العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الشعب الفلسطيني

بقلم: د. رمزي بارود {

الخميس ٢١ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬علاقتهما‭ ‬المعقدة‭ ‬والمضطربة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬يتفق‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬ووزير‭ ‬دفاعه‭ ‬يوآف‭ ‬جالانت‭ ‬على‭ ‬أمر‭ ‬واحد‭: ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬المشكلة‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬إسرائيل‭.‬

إن‭ ‬الاستقطاب‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬والأزمات‭ ‬السياسية‭ ‬والقضائية‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬البلاد،‭ ‬والمذابح‭ ‬المستمرة‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬المستوطنون‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬والدعوات‭ ‬المتكررة‭ ‬للحرب‭ ‬الدينية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬وزراء‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬اليمينيين‭ ‬المتطرفين‭ ‬ـ‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى‭ ‬أصبحت‭ ‬فجأة‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لها‭. ‬المشكلة‭ ‬هي‭ ‬إذا‭ ‬إيران‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬إيران،‭ ‬باعتبارها‭ ‬عدوا‭ ‬مشتركا،‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬توحد‭ ‬كل‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الكبرى،‭ ‬فإن‭ ‬التهديد‭ ‬الإيراني‭ ‬المفترض‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬مختلف‭ ‬تماما‭.‬

عقب‭ ‬الهجوم‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬مستوطن‭ ‬وإصابة‭ ‬آخر‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬الخليل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬قال‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬هجوم‭ ‬إرهابي‭ ‬تشجعه‭ ‬وتوجهه‭ ‬وتموله‭ ‬إيران‭ ‬ووكلاؤها‮»‬‭. ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬يوم‭ ‬21‭ ‬أغسطس‭ ‬2023‭.‬

جاءت‭ ‬تلك‭ ‬العملية‭ ‬بعد‭ ‬يومين‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬هجوم‭ ‬آخر‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬مستوطنين‭ ‬إسرائيليين‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬بلدة‭ ‬حوارة‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬نابلس‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

كانت‭ ‬حوارة،‭ ‬وهي‭ ‬بلدة‭ ‬صغيرة‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬5500‭ ‬نسمة،‭ ‬موقعًا‭ ‬لمذبحة‭ ‬صريحة‭ ‬نفذتها‭ ‬حشود‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المستوطنين‭ ‬اليهود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬المسلحين‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬فبراير‭ ‬2023م‭.‬

ووصفت‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬البلدة‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭: ‬‮«‬في‭ ‬ليلة‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬26‭ ‬فبراير،‭ ‬نفذ‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬المستوطنين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬المدعومين‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ (‬في‭ ‬حوارة‭)... ‬وأحرق‭ ‬المستوطنون‭ ‬عشرات‭ ‬السيارات‭ ‬والمنازل‭ ‬والمباني‭ ‬والبساتين،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الجسدية‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬بالقضبان‭ ‬المعدنية‭ ‬والحجارة‮»‬‭.  ‬

في‭ ‬العادة،‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬هجوم‭ ‬فلسطيني‭ ‬على‭ ‬الجنود‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬أو‭ ‬المستوطنين‭ ‬المسلحين‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬المدنيين،‭ ‬يسبقه‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الغارات‭ ‬الدموية‭ ‬المدمرة‭ ‬التي‭ ‬ينفذها‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أو‭ ‬هجمات‭ ‬المستوطنين‭ ‬على‭ ‬المجتمعات‭ ‬الفلسطينية‭.‬

لا‭ ‬يمر‭ ‬يوم‭ ‬دون‭ ‬حدوث‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬إسرائيلي‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭. ‬وتشير‭ ‬تقارير‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومنظمات‭ ‬حقوقية‭ ‬فلسطينية‭ ‬وإسرائيلية‭ ‬ودولية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬عنفا‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭.‬

قُتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬فلسطيني‭ ‬ونحو‭ ‬30‭ ‬إسرائيليًا‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬2023،‭ ‬وفقًا‭ ‬للبيان‭ ‬الذي‭ ‬أدلى‭ ‬به‭ ‬مبعوث‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تور‭ ‬وينيسلاند‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬21‭ ‬أغسطس‭.‬

وذكرت‭ ‬أخبار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬وينيسلاند‭ ‬وصف‭ ‬العنف‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬اتجاه‭ ‬مثير‭ ‬للقلق‮»‬،‭ ‬وعزا‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الشعور‭ ‬المتزايد‭ ‬باليأس‭ ‬بشأن‭ ‬المستقبل‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬توصلت‭ ‬وكالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬الشؤون‭ ‬الإنسانية‭ (‬أوتشا‭) ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬مماثلة،‭ ‬حيث‭ ‬ذكرت‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬600‭ ‬‮«‬حادثة‮»‬‭ ‬متعلقة‭ ‬بالمستوطنين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الستة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وأدت‭ ‬هجمات‭ ‬المستوطنين‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬سقوط‭ ‬ضحايا‭ ‬فلسطينيين‭ ‬أو‭ ‬أضرار‭ ‬في‭ ‬الممتلكات‭ ‬أو‭ ‬كليهما‮»‬‭.‬

ولم‭ ‬يذكر‭ ‬وينسلاند‭ ‬ولا‭ ‬مكتب‭ ‬تنسيق‭ ‬الشؤون‭ ‬الإنسانية‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬تصريحاتهما،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يذكر‭ ‬التدفق‭ ‬المستمر‭ ‬للتقارير‭ ‬حول‭ ‬العنف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المستمر‭ ‬أو‭ ‬التحريض‭ ‬أو،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬الدعوات‭ ‬الصريحة‭ ‬للإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المستوطنين‭ ‬وقادتهم‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬السبب‭ ‬الكامن‭ ‬وراء‭ ‬‮«‬الشعور‭ ‬باليأس‮»‬‭ ‬المذكور‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬وينسلاند‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فقد‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬السلام‭ ‬الآن‮»‬‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المناهضة‭ ‬للاستيطان‭ ‬إجابة‭.‬

وفي‭ ‬بيان‭ ‬صدر‭ ‬يوم‭ ‬17‭ ‬أغسطس2023،‭ ‬قالت‭ ‬المجموعة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إن‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬تتقدم‭ ‬بخطة‭ ‬‮«‬لاستثمار‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‮»‬‭ ‬بقيمة‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬تقريبًا‭ ‬في‭ ‬المستوطنات‭ ‬اليهودية‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

وقالت‭ ‬حركة‭ ‬السلام‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬موقعها‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬‮«‬هناك‭ ‬بنود‭ ‬لم‭ ‬تحدد‭ ‬بعد‭ ‬حجم‭ ‬المخصصات‭ ‬لذا‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬المبلغ‭ ‬الإجمالي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‮»‬‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬مبلغًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬يوصف‭ ‬بأنه‭ ‬منح‭ ‬‮«‬غير‭ ‬محددة‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬يُسمح‭ ‬للمستوطنات‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬‮«‬باستخدام‭ ‬الأموال‭ ‬لأي‭ ‬غرض‭ ‬تقريبًا‮»‬‭.‬

وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬سوى‭ ‬توسيع‭ ‬المستوطنات‭ ‬غير‭ ‬القانونية،‭ ‬وبناء‭ ‬بؤر‭ ‬استيطانية‭ ‬جديدة،‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬وتمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬للضم‭ ‬القانوني‭ ‬الكامل‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭.‬

إن‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬التطهير‭ ‬العرقي‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يُستخدم‭ ‬هنا‭ ‬باستخفاف‭.‬

وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬المتزايدة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬يومياً‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬طرد‭ ‬مجتمعات‭ ‬كبيرة‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭.‬

أفاد‭ ‬المجلس‭ ‬النرويجي‭ ‬للاجئين‭ (‬NRC‭) ‬مؤخرًا‭ ‬بطرد‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬فلسطيني‭ ‬من‭ ‬سبع‭ ‬مجتمعات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬20‭ ‬شهرًا،‭ ‬والعديد‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬مجتمع‭ ‬رأس‭ ‬التين‭ ‬البدوي،‭ ‬شمال‭ ‬مدينة‭ ‬رام‭ ‬الله‭.‬

وعلقت‭ ‬آنا‭ ‬بوفرزينيتش،‭ ‬مديرة‭ ‬المجلس‭ ‬النرويجي‭ ‬للاجئين‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬على‭ ‬النتائج‭ ‬قائلة‭: ‬‮«‬يتم‭ ‬محو‭ ‬مجتمعات‭ ‬فلسطينية‭ ‬بأكملها‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬الخريطة،‭ ‬وهو‭ ‬إرث‭ ‬شائن‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬المتواصل‭ ‬والترهيب‭ ‬والمضايقات‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬المستوطنون‭ ‬الإسرائيليون،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الحالات،‭ ‬بتشجيع‭ ‬من‭ ‬السلطات‭ ‬الإسرائيلية‮»‬‭.  ‬

والقائمة‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها،‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬بأي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المناقشة‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬مراقب‭ ‬صادق‭ ‬أن‭ ‬ينكر‭ ‬العلاقة‭ ‬المباشرة‭ ‬بين‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والعلاقات‭ ‬الفلسطينية‭.‬

لكن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نتنياهو‭ ‬أو‭ ‬جالانت‭ ‬صادقين‭ ‬في‭ ‬تصويرهما‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬الآن‭.‬

وكأنه‭ ‬يقرأ‭ ‬من‭ ‬النص‭ ‬نفسه،‭ ‬اتفق‭ ‬جالانت‭ ‬مع‭ ‬رئيسه‭ ‬على‭ ‬التهديد‭ ‬الإيراني‭ ‬المزعوم‭. ‬وقال‭ ‬جالانت‭ ‬إن‭ ‬‮«‬التغيير‭ ‬الأهم‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتمويل‭ ‬والنوايا‭ ‬الإيرانية‮»‬،‭ ‬معلنا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إيران‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬وسيلة‭ ‬لإيذاء‭ ‬مواطني‭ ‬إسرائيل‮»‬‭.‬

والمفارقة‭ ‬هنا‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬السياسي‭ ‬بين‭ ‬نتنياهو‭ ‬وجالانت‭ ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬2023م‭ ‬كان‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬تأجيج‭ ‬أكبر‭ ‬أزمة‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الدولة‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬الأزمة‭ ‬مستمرة‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬كليهما‭ ‬يبرز‭ ‬الآن‭ ‬باعتبارهما‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬الأمن‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ضد‭ ‬التهديد‭ ‬الإيراني‭ ‬المفترض‭. ‬لكن‭ ‬لماذا‭ ‬يتفق‭ ‬الاثنان‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شيء؟‭ ‬ولماذا‭ ‬إيران‭ ‬بالذات؟‭ ‬ولماذا‭ ‬الآن؟

من‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬يستفيد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬نتنياهو‭ ‬وجالانت‭ ‬من‭ ‬صرف‭ ‬الانتباه‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬الكامنة‭ ‬وراء‭ ‬التمرد‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬

بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬نتنياهو،‭ ‬فإن‭ ‬إلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬يسمح‭ ‬له‭ ‬بتأجيج‭ ‬نار‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وتوحيد‭ ‬كل‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬خلف‭ ‬المدافع‭ ‬المفترض‭ ‬عنهم،‭ ‬وتجنب‭ ‬أي‭ ‬مساءلة‭ ‬عن‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬جالانت،‭ ‬فإن‭ ‬إلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬يرفع‭ ‬مستوى‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬وجميع‭ ‬فروع‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات؛‭ ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬فاشل‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬النضال‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الداخلي،‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يرسم‭ ‬صورة‭ ‬بديلة‭ ‬لجيش‭ ‬بطولي‭ ‬يحارب‭ ‬‮«‬تهديداً‭ ‬وجودياً‮»‬‭ ‬يحاك‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭. ‬

وهذه‭ ‬ليست‭ ‬حالة‭ ‬بسيطة‭ ‬من‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬الوعي‭ ‬الذاتي،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تحويل‭ ‬متعمد‭ ‬للمشكلة‭ ‬الفعلية‭: ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري‭.‬

على‭ ‬مر‭ ‬السنين،‭ ‬أصرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ليسوا‭ ‬فاعلين‭ ‬سياسيين‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قراراتهم‭ ‬الجماعية،‭ ‬وأن‭ ‬بعض‭ ‬البعبع‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭ ‬ـ‭ ‬العرب،‭ ‬والإيرانيين،‭ ‬والشيوعيين،‭ ‬والإسلاميين،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭... ‬ـ‭ ‬هم‭ ‬المسؤولون‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭.‬

لكن‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬مخطئة‭. ‬لكي‭ ‬تفهم‭ ‬إسرائيل‭ ‬الأسباب‭ ‬الكامنة‭ ‬وراء‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المتنامية‭ ‬بجميع‭ ‬أشكالها،‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬مخيمات‭ ‬اللاجئين‭ ‬المدمرة‭ ‬في‭ ‬جنين‭ ‬وبلاطة‭ ‬ونور‭ ‬شمس‭ - ‬وليس‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ - ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الإجابات‭.‬

 

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا