العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هذه الحرب غيرت العلاقة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي إلى الأبد

بقلم: د. رمزي بارود

الثلاثاء ١٧ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المحددة‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬حركة‭ ‬فلسطينية‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬الحملة‭ ‬العسكرية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الجريئة‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬عمق‭ ‬إسرائيل،‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬ممكنة‭ ‬إلا‭ ‬لأن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ضاقوا‭ ‬ذرعا‭ ‬بواقع‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الجاثم‭ ‬على‭ ‬حياتهم‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬

قبل‭ ‬17‭ ‬عاماً،‭ ‬فرضت‭ ‬إسرائيل‭ ‬حصاراً‭ ‬وحشيا‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬تقديم‭ ‬عملية‭ ‬الحصار‭ ‬وفق‭ ‬تفسيرين‭ ‬مختلفين‭ ‬تمامًا‭. ‬فبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البعض،‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬عملاً‭ ‬غير‭ ‬إنساني‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬‮«‬العقاب‭ ‬الجماعي‮»‬،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الآخرين،‭ ‬فهو‭ ‬شر‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬منه‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬حماية‭ ‬نفسها‭ ‬مما‭ ‬يسمى‭ ‬بالإرهاب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

لكن‭ ‬الشيء‭ ‬المفقود‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬القصة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬17‭ ‬عامًا‭ ‬هي‭ ‬فترة‭ ‬كافية‭ ‬لينشأ‭ ‬جيل‭ ‬كامل‭ ‬تحت‭ ‬الحصار،‭ ‬ويلتحق‭ ‬بالمقاومة‭ ‬ويقاتل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حريته‭.‬

ووفقا‭ ‬لمنظمة‭ ‬إنقاذ‭ ‬الطفولة،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬اليوم‭ ‬والبالغ‭ ‬عددهم‭ ‬2‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭.‬

وغالباً‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬غرس‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬لوصف‭ ‬معاناة‭ ‬السكان‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يخرجوا‭ ‬أبداً‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬الفقير‭ ‬الصغير‭ ‬الذي‭ ‬تبلغ‭ ‬مساحته‭ ‬365‭ ‬كيلومتراً‭ ‬مربعاً،‭ ‬أي‭ ‬حوالي‭ ‬141‭ ‬ميلاً‭ ‬مربعاً‭.‬

لكن‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأرقام‭ ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬دقيقة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تُستخدم‭ ‬لسرد‭ ‬جزء‭ ‬صغير‭ ‬من‭ ‬قصة‭ ‬معقدة‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬ولد‭ ‬ونشأ‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬فرض‭ ‬الحصار،‭ ‬شهد‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬خمس‭ ‬حروب‭ ‬مدمرة‭ ‬كبرى،‭ ‬كان‭ ‬الأطفال،‭ ‬مثلهم،‭ ‬وأمهاتهم‭ ‬وآباؤهم‭ ‬وإخوتهم،‭ ‬المستهدفين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬وضحاياها‭. ‬

كتب‭ ‬صن‭ ‬تزو‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬فن‭ ‬الحرب‮»‬‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬حاصرت‭ ‬عدوك‭ ‬بالكامل،‭ ‬ولم‭ ‬تمنحه‭ ‬أي‭ ‬فرصة‭ ‬للهروب،‭ ‬ولا‭ ‬تقدم‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬مكان،‭ ‬فسوف‭ ‬يقاتل‭ ‬حتى‭ ‬النهاية‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬سنة،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬إسرائيل‭. ‬وقد‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬كانت‭ ‬خطأً‭ ‬كبيراً‭. ‬وحتى‭ ‬مجرد‭ ‬محاولة‭ ‬الاحتجاج‭ ‬على‭ ‬ظلم‭ ‬الحصار،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التجمع‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬عند‭ ‬سياج‭ ‬غزة،‭ ‬الذي‭ ‬يفصل‭ ‬القطاع‭ ‬المحاصر‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مسموحًا‭ ‬به‭.‬

وتم‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الحاشدة،‭ ‬المعروفة‭ ‬باسم‭ ‬مسيرة‭ ‬العودة‭ ‬الكبرى،‭ ‬برصاص‭ ‬القناصة‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬أصبحت‭ ‬مشاهد‭ ‬الشباب‭ ‬وهم‭ ‬يحملون‭ ‬شبابًا‭ ‬آخرين‭ ‬ينزفون‭ ‬ويصرخون‭ (‬الله‭ ‬أكبر‭) ‬مشهدًا‭ ‬منتظمًا‭ ‬عند‭ ‬الجدار‭. ‬ومع‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الضحايا،‭ ‬تلاشى‭ ‬اهتمام‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬بالقصة‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭. ‬

إن‭ ‬مئات‭ ‬المقاتلين‭ ‬الذين‭ ‬عبروا‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬عبر‭ ‬أربع‭ ‬نقاط‭ ‬دخول‭ ‬مختلفة‭ ‬فجر‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬كانوا‭ ‬هم‭ ‬نفس‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يعرفوا‭ ‬شيئاً‭ ‬سوى‭ ‬الحرب‭ ‬والحصار‭ ‬والحاجة‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭.‬

لقد‭ ‬تعلموا‭ ‬كيفية‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يمت‭ ‬بالحياة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المياه‭ ‬النظيفة‭ ‬والرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬المناسبة‭. ‬وهنا‭ ‬تتقاطع‭ ‬قصة‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬مع‭ ‬قصة‭ ‬حماس‭ ‬أو‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬جماعة‭ ‬فلسطينية‭ ‬أخرى‭.‬

نعم،‭ ‬لقد‭ ‬اختارت‭ ‬حماس‭ ‬توقيت‭ ‬وطبيعة‭ ‬حملتها‭ ‬العسكرية‭ ‬لتتناسب‭ ‬مع‭ ‬استراتيجية‭ ‬دقيقة‭ ‬للغاية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬ممكنة‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تترك‭ ‬إسرائيل‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أي‭ ‬خيار‭ ‬آخر‭ ‬سوى‭ ‬القتال‭.‬

وأظهرت‭ ‬مقاطع‭ ‬فيديو‭ ‬تم‭ ‬تداولها‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مقاتلين‭ ‬فلسطينيين‭ ‬وهم‭ ‬يصرخون‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬بلهجة‭ ‬غزة‭ ‬المميزة‭ ‬والقاسية‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬لأخي‮»‬،‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬لابني‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬رددوا‭ ‬هذه‭ ‬العبارات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العبارات‭ ‬الغاضبة‭ ‬أثناء‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وسط‭ ‬المستوطنين‭ ‬والجنود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬المذعورين‭. ‬وقد‭ ‬ترك‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأخيرون‭ ‬مواقعهم‭ ‬وهربوا‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬عديدة‭.‬

من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬التأثير‭ ‬النفسي‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬سيتجاوز‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973،‭ ‬عندما‭ ‬حققت‭ ‬الجيوش‭ ‬العربية‭ ‬مكاسب‭ ‬سريعة‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬هجوم‭ ‬مفاجئ‭ ‬أيضًا‭.‬

هذه‭ ‬المرة،‭ ‬سوف‭ ‬يثبت‭ ‬التأثير‭ ‬المدمر‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الجماعي‭ ‬أنه‭ ‬سيغير‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة،‭ ‬لأن‭ ‬‮«‬الحرب‮»‬‭ ‬تشمل‭ ‬مجموعة‭ ‬فلسطينية‭ ‬واحدة،‭ ‬وليس‭ ‬جيشا‭ ‬كاملا،‭ ‬أو‭ ‬ثلاثة‭ ‬جيوش‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يرتبط‭ ‬الهجوم‭ ‬المفاجئ‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬ارتباطًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬بالحرب‭ ‬العربية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973‭.‬

وباختيارها‭ ‬الذكرى‭ ‬الخمسين‭ ‬لما‭ ‬يعتبره‭ ‬العرب‭ ‬انتصارا‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬أرادت‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أن‭ ‬تبعث‭ ‬برسالة‭ ‬واضحة‭: ‬قضية‭ ‬فلسطين‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قضية‭ ‬العرب‭ ‬جميعا‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬كانت‭ ‬جميع‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬كبار‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬والقادة‭ ‬السياسيين‭ ‬في‭ ‬حماس‭ ‬محملة‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الرمزية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الإشارات‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬العربية‭.‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬القومي‭ ‬اعتباطيا،‭ ‬بل‭ ‬برز‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬قائد‭ ‬كتائب‭ ‬القسام‭ ‬محمد‭ ‬ضيف،‭ ‬والقائد‭ ‬المؤسس‭ ‬للقسام،‭ ‬صالح‭ ‬العاروري،‭ ‬ورئيس‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬لحركة‭ ‬حماس،‭ ‬إسماعيل‭ ‬هنية،‭ ‬وأبو‭ ‬عبيدة‭ ‬المتحدث‭ ‬الملثم‭ ‬الشهير‭ ‬للكتائب‭.‬

لقد‭ ‬حثوا‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬الوحدة‭ ‬وأصروا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬فلسطين‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬عنصر‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬النضال‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العدالة‭ ‬والكرامة‭ ‬والشرف‭ ‬الجماعي‭.‬

وأطلقت‭ ‬الجماعة‭ ‬على‭ ‬حملتها‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬إعادة‭ ‬توحيد‭ ‬الوحدة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعربية‭ ‬والمسلمة‭ ‬حول‭ ‬القدس‭ ‬وجميع‭ ‬أماكنها‭ ‬المقدسة‭.‬

وبدا‭ ‬الجميع‭ ‬مصدومين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬هجوم‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬التنسيق‭ ‬الكبير‭ ‬والجرأة‭ ‬التي‭ ‬تميزت‭ ‬بها‭ ‬العملية‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭.‬

لذا،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الهجوم‭ ‬ليلاً،‭ ‬هاجمت‭ ‬المقاومة‭ ‬عند‭ ‬الفجر‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ضرب‭ ‬إسرائيل‭ ‬باستخدام‭ ‬الأنفاق‭ ‬العديدة‭ ‬تحت‭ ‬غزة،‭ ‬فقد‭ ‬توجهوا‭ ‬ببساطة‭ ‬إلى‭ ‬هناك،‭ ‬ونزلوا‭ ‬بالمظلات،‭ ‬ووصلوا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البحر،‭ ‬وفي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحالات،‭ ‬عبروا‭ ‬الحدود‭ ‬مشياً‭ ‬على‭ ‬الأقدام‭.‬

أصبح‭ ‬عنصر‭ ‬المفاجأة‭ ‬أكثر‭ ‬إرباكًا‭ ‬عندما‭ ‬تحدى‭ ‬المقاتلون‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬أساسيات‭ ‬حرب‭ ‬العصابات‭: ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬خوض‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬مناورة‮»‬،‭ ‬خاضوا،‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬مؤقت،‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬مواقع‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬صمدوا‭ ‬لساعات‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬سيطروا‭ ‬عليها‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها‭.‬

وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المجموعات‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كانت‭ ‬الحرب‭ ‬النفسية‭ ‬حاسمة‭ ‬مثل‭ ‬القتال‭ ‬الجسدي‭. ‬وتم‭ ‬بث‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬والصور‭ ‬عبر‭ ‬جميع‭ ‬قنوات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬يأمل‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تعريف‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬الضحية‭ ‬المعتادة،‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬المحتل‭ ‬العسكري‭.‬

إن‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬قتل‭ ‬المسنين‭ ‬والأطفال،‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬مختلف‭ ‬القادة‭ ‬الميدانيين،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موجها‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬فقط‭. ‬وكانت‭ ‬أيضًا‭ ‬رسالة‭ ‬للجمهور‭ ‬الدولي‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ستلعب‭ ‬وفقًا‭ ‬للقواعد‭ ‬العالمية‭ ‬المقبولة‭.‬

النظر‭ ‬إلى‭ ‬عدد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬تقتلهم‭ ‬إسرائيل،‭ ‬أو‭ ‬ستقتلهم،‭ ‬فإن‭ ‬ردها‭ ‬الانتقامي،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬مأساوي،‭ ‬لن‭ ‬ينقذ‭ ‬الصورة‭ ‬الممزقة‭ ‬لجيش‭ ‬غير‭ ‬منضبط،‭ ‬ومجتمع‭ ‬منقسم،‭ ‬وقيادة‭ ‬سياسية‭ ‬تركز‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬بقائها‭.‬

ومن‭ ‬السابق‭ ‬لأوانه‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬استنتاجات‭ ‬شاملة‭ ‬بشأن‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭. ‬لكن‭ ‬الأمر‭ ‬الواضح‭ ‬تمامًا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬العلاقة‭ ‬الأساسية‭ ‬بين‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬الخاضعين‭ ‬للاحتلال‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تتغير،‭ ‬وبشكل‭ ‬دائم‭.‬

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا