العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الولايات المتحدة والمقاومة الفلسطينية.. وجها لوجه!

بقلم: موسى عساف

السبت ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

أطلق‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬موقع‭ ‬ميدل‭ ‬إيست‭ ‬آي‭ ‬البريطاني،‭ ‬الصحفي‭ ‬ديفيد‭ ‬هيرست،‭ ‬في‭ ‬مقالة‭ ‬له‭ ‬تساؤلا‭ ‬حول‭ ‬‮ «‬هل‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نظام‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬المعتمد‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬أساس‭ ‬الدعم‭ ‬الأعمى‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬قد‭ ‬تحطم؟‮»‬‭.‬

التساؤل‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬سرد‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬والمواقف‭ ‬الأمريكية‭ ‬حيال‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى،‭ ‬والتي‭ ‬نفذتها‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الجاري،‭ ‬وما‭ ‬تبعها‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬قصف‭ ‬همجي‭ ‬إسرائيلي‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متحرك‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬أسقط‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬والمصابين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تهجير‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬منازلهم‭.‬

الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬منذ‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الاقصى‭ ‬كان‭ ‬واضحاً‭ ‬وصريحاً،‭ ‬وتتمثل‭ ‬في‭ ‬الدعم‭ ‬اللا‭ ‬محدود‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وإعطائها‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬لاستخدام‭ ‬أقصى‭ ‬قوة‭ ‬لاستهداف‭ ‬القطاع‭ ‬وتهجير‭ ‬سكانه‭ ‬بحجة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬حماس،‭ ‬تبعه‭ ‬فتح‭ ‬جسر‭ ‬مباشر‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وتل‭ ‬أبيب‭ ‬حمل‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬الأسلحة‭ ‬المدمرة،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬عدم‭ ‬مساءلة‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬سلوكها‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬والحقوقية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مرتين‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬الفيتو‭ ‬ضد‭ ‬قرارين‭ ‬يدعوان‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وفتح‭ ‬ممرات‭ ‬إنسانية‭ ‬لإيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭.‬

أما‭ ‬أقوى‭ ‬المواقف‭ ‬الأمريكية‭ ‬فكان‭ ‬إعلان‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي،‭ ‬لويد‭ ‬أوستن،‭ ‬إرسال‭ ‬قوات‭ ‬ومعدات‭ ‬عسكرية‭ ‬إضافية‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الاستعدادات‭ ‬لهجوم‭ ‬بري‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬وأوامره‭ ‬بمضاعفة‭ ‬المنظومات‭ ‬الدفاعية‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إرسال‭ ‬بطاريات‭ ‬‮«‬ثاد‮»‬‭ ‬و«باتريوت‮»‬‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬وضع‭ ‬جنود‭ ‬أمريكيين‭ ‬إضافيين‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تأهب‭ ‬قصوى‭ ‬واستجابة‭ ‬سريعة‭ ‬للحوادث‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

عديد‭ ‬من‭ ‬السيناريوهات‭ ‬للحرب‭ ‬البرية‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬إن‭ ‬حدثت،‭ ‬أشبعها‭ ‬الخبراء‭ ‬والمحللون‭ ‬الاستراتيجيون‭ ‬والعسكريون‭ ‬نقاشاً،‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬تجمع‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ستواجه‭ ‬بمقاومة‭ ‬شديدة،‭ ‬قد‭ ‬توقع‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬القتلى‭ ‬والأسرى‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬تأكيدات‭ ‬كتائب‭ ‬القسام‭ ‬استعدادها‭ ‬التام‭ ‬لهذه‭ ‬المواجهة،‭ ‬وأنها‭ ‬ستفاجئ‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يتوقعه‭.‬

هذا‭ ‬السيناريو،‭ ‬إن‭ ‬تحقق،‭ ‬فقد‭ ‬يستدعي‭ ‬تدخلاً‭ ‬أمريكياً‭ ‬مباشراً‭ ‬في‭ ‬الصراع،‭ ‬خصوصاً‭ ‬وأن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬تخف‭ ‬استعدادها‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬بحجة‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الأسرى،‭ ‬وتأمين‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬اللازمة‭ ‬للقوات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وهنا‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬المعطيات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬احتمالية‭ ‬كبيرة‭ ‬لوقوع‭ ‬صدام‭ ‬أمريكي‭ ‬مباشر‭ ‬مع‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيكون‭ ‬فاتحة‭ ‬الطريق‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الانتقاد‭ ‬والرفض‭ ‬لهذا‭ ‬التدخل،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الداخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬أو‭ ‬الدولي،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬المغامرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭.‬

وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي،‭ ‬لويد‭ ‬أوستن،‭ ‬برر‭ ‬تكثيف‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بأنه‭ ‬رد‭ ‬على‭ ‬التصعيد‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إيران‭ ‬وقواتها‭ ‬بالوكالة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬

احتمالية‭ ‬التدخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي؛‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬تساحي‭ ‬هنغبي،‭ ‬مرجحا‭ ‬أنً‭ ‬تتدخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إذا‭ ‬تصاعدت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬احتمالات‭ ‬دخول‭ ‬إيران‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حماس‭.‬

وقال‭ ‬هنغبي‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لوكالة‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬‭: ‬‮«‬هذا‭ ‬يوضح‭ ‬لأعدائنا‭ ‬أنه‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬يتخيلوا‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬مواطني‭ ‬إسرائيل،‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭ ‬تدخل‭ ‬أمريكي‮»‬،‭ ‬مضيفاً‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬وحدها‭... ‬القوة‭ ‬الأمريكية‭ ‬موجودة‭ ‬هنا‭ ‬وجاهزة‮»‬‭.‬

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬التدخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬الصراع؟‭!‬

في‭ ‬حال‭ ‬امتداد‭ ‬الصراع‭ ‬وتدخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كأحد‭ ‬أطرافه‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬سيحيل‭ ‬المنطقة‭ ‬برمتها‭ ‬إلى‭ ‬برميل‭ ‬بارود‭ ‬سينفجر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الاتجاهات،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬البعثات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والمصالح‭ ‬التجارية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أنها‭ ‬ستشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬مباشراً‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬رعايا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬برمتها‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬ذلك؛‭ ‬فإن‭ ‬التدخل‭ ‬المباشر‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬سيسهم‭ ‬في‭ ‬دخول‭ ‬أطرف‭ ‬أكثر‭ ‬راديكالية،‭ ‬وسيفتح‭ ‬الباب‭ ‬واسعاً‭ ‬لتبرير‭ ‬تدخل‭ ‬كل‭ ‬الجماعات‭ ‬المسلحة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬والخلفيات،‭ ‬وليس‭ ‬مستبعداً‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬جماعات‭ ‬أكثر‭ ‬تطرفاً‭ ‬وراديكالية‭ ‬من‭ ‬سابقتها‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬نارها‭ ‬إلى‭ ‬عواصم‭ ‬ومدن‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬الأرض‭ ‬وغربها،‭ ‬وبما‭ ‬قد‭ ‬يعيد‭ ‬احتمالات‭ ‬تنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬مباشرة‭ ‬ضد‭ ‬مصالح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

أما‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬إلا‭ ‬النزر‭ ‬اليسير‭ ‬مما‭ ‬تمتلكه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬ترسانة‭ ‬عسكرية،‭ ‬فقد‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬عسكرية‭ ‬مباشرة‭ ‬ضد‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

في‭ ‬حالة‭ ‬التدخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬بمقدور‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بمختلف‭ ‬تشكيلاتها‭ ‬ضبط‭ ‬النفس‭ ‬أو‭ ‬التراجع،‭ ‬وسيتحول‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬مباشر‭ ‬ضد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬يحرك‭ ‬بعض‭ ‬الحكومات‭ ‬العربية‭ ‬لاتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬أكثر‭ ‬تشدداً‭ ‬ضد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا