صلاح الدين الأيوبي هو يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُويني التكريتي، صلاح الدين الأيوبي، واسمه الشخصي «يوسف». هو مؤسس السلالة الأيوبية، وقائد الحملات العسكرية الإسلامية ضد الدول الصليبية في بلاد الشام. كان مسلماً كردياً، وكان أول سلطان لسوريا ومصر، وامتدت سلطته إلى الحجاز (غرب شبه الجزيرة العربية) وبلاد الرافدين العليا (العراق) وبعض أجزاء غرب شمال إفريقيا.
وُلد صلاح الدين الأيوبي سنة 532 هـ (1138م) في قلعة تكريت – العراق. ونشأ مع عائلته الكردية من قرية أجدانكان بالقرب من مدينة دفين في وسط أرمينيا.
توفي صلاح الدين الأيوبي بسبب الحمّى سنة 589 هـ - (1193م) في بساتينه المحبوبة في دمشق – سوريا. وقد كان مرهقاً من حياته التي قضاها في حملات عسكرية شبه مستمرة. وقيل إنه تبرّع بكامل ثروته للفقراء حتى أنه لم يترك شيئاً يدفعه مقابل جنازته.
دُفن في حديقة خارج الجامع الأموي بدمشق، ويُعتبر ضريحه مفتوحاً للزائرين. يحتوي الضريح على تابوتين: أحدهما رخامي (ضريح فارغ، أهداه امبراطور ألمانيا غليوم الثاني أثناء زيارته دمشق، والآخر خشبي يغطي قبر صلاح الدين الأيوبي.
لقب صلاح الدين الأيوبي هو: «الملك الناصر»، «الملك الناصر أبو المظفر» و«خادم الحرمين الشريفين»، جميعها كانت ألقابا تُطلق على صلاح الدين الأيوبي.
لقب «خادم الحرمين الشريفين» كان يشير إلى السيطرة التي بسطها الأيوبي على العالم الإسلامي، وخاصةً في توحيد قوة المسلمين للجهاد في سبيل الله ضد الصليبيين.
نشأ صلاح الدين الأيوبي في دمشق وبعلبك، ففي الليلة التي ولد فيها، انتقلت عائلته إلى حلب حيث دخلوا في خدمة الحاكم التركي القوي في شمال سوريا آنذاك، عماد الدين الزنكي بن آق سنقر. وتميّز حينها الأيوبي بميله إلى الدراسات الدينية وابتعاده عن التدريبات العسكرية.
كان والده أيوب وعمه شيركوه قادة عسكريين من النخبة تحت قيادة عماد الدين زنكي. بعد نشأته في دمشق وترقيته في الرتب العسكرية، انضم الشاب صلاح الدين الأيوبي إلى الجيش بقيادة عمه شيركوه، الذي خدم نور الدين زنكي ووريثه في رحلة عسكرية إلى مصر.
بعد وفاة شيركوه سنة 1169م، تم اختيار صلاح الدين خلفاً له في قيادة قوات نور الدين في مصر. كما تم تعيينه وزيراً للخلافة الفاطمية المنهارة التي حكمت مصر في ذلك الوقت. ومع وفاة آخر الخلفاء الفاطميين سنة 1171م، ألغى الأيوبي الخلافة الفاطمية وضم مصر إلى الحكم الزنكي، فازدادت مكانته وشعبيته.
انتقل فيما بعد إلى سوريا مع جيش صغير، ومن سنة 1174م إلى 1186م سعى إلى توحيد جميع الأراضي الإسلامية في سوريا وشمال بلاد ما بين النهرين وفلسطين ومصر، وفقاً لمعاييره الخاصة. وقد نجح بتوحيد الأراضي الإسلامية بفضل حكمته ودبلوماسيته واستخدامه للقوة العسكرية عند الحاجة. ونمت سمعته كحاكم كريم، ولكنه حازم في الوقت ذاته.
عُرف عمل صلاح الدين الأيوبي بالتفاني الشديد وفكرة الجهاد والحرب، وانتشار المؤسسات الدينية الإسلامية. سعى إلى جمع العلماء، وأسس الكليات والمساجد وكلّفهم بكتابة الأعمال لا سيما تلك التي تحكي عن الجهاد.
توفي نور الدين زنكي سنة 1174م، وشنّ صلاح الدين حملة للسيطرة على الأراضي التي كان يحكمها. كما سعى إلى تأسيس نظامه كلاعب عسكري رئيسي قادر على تحدي الدول الصليبية الأربع التي يسيطر عليها الغرب.
كسلطان لمصر، عاد صلاح الدين الأيوبي إلى سوريا وتمكن من الاستيلاء على دمشق وحلب والموصل من الحكام المسلمين الآخرين. كما غزت قواته اليمن، مما مكنه من إحكام سيطرته على البحر الأحمر بأكمله. بالإضافة إلى مآثره العسكرية، سعى إلى بذل جهود دبلوماسية لتحقيق أهدافه. وقد حصل على دعم إسلامي واسع من خلال إعلان نفسه قائد الجهاد للدفاع ضد الحملات الصليبية.
نجح الأيوبي في قلب ميزان القوة العسكرية لصالحه، إذ قام بتوحيد وتأديب عدد كبير من القوات. وعندما تمكن سنة 1187م من إلقاء قوته الكاملة في الصراع مع الممالك الصليبية اللاتينية، كانت جيوشه متساوية معهم.
في السنة نفسها، حاصر صلاح الدين جيشاً من الصليبيين بالقرب من طبريا في شمال شرق فلسطين. كانت الخسائر في صفوف الصليبيين كبيرة لدرجة أن المسلمين تمكنوا بسرعة من اجتياح مملكة القدس. وفي غضون 3 أشهر، سقطت عكا وتورون وبيروت وصيدا والناصرة وقيصرية ونابلس ويافا وعسقلان بين يدي جيوشه.
بعد عقدٍ من القتال ضد الفرنجة (صليبيي أوروبا الغربية)، استعد صلاح الدين لشن هجوم سنة 1187م من خلال تجميع القوات من جميع أنحاء مملكته جنوب دمشق وأسطول مصري في الإسكندرية. التقى جيشه بالفرنجة في اشتباك ضخم في حطين، بالقرب من طبريا وهزمهم.
تبع النصر في معركة حطين سلسلة من الانتصارات السريعة في جميع أنحاء القدس، وبلغت ذروتها عندما تسلمت مدينة القدس لجيش صلاح الدين الأيوبي بعد 88 عاماً تحت السيطرة الصليبية. وعلى الرغم من أن صلاح الدين خطط لقتل جميع الفرنجة في القدس انتقاماً لمذبحة المسلمين التي حصلت سنة 1099م، إلا أنه وافق على السماح لهم بشراء حريتهم بدلاً من ذلك.
في ذلك الوقت، كانت قوات صلاح الدين سيطرت على عدد من المدن المهمة الأخرى من الصليبيين، بما في ذلك عكا وطبريا.
لم يتوقع صلاح الدين الأيوبي رد الفعل الأوروبي على استيلائه على القدس، هذا الحدث الذي صدم الغرب واستجاب له بدعوة جديدة لشن حملة صليبية. في أعقاب استيلاء صلاح الدين الأيوبي على القدس، دعا البابا غريغوري الثالث إلى حملة صليبية جديدة لاستعادة المدينة. حشدت القوات الصليبية في صور لإطلاق الحملة الثالثة بقيادة 3 ملوك: فريدريك الأول «بربروسا»، الملك الألماني والإمبراطور الروماني المقدس، الملك فيليب الثاني ملك فرنسا وريتشارد الأول «قلب الأسد» لإنجلترا.
حاصر الصليبيون عكا واستولوا عليها سنة 1191م مع جزء كبير من البحرية التابعة لصلاح الدين. وعلى الرغم من البراعة العسكرية للقوات الصليبية، صمد صلاح الدين الأيوبي أمام هجومهم وتمكن من الاحتفاظ بالسيطرة على معظم إمبراطوريته. وكانت هدنته مع ريتشارد في أواخر سنة 1192 قد أنهت الحملة الصليبية الثالثة.
من الدولة الأيوبية إلى تحرير القدس، لا يزال صلاح الدين الأيوبي الشخصية التي يضرب بها المثل بصفته قائداً مسلماً كان حازماً مع أعدائه. إذ تعلّم شخصية صلاح الدين التماسك والوحدة وهو أكثر ما تحتاج إليه الشعوب العربية في هذا الوقت.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك