العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ماذا ينتظر العالم بعد إهدار الحقوق الفلسطينية؟!

بقلم: فاروق يوسف {

السبت ١٤ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

فوجئت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالصواريخ‭ ‬تسقط‭ ‬على‭ ‬مدنها‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬غزة‭. ‬عرف‭ ‬العالم‭ ‬كيف‭ ‬يحتال‭ ‬على‭ ‬الحقيقة‭. ‬لم‭ ‬تخجل‭ ‬دول‭ ‬كبرى‭ ‬من‭ ‬إعلان‭ ‬اصطفافها‭ ‬وراء‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭. ‬أما‭ ‬حين‭ ‬صارت‭ ‬دول‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬التهدئة‭ ‬ووقف‭ ‬التصعيد‭ ‬فإنها‭ ‬بالغت‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬حيادها‭. ‬فلا‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬دولة‭ ‬ولا‭ ‬إسرائيل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬استضعاف‭ ‬لكي‭ ‬يشد‭ ‬الآخرون‭ ‬من‭ ‬أزرها‭.‬

بالرغم‭ ‬من‭ ‬الاتفاقات‭ ‬الدولية‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تكف‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ولا‭ ‬تشعر‭ ‬بأنها‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تفسير‭ ‬ذلك‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬أساس‭ ‬من‭ ‬جوهر‭ ‬علاقتها‭ ‬بسكان‭ ‬الأرض‭ ‬الأصليين‭ ‬الذين‭ ‬شردتهم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صادرت‭ ‬أراضيهم‭ ‬وهي‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬ملاحقتهم‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬أرض‭ ‬فلسطينية‭ ‬يقيمون‭ ‬عليها‭. ‬وهي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إنما‭ ‬تتعامل‭ ‬معهم‭ ‬باعتبارهم‭ ‬شعبا‭ ‬مستضعفا‭ ‬أدار‭ ‬العالم‭ ‬له‭ ‬ظهره‭ ‬ولم‭ ‬يقبل‭ ‬بهم‭ ‬إلا‭ ‬لاجئين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبعادهم‭ ‬عن‭ ‬فلسطين‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬ينسوها‭ ‬كما‭ ‬مُحيت‭ ‬من‭ ‬الخرائط‭ ‬التي‭ ‬صار‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬يعتمدها‭.‬

ولأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬نجحوا‭ ‬عبر‭ ‬السبعين‭ ‬سنة‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬هويتهم،‭ ‬بل‭ ‬إنهم‭ ‬قاوموا‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬قاوموا‭ ‬العالم‭ ‬ولم‭ ‬يسمحوا‭ ‬له‭ ‬بشطبهم‭ ‬من‭ ‬المعادلة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فقد‭ ‬رفضت‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬الداعمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬تعتبرهم‭ ‬ضحايا‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬اعتبرتهم‭ ‬إرهابيين‭.‬

قد‭ ‬يقال‭ ‬إن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬مضطرين‭ ‬إلى‭ ‬إشعال‭ ‬حرب‭ ‬جديدة‭. ‬ما‭ ‬من‭ ‬حدث‭ ‬مباشر‭ ‬يستدعي‭ ‬ذلك‭ ‬الرد‭ ‬الانتحاري‭ ‬الخارق‭. ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التبسيط‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬يوميا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬تُرتكب‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أمام‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭. ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬بأعمالها‭ ‬العدوانية‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭. ‬فهي‭ ‬مطمئنة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬العالم‭ ‬محاولة‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭. ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬ترسانة‭ ‬للأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬شعب‭ ‬أعزل‭. ‬شعب‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬أبناؤه‭ ‬أمامهم‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬فدائيين‭. ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بمزاج‭ ‬عدمي‭ ‬يضع‭ ‬الانتحار‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الحلول‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬حياة‭ ‬يائسة،‭ ‬بل‭ ‬نتيجة‭ ‬لا‭ ‬يرقى‭ ‬إليها‭ ‬الشك‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شيء‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬تضحيات‭ ‬مهلكة‭.‬

ليس‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬تتعدد‭ ‬فيه‭ ‬الخيارات‭. ‬لقد‭ ‬سدت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أمامه‭ ‬كل‭ ‬الطرق‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬إمكانها‭ ‬أن‭ ‬تتعامل‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬قانوني‭. ‬لم‭ ‬يؤمن‭ ‬الشباب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بحل‭ ‬التضحية‭ ‬بالنفس‭ ‬إلا‭ ‬حين‭ ‬صاروا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬لن‭ ‬يجد‭ ‬له‭ ‬حيزا‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬إسرائيل‭ ‬بهم‭ ‬وهي‭ ‬علاقة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الاستعباد‭ ‬والاستبعاد‭ ‬والنفي‭ ‬والعزل‭ ‬والتنكيل‭ ‬والتمييز‭. ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬عنف‭ ‬فلسطيني‭ ‬تكون‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬السبب‭. ‬أما‭ ‬النظر‭ ‬إليها‭ ‬باعتبارها‭ ‬ضحية‭ ‬بريئة‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬أسوء‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬قيمه‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية‭.‬

عبر‭ ‬سبعين‭ ‬سنة‭ ‬لم‭ ‬تحترم‭ ‬إسرائيل‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬بالاتفاقات‭ ‬التي‭ ‬وقعتها‭ ‬مجبرة‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو‭ ‬لكانت‭ ‬الأمور‭ ‬قد‭ ‬تقدمت‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الرئيس‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الراحل‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬ولما‭ ‬كان‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬اختراع‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬واقتطاع‭ ‬غزة‭ ‬ولما‭ ‬دخلنا‭ ‬في‭ ‬المتاهة‭ ‬الإيرانية‭.‬

كان‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ميسرا‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬تخلي‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬عن‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ثوابتها‭ ‬بعد‭ ‬اعترافها‭ ‬بإسرائيل‭. ‬ولكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬أبت‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬تتمسك‭ ‬بسياستها‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬حق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬بسلام‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬دولة‭ ‬مستقلة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭. ‬لقد‭ ‬قبل‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬مضطرين‭ ‬بالحل‭ ‬الذي‭ ‬فرضه‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬انصاع‭ ‬لإرادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تبين‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬مستعدة‭ ‬لتنفيذه‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تؤمن‭ ‬به‭.‬

من‭ ‬السذاجة‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يُسمى‭ ‬بالمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬خائف‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬حانق‭ ‬عليها‭ ‬لأنها‭ ‬سمحت‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬بأن‭ ‬يفاجئوها‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬ويكبدوها‭ ‬خسائر‭ ‬لم‭ ‬تتوقعها‭ ‬ويهزوا‭ ‬أسطورة‭ ‬سيطرتها‭ ‬الأمنية‭. ‬كما‭ ‬إن‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لن‭ ‬يستطيعوا‭ ‬تطوير‭ ‬قدراتهم‭ ‬الهجومية‭ ‬وقد‭ ‬صارت‭ ‬من‭ ‬الماضي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬المعادلة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬يفكر‭ ‬المناصرون‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬استقرت‭ ‬لصالح‭ ‬صنيعتهم‭. ‬ما‭ ‬أحدثته‭ ‬الصواريخ‭ ‬التي‭ ‬سقطت‭ ‬على‭ ‬المدن‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬خلخلة‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬التفكير‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬بطرق‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬وطن‭ ‬فلسطيني‭ ‬لم‭ ‬يتخل‭ ‬عنه‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬بديل‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬عراقي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا