‬يحتكم‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬القانون‭ ‬ولا‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬تعسف‭ ‬الأطراف‭ ‬القوية‭. ‬أما‭ ‬تاريخ‭ ‬18‭ ‬أيلول‭/ ‬سبتمبر‭ ‬1973‭ ‬فهو‭ ‬يمثل‭ ‬مفهوماً‭ ‬متجذراً‭ ‬بعمق‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬الألمانية‭. ‬

لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أبداً‭ ‬أن‭ ‬تستنفد‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الألمانية‭ ‬قواها‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة‭ ‬بألمانيا‭. ‬فمنذ‭ ‬75‭ ‬عاماً‭ ‬يكلفها‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ‬الألماني‭ ‬بالعمل‭ ‬‮«‬خادماً‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬الموحدة‮»‬‭.‬

يكتسب‭ ‬هذا‭ ‬التكليف‭ ‬وعضويتنا‭ ‬الممتدة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬50‭ ‬عاماً‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬اليوم‭ ‬أهميةً‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬تتعرض‭ ‬فيه‭ ‬المبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتقويض‭ ‬والتفريغ‭ ‬من‭ ‬جوهرها‭. ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ ‬فقد‭ ‬سعينا‭ ‬بكل‭ ‬قوتنا‭ ‬داخل‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬140‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مناصرة‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ومبادئ‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تتمتع‭ ‬وفقاً‭ ‬لهذا‭ ‬الميثاق‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬دون‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬التعرض‭ ‬للاعتداء‭ ‬من‭ ‬جار‭ ‬أقوى‭.‬

الأمر‭ ‬الجلي‭ ‬هو‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬جيوسياسي‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬عصر‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭. ‬فمن‭ ‬حسن‭ ‬الحظ‭ ‬أن‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬الكتلة‭ ‬الشرقية‭ ‬والغربية‭ ‬أضحت‭ ‬من‭ ‬الماضي‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬يتشكل‭ ‬الآن‭ ‬واقع‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬يتعين‭ ‬علينا‭ ‬تنظيم‭ ‬التعاون‭ ‬فيه‭. ‬

يطالب‭ ‬عدد‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬الرؤى‭ ‬المختلفة‭ ‬بحق‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭. ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬صحيح‭ ‬وسليم‭. ‬بل‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬الإصغاء‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬لصوت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭. ‬

وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬شراكاتنا‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تعول‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬دولي‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬القواعد‭ ‬والقانون‭. ‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬ليس‭ ‬‮«‬أيديولوجية‭ ‬غربية‮»‬‭ ‬كما‭ ‬يزعم‭ ‬البعض‭ ‬اليوم‭. ‬بالعكس‭ ‬تماماً‭! ‬فهو‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وبالتالي‭ ‬على‭ ‬القناعة‭ ‬العالمية‭ ‬بأن‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬والأشخاص‭ ‬يتمتعون‭ ‬بالحقوق‭ ‬ذاتها،‭ ‬وهذا‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬نفوذهم،‭ ‬وأنه‭ ‬لن‭ ‬يُسمح‭ ‬مجدداً‭ ‬لأي‭ ‬دولة‭ ‬بالعدوان‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬جارة‭. ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬هي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬نحن‭ ‬الألمان‭ ‬درس‭ ‬استخلصناه‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬والفظائع‭ ‬التي‭ ‬سببتها‭ ‬ألمانيا‭ ‬النازية‭ ‬لجيرانها‭. ‬

لهذا‭ ‬السبب‭ ‬بالتحديد‭ ‬نحمل‭ ‬نحن‭ ‬الألمان‭ ‬مسؤولية‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تعضيد‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬ولذلك‭ ‬فنحن‭ ‬نعلن‭ ‬ترشحنا‭ ‬كعضو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬للفترة‭ ‬2027‭ ‬و2028‭. ‬

إن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يشككون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬مدينون‭ ‬لنا‭ ‬بالإجابة‭ ‬عن‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬هنا،‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مبادئ‭ ‬وأسس‭ ‬يريدون‭ ‬بناء‭ ‬نظام‭ ‬أفضل‭ ‬وأكثر‭ ‬عدلاً‭. ‬

إننا‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬الارتكاز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أنشئ‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1945‭ ‬وتم‭ ‬تطويره‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭. ‬ونحن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬ليس‭ ‬كاملاً‭ ‬وأن‭ ‬علينا‭ ‬تكييفه‭ ‬ليتناسب‭ ‬مع‭ ‬عالمنا‭ ‬الجديد‭. ‬

يشمل‭ ‬ذلك‭ ‬واجبنا‭ ‬بأن‭ ‬نقوم‭ ‬بهيكلة‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬الدولية‭ ‬والهيئات‭ ‬المعنية‭ ‬بالصحة‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بشكل‭ ‬يعطي‭ ‬شركاءنا‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وآسيا‭ ‬صوتاً‭ ‬متناسباً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الهيئات‭. ‬

كما‭ ‬يشمل‭ ‬ذلك‭ ‬مسؤوليتنا‭ ‬نحو‭ ‬وضع‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬

وأخيراً‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يشمل‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬نرفع‭ ‬طموحنا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬المناخ‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬أكبر‭ ‬تهديد‭ ‬في‭ ‬زمننا‭ ‬الحاضر،‭ ‬وهذا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬خطة‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬هدفها‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقات‭ ‬الأحفورية‭. ‬وكذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬تعرضاً‭ ‬للخطر‭ ‬والتي‭ ‬تعاني‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬أزمة‭ ‬المناخ‭. ‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬الشراكات‭ ‬الصادقة‭ ‬تعني‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬نتمعّن‭ ‬في‭ ‬أفعالنا‭ ‬بنظرة‭ ‬ناقدة‭ ‬للذات‭. ‬ولذلك‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬ألمانيا‭ ‬عملية‭ ‬إعادة‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬المنهوبة‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬الاستعمار‭. ‬لن‭ ‬يضمد‭ ‬هذا‭ ‬كل‭ ‬جراح‭ ‬الماضي‭. ‬لكنها‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬نحو‭ ‬التقييم‭ ‬وإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬تاريخنا‭ ‬الاستعماري‭ ‬المظلم‭. ‬

لقد‭ ‬تعهدنا‭ ‬نحن‭ ‬الألمان‭ ‬عبر‭ ‬انضمامنا‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قبل‭ ‬50‭ ‬عاماً‭ ‬بالاضطلاع‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬ونحن‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬نلتزم‭ ‬بثبات‭ ‬بهذا‭ ‬العهد‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إننا‭ ‬نسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقه‭ ‬بشكل‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬متغير،‭ ‬وهذا‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬شركائنا‭. ‬

بجسارة‭ ‬وثقة‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أمم‭ ‬متحدة‭ ‬قوية‭. ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬وأكثر‭ ‬عدلاً‭ ‬للجميع‭!‬

 

{‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية‭ ‬الألمانية‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا