العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

من يحمي أطفال فلسطين من بطش إسرائيل؟

بقلم: د. رمزي بارود

الثلاثاء ١٠ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

تقتل‭ ‬إسرائيل‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬كمسألة‭ ‬سياسية‭. ‬من‭ ‬السهل‭ ‬إثبات‭ ‬هذا‭ ‬الادعاء‭ ‬ودعمه‭ ‬بأحدث‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬إليها‭ ‬تقرير‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‭.‬

السؤال‭ ‬هو‭: ‬لماذا؟

عندما‭ ‬تطلق‭ ‬الشرطة‭ ‬أو‭ ‬الجيش‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬طفل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬أمر‭ ‬مأساوي‭ ‬تماما،‭ ‬فمن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬نقول،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬النظرية،‭ ‬إن‭ ‬القتل‭ ‬كان‭ ‬خطأ‭ ‬مؤسفا‭.‬

ولكن‭ ‬عندما‭ ‬يقتل‭ ‬ويجرح‭ ‬آلاف‭ ‬الأطفال‭ ‬بطريقة‭ ‬منظمة‭ ‬و«روتينية‮»‬‭ ‬وقابلة‭ ‬للمقارنة‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬قصيرة‭ ‬نسبيا،‭ ‬فإن‭ ‬قتل‭ ‬الأطفال‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أمرا‭ ‬متعمدا‭.‬

في‭ ‬تقرير‭ ‬صدر‭ ‬مؤخراً‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الضفة‭ ‬الغربية‭: ‬ارتفاع‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬للأطفال‭ ‬الفلسطينيين‮»‬،‭ ‬توصلت‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬قوية‭ ‬استناداً‭ ‬إلى‭ ‬فحص‭ ‬شامل‭ ‬للبيانات‭ ‬الطبية،‭ ‬وشهادات‭ ‬شهود‭ ‬العيان،‭ ‬ولقطات‭ ‬الفيديو،‭ ‬والبحث‭ ‬الميداني‭ ‬‭ ‬ويتعلق‭ ‬الأخير‭ ‬بأربع‭ ‬حالات‭ ‬محددة‭. ‬

تركز‭ ‬إحدى‭ ‬الحالات‭ ‬الأربع‭ ‬على‭ ‬محمود‭ ‬السعدي‭ ‬وهو‭ ‬فتى‭ ‬فلسطيني‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬17‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬مخيم‭ ‬جنين‭ ‬للاجئين‭. ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬استشهد‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬320‭ ‬متراً‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬اشتباكات‭ ‬كانت‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬المخيم‭ ‬بين‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ومقاتلي‭ ‬جنين‭.‬

كان‭ ‬محمود‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬ولم‭ ‬يحمل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الجنود،‭ ‬تهديدًا‭ ‬أو‭ ‬مريبًا‭.‬

تعد‭ ‬قصة‭ ‬فتى‭ ‬جنين‭ ‬نموذجية،‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬تتكرر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وأحياناً‭ ‬يومياً‭. ‬والنتيجة‭ ‬المتوقعة،‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش،‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬هذه‭ ‬لا‭ ‬تتبعها‭ ‬‮«‬عمليا‭ ‬أي‭ ‬إمكانية‭ ‬للمساءلة‮»‬‭.‬

اعتباراً‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬22‭ ‬أغسطس‭ ‬2023،‭ ‬قُتل‭ ‬34‭ ‬طفلاً‭ ‬فلسطينياً‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬ما‭ ‬أضاف‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأرقام‭ ‬المأساوية‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬ينذر‭ ‬بالخطر،‭ ‬والذي‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الأكثر‭ ‬عنفاً‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2005‭.‬

أفاد‭ ‬تور‭ ‬وينيسلاند،‭ ‬منسق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الخاص‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬خلال‭ ‬إحاطة‭ ‬إعلامية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬أغسطس‭ ‬2023،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬‮«‬يتجاوز‭ ‬بالفعل‭ ‬الأرقام‭ ‬السنوية‭ ‬لعام‭ ‬2022،‭ ‬وهو‭ ‬أعلى‭ ‬رقم‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2005‮»‬‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭.‬

وهذه‭ ‬الأرقام،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬عوامل‭ ‬أخرى‭ ‬‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬توسيع‭ ‬المستوطنات‭ ‬اليهودية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬‭ ‬‮«‬تهدد‭ ‬بتفاقم‭ ‬محنة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الأكثر‭ ‬ضعفاً‮»‬،‭ ‬وفقاً‭ ‬لوينسلاند‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هؤلاء‭ ‬‮«‬الفلسطينيين‭ ‬الأكثر‭ ‬ضعفاً‭ ‬وهشاشة‮»‬‭ ‬موجودون‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬الأرقام‭. ‬عندما‭ ‬قتل‭ ‬الجنود‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬الطفل‭ ‬محمد‭ ‬التميمي‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬عامين‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬يونيو،‭ ‬أضيف‭ ‬اسم‭ ‬الطفل‭ ‬الصغير‭ ‬إلى‭ ‬قائمة‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬تتزايد‭ ‬باستمرار‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬ذكرى‭ ‬الرضيع،‭ ‬مثل‭ ‬ذاكرة‭ ‬جميع‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الآخرين،‭ ‬محفورة‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬الجماعي‭ ‬لجميع‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬إنه‭ ‬يعمق‭ ‬آلامهم،‭ ‬لكنه‭ ‬يدفعهم‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬النضال‭ ‬والمقاومة‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬فإن‭ ‬قتل‭ ‬أطفالهم‭ ‬ليس‭ ‬عملاً‭ ‬عشوائيًا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬جيش‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الانضباط‭ ‬ولا‭ ‬يخشى‭ ‬أي‭ ‬عواقب‭. ‬ويدرك‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭ ‬هي‭ ‬عنصر‭ ‬جوهري‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الأكبر‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ولا‭ ‬تعلن‭ ‬إسرائيل‭ ‬رسميا‭ ‬أنها‭ ‬تستهدف‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬عمدًا‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬يمثل‭ ‬كارثة‭ ‬علاقات‭ ‬عامة‭. ‬لكن‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬تخلوا‭ ‬عن‭ ‬حذرهم،‭ ‬وقدموا‭ ‬منطقاً‭ ‬غريباً‭ ‬ومثيراً‭ ‬للقلق‭.‬

كتبت‭ ‬السياسية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أييليت‭ ‬شاكيد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬إن‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬هم‭ ‬‮«‬ثعابين‭ ‬صغيرة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬منشور‭ ‬على‭ ‬فيسبوك،‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست،‭ ‬أعلنت‭ ‬شاكيد‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ودعت‭ ‬إلى‭ ‬قتل‭ ‬‮«‬أمهات‭ ‬الشهداء‭ (‬الفلسطينيين‭)‬‮»‬‭. ‬

وكتبت‭: ‬‮«‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يلحقوا‭ ‬بأبنائهم،‭ ‬فلا‭ ‬شيء‭ ‬أكثر‭ ‬عدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‮»‬‭. ‬وبعد‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة،‭ ‬أصبحت‭ ‬شاكيد،‭ ‬ومن‭ ‬المفارقات،‭ ‬وزيرة‭ ‬العدل‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬كل‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬صريحون‭ ‬بشأن‭ ‬قتل‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وربما‭ ‬أمهاتهم‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬جمعتها‭ ‬جماعات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الدولية‭ ‬لا‭ ‬تترك‭ ‬مجالاً‭ ‬للشك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬طبيعة‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬استراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬ينشرها‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

‮«‬في‭ ‬جميع‭ ‬الحالات‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬فيها‭ ‬منظمة‭ ‬هيومن‭ ‬رايتس‭ ‬ووتش‭ ‬مؤخراً،‭ ‬‮«‬أطلقت‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬الجزء‭ ‬العلوي‭ ‬من‭ ‬أجسام‭ ‬الأطفال‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬ذلك‭ ‬دون‭ ‬‮«‬إصدار‭ ‬تحذيرات‭ ‬أو‭ ‬استخدام‭ ‬إجراءات‭ ‬شائعة‭ ‬أقل‭ ‬فتكاً‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬وجه‭ ‬التحديد،‭ ‬فإن‭ ‬قتل‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬هو‭ ‬استراتيجية‭ ‬عسكرية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬مركزية‭ ‬ومتعمدة‭.‬

والمنطق‭ ‬نفسه،‭ ‬المطبق‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬تم‭ ‬استخدامه‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬المحاصر‭. ‬وأظهرت‭ ‬أرقام‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬2008‭ ‬و2009،‭ ‬قُتل‭ ‬333‭ ‬طفلاً‭ ‬فلسطينياً‭ ‬‭ ‬وتشير‭ ‬تقديرات‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬410؛‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬قتل‭ ‬47‭ ‬طفلاً؛‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬ارتفع‭ ‬العدد‭ ‬إلى‭ ‬578؛‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬66؛‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬قتل‭ ‬17‭ ‬طفلا‭ ‬وهكذا‭.‬

بين‭ ‬عامي‭ ‬2018‭ ‬و2020،‭ ‬قُتل‭ ‬59‭ ‬طفلاً‭ ‬فلسطينيًا‭ ‬فيما‭ ‬عُرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬مسيرة‭ ‬العودة‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬احتجاجات‭ ‬حاشدة‭ ‬جرت‭ ‬عند‭ ‬السياج‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وغزة‭ ‬المحاصرة‭. ‬قُتل‭ ‬جميع‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬مسافة‭ ‬بعيدة‭ ‬برصاص‭ ‬القناصة‭ ‬الإسرائيليين‭.‬

وعندما‭ ‬يتم‭ ‬إحصاء‭ ‬أعداد‭ ‬القتلى‭ ‬والجرحى‭ ‬من‭ ‬الأطفال،‭ ‬يتم‭ ‬إحصاؤهم‭ ‬بالآلاف‭ ‬‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد،‭ ‬8700‭ ‬طفل‭ ‬فلسطيني‭ ‬ضحية‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2015‭ ‬و2022،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقارير‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

وحتى‭ ‬منطق‭ ‬‮«‬الأضرار‭ ‬الجانبية‮»‬‭ ‬القاسي‭ ‬والمهين‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يبرر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مقصودة‭ ‬وطويلة‭ ‬ومستمرة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬محاسبة‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭ ‬عسكري‭ ‬أو‭ ‬حكومي‭ ‬إسرائيلي‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬دولية‭.‬

وحتى‭ ‬‮«‬قائمة‭ ‬العار‭ ‬لقتل‭ ‬الأطفال‮»‬‭ ‬التي‭ ‬وضعتها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لم‭ ‬تصنف‭ ‬إسرائيل‭ ‬قط،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬تعرضت‭ ‬‮«‬للانتقاد‭ ‬والتشهير‮»‬‭ ‬بسبب‭ ‬جرائم‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬ضد‭ ‬الأطفال‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬قتل‭ ‬الأطفال‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬‭ ‬بحسب‭ ‬المنطق‭ ‬الملتوي‭ ‬لأمثال‭ ‬شاكيد‭ ‬‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬أمر‭ ‬وظيفي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬أي‭ ‬مساءلة،‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬أي‭ ‬سبب‭ ‬أو‭ ‬إلحاح‭ ‬لإنهاء‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ومع‭ ‬التخفيف‭ ‬المستمر‭ ‬لقواعد‭ ‬الاشتباك‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولغة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬المرعبة‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬وزراء‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬وقاعدتهم‭ ‬الانتخابية‭ ‬الضخمة،‭ ‬فمن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬حياتهم‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يستطيع‭ ‬مسؤولو‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وجماعات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬إحصاء‭ ‬أرقام‭ ‬الضحايا‭ ‬المثيرة‭ ‬للقلق‭. ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المؤسف‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لثني‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬قتل‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

والمشكلة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لا‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬العنف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬وأيضاً‭ ‬في‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬الإرادة‭ ‬الدولية‭ ‬لمحاسبة‭ ‬إسرائيل‭. ‬فالمساءلة‭ ‬تتطلب‭ ‬الوحدة‭ ‬وحسم‭ ‬الإرادة‭ ‬والعمل‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬أولوية‭ ‬لجميع‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬تهتم‭ ‬حقًا‭ ‬بالفلسطينيين‭ ‬وبحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬العالمية‭.‬

ومن‭ ‬دون‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي،‭ ‬سيستمر‭ ‬الأطفال‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬الموت‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬وبأشد‭ ‬الطرق‭ ‬وحشية،‭ ‬وهي‭ ‬مأساة‭ ‬ستظل‭ ‬تؤلمنا‭ ‬‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬ستجلب‭ ‬العار‭ ‬علينا‭ ‬جميعا‭.‬

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا