التقاعد ليس نهاية المشوار، وانما هو في كثير من الثقافات بداية الحياة الفعلية وبداية الترفيه والمتعة بعد رحلة طويلة من العمل والتعب. وهذا الترفيه يشمل النمط العام للحياة بما في ذلك السكن في المكان المناسب ومع الأشخاص المناسبين والمنسجمين والمتقاربين في الأفكار والاحتياجات، بعيدا عن صخب الحياة ومشاغبة صغار السن وطيش الشباب وغيرها من الامور التي يحاول كبار السن النأي عنها.
من هنا جاءت فكرة فريدة من نوعها وهي انشاء مدينة للمتقاعدين. وبالفعل نفذت الفكرة في فلوريدا بالولايات المتحدة واطلق عليها اسم «فيليجيز». ومع تأسيس المدينة كان عدد السكان لا يتجاوز 3000 شخص. ولكنها تحولت مع الأيام الى مدينة تضم أكثر من 150 ألف شخص في سلسلة عقارات ومجمعات سكنية متكاملة للمتقاعدين وتعتبر الأولى من نوعها في العالم.
تخضع مدينة «فيليجيز» لقوانين صارمة منها على سبيل المثال منع العيش فيها لغير المتقاعدين، ويسمح للأحفاد البقاء مع اجدادهم لأكثر من 30 يومًا في العام فقط.
في تقرير له حول هذه المدينة، أشار الخبير العقاري أشرف علام بقناته «المخبر العقاري» الى أن شروط التملك أو السكن في هذه المدينة تعتبر صارمة، حيث صممت المدينة فقط للمتقاعدين فوق سن 55 سنة، وبالتالي هم الوحيدون المسموح لهم بالإقامة بها.
وتبلغ مساحة المدينة 88 كيلومترا مربعا، وبالتالي تعتبر مدينة كبيرة متكاملة. وتحيط بها بوابات وحراسة.
ومن القوانين والشروط هو ان أي بيت يتم شراءه يجب ان يكون احد سكانه فوق 55 سنة. وبالمقابل، لا يسمح لأي شخص يقل عمره عن 19 عاما بالإقامة. والهدف هو ان تبقى المدينة مخصصة للمتقاعدين الذين يبحثون عن الهدوء والراحة مع عائلاتهم.
وتبدأ أسعار الفلل من 300 الف دولار. وهناك اقبال كبير على السكن فيها. وبالتالي تعتبر المدينة فكرة جديدة بكل معاني الكلمة.
وعلى عكس ما يتصور البعض بانها مدينة مملة خالية من الحياة، فإن مدينة «فيليجيز» تعتبر مدينة نموذجية يحلم الكثيرون بالسكن فيها. فهي لا تقتصر على الفلل والعقارات السكنية فقط، بل تتميز بعدة سمات منها الرقعة الخضراء بنسبة 100%، ووجود بحيرات متفاوتة الاحجام. ومن المميزات أيضا ان وسيلة المواصلات الرئيسية هي عربات الغولف وليس السيارات التي تعمل بالوقود. والهدف من ذلك الحفاظ على السرعة المنخفضة وعلى نقاء الجو. ويصل عدد هذه العربات الى 60 ألف عربة تسير في أكثر من 90 ميلاً من المسارات المخصصة، ويتنافس ملاك العربات على تشكيلها بأشكال غريبة والوان جذابة. وبالتالي يعتبر عدد عربات الجولف أكبر من عدد سيارات الأجرة في نيويورك. أما السيارات العادية فلها طرق وشوارع خاصة، وهناك أنفاق وجسور متعددة ومحطات وقود وشحن لعربات الغولف وورش للصيانة وغيرها. وبالتالي يسير نمط الحياة في المدينة بالبطء والهدوء والهواء النقي.
اما وسائل الترفيه فهي متعددة، منها 60 ملعب غولف بجميع الاحجام والانواع وكلها مجانية للسكان. وهناك أندية وسواحل ومناطق للعب والترفيه وأماكن لمختلف أنواع الرياضة ومجمعات، وحوالي 3000 ناد ليلي وبار ومقهى توفر خدمات على مدار اليوم. والى جانب ذلك يتم تنظيم مختلف الفعاليات على مدار السنة، منها على سبيل المثال حفلات يومية تحييها فرق موسيقية في المقاهي والمطاعم والمناطق العامة. لذلك يطلق البعض على المدينة (ديزني المتقاعدين).
وهناك متقاعدون يعملون في هذه المدينة في مجالات عدة مثل المحلات التجارية والوساطة العقارية والمبيعات وغيرها. وبالتالي يجد المتقاعد لنفسه مكانا اشبه بالمنتجع السياحي ليبدأ حياة مفعمة بالنشاط والهدوء والجمال بنفس الوقت، وكل من حوله بأعمار مقاربة له. حيث أن 80% من السكان تتجاوز أعمارهم 55 عاما، والنسبة الباقية هم ذووهم ممن هم اكبر من 19 عاما.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك