العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أزمة فرنسا التي لم تفهم إفريقيا

بقلم: د. رمزي بارود

الاثنين ٠٢ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

ماذا‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬‮«‬عدوى‭ ‬الانقلابات‮»‬‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬ووسط‭ ‬إفريقيا‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬نتيجة‭ ‬مباشرة‭ ‬لحركات‭ ‬ثورية‭ ‬صريحة،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الحركات‭ ‬المناهضة‭ ‬للاستعمار‭ ‬التي‭ ‬حررت‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬من‭ ‬نير‭ ‬الاستعمار‭ ‬الغربي‭ ‬طوال‭ ‬القرن‭ ‬العشرين؟

وسواء‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬نكتشف‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬قريب،‭ ‬وذلك‭ ‬ببساطة‭ ‬لأن‭ ‬أصوات‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬تم‭ ‬إسكاتها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬وبشكل‭ ‬متعمد‭. ‬ولكي‭ ‬نفهم‭ ‬الدوافع‭ ‬الحقيقية‭ ‬وراء‭ ‬موجة‭ ‬الانقلابات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬ووسط‭ ‬إفريقيا‭ ‬‭ ‬ثمانية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬فإننا،‭ ‬للأسف،‭ ‬مضطرون‭ ‬إلى‭ ‬القراءة‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭.‬

هذا‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المشكلة‭. ‬فالأمر‭ ‬ببساطة‭ ‬يتعلق‭ ‬بوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬السياق‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الأعمق‭ ‬وراء‭ ‬الاضطرابات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المناطق‭ ‬الإفريقية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬السيطرة‭ ‬شبه‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬السرد‭ ‬هي‭ ‬أمر‭ ‬متعمد‭.‬

في‭ ‬وصف‭ ‬شامل‭ ‬نسبيا‭ ‬لأوليجو‭ ‬نجويما،‭ ‬الزعيم‭ ‬الجديد‭ ‬لجمهورية‭ ‬جابون،‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬موقع‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬جوهري‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تعريفنا‭ ‬بالدوافع‭ ‬وراء‭ ‬تحرك‭ ‬الجيش‭ ‬ضد‭ ‬الرئيس‭ ‬الجابوني‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬علي‭ ‬بونغو‭. ‬وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬كان‭ ‬صوت‭ ‬نغويما‭ ‬نفسه‭ ‬غائباً‭ ‬بشكل‭ ‬شبه‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭.‬

من‭ ‬الصعب‭ ‬ويستغرق‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬خطاباً‭ ‬سياسياً‭ ‬متماسكاً‭ ‬وغير‭ ‬مرشح‭ ‬ومنطلقا‭ ‬من‭ ‬الجابون‭ ‬‭ ‬أو‭ ‬مالي،‭ ‬أو‭ ‬بوركينا‭ ‬فاسو،‭ ‬أو‭ ‬بقية‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بمرحلة‭ ‬انتقالية‭ ‬سياسية‭ ‬الآن‭.‬

ما‭ ‬نجده‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الأخبار‭ ‬والمعلومات‭ ‬والآراء،‭ ‬وجميعها‭ ‬تقريبًا‭ ‬يتم‭ ‬استقاؤها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬والسياسيين‭ ‬والأكاديميين‭ ‬و«الخبراء‮»‬‭ ‬الغربيين‭. ‬وحتى‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬أنهم‭ ‬يتحدثون‭ ‬لغة‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬تغذية‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إدامة‭ ‬التصور‭ ‬السائد‭ ‬لإفريقيا‭.‬

إن‭ ‬الفحص‭ ‬السريع‭ ‬للمقالات‭ ‬الأخيرة‭ ‬حول‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الفرنسية‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬واضحة‭. ‬إن‭ ‬اللغة‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬تفكيك‭ ‬الاضطرابات‭ ‬الأخيرة‭ ‬تثبت‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬صحوة‭ ‬حقيقية‭ ‬جارية‭ ‬بين‭ ‬أهل‭ ‬الفكر‭ ‬الفرنسيين،‭ ‬حتى‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يتحدثون‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬التيار‭ ‬الرئيسي‭ ‬‮«‬لليسار‮»‬‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

في‭ ‬مقابلة‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬أغسطس‭ ‬2023‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬لوبوان،‭ ‬ألقى‭ ‬المؤلف‭ ‬الفرنسي‭ ‬والخبير‭ ‬في‭ ‬الدراسات‭ ‬الإفريقية،‭ ‬أنطوان‭ ‬جلاسر،‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬الفرنسية‭ ‬لفشلها‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬كيف‭ ‬أصبحت‭ ‬إفريقيا‭ ‬‮«‬عالمية‮»‬‭ ‬وإدراك‭ ‬التحولات‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭.‬

نشر‭ ‬المقال‭ ‬بعد‭ ‬وقت‭ ‬قصير‭ ‬من‭ ‬انقلاب‭ ‬الجابون‭. ‬لكن‭ ‬أفكار‭ ‬جلاسر‭ ‬ليست‭ ‬جديدة‭. ‬لقد‭ ‬أشار‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الفشل،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مقال‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬لوبنيون‮»‬‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬أغسطس‭.‬

ويتلخص‭ ‬جوهر‭ ‬حجته‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬فرنسا‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬الديناميكيات‭ ‬السياسية‭ ‬المتغيرة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬وما‭ ‬حولها،‭ ‬وأن‭ ‬الأسواق‭ ‬الأفريقية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬فرنسا‭ ‬بشدة‭ ‬أصبحت‭ ‬محتلة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الصين‭ ‬وتركيا‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭.‬

ولكن‭ ‬الرسالة‭ ‬الدقيقة‭ ‬والمبطنة‭ ‬هي‭ ‬التالية‭: ‬إن‭ ‬إفريقيا‭ ‬تدور،‭ ‬أو‭ ‬ينبغي‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تدور‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬فرنسا،‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬صناع‭ ‬السياسات‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬فهم‭ ‬بديل‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬السياسة‭ ‬الإفريقية‭ ‬الجديدة‭ ‬المعولمة‭ ‬أو‭ ‬اللحاق‭ ‬بها‭.‬

وقد‭ ‬تم‭ ‬نقل‭ ‬نفس‭ ‬الشعور‭ ‬بالاستحقاق‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬لوفيجارو‭. ‬تتحدث‭ ‬إيزابيل‭ ‬لاسير،‭ ‬في‭ ‬مقالتها‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الجابون‭: ‬الدبلوماسية‭ ‬الفرنسية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انقلابات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬‮«‬تعذيب‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬الفرنسيين‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬الاستحمام‭... ‬إنهم‭ ‬بالكاد‭ ‬يصدقون‭ ‬أنهم‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬إخراج‭ ‬رؤوسهم‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬عندما‭ ‬يعيدهم‭ ‬انقلاب‭ ‬جديد‭ ‬إليهم،‭ ‬وبشكل‭ ‬أكثر‭ ‬وحشية‮»‬‭.‬

إن‭ ‬‮«‬الوحشية‮»‬‭ ‬المشار‭ ‬إليها‭ ‬هنا‭ ‬ليست‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬منها‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬في‭ ‬الفترات‭ ‬المؤلمة‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬وما‭ ‬بعد‭ ‬الاستعمار‭ ‬وإنهاء‭ ‬الاستعمار،‭ ‬بل‭ ‬وحشية‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬الفرنسيين‭.‬

تشير‭ ‬لاسير‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬ماكرون‭ ‬لعبارة‭ ‬‮«‬وباء‭ ‬الانقلابات‮»‬‭. ‬وكان‭ ‬ماكرون‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أشاع‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭. ‬إنه‭ ‬يجعل‭ ‬الأفارقة‭ ‬يبدون‭ ‬جامحين،‭ ‬وحتى‭ ‬مرضى‭. ‬والآن‭ ‬يلقي‭ ‬الصحفيون‭ ‬الفرنسيون‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬حكومتهم‭ ‬لفشلها‭ ‬في‭ ‬تشخيص‭ ‬المرض‭ ‬الإفريقي،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬علاجه‭.‬

ولن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬فهم‭ ‬بديل‭ ‬عندما‭ ‬تصاغ‭ ‬المشكلة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬حيث‭ ‬يقع‭ ‬اللوم‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬الأفارقة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يقع‭ ‬اللوم‭ ‬الأقل‭ ‬‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬الفهم‭ ‬ببساطة‭ ‬‭ ‬على‭ ‬فرنسا‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭.‬

تضيف‭ ‬لاسير‭ ‬قولها‭: ‬‮«‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬لا‭ ‬يؤدي‭ ‬الانقلاب‭ ‬إلى‭ ‬محو‭ ‬انقلاب‭ ‬آخر،‭ ‬بل‭ ‬يضيف‭ ‬إلى‭ ‬الانقلاب‭ ‬السابق‮»‬‭. ‬وبعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬فهي‭ ‬فوضى‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وأوروبا‭ ‬تعاني‭ ‬وتتحمل‭ ‬عواقبها‭ ‬‭ ‬‮«‬عبء‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض‮»‬‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭.‬

ولم‭ ‬يتم‭ ‬إيلاء‭ ‬سوى‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬لاحتمال‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ ‬ربما‭ ‬سئمت‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬القديمة،‭ ‬جهاز‭ ‬الدكتاتوريين‭ ‬الأثرياء‭ ‬والعنيفين‭ ‬الذين‭ ‬يدعمهم‭ ‬الغرب‭ ‬‭ ‬و‮«‬الديمقراطيون‮»‬‭ ‬المفترضون‭ ‬‭ ‬الذين‭ ‬يهدرون‭ ‬ثروات‭ ‬بلادهم‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬السلطة‭.‬

الجابون‭ ‬بلد‭ ‬غني‭ ‬جدًا‭ ‬بموارد‭ ‬الطاقة‭ ‬والخشب‭ ‬والمنجنيز‭ ‬والحديد،‭ ‬لكن‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬الصغير‭ ‬البالغ‭ ‬2‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬فقراء‭ ‬للغاية‭. ‬لقد‭ ‬استمر‭ ‬هذا‭ ‬الاستغلال‭ ‬عقودا‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬لأنه‭ ‬ببساطة‭ ‬خدم‭ ‬مصالح‭ ‬الحكام‭ ‬المحليين‭ ‬وشركائهم‭ ‬المتعددي‭ ‬الجنسيات‭.‬

ما‭ ‬وسائل‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬شعب‭ ‬الجابون‭ ‬‭ ‬أو‭ ‬مالي،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬سحق‭ ‬المسيرات‭ ‬الحاشدة‭ ‬بالعنف‭ ‬وفرض‭ ‬الرقابة‭ ‬الصارمة‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام؟‭ ‬‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬بالطبع‭ ‬عن‭ ‬الانقلابات‭ ‬العسكرية‭.‬

ولا‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الكثيرين‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الفرنسية،‭ ‬الذين‭ ‬يهتمون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬بخسارة‭ ‬معقلهم‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬لصالح‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وغيرهما‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬يستهزئون‭ ‬بالنظرية‭ ‬القائلة‭ ‬إن‭ ‬الأفارقة‭ ‬معجبون‭ ‬بشخصية‭ ‬‮«‬الرجال‭ ‬الأقوياء‮»‬‭ ‬في‭ ‬الأنظمة‭ ‬غير‭ ‬الديمقراطية‭ ‬‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نظرية‭ ‬الرجل‭ ‬القوي‮»‬‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تجاهلها‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬فقدت‭ ‬جاذبيتها‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تطبق‭ ‬بشكلها‭ ‬القديم‭ ‬وتلميحاتها‭ ‬القبيحة‭ ‬في‭ ‬الفهم‭ ‬الغربي‭ ‬لإفريقيا‭ ‬وآسيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وليس‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬يرفض‭ ‬الأفارقة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬أي‭ ‬الديمقراطية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬المساواة‭ ‬الحقيقية،‭ ‬والتوزيع‭ ‬العادل‭ ‬للثروة،‭ ‬وتوفير‭ ‬الفرص،‭ ‬وحرية‭ ‬التعبير‭ ‬والصحافة،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬ذلك‭. ‬والتفسير‭ ‬الوحيد،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬يتم‭ ‬تقديمه‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬هو‭ ‬أنهم‭ ‬جميعا‭ ‬عانوا‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬بالضيق‭ ‬الجماعي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تعقيد‭ ‬المهمة‭ ‬النبيلة‭ ‬المفترضة‭ ‬للدول‭ ‬الغربية‭.‬

في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬فإن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬‭ ‬كما‭ ‬أظهرت‭ ‬الانقلابات‭ ‬العسكرية‭ ‬الشعبية‭ ‬الأخيرة‭ ‬‭ ‬تشعر‭ ‬بالاستياء‭ ‬الشديد‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬للأسباب‭ ‬الصحيحة‭: ‬تدخلاتها‭ ‬العسكرية،‭ ‬واستغلالها‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وتدخلاتها‭ ‬السياسية،‭ ‬والشعور‭ ‬المستمر‭ ‬بالتفوق‭.‬

نادراً‭ ‬ما‭ ‬نسمع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الآراء‭ ‬البديلة‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬نسمعها‭. ‬إن‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬المنبثق‭ ‬من‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬رغم‭ ‬صعوبة‭ ‬الوصول‭ ‬إليه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬رغبة‭ ‬جماعية‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭.‬

وقال‭ ‬إبراهيم‭ ‬تراوري،‭ ‬الرئيس‭ ‬الانتقالي‭ ‬لبوركينا‭ ‬فاسو‭: ‬‮«‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تمر‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬بالأسلحة،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قيمنا‭ ‬وسلوكنا‭ ‬وانتعاش‭ ‬اقتصادنا‮»‬‭. ‬وأعلن‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬أواخر‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الكفاح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستقلال‭ ‬التام‭ ‬قد‭ ‬بدأ‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬أعرب‭ ‬عاصمي‭ ‬غويتا،‭ ‬رئيس‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬عن‭ ‬مشاعر‭ ‬مماثلة‭ ‬عندما‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬استعادة‮»‬‭ ‬كرامة‭ ‬الأمة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬‮«‬الهيمنة‭ ‬الاستعمارية‮»‬‭. ‬ويتعين‭ ‬على‭ ‬‮«‬خبراء‮»‬‭ ‬فرنسا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى‭ ‬أن‭ ‬يعيدوا‭ ‬النظر‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬فهمهم‭ ‬لإفريقيا‭.‬

ويجب‭ ‬على‭ ‬الغربيين‭ ‬أيضًا‭ ‬تنويع‭ ‬قاموسهم‭ ‬السياسي،‭ ‬ليشمل‭ ‬‮«‬الكرامة‮»‬،‭ ‬و«القيم‮»‬،‭ ‬و«التحرير‮»‬،‭ ‬و«الاستقلال‭ ‬التام‮»‬،‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬لغة‭ ‬‮«‬وباء‭ ‬الانقلابات‮»‬‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العبارات‭ ‬المريحة‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬المصالح‭ ‬الذاتية‭ ‬قد‭ ‬فشلت‭ ‬تمامًا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا