العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

رسائل بوتين إلى الغرب في خطاب «فلداي»

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ١٣ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬كلمة‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬خلال‭ ‬اليوم‭ ‬الختامي‭ ‬لمنتدى‭ ‬‮«‬فلداي‮»‬‭ ‬في‭ ‬نسخته‭ ‬العشرين‭ ‬بمدينة‭ ‬سوجي‭ ‬الروسية‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬اتخذ‭ ‬طابعا‭ ‬هجوميا‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬عامة‭ ‬وعلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬خاصة‭ ‬حيث‭ ‬شن‭ ‬هجوما‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬حدته‭ ‬ووضوحه‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬خاصة‭ ‬وعلى‭ ‬الغرب‭ ‬عامة‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭ ‬مهمة‭ ‬لهذه‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعاني‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬التي‭ ‬تنبأ‭ ‬بمسارات‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والمواجهة‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬ودول‭ ‬الناتو‭ ‬وخلاصات‭ ‬توصل‭ ‬إليها‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المواجهة‭ ‬التي‭ ‬مضى‭ ‬عليها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬ونصف‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬و‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬‮«‬2014‮»‬‭:‬

أولا‭: ‬التأكد‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تهزم‭ ‬هزيمة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لأنها‭ ‬تمتلك‭ ‬القوة‭ ‬والإرادة‭ ‬والاجماع‭ ‬الوطني‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التخطيط‭ ‬وإدارة‭ ‬الحرب‭ ‬بأشكالها‭ ‬المختلفة‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الغرب‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬لمجرد‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الحرب‭ ‬وإضعاف‭ ‬روسيا‭ ‬وفقا‭ ‬لنظرياته‭ ‬وتوقعاته‭ ‬الخائبة،‭ ‬وبيَّن‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬أن‭ ‬الواهمين‭ ‬فقط‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬بإمكانهم‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بروسيا‭ ‬وجيشها‭ ‬الجبار‭ ‬والأخطر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬تحديدا‭ ‬قد‭ ‬أوضح‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬هزيمة‭ ‬أوكرانيا‭ ‬حتمية‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬يبقيها‭ ‬تحارب‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬الضغوط‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬والنظام‭ ‬الفاشي‭ ‬في‭ ‬كييف‭ ‬بالدرجة‭ ‬الثانية‭ ‬واللذين‭ ‬لا‭ ‬يهمهما‭ ‬أبدا‭ ‬مصير‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ولا‭ ‬مصير‭ ‬شعب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬حوالي‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬مقاتل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬غير‭ ‬المتكافئة‭.‬

ثانيا‭: ‬مهاجمة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وسياستها‭ ‬الاستعلائية‭ ‬والعدوانية‭ ‬واعتبارها‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬الأوضاع‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬صراعات‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تغذيها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬بالسؤال‭ ‬من‭ ‬أنتم؟‭ ‬وأي‭ ‬حق‭ ‬تمتلكون‭ ‬لتحذيرنا‭ ‬وتهديدنا‭ ‬مشيرا‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لتتخلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغرب‭ ‬عن‭ ‬نهج‭ ‬الغطرسة‭ ‬والاستغلال‭ ‬لدول‭ ‬العالم‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬باستخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬الخلافات‭ ‬والمنازعات‭ ‬الدولية‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬تحديدا‭ ‬أوضح‭ ‬بوتين‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬تسعى‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬تغير‭ ‬صورة‭ ‬العالم‭ ‬الحالية‭ ‬المختلفة‭ ‬والقائمة‭ ‬على‭ ‬الأحادية‭ ‬القطبية‭ ‬فالعالم‭ ‬اليوم‭ ‬أصبح‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا‭ ‬وقوة‭ ‬وتنوعا‭ ‬بحيث‭ ‬يستحيل‭ ‬أن‭ ‬تتغير‭ ‬وأن‭ ‬الأسلوب‭ ‬الحالي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬‮«‬الروسوفوبيا‮»‬‭ ‬وشيطنة‭ ‬الصين‭ ‬ومعاداة‭ ‬المسلمين‭ ‬واحتقارهم‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬مقدساتهم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجلب‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬للعالم‭ ‬وإن‭ ‬محاولة‭ ‬خلق‭ ‬هذا‭ ‬العدو‭ ‬الوهمي‭ ‬قد‭ ‬انكشفت‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬يصدقها‭ ‬وإن‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬تؤمن‭ ‬إيمانا‭ ‬قاطعا‭ ‬بضرورة‭ ‬وجود‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬روسيا‭ ‬تتبنى‭ ‬سياسة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬إشراك‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬تؤمن‭ ‬بالتعاون‭ ‬الدولي‭ ‬والسلام‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬الجميع‭ ‬شركاء‭ ‬بعكس‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬الغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬عبيد‭ ‬وها‭ ‬هو‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬يرد‭ ‬على‭ ‬تهديدات‭ ‬الغرب‭ ‬ويرفض‭ ‬هذه‭ ‬الهيمنة‭ ‬وإن‭ ‬روسيا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬قوتها‭ ‬وكونها‭ ‬دولة‭ ‬عظمى‭ ‬فإنها‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬معاملة‭ ‬الشركاء‭.‬

ثالثا‭: ‬لعل‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬كلمة‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬باستعداد‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬لاستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬عندما‭ ‬تشعر‭ ‬بأي‭ ‬تهديد‭ ‬حقيقي‭ ‬لأمنها‭ ‬ووحدة‭ ‬أراضيها‭ ‬وإنها‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬النووية‭ ‬العابرة‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬وهذا‭ ‬تصريح‭ ‬واضح‭ ‬وخطير‭ ‬يعني‭ ‬به‭ ‬تحديدا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغرب‭ ‬بأن‭ ‬الإمعان‭ ‬في‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬ومحاولة‭ ‬إلحاق‭ ‬هزيمة‭ ‬استراتيجية‭ ‬بها‭ ‬سوف‭ ‬يؤدي‭ ‬بالضرورة‭ ‬إلى‭ ‬اضطرار‭ ‬روسيا‭ ‬لاستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬ضد‭ ‬المعتدين‭.‬

لقد‭ ‬تضمنت‭ ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والنقدية‭ ‬ولكنها‭ ‬قضايا‭ ‬متكررة‭ ‬سبق‭ ‬للرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬المنتديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ولعل‭ ‬أهم‭ ‬نقطة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬قد‭ ‬خسر‭ ‬المعركة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬حيث‭ ‬ظن‭ ‬أنه‭ ‬سيدمر‭ ‬الاقتصاد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬آلاف‭ ‬العقوبات‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الاقتصاد‭ ‬استطاع‭ ‬الصمود‭ ‬والنمو‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا