أضحى القطاع السياحي أحد العوامل الرئيسية التي تدعم عملية النمو الاقتصادي، فقد أصبحت السياحة خيارا اقتصاديا واجتماعيا مهما تراهن عليه الشعوب وتتسابق في مضماره جميع دول العالم، والسياحة عبارة عن صناعة تنموية كبرى تسهم في تقدم وازدهار الأمم، وتنقل صورة حضارية ملهمة تطبعها المجتمعات والشعوب المتطورة في ذاكرة العالم، ويأتي تنامي الوعي لدى عديد من صناع القرار حول العالم بأهمية هذا القطاع إدراكا بأهميته على مستوى الفرد والمؤسسة والدولة، فالسياحة تلعب دوراً بارزاً ومهماً في دعم الترويج للبلد الذي بدوره يشجع على استقطاب وجذب استثمارات خارجية، ما يؤدي إلى نماء الناتج القومي وهذا بدوره يحقق للسكان مستوى مقبولا من جودة الحياة بما يحققه من تدفقات مالية وخلق عديد من فرص العمل، ويُسهم كذلك في بناء الاقتصاد الوطني المستدام.
وتزداد أهمية السياحة ويتعاظم دورها التنموي والاستراتيجي اذا ما وضعت لها استراتيجية طويلة المدى يُصاحبها تطوير للتشريعات والقوانين وتنمية مستمرة للبنى التحتية والمرافق الخدمية وتوفير البيئة السياحية الملائمة للنهوض بهذا القطاع الفعال، الدول التي تتخاذل في التشديد على حماية القطاع السياحي والتي تتكرر فيها ظاهرة الاعتداءات غير المبررة على السياح بلا شك سوف تدفع كثير من السياح إلى إعادة النظر في عدم الذهاب إليها مجدداً، وهنا نؤكد أهمية غرس الإيمان الحقيقي بقيمة وأهمية القطاع السياحي لكل فئات المجتمع المدنية والرسمية، فالسلوك المهذب الواعي في التعامل مع السائح أصبح أحد أهم مقومات نجاح السياحة أو فشلها، الخلافات الحزبية والصراعات السياسية بين مكونات المجتمع، والأحقاد التاريخية وتعظيم النزعة القومية العنصرية يجب ألا تؤثر في قطاعي السياحة والاقتصاد والواجب الوطني يفرض علينا تحييد المصلحة الوطنية عن أي خلافات، فالسائح يأتي بعملة صعبة للبلد يستفيد منها آلاف ممن يرتبط عملهم بهذا القطاع الحيوي، لن تنجح السياحة وتحقق أهدافها إلا بوجود عقلية وسلوك مجتمعي منفتح ينعكس في تعامل الفرد ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص وأفراد المجتمع بجميع مكوناته وشرائحه وفئاته على السائح، كالمرونة في التعامل والتسامح والتفهم وقبول الآخر بثقافته وعاداته وتقاليده والكثير من القيم والمبادئ والأخلاقيات التي تعظم أهمية دعم هذا القطاع كقوة داعمة ومنعشة للاقتصاد الوطني الذي بدوه ينعكس بشكل مباشر على المجتمع بأفراده وشرائحه المختلفة، وهذا التوجه من الإصلاحات التي تتبناها الحكومات ضمن مساعيها لتعدد وتنوع مصادر الدخل كبديل عن النفط.
السائح أثناء وجوده في بلد ما فهو يتعامل بشكل مباشر مع عديد من مزودي الخدمة، بدءا من مضيفة الطيران، ثم موظفي الجوازات وهؤلاء عليهم واجب وطني كبير في إعطاء أول صورة مشرفة عن بلدهم، ثم يأتي رجال الجمارك ودورهم لا يقل عن سابقيهم ثم يأتي مزود خدمات النقل والمواصلات ولعل أكثر ما يُنفر السياح هو سوء معاملة سائقي المواصلات العامة «التاكسي» بعد ذلك تتفاوت بعض الوظائف التي يتعاطى معها السائح كرجال الأمن في الشوارع ورجال المرور وموظفي الحجوزات في أماكن الإقامة والأماكن الترفيهية، والباعة في المحال التجارية، وحتى الفرد العادي في الأسواق والطرقات، ونحن ولله الحمد نمتلك كوادر وطنية مشرفة في هذه المواقع تنقل صورة مشرفة عن البحرين وشعبها الذي يتمتع بوعي ثقافي عالٍ وبمسؤولية تجاه وطنه وبقيم إنسانية تجاه الآخرين مُقيمين كانوا أو سياحا على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وأعراقهم ومعتقداتهم وهذه علامة فارغة في هوية المواطن البحريني عربياً واقليمياً وعالمياً، مع ذلك ومن باب التأكيد والحفاظ على هذا التميز هناك مسؤولية ملقاة على عاتق كل الجهات الرسمية ذات العلاقة بضرورة الحفاظ على هذا النهج الأخلاقي والسلوكي الحميد في مجتمعنا ومحاسبة كل من يخل بثقافة التسامح والانفتاح أو يقلل من احترام الآخرين لأي سببٍ كان مواطناً كان أو مقيما فسمعة البحرين أمانة في أعناقنا جميعًا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك