العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هذا هو الإمام..علي !

بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

الأحد ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

إنه‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬ابن‭ ‬عم‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭)‬،‭ ‬وأخوه‭ ‬في‭ ‬المؤاخاة‭ ‬الشهيرة‭ ‬في‭ ‬المدينة،‭ ‬والرجل‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬في‭ ‬نصرة‭ ‬الإسلام،‭ ‬ونصرة‭ ‬رسوله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬في‭ ‬السلم‭ ‬والحرب،‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬ضحى‭ ‬بنفسه‭ ‬حين‭ ‬نام‭ ‬في‭ ‬فراش‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬ليلة‭ ‬الهجرة‭ ‬ليوهم‭ ‬الكفار‭ ‬أن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬نائمًا‭ ‬في‭ ‬فراشه‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭)‬،‭ ‬وصاحبه‭ ‬أبوبكر‭ ‬الصِدِّيق‭(‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬من‭ ‬مغادرة‭ ‬مكة‭ ‬إلى‭ ‬المدينة،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬تضحية‭ ‬عظيمة‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭(‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬أهلًا‭ ‬لها،‭ ‬وجديرًا‭ ‬بالقيام‭ ‬بها،‭ ‬وأما‭ ‬نصرته‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬فقد‭ ‬تحدث‭ ‬عنها‭ ‬التاريخ،‭ ‬وأفاض‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭.. ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬كان‭ ‬المحارب‭ ‬العنيد‭ ‬الذي‭ ‬هزم‭ ‬عتاة‭ ‬الكفار،‭ ‬وتصدر‭ ‬في‭ ‬الغزوات‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلي‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬كان‭ ‬دائمًا‭ ‬يتصدر‭ ‬الصفوف‭ ‬غير‭ ‬خائف‭ ‬ولا‭ ‬هيَّاب،‭ ‬وكان‭ ‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عنه‭ ‬حين‭ ‬يُسأل‭ ‬عن‭ ‬ليلته‭ ‬في‭ ‬فراش‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬سلم‭)‬،‭ ‬كان‭ ‬يصفها‭ ‬بأنها‭ ‬كانت‭ ‬أهنأ‭ ‬ليلة‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬السيوف‭ ‬القواطع‭ ‬كانت‭ ‬تنتظره‭ ‬لتحز‭ ‬رأسه‭!‬

كان‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬يؤمن‭ ‬إيمانًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬بأن‭ ‬روحه‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يملك‭ ‬فداء‭ ‬للإسلام‭ ‬ورسول‭ ‬الإسلام‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬كان‭ ‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬دعمًا‭ ‬لمسيرة‭ ‬الإسلام،‭ ‬ودفاعًا‭ ‬عن‭ ‬صاحب‭ ‬الدعوة‭ ‬صلوات‭ ‬الله‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه،‭ ‬وكان‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬لأبي‭ ‬بكر‭ ‬وعمر‭ ‬نعم‭ ‬الصاحب‭ ‬والمستشار‭ ‬المؤتمن،‭ ‬ولَم‭ ‬يتخلف‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬عن‭ ‬الوقوف‭ ‬والمساندة‭ ‬المستمرة‭ ‬للشيخين‭ ‬العظيمين‭ ‬أبي‭ ‬بكر‭ ‬وعمر‭ ‬حين‭ ‬يندبانه‭ ‬لمهمة‭ ‬يرون‭ ‬أنه‭ ‬أهلٌ‭ ‬لها،‭ ‬فيبادر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إبطاء‭ ‬إلى‭ ‬الاستجابة‭ ‬لما‭ ‬يطلبان‭ ‬منه،‭ ‬أشد‭ ‬حبًا‭ ‬وأقرب‭ ‬مودة‭ ‬لأخيه‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنهما‭) ‬ومن‭ ‬عظيم‭ ‬ثقة‭ ‬الفاروق‭ ‬في‭ ‬أخيه‭ ‬الإمام‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬ينيبه‭ ‬عنه‭ ‬لرعاية‭ ‬شؤون‭ ‬الرعية‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬يوم‭ ‬أن‭ ‬ذهب‭ ‬لتسلم‭ ‬مفاتيح‭ ‬بيت‭ ‬المقدس‭ ‬حين‭ ‬اشترط‭ ‬كبير‭ ‬قساوسة‭ ‬بيت‭ ‬المقدس‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يسلم‭ ‬المفاتيح‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬عمر‭ ‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عنه‭. ‬كذلك‭ ‬حين‭ ‬استشاره‭ ‬عمر‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يتولى‭ ‬قيادة‭ ‬الجيش‭ ‬فنهاه‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬حماية‭ ‬لحياته،‭ ‬وحماية‭ ‬لدولة‭ ‬الإسلام،‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬أمير‭ ‬المؤمنين‭ ‬والإمام‭ ‬كما‭ ‬يزعم‭ ‬الزاعمون،‭ ‬ويروج‭ ‬لها‭ ‬المروجون‭ ‬لما‭ ‬نصحه‭ ‬بذلك،‭ ‬ولشجعه‭ ‬عليه،‭ ‬وأشار‭ ‬عليه‭ ‬بأن‭ ‬يتولى‭ ‬قيادة‭ ‬الجيش‭ ‬قائد‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬ويبقى‭ ‬هو‭ ‬درعا‭ ‬للمسلمين‭ ‬وحاميًا‭ ‬لدولتهم‭.‬

أيضًا‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الإمام‭ (‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭) ‬يعتقد‭ ‬كما‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬الخلافة‭ ‬منصب‭ ‬ديني،‭ ‬وأنه‭ ‬أحق‭ ‬بها‭ ‬ممن‭ ‬سبقه‭ ‬من‭ ‬الخلفاء‭ ‬لما‭ ‬سكت‭ ‬عن‭ ‬المطالبة‭ ‬بحقه‭ ‬فيها،‭ ‬ولنازعهم‭ ‬عليها‭ ‬هو‭ ‬ومن‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬بعده‭ ‬من‭ ‬الأئمة‭ (‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عنهم‭) ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬منصب‭ ‬سياسي‭ ‬يجوز‭ ‬فيه‭ ‬الخلاف‭ ‬والاختلاف،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬بالبيعة‭ ‬والاختيار‭ ‬الحر،‭ ‬وأيضًا‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬الخلافة‭ ‬منصبا‭ ‬دينيا،‭ ‬ومنصوصا‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬وصحيح‭ ‬السنة‭ ‬لما‭ ‬تنازل‭ ‬عنها‭ ‬الإمام‭ ‬الحسن‭ (‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭) ‬إلى‭ ‬سيدنا‭ ‬معاوية‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬سفيان‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬حقنًا‭ ‬لدماء‭ ‬المسلمين،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬ذاك‭ ‬العام‭ ‬سمي‭ ‬بعام‭ ‬الجماعة،‭ ‬وحول‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬يقول‭ ‬الأستاذ‭ ‬حسن‭ ‬العلوي،‭ ‬وهو‭ ‬كاتب‭ ‬ومؤرخ‭ ‬منصف‭: ‬‮«‬بهذا‭ ‬المنظور‭ ‬ندخل‭ ‬السقيفة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬للنص‭ ‬الديني‭ ‬رأي‭ ‬فيها،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬اجتهاد‭ ‬الصحابي‭ ‬سعد‭ ‬بن‭ ‬عبادة‭ ‬وجمع‭ ‬من‭ ‬الأنصار‮»‬‭.‬

إذاً،‭ ‬فقد‭ ‬غاب‭ ‬النص‭ ‬الديني‭ ‬عن‭ ‬السقيفة‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬آية‭ ‬تدل‭ ‬دلالة‭ ‬واضحة‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الخلافة‭ ‬منصوص‭ ‬عليها،‭ ‬وأنها‭ ‬للإمام‭ ‬علي‭. (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬وأبنائه‭ ‬من‭ ‬بعده،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الخلافة،‭ ‬وشؤون‭ ‬الحكم‭ ‬شأن‭ ‬سياسي‭ ‬بحت‭ ‬لم‭ ‬ينص‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭ ‬بآية‭ ‬محكمة،‭ ‬بل‭ ‬جعلها‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬يختلف‭ ‬الناس‭ ‬حولها،‭ ‬وأن‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬قد‭ ‬اكتفى‭ ‬بالنص‭ ‬على‭ ‬مبادئها‭ ‬العامة‭ ‬مثل‭: ‬الشورى‭ ‬والعدل،‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: (‬والذين‭ ‬استجابوا‭ ‬لربهم‭ ‬وأقاموا‭ ‬الصلاة‭ ‬وأمرهم‭ ‬شورى‭ ‬بينهم‭ ‬ومما‭ ‬رزقناهم‭ ‬ينفقون‭) ‬الشورى‭ / ‬38‭.‬

وقال‭ ‬تعالى‭ ‬تعزيزًا‭ ‬لهذا‭ ‬المبدأ،‭ ‬وترسيخًا‭ ‬لأسسه‭ ‬ودعمًا‭ ‬لها‭: (‬فبما‭ ‬رحمة‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬لنت‭ ‬لهم‭ ‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬فظًا‭ ‬غليظ‭ ‬القلب‭ ‬لانفضوا‭ ‬من‭ ‬حولك‭ ‬فاعف‭ ‬عنهم‭ ‬واستغفر‭ ‬لهم‭ ‬وشاورهم‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬فإذا‭ ‬عزمت‭ ‬فتوكل‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬يحب‭ ‬المتوكلين‭) ‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬159‭.‬

وانظروا‭ ‬إلى‭ ‬دلالة‭ ‬الآية‭ ‬الجليلة‭ ‬إذ‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬مبدأ‭ ‬الشورى‭ ‬عصمة‭ ‬للأمة‭ ‬من‭ ‬الفرقة‭ ‬والتشتت،‭ ‬وسبيلًا‭ ‬إلى‭ ‬الوحدة‭ ‬والتماسك،‭ ‬وجاءت‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الشورى‭ ‬ولزومها‭ ‬في‭ ‬صيغة‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬سلم‭) ‬وفِي‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬العزيمة‭ ‬والتأكيد‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المسلمين‭ ‬أكثر‭ ‬حرصًا‭ ‬عليها،‭ ‬وتمسكًا‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬خلافتهم‭ ‬الراشدة،‭ ‬وهي‭ ‬شأن‭ ‬دنيوي‭ ‬يجوز‭ ‬الخلاف‭ ‬فيه،‭ ‬وهو‭ ‬خاضع‭ ‬لتغير‭ ‬الأزمنة‭ ‬والأمكنة،‭ ‬وفِي‭ ‬هذا‭ ‬سعة‭ ‬مبرورة‭ ‬للمسلمين‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬يختاروا‭ ‬النظام‭ ‬الذي‭ ‬يسعهم،‭ ‬وييسر‭ ‬لهم‭ ‬سبيل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الحق‭ ‬الذي‭ ‬ينشدونه‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬طالب‭ (‬رضي‭ ‬الًله‭ ‬عنه‭) ‬رابع‭ ‬الخلفاء‭ ‬الراشدين‭ ‬المهديين،‭ ‬والمستشار‭ ‬المؤتمن‭ ‬للخلفاء‭ ‬من‭ ‬قبله،‭ ‬والناصح‭ ‬الأمين‭ ‬لإخوانه‭ ‬المباركين‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عنهم‭ ‬جميعًا‭ ‬ورضوا‭ ‬عنه،‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬رب‭ ‬العالمين،‭ ‬وصلاة‭ ‬وسلام‭ ‬دائمين‭ ‬على‭ ‬إمام‭ ‬الأنبياء‭ ‬والمرسلين‭ ‬سيدنا‭ ‬ومولانا‭ ‬محمد‭ ‬ابن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬الرسول‭ ‬الأمين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا