العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

لماذا تستمر الحرب المأساوية في أوكرانيا؟

بقلم : صادق الشافعي {

الجمعة ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

إن‭ ‬استطالة‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬يطرح‭ ‬أسئلة،‭ ‬ومعها‭ ‬ملاحظات‭ ‬جادة‭ ‬ومهمة‭.‬

يزيد‭ ‬من‭ ‬جدية‭ ‬وأهمية‭ ‬الأسئلة‭ ‬والملاحظات،‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬عام‭ ‬ونصف‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحرب،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬لها‭ ‬نهاية‭ ‬قريبة،‭ ‬ولا‭ ‬يلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬بوادر‭ ‬أو‭ ‬نية‭ ‬للحل‭.‬

وأنها‭ ‬أيضاً‭ ‬وبالمحصلة‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬تفوقا‭ ‬حاسما‭ ‬في‭ ‬المعارك‭ ‬الدائرة‭ ‬لصالح‭ ‬روسيا‭ ‬وقواتها،‭ ‬أو‭ ‬حسماً‭ ‬عسكرياً‭ ‬لصالح‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ومن‭ ‬معها‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الرد‭ ‬الأوكراني‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬القتال‭ ‬العادية،‭ ‬فإن‭ ‬الطائرات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬نجحت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأجواء‭ ‬الروسية،‭ ‬وفوق‭ ‬العاصمة‭ ‬موسكو‭ ‬ذاتها،‭ ‬رغم‭ ‬الحقيقة‭ ‬الأكيدة‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬تم‭ ‬التصدي‭ ‬المبكر‭ ‬لها‭ ‬ومنعها‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬ضرب‭ ‬أي‭ ‬هدف‭ ‬لها‭.‬

ولذلك‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬التساؤل‭: ‬هل‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬الاستطالة‭ ‬في‭ ‬المعارك‭ ‬العسكرية‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬القيادة‭ ‬الروسية،‭ ‬وهي‭ ‬تقرر‭ ‬البدء‭ ‬بحربها‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬لقوة‭ ‬وتماسك‭ ‬النظام‭ ‬الأوكراني‭ ‬ومؤسسته‭ ‬العسكرية‭ ‬ولقوة‭ ‬تحالفاته،‭ ‬أم‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬خطأ‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬دور‭ ‬الحلف‭ ‬الأطلسي‭ ‬بالتحديد،‭ ‬وللمدى‭ ‬الذي‭ ‬سيصل‭ ‬إليه‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬ستقدمه‭ ‬دول‭ ‬الحلف‭ ‬المذكور‭ ‬للدولة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬روسيا؟

وقد‭ ‬أثبت‭ ‬مجرى‭ ‬سير‭ ‬المعارك،‭ ‬واتساعها،‭ ‬وطول‭ ‬زمنها،‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬الأطلسي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬دوله‭ ‬تقريباً‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬دعماً‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭ ‬ولا‭ ‬قيود‭ ‬بالأسلحة‭ ‬والمعدات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وأيضاً‭ ‬بالخبرات‭ ‬المتقدمة‭ ‬والنوعية‭ ‬العسكرية‭ ‬منها‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬وبتدريب‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬استعمال‭ ‬الأسلحة‭ ‬والأجهزة‭ ‬الأكثر‭ ‬حداثة‭ ‬والأكثر‭ ‬تدميراً،‭ ‬ثم‭ ‬الدعم‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬والإعلامي‭ ‬وبكل‭ ‬الخبرات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجال،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الأسلحة‭ ‬النوعية‭ ‬والمتطورة،‭ ‬وتدريبه‭ ‬للقوات‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬استعمالها‭.‬

الحقيقة‭ ‬القائمة،‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬مستمرة‭ ‬وعلى‭ ‬جميع‭ ‬الجبهات‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬أفق‭ ‬واضحاً‭ ‬وقريباً‭ ‬لانتهائها‭.‬

والحقيقة‭ ‬الملازمة‭ ‬والموازية‭ ‬أن‭ ‬الغرب،‭ ‬ممثلاً‭ ‬أساساً‭ ‬بحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي،‭ ‬بكل‭ ‬قدراته‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬يرمي‭ ‬بكل‭ ‬ثقله‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬خلف‭ ‬أوكرانيا‭.‬

يلفت‭ ‬النظر‭ ‬ويستدعي‭ ‬الانتباه‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الحرب،‭ ‬وربما‭ ‬بتأثير‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬وبنسب‭ ‬متفاوتة،‭ ‬حصل‭ ‬ويحصل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المتغيرات‭ ‬والأحداث‭ ‬تلفت‭ ‬النظر‭:‬

الحدث‭ ‬الأول،‭ ‬هو‭ ‬الجدل‭ ‬حول‭ ‬الأوضاع‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬الحلف‭ ‬الأطلسي،‭ ‬ودوره‭ ‬والمهام‭ ‬المناطة‭ ‬به،‭ ‬ثم‭ ‬دوره‭ ‬وعلاقاته‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬ومع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ومؤسساته‭.‬

يترافق‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬رغبة‭ ‬دوله‭ ‬الأعضاء‭ ‬بضم‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬عضويته‭ ‬تكون‭ ‬راغبة‭ ‬ووازنة‭ ‬ومستقرة‭ ‬في‭ ‬أوضاعها‭ ‬وسياساتها‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭. ‬

ومؤخراً‭ ‬بدأت‭ ‬تظهر‭ ‬تباينات‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬حول‭ ‬فعالية‭ ‬الدعم‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وإلى‭ ‬متى‭ ‬سيستمر‭.‬

والحدث‭ ‬الثاني،‭ ‬هو‭ ‬تنامي‭ ‬واتساع‭ ‬الدور‭ ‬الصيني،‭ ‬واتساع‭ ‬درجة‭ ‬حضوره‭ ‬وتأثيره‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬عموماً،‭ ‬وفي‭ ‬توسع‭ ‬علاقاته‭ ‬ودوره‭ ‬مع‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وشعوبها،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحضور‭ ‬يبقى‭ ‬ويستمر‭ ‬ويتقدم‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬التوسع‭ ‬والاندفاع‭.‬

وهو‭ ‬ما‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬واسعا‭ ‬أمام‭ ‬دخول‭ ‬الصين‭ ‬قطباً‭ ‬عالمياً‭ ‬ثالثاً‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القطبين‭ ‬القائمَين‭: ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬وروسيا‭. ‬ويفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬الاعتراف‭ ‬به‭ ‬والتعامل‭ ‬معه‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭.‬

الحدث‭ ‬الثالث،‭ ‬هو‭ ‬انضمام‭ ‬ست‭ ‬دول‭ ‬إلى‭ ‬منظمة‭ ‬بريكس‭ ‬العالمية،‭ ‬ثلاثة‭ ‬منها‭ ‬عربية‭ ‬وهي‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وجمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأرجنتين‭ ‬وإيران‭ ‬وإثيوبيا‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬الحضور‭ ‬العربي‭ ‬ويرفع‭ ‬قوة‭ ‬تأثيره‭ ‬في‭ ‬مسارها‭ ‬العام‭. ‬وهو‭ ‬أيضاً،‭ ‬ما‭ ‬يرفع‭ ‬من‭ ‬وزن‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬قدرتها‭ ‬وفعلها‭ ‬ودورها‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬المناطقية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية‭.‬

الحدث‭ ‬الرابع،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬عدداً‭ ‬متزايداً‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬والاضطراب،‭ ‬مثل‭ ‬النيجر‭ ‬والسودان‭ ‬وأخيراً‭ ‬الجابون،‭ ‬وعنوان‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬ومدخلها‭ ‬هو‭ ‬محاولات‭ ‬تغيير‭ ‬الحكم‭ ‬عبر‭ ‬صدامات‭ ‬وانقلابات‭ ‬عسكرية،‭ ‬والأسباب‭ ‬المعلنة‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬هي‭ ‬أوضاع‭ ‬وأسباب‭ ‬داخلية‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭. ‬وهو‭ ‬أيضاً‭ ‬ما‭ ‬يمتد‭ ‬ليشمل‭ ‬بحال‭ ‬الفوضى‭ ‬والاضطراب‭ ‬المذكور‭ ‬دولاً‭ ‬في‭ ‬محيطها‭ ‬القاري،‭ ‬ويؤثر‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬وتطورها،‭ ‬وينعكس‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬البينية‭ ‬في‭ ‬القارة‭.‬

ومن‭ ‬المفيد‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التتبع‭ ‬الدقيق‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬رغبة‭ ‬لدى‭ ‬شعوب‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬المحاولة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬فلك‭ ‬هيمنة‭ ‬الغرب‭ ‬وسيطرته‭ ‬على‭ ‬مقدراتهم‭ ‬وثرواتهم‭ ‬ومصائرهم‭.‬

وهنا‭ ‬يصبح‭ ‬السؤال‭ ‬المشروع‭: ‬هل‭ ‬كان‭ ‬لحرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬والاصطفافات‭ ‬التي‭ ‬تلتها،‭ ‬وبروز‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الململة‭ ‬والضجر‭ ‬‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬خجولة‭ ‬الآن‭- ‬من‭ ‬التفرد‭ ‬الأمريكي‭ ‬والهيمنة‭ ‬الاستغلالية،‭ ‬يد‭ ‬في‭ ‬ظهور‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث؟

 

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا