العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تأملات في يوم المعلم العالمي

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

الخميس ٠٥ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

يحتفي‭ ‬العالم‭ ‬بيوم‭ ‬المعلم‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬يصادف‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وتأتي‭ ‬هذه‭ ‬الذكرى‭ ‬تجسيدا‭ ‬للدور‭ ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬المعلم،‭ ‬فالمعلم‭ ‬هو‭ ‬صاحب‭ ‬الفضل‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬جميعًا،‭ ‬وله‭ ‬يرجع‭ ‬فضل‭ ‬كل‭ ‬حرف‭ ‬تعلمناه،‭ ‬فلولاه‭ ‬لن‭ ‬يستمر‭ ‬العلم‭ ‬ولن‭ ‬تتقدم‭ ‬الأمم،‭ ‬ولولاه‭ ‬لما‭ ‬وصلنا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصلنا‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬وعلوم‭ ‬واكتشافات‭ ‬كان‭ ‬الأصل‭ ‬والبذرة‭ ‬المنبتة‭ ‬فيها‭ ‬المعلّم‭.‬

وقد‭ ‬حظي‭ ‬العلم‭ ‬والمعلم‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬باهتمام‭ ‬وتقدير‭ ‬مجتمع‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬الأزمان‭ ‬فالإسلام‭ ‬أولى‭ ‬العلم‭ ‬والعلماء‭ ‬عناية‭ ‬وتقدير‭ ‬كبيرين،‭ ‬وكتاب‭ ‬الله‭ ‬هذه‭ ‬المعجزة‭ ‬الربانية‭ ‬الفريدة‭ ‬جاءت‭ ‬أولى‭ ‬كلماته‭ ‬لتحث‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬وطلب‭ ‬العلم‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (‬اقرأ‭ ‬باسم‭ ‬ربك‭ ‬الذي‭ ‬خلق‭) ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬نبينا‭ ‬الكريم‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬عليه‭ ‬أفضل‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬طلب‭ ‬العلم‭ ‬فريضة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مسلم‮»‬‭.‬

والأمم‭ ‬التي‭ ‬تسعي‭ ‬إلى‭ ‬الارتقاء‭ ‬والنهوض‭ ‬بشعوبها‭ ‬اتخذت‭ ‬من‭ ‬المعلم‭ ‬وسيلة‭ ‬لها‭ ‬لتحقيق‭ ‬نهضتها‭ ‬وتطلعاتها‭ ‬،‭ ‬وذلك‭ ‬لإيمانها‭ ‬الكامل‭ ‬بأن‭ ‬المعلم‭ ‬الكفء‭ ‬هو‭ ‬البوابة‭ ‬لمستقبل‭ ‬مشرق‭ ‬بما‭ ‬يضطلع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬ريادي‭ ‬كبير،‭ ‬فالمعلم هو‭ ‬اللبنة‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬حضارات‭ ‬الأمم،‭ ‬ورسم‭ ‬ملامح‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع،‭ ‬ولذلك‭ ‬فأهمية المعلم تأتي‭ ‬كونه‭ ‬مربيا‭ ‬للأجيال،‭ ‬ومسلحهم‭ ‬بالعلم‭ ‬النافع‭ ‬والارتقاء‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الجوانب‭ ‬العلمية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والسياسية،‭ ‬وهو‭ ‬المؤشر‭ ‬الحقيقي‭ ‬لرقي‭ ‬وتقدم‭ ‬المجتمعات،‭ ‬فالتربية‭ ‬هي‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬الروافد‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬الأفراد‭ ‬وتكوينهم‭ ‬الفكري‭ ‬والثقافي‭ ‬والأخلاقي‭ ‬والوجداني،‭ ‬وهي‭ ‬الأداة‭ ‬الفعالة‭ ‬للإصلاح‭ ‬والتغيير‭ ‬والبناء،‭ ‬وتعد‭ ‬مهنة‭ ‬التعليم‭ ‬من‭ ‬أشرف‭ ‬المهن‭ ‬وأهمها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‮ ‬والمعلّم هو‭ ‬صاحب‭ ‬مهنة‭ ‬راقية‭ ‬وسامية،‭ ‬وهو‭ ‬أمل‭ ‬الأمة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬التقدم‭ ‬والتطوّر‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬جعل للمعلم‮ ‬تلك المكانة العظيمة‭ ‬بين‭ ‬الشعوب هو‭ ‬تأثيره‭ ‬المباشر‭ ‬وغير‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬وأنشطتها‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬الكبرى‭ ‬للتعليم‭ ‬بوصفه‭ ‬الركيزة‭ ‬الأساسية‭ ‬للتقدم‭ ‬والازدهار،‭ ‬ونجد‭ ‬أن‭ ‬هنالك‭ ‬بعض‭ ‬المهن‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬أصحابها‭ ‬عن‭ ‬غيرهم‭ ‬بمكانة‭ ‬اجتماعية‭ ‬عالية،‭ ‬وقد‭ ‬يعود‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المهن‭ ‬توفر‭ ‬لأصحابها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الامتيازات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬توفرها‭ ‬مهن‭ ‬أخرى؛‭ ‬كالاحترام‭ ‬والتقدير‭ ‬والتبجيل‭ ‬فقد‭ ‬يُحترم‭ ‬الغني‭ ‬بسبب‭ ‬ثروته‭ ‬فإن‭ ‬زالت‭ ‬عنه‭ ‬هذه‭ ‬الثروة‭ ‬فقد‭ ‬مكانته‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وقد‭ ‬يكتسب‭ ‬صاحب‭ ‬النفوذ‭ ‬احترام‭ ‬وتقدير‭ ‬المجتمع‭ ‬فإن‭ ‬خف‭ ‬نفوذه‭ ‬ابتعد‭ ‬الناس‭ ‬عنه،‭ ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬يخسر‭ ‬الشخص‭ ‬المتنفذ‭ ‬مكانته‭ ‬عندما‭ ‬يترك‭ ‬أو‭ ‬يجبر‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬موقعه‭ ‬الذي‭ ‬منحه‭ ‬له‭ ‬هذا‭ ‬الموقع‭ ‬أو‭ ‬الحيز،‭ ‬حيث‭ ‬تكون‭ ‬مكانته‭ ‬رفيعة‭ ‬بسبب‭ ‬الموقع‭ ‬وليس‭ ‬لشخصه‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬لقدراته،‭ ‬ومجرد‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬الشخص‭ ‬موقعه‭ ‬يُصبح‭ ‬بلا‭ ‬قيمة‭ ‬مجتمعية،‭ ‬إلا‭ ‬المعلم‭ ‬فالمعلم‭ ‬وهو‭ ‬يُمارس‭ ‬مهنته‭ ‬يُقال‭ ‬له‭ ‬‮«‬الأستاذ‮»‬‭ ‬وإن‭ ‬تقاعد‭ ‬يُقال‭ ‬له‭ ‬‮«‬المربي‭ ‬الفاضل‮»‬‭ ‬ويقرنون‭ ‬ذكر‭ ‬اسمه‭ ‬بالأستاذ‭ ‬المربي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وقت‭ ‬يُذكر‭ ‬فيها‭ ‬اسمه‭ ‬حيا‭ ‬أو‭ ‬ميتا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المعلم‭ ‬دائماً‭ ‬يكتسب‭ ‬ثقة‭ ‬الآخرين‭ ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬خاض‭ ‬منافسة‭ ‬مع‭ ‬آخرين‭ ‬تجده‭ ‬المنتصر‭ ‬فيها‭ ‬فخلال‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭ ‬رأينا‭ ‬أن‭ ‬كثيراً‭ ‬ممن‭ ‬نالوا‭ ‬ثقة‭ ‬ناخبيهم‭ ‬في‭ ‬تمثيلهم‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬تحديداً‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬المعلمين،‭ ‬كذلك‭ ‬يُلاحظ‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الخطباء‭ ‬والأدباء‭ ‬والمحدثين‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬هم‭ ‬معلمون،‭ ‬وهذا‭ ‬يدلل‭ ‬على‭ ‬المكانة‭ ‬الرفيعة‭ ‬والتقدير‭ ‬المجتمعي‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬المعلم‭.‬

أثبت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬الحديثة‭ ‬وجود‭ ‬علاقة‭ ‬ارتباطية‭ ‬وثيقة‭ ‬بين‭ ‬المكانة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للمعلم‭ ‬والتحصيل‭ ‬العلمي‭ ‬للطلاب‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬ارتفعت‭ ‬المكانة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للمعلم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع،‭ ‬ارتفع‭ ‬معها‭ ‬التحصيل‭ ‬العلمي‭ ‬للطلاب،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭: ‬إن‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬المكانة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للمعلم‭ ‬لا‭ ‬يعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬المعلم‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬بصورة‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا