العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إسرائيل بين إنهاء الاحتلال وتفكك الدولة

بقلم: رجب أبو سرية

الجمعة ١٣ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

مرت‭ ‬ستة‭ ‬أيام‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬صدمة،‭ ‬بالكاد‭ ‬ردت‭ ‬حكومتها‭ ‬بإعلان‭ ‬الحرب‭ ‬والقصف‭ ‬الهمجي‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تواصل‭ ‬فيه‭ ‬إحصاء‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية،‭ ‬وتواصل‭ ‬حصد‭ ‬أرواح‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬الضفة،‭ ‬بتدمير‭ ‬الأبراج‭ ‬السكنية،‭ ‬والإغارة‭ ‬على‭ ‬المنازل‭ ‬المدنية‭ ‬بطائراتها‭ ‬الحربية،‭ ‬وارتكاب‭ ‬المجازر‭ ‬كما‭ ‬وقع‭ ‬مع‭ ‬عائلات‭ ‬شبات‭ ‬وشملخ‭ ‬وحرارة،‭ ‬فيما‭ ‬يواصل‭ ‬إعلامها‭ ‬التعبير‭ ‬برد‭ ‬الفعل‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالقول‭ ‬إنها‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مسبوقة‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬إنها‭ ‬الأعنف‭ ‬منذ‭ ‬خمسين‭ ‬سنة‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬كيفية‭ ‬وقوع‭ ‬العملية‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬بالتذكير‭ ‬بما‭ ‬وقعت‭ ‬فيه‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬غفلة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الغفران‭ ‬عام‭ ‬73،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬ظهر‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬فشل‭ ‬أمني،‭ ‬عسكري‭ ‬واستخباراتي‭.‬

محلل‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬القناة‭ ‬13‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬آري‭ ‬شافيط،‭ ‬وصف‭ ‬ما‭ ‬وقع‭ ‬بأنه‭ ‬كارثة‭ ‬قومية،‭ ‬وبأنه‭ ‬اليوم‭ ‬الأصعب‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬الدولة،‭ ‬أما‭ ‬المعلق‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬مكور‭ ‬ريشون‮»‬‭ ‬نوعم‭ ‬أمير‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬كانت‭ ‬حتى‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬الماضي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬القوى‭ ‬الاستخبارية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى،‭ ‬كانت‭ ‬بسبب‭ ‬الغفلة‭ ‬الأمنية‭ ‬والفشل‭ ‬الاستخباراتي،‭ ‬وبالطبع‭ ‬قارن‭ ‬المعلق،‭ ‬كما‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬الإعلاميين‭ ‬والمحللين‭ ‬السياسيين،‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بما‭ ‬سبق‭ ‬وحدث‭ ‬قبل‭ ‬خمسين‭ ‬عاماً،‭ ‬أي‭ ‬يوم‭ ‬‮«‬كيبور‮»‬‭ ‬أو‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬73‭ ‬حين‭ ‬باغت‭ ‬المصريون‭ ‬والسوريون‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بتلك‭ ‬الحرب‭ ‬وأوقعوا‭ ‬به‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬الكبيرة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الهزيمة‭ ‬العسكرية‭.‬

بتقديرنا،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬وكل‭ ‬القراءات‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬العسكري،‭ ‬هي‭ ‬صحيحة،‭ ‬فهي‭ ‬حقائق،‭ ‬نظراً‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬ألحقت‭ ‬بإسرائيل‭ ‬خسائر‭ ‬بشرية‭ ‬لم‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬صفوفها‭ ‬خلال‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭ ‬السابقة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬خالفت‭ ‬ما‭ ‬اعتادت‭ ‬عليه‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬الإمساك‭ ‬بزمام‭ ‬المبادرة‭ ‬العسكرية،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬دائماً‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تطلق‭ ‬الحرب،‭ ‬وتحدد‭ ‬توقيتها‭ ‬وبالتالي‭ ‬زمانها‭ ‬ومكانها،‭ ‬حتى‭ ‬تربحها،‭ ‬والأهم‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬بذلك‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬الخصم،‭ ‬أما‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬فإن‭ ‬حماس‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬بادرت،‭ ‬بعد‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬أوهمت‭ ‬فيه‭ ‬إسرائيل‭ - ‬ربما‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬أنور‭ ‬السادات‭ ‬‭ ‬بأنها‭ ‬قد‭ ‬حيدت‭ ‬جبهة‭ ‬غزة،‭ ‬وأنها‭ ‬نقلت‭ ‬ميدان‭ ‬المواجهة‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬فقط‭.‬

باختصار‭ ‬التفسيرات‭ ‬كثيرة‭ ‬ويطول‭ ‬شرحها،‭ ‬لكن‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تفسير‭ ‬تساؤل‭ ‬واحد،‭ ‬أو‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬وحيد،‭ ‬وهو‭ ‬لماذا‭ ‬غفلت‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وليس‭ ‬كيف‭ ‬غفلت،‭ ‬وهل‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬تكتيكي،‭ ‬تقني،‭ ‬استخباراتي،‭ ‬ينحصر‭ ‬في‭ ‬عنصر‭ ‬المباغتة‭ ‬والمفاجأة‭ ‬فقط؟

لقد‭ ‬قالت‭ ‬إسرائيل‭ ‬هذا‭ ‬عندما‭ ‬فاجأتها‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬73،‭ ‬وحين‭ ‬فوجئت‭ ‬بانتفاضة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬عام‭ ‬1987،‭ ‬وما‭ ‬قبلهما‭ ‬حين‭ ‬فوجئت‭ ‬ببسالة‭ ‬الفدائيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬معركة‭ ‬الكرامة‭ ‬في‭ ‬21‭/‬3‭/‬1968،‭ ‬أي‭ ‬إنها‭ ‬تقدم‭ ‬هذا‭ ‬المبرر‭ ‬حين‭ ‬تخسر‭ ‬الحرب،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬الكرامة‭ ‬كانت‭ ‬بمبادرة‭ ‬من‭ ‬موشيه‭ ‬ديان‭ ‬وزير‭ ‬جيشها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬وكانت‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬العربية،‭ ‬أي‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬حقلها‭ ‬الخاص،‭ ‬وكان‭ ‬في‭ ‬غفلة،‭ ‬أو‭ ‬حلم‭ ‬صحو،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يظن‭ ‬بأنه‭ ‬ذاهب‭ ‬في‭ ‬نزهة،‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬اصطحب‭ ‬معه‭ ‬المصورين‭ ‬والإعلاميين،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬يصور‭ ‬فيلماً‭ ‬سينمائياً؟‭!‬

لقد‭ ‬أظهرت‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬جوانب‭ ‬عسكرية‭ ‬عديدة،‭ ‬وهي‭ ‬بكل‭ ‬المعاني‭ ‬لحظة‭ ‬فاصلة،‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬وصفها‭ ‬به،‭ ‬بأنها‭ ‬كانت‭ ‬ضربة‭ ‬قاسية‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فهل‭ ‬تكفي‭ ‬تلك‭ ‬الضربة‭ ‬لتصحو‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬غفلتها‭ ‬الأزلية،‭ ‬المتمثلة‭ ‬بمواصلة‭ ‬التقدير‭ ‬بأنه‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تحتفظ‭ ‬بالأرض‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعربية‭ ‬المحتلة،‭ ‬ومواصلة‭ ‬الطموح‭ ‬بدولة‭ ‬عظمى‭ ‬إقليمياً،‭ ‬باحتلال‭ ‬أراضٍ‭ ‬أخرى،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بالتوسع‭ ‬بالنفوذ‭ ‬والسيطرة،‭ ‬وذلك‭ ‬بتفريغ‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬عوامل‭ ‬القوة‭ ‬الذاتية،‭ ‬العسكرية‭ ‬أولاً،‭ ‬وهذا‭ ‬واضح‭ ‬تماماً،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رفضها‭ ‬الاستخدام‭ ‬المدني‭ ‬للطاقة‭ ‬النووية‭ ‬لكل‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬السعودية،‭ ‬ومصر‭ ‬وتركيا‭ ‬بالطبع،‭ ‬وليس‭ ‬إيران‭ ‬فقط،‭ ‬ثم‭ ‬الاقتصادية‭ ‬ثانياً،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬قطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة،‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬تعافي‭ ‬الدولة‭ ‬السورية،‭ ‬كذلك‭ ‬تدمير‭ ‬اقتصاد‭ ‬لبنان‭.‬

إن‭ ‬جبروت‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية،‭ ‬وإسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬نشأتها‭ ‬وهي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬العامل،‭ ‬بسبب‭ ‬من‭ ‬حماية‭ ‬الغرب‭ ‬الإمبريالي،‭ ‬والاستعماري‭ ‬من‭ ‬قبله‭ ‬لها،‭ ‬ولم‭ ‬تفكر‭ ‬يوماً‭ ‬بالعيش‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وفق‭ ‬منطق‭ ‬حسن‭ ‬الجوار،‭ ‬وحقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الاستعمارية‭ ‬تفكر‭ ‬هكذا،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬قادة‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬يجدون‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬ما‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬غفلة،‭ ‬وكأنهم‭ ‬كانوا‭ ‬يعيشون‭ ‬‮«‬أحلام‭ ‬اليقظة‮»‬،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬احتل‭ ‬أدولف‭ ‬هتلر‭ ‬فرنسا،‭ ‬وحاصر‭ ‬بريطانيا،‭ ‬واحتل‭ ‬كل‭ ‬شرق‭ ‬أوروبا،‭ ‬واصل‭ ‬زحفه‭ ‬إلى‭ ‬روسيا،‭ ‬ظاناً‭ ‬أنه‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يحتل‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬وأن‭ ‬يحكم‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬بالقوة‭ ‬العسكرية،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬هزم‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬في‭ ‬روسيا،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬الروس‭ ‬خسروا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬ضحية،‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40%‭ ‬من‭ ‬مجمل‭ ‬ما‭ ‬خسره‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬أرواح،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬كنس‭ ‬الاحتلال‭ ‬الألماني‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬روسيا‭ ‬ومن‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية‭ ‬وفتح‭ ‬الباب‭ ‬واسعاً‭ ‬لانهيار‭ ‬النازية‭ ‬ودخول‭ ‬برلين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوات‭ ‬السوفيتية‭ ‬وقوات‭ ‬الحلفاء‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬كان‭ ‬اسمها‭ ‬مكتوباً‭ ‬على‭ ‬الجدار‭ ‬السياسي،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها‭ ‬ومنذ‭ ‬نحو‭ ‬العامين‭ ‬وهي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬تآكل‭ ‬قوتها‭ ‬في‭ ‬الردع‭ ‬الأمني،‭ ‬ورغم‭ ‬تقديراتها‭ ‬بأنها‭ ‬تواجه‭ ‬خمس‭ ‬جبهات‭ ‬مختلفة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ظلت‭ ‬تعتقد‭ ‬بأن‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬بيدها،‭ ‬وأنها‭ ‬مطلقة‭ ‬السراح‭ ‬وتتمتع‭ ‬بحرية‭ ‬الحركة،‭ ‬وأن‭ ‬عدوها‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬قابعاً‭ ‬جوار‭ ‬الحائط‭ ‬يتلقى‭ ‬الضربات‭ ‬بصمت،‭ ‬ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬إسرائيل‭ ‬يوماً‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬القتل‭ ‬الرسمي‭ ‬والإرهابي‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

احتلال‭ ‬إسرائيلي‭ ‬متواصل‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬75‭ ‬سنة،‭ ‬وقتل‭ ‬يومي‭ ‬واضطهاد‭ ‬مريع‭ ‬لشعب‭ ‬محتل،‭ ‬وحتى‭ ‬أن‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأخير‭ ‬الذي‭ ‬سبق‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬كان‭ ‬استفزازياً‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬اقتحامات‭ ‬الأقصى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المستوطنين،‭ ‬وصحيح‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬حماس‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬لحظياً‭ ‬أو‭ ‬تلقائياً،‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الاقتحامات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مرجل‭ ‬الغضب‭ ‬يغلي‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬وإسرائيل‭ ‬تعمدت‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬غافلة‭ ‬عن‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬يجنبها‭ ‬ويجنب‭ ‬جيرانها‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬الدموي،‭ ‬ونعني‭ ‬به‭ ‬طريق‭ ‬السلام،‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬بوابة‭ ‬وحيدة‭ ‬إجبارية‭ ‬هي‭ ‬بوابة‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬إسرائيل‭ ‬بحسن‭ ‬جوار‭ ‬دون‭ ‬تطلعات‭ ‬توسعية‭ ‬أو‭ ‬بأحلام‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭.‬

وصحيح‭ ‬أن‭ ‬خسائر‭ ‬إسرائيل‭ ‬بلغت‭ ‬أعداداً‭ ‬كبيرة‭: ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1000‭ ‬قتيل،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2500‭ ‬جريح،‭ ‬نحو‭ ‬مائتي‭ ‬أسير‭ ‬حرب،‭ ‬لكن‭ ‬بالمقابل،‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تعلن‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حرب،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تشنها‭ ‬بعد،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬نتنياهو‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تواصل‭ ‬عملية‭ ‬استعادة‭ ‬المواقع‭ ‬الحدودية‭ ‬التي‭ ‬اقتحمتها‭ ‬المقاومة،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الرد‭ ‬العسكري،‭ ‬الذي‭ ‬توعد‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬يدمر‭ ‬قوتَي‭ ‬حماس‭ ‬والجهاد‭ ‬العسكريتين،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬أوقعت‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1100‭ ‬شهيد‭ ‬وما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ‭ ‬3500‭ ‬جريح،‭ ‬ودمرت‭ ‬أبراجاً‭ ‬سكينة‭ ‬بالكامل،‭ ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬الضحايا‭ ‬عائلات‭ ‬بكاملها‭.‬

وهنا‭ ‬تظهر‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬الغربية‭ ‬بالتحديد‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬والمستشار‭ ‬الألماني،‭ ‬جذرها‭ ‬العنصري،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تساوي‭ ‬بين‭ ‬أرواح‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والإسرائيليين،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الضحايا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬جلهم‭ ‬مدنيون‭ ‬وكثير‭ ‬منهم‭ ‬أطفال،‭ ‬وهم‭ ‬يموتون‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬جيش‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬الرسمي،‭ ‬وهكذا‭ ‬تظل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غفلة‭ ‬جبروت‭ ‬القوة،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الاحتلال،‭ ‬أسيرة‭ ‬حسابات‭ ‬أمريكية‭ ‬انتخابية،‭ ‬وجذراً‭ ‬سياسياً‭ ‬عنصرياً،‭ ‬وأسيرة‭ ‬تطرف‭ ‬داخلي،‭ ‬وقوة‭ ‬فصل‭ ‬عنصري،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بالاحتلال‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تغامر‭ ‬بمصير‭ ‬الدولة،‭ ‬وها‭ ‬هو‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬يصل‭ ‬لأنف‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬تظاهرات‭ ‬‮«‬كابلان‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬خيار‭ ‬أمامها‭: ‬فإما‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وإما‭ ‬تفكك‭ ‬وربما‭ ‬زوال‭ ‬الدولة‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا