تصوير – محمد سرحان
هي حكاية تاريخية طريفة، يرويها التاجر البحريني إبراهيم مطر، الذي ظل مزاولا لمهنة أجداده، وورث ذات الحكاية من أجداده أيضا الذين عاشوا في غمار هذه المهنة التي اشتهرت بها المملكة لعقود من الزمن، وانحسرت خلال أوائل ثلاثينات القرن الماضي، إثر صعود اللؤلؤ الزراعي الياباني ورواجه في السوق العالمي، حيث بيع بأسعار زهيدة مقارنة باللؤلؤ الطبيعي المستخرج من البحار.
يتحدث إبراهيم مطر عن حكاية أشهر وأغلى وأندر لؤلؤة «المشير» البحريني، والمشير لفظ دارج باللهجة العامية، ويطلق على اللؤلؤة البيضاء النادرة والثمينة جدًا ذات اللون الأحمر الخافت. ويعتبر أندر أنواع اللؤلؤ والأغلى والأفخم في العالم.
ويروي مطر تفاصيل الحكاية التي حدثت في ثلاثينات القرن الماضي، ويبين «كان تاجر اللؤلؤ الشهير جبر المسلم يشتهر بتمويل السفن الخارجة لصيد اللؤلؤ، حيث استأجر شخص يدعى عيسى من منطقة عوينات في فارس إحدى سفن المسلم، وخلال تلك الرحلة استخرج لؤلؤة شهيرة تسمى «بدانة عيسو»، اشتراها المسلم نفسه أيضا بسعر 70 ألف روبية، وباعها على تاجر اللؤلؤ، عبدالرحمن القصيبي – الذي سكن البحرين أيضا – بسعر 125 ألف روبية، واشتراها منه تاجر فرنسي بما يعادل 250 ألف روبية، وبدوره باعها لفتاة أمريكية، تعود أصولها إلى ولاية تكساس ووالدها تاجر شهير يملك آبارا للنفط، بما يعادل 550 ألف روبية.
ويتابع مطر «قدمت تلك الفتاة الأمريكية بعد عملية البيع إلى البحرين للبحث عن لؤلؤة مثيلة في العام 1938، واستقلت نفس السفينة التي استقلها حاكم البحرين آنذاك، الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة في زيارة له للهند، للبحث عن حبة أخرى لأجل صناعة حلق لأذنيها. لتكون أغلى لؤلؤة تباع في تاريخ البحرين بوزن يقارب 100 تشاو، وحدة قياس اللؤلؤ».
وتعتبر التشاو وحدة للقيمة المحسوبة على أساس مربع وزن اللؤلؤ أو اللآلئ؛ وقد ساعدت هذه الوحدات تجار اللآلئ على احتساب القيمة لكل لؤلؤة على حدة. ويعتمد تجار اللؤلؤ في تحديد قياس كل لؤلؤة على كتب جلدية تحتوي على مجموعات من الجداول التي يمكن استخدامها للحصول على قيمة الأوزان للؤلؤة، بالإضافة إلى وزن كل لؤلؤة ضمن كل مجموعة من اللآلئ من نفس الحجم. ويتم تصنيف اللآلئ حسب الحجم واللون ليتحدد السعر وفقًا لعدد من الخواص، وتحديدًا، اللمعان والبريق، والشكل، واللون، والنعومة والوزن.
ويبين مطر أن تلك المبالغ الخاصة ببيع اللؤلؤة النادرة كانت فلكية مقارنة بزمننا الحالي، على اعتبار أن المنازل في تلك الفترة كانت تباع بمبالغ تتراوح ما بين 400-500 روبية، أما المزارع فتباع بنحو 10 آلاف - 15 ألف روبية.
جدير بالذكر أن الحاج جبر بن فهد بن مهنا آل مسلم هو تاجر لؤلؤ شهير ولد في قطر عام 1878، وسكن منطقة الحد في مدينة المحرق. كان يتردد على مجلسه تجار اللؤلؤ من منطقة الخليج العربي وفرنسا، حيث كان خبيرا ضليعا في اللؤلؤ وأنواعه ودرجاته. أما القصيبي فاشتهر أيضا في التمييز بين اللؤلؤ الجيد والرديء، حتى أصبح على رأس تجار اللؤلؤ في الخليج، ولقب بـ«شيخ اللؤلؤ».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك