زيارة ولي العهد رئيس الوزراء لواشنطن ناجحة
الاتفاقية الشاملة مفتوحة.. ونتوقع انضمام أطراف أخرى إليها
الولايات المتحدة ملتزمة بالسلام والاستقرار والأمن في منطقة الخليج
أكد ستيفن بوندي سفير الولايات المتحدة الأمريكية أهمية الزيارة الناجحة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء لواشنطن يومي 13 و 14 سبتمبر، والاتفاقية الشاملة للتكامل والأمني والازدهار بين البحرين والولايات المتحدة والتي وقعها سموه مع وزير الخارجية الأمريكي خلال الزيارة، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية تأتي تعزيزا للشراكة الوطيدة بين البلدين كما أن العمل على هذه الاتفاقية جاء وفقا للرؤى الإستراتيجية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، والرئيس الأمريكي جو بايدن لتعزيز السلام والازدهار في البحرين والمنطقة.
جاء ذلك خلال الطاولة المستديرة التي عقدها السفير الأمريكي مع الصحافة المحلية بمقر السفارة الأمريكية بالمنامة، بحضور نيكولاس فون ميرتنز نائب الملحق الإعلامي والثقافي.وقال السفير الأمريكي: «إن الاتفاقية الشاملة تضفي طابعا رسميا على التعاون القائم لردع الصراعات في المنطقة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي وتخفيف التوترات، وتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، بما في ذلك من خلال تطوير ونشر التقنيات المتقدمة مع البائعين الموثوق بهم»، مضيفا: «إن هذا يعد تطورا مهما في علاقتنا الإستراتيجية مع البحرين، وهي واحدة من أقدم وأقرب الشركاء – بل والأصدقاء– للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط الأوسع».
ولفت إلى أنه حضر حفل التوقيع والاجتماعات المهمة التي عقدها سمو ولي العهد رئيس الوزراء مع كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية، بما في ذلك وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيان ومستشار الأمن القومي الأمريكي، واصفا هذه اللقاءات بالمثمرة والجادة مؤكدا الاحترام والتقدير الكبير الذي يكنه المسؤولون الأمريكيون لصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء.
ونوه السفير الأمريكي إلى أنه رافق سمو ولي العهد رئيس الوزراء في واشنطن وفد رفيع المستوى. وكان من بين كبار المسؤولين الحاضرين مستشار الأمن الوطني سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ووزير الخارجية، وزير المالية والاقتصاد الوطني، وزيرة التنمية المستدامة ورئيس هيئة أركان القوات المسلحة البحرينية، ونائب مستشار الأمن الوطني وسفير مملكة البحرين لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
وشدد السفير بوندي على أن هذا الاتفاق الثنائي يعمل على تعميق العلاقات الدائمة بين بلدينا ويوفر إطارا لزيادة التعاون بثلاثة أطر رئيسية، أولا، الاتفاقية توسع التعاون الأمني والدفاعي حيث ستتعاون الولايات المتحدة والبحرين لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار الإقليمي من خلال تعزيز الردع والتكامل الدفاعي وقابلية التشغيل البيني. كما إننا نتفق على العمل معا للمساعدة في ردع ومواجهة أي عدوان خارجي على سلامة أراضي الطرف الآخر، وفي حالة حدوث عدوان خارجي أو التهديد بالعدوان فإننا تجتمع على الفور على أعلى المستويات لتحديد الاحتياجات الدفاعية الإضافية والاستجابات، وستنفذ بشكل مستمر برامج التدريب والتعليم العسكري وتوفير المعدات والخدمات الدفاعية ومناورات عسكرية مشتركة والتخطيط العسكري المشترك وغيرها من أشكال التعاون حسبما يتطلب الأمر، كما إننا سنجتمع مرتين في السنة من أجل تنسيق جهودنا المشتركة لردع ومواجهة تهديدات العدوان الخارجي
وتابع قائلا: ثانياً، الاتفاقية تعزز علاقتنا الاقتصادية وبناء على اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والبحرين التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2006، اتفقنا على تعزيز التكامل بين اقتصادينا، وسوف نقوم بتحديد فرص الاستثمار الاستراتيجية، لا سيما في مجالات مثل مرونة سلاسل التوريد والبنية التحتية.
أما المجال الثالث للتعاون المنصوص عليه في الاتفاقية الشاملة هو العلوم والتكنولوجيا وأمن الشبكات، حيث تم الاتفاق على تعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي، وتطوير الشراكات والتعاون لتطوير وتبادل الأفكار، وزيادة التبادلات بين خبراتنا وتدعو الاتفاقية على وجه التحديد إلى تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والأمن لسلاسل التوريد بشكل أكثر أمانا ومرونة واستدامة وشفافية.
وأكد السفير الأمريكي أن الاتفاقية الشاملة هي اتفاقية مفتوحة والولايات المتحدة والبحرين ترحبان بانضمام الدول الصديقة الأخرى، وكلما كنا أكثر تكاملا وتنسيقا، أصبحت المنطقة أكثر أمنا واستقرارا وازدهارا.
واختتم السفير كلمته الافتتاحية قائلا: «إن هذه الاتفاقية لا تمثل سوى أحدث مظهر من مظاهر العمل المشترك للولايات المتحدة ومملكة البحرين من أجل السلام والازدهار في بلدينا والمنطقة، تفتخر الولايات المتحدة بوقوفها إلى جانب البحرين كما فعلت منذ تأسيس وجودنا العسكري فيها لأول مرة عام 1947 وبدعم من شركائنا، نحترم البقاء في البحرين والمنطقة فترة طويلة جدا قادمة، وكونوا مطمئنين بأن الولايات المتحدة ملتزمة بالسلام والاستقرار والأمن في منطقة الخليج».
وردا على أسئلة الصحفيين قال السفير الأمريكي إن الاتفاقية تعترف بالدعم القوي للغاية الذي قدمته البحرين للولايات المتحدة فترة طويلة جدًا، مشيرا إلى أن العالم يشهد تعقيدات متزايدة، كما أن بعض المؤسسات الدولية التي أنشأناها منذ حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية تتعرض لبعض التهديدات، ولهذا السبب يعتقد كلا البلدين أن الآن هو الوقت المناسب لإعادة التأكيد علناً على أننا نقف مع بعضنا البعض وأن لدينا مصالح عميقة في الأمن والاستقرار والازدهار في كل بلد من بلداننا، وأننا على استعداد لبذل المزيد من الجهود المشتركة والقيام بذلك في مواجهة التحديات، أو حتى التهديدات من الدول الأخرى.
وتابع قائلا: «لذا، أعتقد أن الاتفاقية الشاملة إعادة تأكيد لما كانت عليه سياستنا العامة. ولكن من المنطقي في هذا الوقت أن نرفع مستوى التزاماتنا تجاه بعضنا البعض».
وفيما يتعلق بالتكامل الاقتصادي أوضح السفير بوندي أن اتفاقية التجارة الحرة كانت بمثابة تطور بارز وأدت بالفعل إلى نمو كبير في التجارة بين بلدينا وكذلك الاستثمار، ولكن بالإضافة إلى ذلك، أعتقد أننا جميعًا ندرك أن خلال جائحة كوفيد 19 تعرضت سلاسل التوريد لضغوط كبيرة. وفكرة تعزيز سلاسل التوريد العالمية، أمر يهم الولايات المتحدة بالقدر نفسه بالنسبة إلى البحرين.
وأشار إلى أنه يتوقع أنه سيكون هناك اهتمام أكبر للشركات الأمريكية التي تستثمر في البحرين والشركات البحرينية التي تستثمر في الولايات المتحدة من أجل العمل في أي من أنواع المشاريع المتطورة، على سبيل المثال، التكنولوجيا الناشئة، والتي تعد أيضًا جزءًا من هذه الاتفاقية. أو بطرق أخرى تلبي احتياجات الإنسان الأساسية، موضحا علينا نشر الاتفاقية والتأكد من أن القطاع الخاص في البلدين على دراية بالفرص المتاحة، مشددا على اهتمام واشنطن والمنامة بتفعيل هذه الاتفاقية، وبعبارة أخرى، هذه خطوة كبيرة، لكنها مجرد خطوة أولى. والآن علينا أن نرى ما يمكننا القيام به أيضًا للعمل مع بعضنا البعض.
وفيما يتعلق بالالتزام الأمريكي بالاتفاقية وما إذا كانت مرتبطة بإطار زمني، أكد السفير بوندي أن الولايات المتحدة، ترى أن هذه اتفاقية تنفيذية ملزمة، وقد تمت مراجعتها بعناية لذلك سيكون لها ديمومة من الزمن، في الواقع، ليس هناك نقطة نهاية في هذا الاتفاق، ولا إطار زمني لها، لذلك سوف تستمر في المستقبل. وهناك الكثير من الأنشطة المحددة المطلوبة من كلا الجانبين في الاتفاقية، ولكن على وجه الخصوص في الجانب العسكري، هناك برامج التدريب والتعليم العسكري، وتوفير المعدات والخدمات الدفاعية، والتدريبات العسكرية المشتركة، والتخطيط العسكري المشترك، مشددا على أن العلاقة الدفاعية سوف تنمو مع مرور الوقت، وسوف يستمر هذا الأمر عبر الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
وفي سؤال من «أخبار الخليج» حول ما كان يتردد طوال السنوات الماضية بشأن وجود رغبة أمريكية في الخروج من الشرق الأوسط، وهل الاتفاقية الشاملة يعني تراجعا أمريكيا عن هذا التوجه، قال السفير الأمريكي ستيفن بوندي: «أقر أنه هناك من كان يزعم بوجود شعور بسحب الوجود الأمريكي من المنطقة، لكن لم أقبل ذلك أبدًا، لأن مشاركتنا ليس فقط مع البحرين، ولكن أيضًا مع الشركاء الآخرين في المنطقة، بدءًا من مجلس التعاون الخليجي، فضلاً عن الأصدقاء الآخرين في جميع أنحاء المنطقة، قد نما وتطور وما أود أن أقترحه بأن ننظر إلى عدد أفراد القوات الأمريكية الموجودين في المنطقة، ونرى كيف نعمل مع شركائنا، في الواقع، إذا نظرت إلى ما نقوم به معًا كتحالفات، فإن عدد الأفراد والقدرات يفوق بكثير كل ما كان لدينا في الماضي. لذلك أود أن أقول إن قدراتنا المشتركة أكبر بكثير الآن مما كانت عليه في أي وقت مضى».
وتابع قائلا: «إن هذه الاتفاقية بالنسبة إلي يجب أن ترسخ في أذهان شعوب وحكومات المنطقة بأن الولايات المتحدة سيكون لها وجود دائم هنا، نحن لا نقبل فكرة مغادرتنا، هذه الاتفاقية دليل على أن الولايات المتحدة ستبقى في المنطقة فترة طويلة قادمة. وبالطبع ذلك بدعم وموافقة شركائنا في المنطقة، والحقيقة أن هذه الاتفاقية مفتوحة، وهذا يقودنا إلى الاعتقاد بأنه ستكون هناك أطراف أخرى ستنضم وهذا هو أملنا بالتأكيد، وهذا هو توقعنا أيضا. ولهذا السبب من الضروري في هذا الوقت لحكومتي، أن تُظهر الحكومة البحرينية فوائد الاتفاقية، بحيث ندفع الآخرين إلى الانضمام، وتحذو حذو البحرين».
أما بشأن وجود مجالات معينة للتعاون في الوقت الراهن، أوضح السفير الأمريكي، أنه يجري التفاوض والتشاور بشأن ذلك في الوقت الراهن، موضحا أن الاتفاقية استغرقت نحو عام ونصف العام من التحضير والإعداد وخصصنا الكثير من الوقت والجهد لإكمالها، الآن، ننتقل إلى مرحلة استخدام هذه الاتفاقية لتحسين أمن بلدينا واستقرارهما وازدهارهما ولصالح السلام في المنطقة، مضيفا أننا سننظر في المجالات الثلاثة الرئيسية التي تشملها الاتفاقية الدفاع والتجارة والاستثمار والتقنيات الناشئة، إننا نأمل حقًا في المضي قدمًا على كل من هذه الجبهات الثلاث، بدلاً من جبهة واحدة.
وبشأن التعاون المشترك لحماية أمن الملاحة البحرية والتجارة الدولية، قال السفير الأمريكي: «في الواقع، لدينا عديد من العمليات الجارية في هذا الصدد، لم يتم تصميم هذه الاتفاقية للتأثير في أي موقف محدد يحدث حاليًا، كما أنها ليست رد فعل على أي حدث معين، أو أي تهديد معين، بل هو تطلع على المدى الطويل للتأكد من أن التنسيق بين بلدينا يتم بشكل وثيق قدر الإمكان».
وأشار إلى الجهود التي تبذل من أجل الأمن البحري، لافتا إلى أن الولايات المتحدة تحرص على الوجود البحري في مياه الخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر، وفي المحيط الهندي. والثانية هي ما نسميه القوات البحرية المشتركة، والتي أعتقد أنها تبلغ حوالي 38 فرداً وهي تعنى بمكافحة القرصنة والتهريب وتهريب الأسلحة وتهريب الأشخاص وتهريب المخدرات، ثم هناك أيضًا جهد آخر يسمى الأمن البحري الدولي، والذي يعنى بحماية السفن التجارية التي تعبر الخليج العربي ومضيق هرمز إلى بحر العرب.
وأوضح أن هذه الاتفاقية لا تشير على وجه التحديد إلى أي من هذه العناصر، ولكنها تتطلع إلى ضمان وضع العناصر في مكانها الصحيح. بصراحة، لردع التهديدات. هذا هو الجانب الرئيسي وهو أننا إذا فعلنا كل الأمور التي تم الاتفاق عليها، فإننا سنجعل المنطقة أكثر سلامًا في الواقع لأن أي خصوم سيرون، سواء كانت جهات فاعلة حكومية أو غير حكومية، أننا نقف معًا والفكرة هي أننا نفعل ذلك لمنع التهديدات أو الهجمات من أي طرف.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك