العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

هل نراهن على «شرفاء» الغرب؟!

تحدثت‭ ‬أمس‭ ‬عن‭ ‬التمرد‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬والعاملين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والمفوضية‭ ‬الأوربية‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية‭ ‬الهمجية‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬داخل‭ ‬مؤسسات‭ ‬رسمية‭ ‬غربية،‭ ‬بدأت‭ ‬أصوات‭ ‬ترتفع‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬أجهزة‭ ‬الاعلام‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬تتخذ‭ ‬نفس‭ ‬الموقف،‭ ‬أي‭ ‬تنتقد‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬والمواقف‭ ‬الغربية‭ ‬الهمجية‭.‬

السؤال‭ ‬هو‭: ‬ما‭ ‬هي‭ ‬حدود‭ ‬تأثير‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬الشريفة‭ ‬في‭ ‬الغرب؟‭.. ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نراهن‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬لحدوث‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية؟‭.‬

بداية‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬ان‭ ‬نفهم‭ ‬لماذا‭ ‬ارتفعت‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬الان،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬دفعتها‭ ‬للتعبير‭ ‬علنا‭ ‬عن‭ ‬رفضها‭ ‬لمواقف‭ ‬الغرب‭.‬

أكبر‭ ‬الأسباب‭ ‬بالطبع‭ ‬ان‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بلغت‭ ‬حدا‭ ‬من‭ ‬الشناعة‭ ‬والهمجية‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬ان‭ ‬يصدم‭ ‬اي‭ ‬انسان‭ ‬عنده‭ ‬ذرة‭ ‬من‭ ‬ضمير‭ ‬ومن‭ ‬مشاعر‭ ‬إنسانية‭.‬

المسألة‭ ‬ليست‭ ‬مسألة‭ ‬ان‭ ‬الغرب‭ ‬يدعم‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وعدوانه،‭ ‬فالغرب‭ ‬يتخذ‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬دوما‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأوقات‭. ‬المسألة‭ ‬ان‭ ‬الغرب‭ ‬انتقل‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الى‭ ‬التأييد‭ ‬العلني‭ ‬السافر‭ ‬للإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ومحوه‭ ‬من‭ ‬الوجود‭. ‬ولم‭ ‬يكتف‭ ‬بهذا‭ ‬بل‭ ‬تسابقت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬كل‭ ‬سبل‭ ‬الدعم‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬للكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬كي‭ ‬يكمل‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭.. ‬مهمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الشاملة،‭ ‬ويتفاخر‭ ‬المسئولون‭ ‬الغربيون‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬مبررات‭ ‬موقفهم‭ ‬الهمجي‭.‬

أي‭ ‬انسان‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬يتابع‭ ‬المجازر‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وآلاف‭ ‬الشهداء‭ ‬الذين‭ ‬سقطوا‭ ‬والتدمير‭ ‬الاجرامي‭ ‬الشامل،‭ ‬المفروض‭ ‬ان‭ ‬ينتفض‭ ‬غضبا‭ ‬ورفضا‭. ‬وهذا‭ ‬حال‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشرفاء‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬الذين‭ ‬يرفعون‭ ‬أصواتهم‭ ‬اليوم‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬الوحشية‭ ‬وضد‭ ‬مشاركة‭ ‬الغرب‭ ‬فيها‭.‬

لكن‭ ‬يبقى‭ ‬ان‭ ‬السبب‭ ‬الأهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهؤلاء‭ ‬انهم‭ ‬يعتبرون‭ ‬ان‭ ‬المواقف‭ ‬الحالية‭ ‬للدول‭ ‬الغربية‭ ‬تدمر‭ ‬مصالح‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬هم‭ ‬يخشون‭ ‬ان‭ ‬تعرض‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬مصالح‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬للخطر‭. ‬وفي‭ ‬تقديرهم‭ ‬أيضا‭ ‬ان‭ ‬لها‭ ‬تبعات‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬اذ‭ ‬ستفاقم‭ ‬التطرف‭ ‬والصراعات‭ ‬الداخلية‭ ‬مع‭ ‬المسلمين‭ ‬وغيرهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭.‬

مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬هلي‭ ‬يمكن‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬الرافضة‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬حدوث‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية؟‭.‬

الإجابة‭ ‬قطعا‭: ‬لا‭.‬

صحيح‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬مظاهرات‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬التي‭ ‬تندلع‭ ‬في‭ ‬العواصم‭ ‬الغربية‭ ‬تدفع‭ ‬المسئولين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الى‭ ‬محاولة‭ ‬تجميل‭ ‬صورتهم‭ ‬القبيحة‭ ‬والتظاهر‭ ‬مثلا‭ ‬بالحرص‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

حدوث‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬ملموس‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية‭ ‬الهمجية‭ ‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬المعارضة‭ ‬الداخلية،‭ ‬وذلك‭ ‬لأسباب‭ ‬ثلاثة‭:‬

الأول‭: ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬الشريفة‭ ‬الرافضة‭ ‬للمواقف‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬السياسة‭ ‬والاعلام‭ ‬تبقى‭ ‬أصواتا‭ ‬محدودة‭ ‬جدا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬ملموس‭. ‬يبقى‭ ‬ان‭ ‬التيار‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬يقف‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬قلبا‭ ‬وقالبا‭ ‬ومع‭ ‬إبادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

والثاني‭: ‬ان‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬ويجري‭ ‬يثبت‭ ‬ان‭ ‬الصهاينة‭ ‬سطوتهم‭ ‬هائلة‭ ‬على‭ ‬مؤسسات‭ ‬السياسة‭ ‬والإعلام‭ ‬في‭ ‬الغرب‭. ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬ان‭ ‬الكل‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬يخشى‭ ‬الارهاب‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬يمارسه‭ ‬الصهاينة‭ ‬ان‭ ‬هم‭ ‬لم‭ ‬يرضخوا‭ ‬لإرادتهم‭.‬

والثالث‭: ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬العامل‭ ‬الأهم‭ ‬ان‭ ‬الغرب‭ ‬نفسه‭ ‬لديه‭ ‬نفس‭ ‬الأهداف‭ ‬الصهيونية‭ ‬مما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬ومن‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭.‬

نعني‭ ‬ان‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬نفسها‭ ‬لديها‭ ‬مخططات‭ ‬تدمير‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وهم‭ ‬يعتبرون‭ ‬ان‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬أداة‭ ‬متقدمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬مخططاتهم‭. ‬وخبرتنا‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬اثبتت‭ ‬ذلك‭.‬

هم‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬يريدون‭ ‬تدمير‭ ‬دولنا‭ ‬ويسعدهم‭ ‬خرابها‭ ‬ويتمنون‭ ‬ألا‭ ‬تقوم‭ ‬لها‭ ‬قائمة‭.‬

لكل‭ ‬هذا‭ ‬ستبقى‭ ‬هذه‭ ‬الأصوات‭ ‬للشرفاء‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬مجرد‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬صحوة‭ ‬ضمير‭ ‬انساني‭ ‬عابرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭.‬

ان‭ ‬كان‭ ‬لنا‭ ‬ان‭ ‬نراهن‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬اجبار‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬مواقفه‭ ‬وعلى‭ ‬وقف‭ ‬هذه‭ ‬الهجمة‭ ‬التاريخية‭ ‬الهمجية‭ ‬على‭ ‬الأمة‭ ‬فلنراهن‭ ‬على‭ ‬أنفسنا،‭ ‬ان‭ ‬كان‭ ‬لدينا‭ ‬الإرادة‭ ‬أصلا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا