العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

نحو إنشاء فريق خارجي للطوارئ والأزمات والكوارث

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

الثلاثاء ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬وقت‭ ‬تزايدت‭ ‬فيه‭ ‬الكوارث‭ ‬والأزمات‭ ‬الطبيعية‭ ‬وازدادت‭ ‬شراستها‭ ‬وتعقيداتها‭ ‬والتي‭ ‬ارتفعت‭ ‬بنحو‭ ‬35%‭ ‬منذ‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهذه‭ ‬التحولات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والتحوط‭ ‬لها‭ ‬قبل‭ ‬وقوعها،‭ ‬وكما‭ ‬قيل‭: ‬‮«‬درهم‭ ‬وقابة‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬قنطار‭ ‬علاج‮»‬‭ ‬ولعل‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬البدء‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬التدريب‭ ‬والاستعداد‭ ‬المبكر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬والعمل‭ ‬الاستباقي‭ ‬كنهج‭ ‬لا‭ ‬ندامة‭ ‬عليه‭ ‬إذ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬عبء‭ ‬التعامل‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الطوارئ‭ ‬ويجعل‭ ‬الاستجابة‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‭.‬

الاستعداد‭ ‬واكتساب‭ ‬الخبرات‭ ‬الميدانية‭ ‬في‭ ‬مجابهة‭ ‬الأزمات‭ ‬لا‭ ‬يمنع‭ ‬وقوعها‭ ‬ولكن‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬تبعاتها،‭ ‬فالكوارث‭ ‬والأزمات‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬تفرضه‭ ‬الطبيعة‭ ‬وتقلباتها‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬المتسبب‭ ‬فيها‭ ‬الإنسان،‭ ‬وبين‭ ‬هذه‭ ‬وتلك‭ ‬الفيصل‭ ‬الرئيسي‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬مدى‭ ‬وجود‭ ‬فريق‭ ‬أو‭ ‬فرق‭ ‬طوارئ‭ ‬تمتلك‭ ‬خبرة‭ ‬وممارسة‭ ‬ولديها‭ ‬تجارب‭ ‬ميدانية‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الكوارث‭ ‬والأزمات‭ ‬كمهارات‭ ‬البحث،‭ ‬وتنسيق‭ ‬عمليات‭ ‬البحث‭ ‬والإنقاذ،‭ ‬وإجلاء‭ ‬الضحايا،‭ ‬والتدريب‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬الملاجئ‭ ‬وتوزيع‭ ‬المساعدات‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬النفسي‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للأشخاص‭ ‬المتضررين‭.‬

إبان‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬رأينا‭ ‬تميزا‭ ‬فريدا‭ ‬لفريق‭ ‬البحرين‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬مجابهة‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬باحترافية‭ ‬كبيرة،‭ ‬وهذا‭ ‬التميز‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ليتحقق‭ ‬لولا‭ ‬وجود‭ ‬فريق‭ ‬وطني‭ ‬يمتلك‭ ‬القدرات‭ ‬المهنية‭ ‬والفنية‭ ‬ولديه‭ ‬الخبرة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬بشكل‭ ‬متميز،‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬العالي‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬الكادر‭ ‬البحريني‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬استثماره‭ ‬والبناء‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬ولعل‭ ‬أهمها‭ ‬‮«‬الفريق‭ ‬الوطني‭ ‬للطوارئ‭ ‬والأزمات‭ ‬والكوارث‮»‬‭ ‬حيث‭ ‬إننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬كثرت‭ ‬فيه‭ ‬الأزمات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والمفتعلة‭ ‬وتعددت‭ ‬أسبابها‭ ‬وتزايدت‭ ‬تبعاتها‭ ‬الكارثية‭ ‬والاستعداد‭ ‬لها‭ ‬أصبح‭ ‬واجبا‭ ‬وطنيا‭ ‬وانسانيا‭.‬

المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تبناها‭ ‬مجلس‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني‭ ‬بقيادة‭ ‬معالي‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬بوضع‭ ‬خطة‭ ‬لتشكيل‭ ‬فريق‭ ‬البحث‭ ‬والإنقاذ‭ ‬للقيام‭ ‬بمهام‭ ‬الإنقاذ‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭ ‬وفق‭ ‬المؤشرات‭ ‬والمعايـيـر‭ ‬الدولية‭ ‬المعـتمدة‭ ‬للسلامة،‭ ‬مبادرة‭ ‬تستحق‭ ‬الإشادة،‭ ‬والجميل‭ ‬والمميز‭ ‬في‭ ‬فكرة‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الفريق‭ ‬مخصص‭ ‬للقيام‭ ‬بمهام‭ ‬خارجية‭ ‬وهي‭ ‬الأكثر‭ ‬حدوثاً‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تكلمنا‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬محيطنا‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعربي،‭ ‬وقد‭ ‬رأينا‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬لفريق‭ ‬البحث والإنقاذ التابع‭ ‬للحرس‭ ‬الملكي‭ ‬بقوة‭ ‬دفاع البحرين‭ ‬دور‭ ‬فاعل‭ ‬أثناء‭ ‬مهمته‭ ‬الإغاثية‭ ‬الإنسانية‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬سواعد‭ ‬الغيث‮»‬‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المتضررة‭ ‬من‭ ‬الزلزال‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2023،‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬كثيرة‭ ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الفريق‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬الضروريات‭ ‬انطلاًقا‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬السامية‭ ‬والمواقف‭ ‬الأخوية‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬وباقي‭ ‬الشعوب‭. ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬البحرين‭ ‬كانت‭ ‬وستبقى‭ ‬سباقة‭ ‬لتقديم‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬والمساعدة‭ ‬والدعم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬أزمة‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬والصديقة‭.‬

من‭ ‬البديهيات‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬عليها‭ ‬هي‭ ‬استشراف‭ ‬المستقبل‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬تطورات‭ ‬المستقبل‭ ‬واحتياجاته‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬إدراك‭ ‬الأبعاد‭ ‬المستقبلية‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬تأتي‭ ‬به‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة،‭ ‬ليس‭ ‬تنبؤاً‭ ‬بالمستقبل‭ ‬وإنما‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬بنائه‭ ‬والاستعداد‭ ‬لأي‭ ‬طارئ‭ ‬ضمن‭ ‬المعطيات‭ ‬التي‭ ‬نمر‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الراهن،‭ ‬وهذا‭ ‬تصديقاً‭ ‬لقوله‭ ‬تعالى‭: (‬يَا‭ ‬أَيُّهَا‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُوا‭ ‬خُذُوا‭ ‬حِذْرَكُمْ‭) ‬من‭ ‬باب‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬عواقب‭ ‬الأمور،‭ ‬وتقدير‭ ‬أسوأها‭ ‬لأخذ‭ ‬الحيطة‭ ‬والحذر‭ ‬وإعداد‭ ‬العدة‭ ‬المناسبة،‭ ‬وتوطين‭ ‬النفس‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬المشاق‭ ‬في‭  ‬الأزمات‭ ‬والكوارث‭ ‬لاسيما‭ ‬وأن‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬هي‭ ‬متسارعة‭ ‬ومتنامية،‭ ‬والأحداث‭ ‬متداخلة‭ ‬ومتلاحقة،‭ ‬والتطلعات‭ ‬متزايدة‭ ‬وملحة،‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬المستقبل‭ ‬هو‭ ‬بمثابة‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مصير‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا