العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أبعاد عديدة للعدوان الهمجي على غزة

بقلم: جميل مطر

السبت ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

كان‭ ‬يوم‭ ‬سبت‭. ‬سبت‭ ‬تلون‭ ‬في‭ ‬الكتابات‭ ‬والتعليقات‭ ‬بألوان‭ ‬شتى‭. ‬للبعض‭ ‬كان‭ ‬سبتا‭ ‬أبيض‭ ‬ولأعدائهم‭ ‬كان‭ ‬سبتا‭ ‬أسود‭ ‬ولآخرين‭ ‬كان‭ ‬سبتا‭ ‬أحمر‭. ‬سبت‭ ‬سوف‭ ‬يسجله‭ ‬التاريخ‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬الشرف‭ ‬وتسجله‭ ‬سجلات‭ ‬أخرى‭ ‬باعتباره‭ ‬يوما‭ ‬ممتدا‭ ‬تحت‭ ‬عناوين‭ ‬شتى‭ ‬منها‭ ‬عنوان‭ ‬يوم‭ ‬السباق‭ ‬نحو‭ ‬النفاق،‭ ‬وعنوان‭ ‬يوم‭ ‬انكشفت‭ ‬للناس‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬عنصرية‭ ‬زعماء‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬مرض‭ ‬خبيث‭ ‬ومقيم،‭ ‬ويوم‭ ‬عادت‭ ‬منتشية‭ ‬الصليبية‭ ‬تحت‭ ‬أسماء‭ ‬أخرى،‭ ‬ويوم‭ ‬نسي‭ ‬العالم‭ ‬أو‭ ‬تناسى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حربا‭ ‬ناشبة‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ويوم‭ ‬سمعنا‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬دولة‭ ‬عظمى‭ ‬يعلن‭ ‬على‭ ‬الملأ‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬انتشاء‭ ‬أو‭ ‬تكبر‭ ‬أنه‭ ‬بعث‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬دينية‭ ‬وليس‭ ‬لصفة‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬وظيفية،‭ ‬ويوم‭ ‬ساد‭ ‬الوجوم‭ ‬والترقب‭ ‬معظم‭ ‬عواصم‭ ‬العرب،‭ ‬ويوم‭ ‬تنفست‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬الصعداء‭ ‬لانفراجة‭ ‬بدت‭ ‬تبرق‭ ‬لصالحهما،‭ ‬ويوم‭ ‬ذهبت‭ ‬الظنون‭ ‬بحكام‭ ‬دول‭ ‬شتى‭ ‬أن‭ ‬حلم‭ ‬نكبة‭ ‬ثانية‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬راودها‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬أن‭ ‬يتحقق،‭ ‬ويوم‭ ‬حققت‭ ‬حركة‭ ‬مقاومة‭ ‬حلم‭ ‬الملايين‭ ‬بأفراد‭ ‬معدودين‭ ‬وهو‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬قررت‭ ‬فيه‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتدعمها‭ ‬أمريكا‭ ‬تدمير‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وتهجير‭ ‬سكانه‭. ‬كان‭ ‬يوما‭ ‬ليس‭ ‬ككل‭ ‬الأيام،‭ ‬فعل‭ ‬بأهل‭ ‬غزة‭ ‬ما‭ ‬فعل‭ ‬وخلف‭ ‬من‭ ‬بعده‭ ‬أياما‭ ‬بأحداث‭ ‬ليست‭ ‬أقل‭ ‬أهمية‭ ‬فيما‭ ‬يلي‭ ‬أعرض‭ ‬للنقاش‭ ‬بعضا‭ ‬منها‭.‬

أولا‭: ‬كان‭ ‬موقف‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬مخزيا‭. ‬لا‭ ‬أجد‭ ‬كلمة‭ ‬تناسب‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الغرب‭ ‬وما‭ ‬تردد‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬حكامه‭ ‬وممثليه‭ ‬إلا‭ ‬كلمة‭ ‬الخزي‭. ‬أكد‭ ‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تعتبر‭ ‬أي‭ ‬مقاومة‭ ‬فلسطينية‭ ‬لاحتلالها‭ ‬فلسطين‭ ‬إرهابا‭ ‬وليس‭ ‬مقاومة‭. ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬يهود‭ ‬بولندا‭ ‬قاوم‭ ‬النازيين‭ ‬ولم‭ ‬يصنفهم‭ ‬الغرب‭ ‬إرهابيين‭. ‬أمريكا‭ ‬نفسها‭ ‬قاومت‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإنجليزي‭ ‬ولم‭ ‬تسجل‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬هذه‭ ‬المقاومة‭ ‬كحركة‭ ‬إرهاب‭. ‬لم‭ ‬نعرف‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬يقف‭ ‬كتلة‭ ‬واحدة‭ ‬تبارك‭ ‬تدمير‭ ‬شعب‭ ‬بمؤسساته‭ ‬ومساكنه‭ ‬وأطفاله‭ ‬ونسائه‭ ‬لأنه‭ ‬يأوي‭ ‬أفرادا‭ ‬يقاومون‭.‬

‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬هذا‭ ‬الغرب‭ ‬إنه‭ ‬يستخدم‭ ‬عنف‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ليشن‭ ‬حربا‭ ‬صليبية‭ ‬جديدة‭ ‬ضد‭ ‬أهل‭ ‬المنطقة‭. ‬جاءت‭ ‬ردود‭ ‬زعماء‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬رد‭ ‬السيدة‭ ‬أورسولا‭ ‬رئيسة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مخيفا‭ ‬وكاشفا‭ ‬عن‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬العنصرية‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تصورناه‭ ‬عن‭ ‬السياسيين‭ ‬من‭ ‬ألمان‭ ‬عهد‭ ‬هتلر‭. ‬حركوا‭ ‬ومعهم‭ ‬مؤسسات‭ ‬إعلامية‭ ‬غربية‭ ‬شهوة‭ ‬إسرائيل‭ ‬لتهجير‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬صحراء‭ ‬سيناء‭. ‬أثاروا‭ ‬جميعا‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬الكره‭ ‬عمت‭ ‬أجواء‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬سابقة‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭.‬

ثانيا‭: ‬لسنا‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الخبرة‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الدولية‭ ‬لنقرر‭ ‬أن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬خرجت‭ ‬خاسرة‭ ‬من‭ ‬انتقال‭ ‬الحملة‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬وأن‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬خرجتا‭ ‬بنصيب‭ ‬عال‭ ‬من‭ ‬تعاطف‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭. ‬خرجتا‭ ‬بهذا‭ ‬النصيب‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬تدخل‭ ‬مباشر‭. ‬اكتفتا‭ ‬بتأكيد‭ ‬حق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬التحرر‭ ‬والاستقلال‭.‬

ثالثا‭: ‬سقطت‭ ‬مبادرة‭ ‬أو‭ ‬فكرة‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬أو‭ ‬هكذا‭ ‬تردد‭ ‬الرأي‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأرجاء‭. ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ممكنا‭ ‬تجديد‭ ‬الاقتناع‭ ‬بصدق‭ ‬نوايا‭ ‬واشنطن‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الحل‭. ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬أمريكا‭ ‬خلال‭ ‬عشرة‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬قدم‭ ‬الدليل‭ ‬الناصع‭ ‬على‭ ‬سوء‭ ‬النية‭ ‬نتيجة‭ ‬هيمنة‭ ‬أقلية‭ ‬إثنية‭ ‬دينية‭ ‬على‭ ‬مفاتيح‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والعكس‭ ‬أيضا‭ ‬صحيح‭. ‬

هذا‭ ‬التطور‭ ‬كفيل‭ ‬بأن‭ ‬يثير‭ ‬اليأس‭ ‬في‭ ‬دوائر‭ ‬صنع‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬حكومات‭ ‬عربية‭ ‬كثيرة‭ ‬راهنت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬البديل‭. ‬معنى‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬مستحيلات‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬خبرتها‭ ‬تؤكد‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬أجواء‭ ‬المستحيل‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تؤسس‭ ‬لحركات‭ ‬مقاومة‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬سيطرة‭ ‬السلطة‭ ‬الحاكمة‭. ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬تعود‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬تشكل‭ ‬هاجسا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬عواصم‭ ‬عربية‭ ‬كثيرة‭. ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ينتعش‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العواصم‭ ‬حول‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬قدرات‭ ‬أو‭ ‬نوايا‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬وخاصة‭ ‬أمريكا‭ ‬تجاه‭ ‬قضايا‭ ‬حماية‭ ‬أمن‭ ‬واستقلال‭ ‬وسلامة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الحليفة‭.‬

رابعا‭: ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬استجد‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬لن‭ ‬نكون‭ ‬من‭ ‬المبالغين‭ ‬أو‭ ‬المتشائمين‭ ‬إذا‭ ‬توقعنا‭ ‬توسعات‭ ‬في‭ ‬المستوطنات‭ ‬وزيادة‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الجديد‭ ‬منها‭. ‬لاحظنا‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬ولاحظت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬أن‭ ‬المستوطنين‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬جيش‭ ‬آخر‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬الجيش‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يكتمل‭ ‬تسليح‭ ‬المستوطنين‭. ‬سمعنا‭ ‬إدانات‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬لهجة‭ ‬الإرهاب‭ ‬المضاد‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬مسؤولين‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬وفى‭ ‬بروكسل‭ ‬تتهم‭ ‬حماس‭ ‬بالوحشية‭ ‬ولم‭ ‬نسمع‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬الشهور‭ ‬الأخيرة‭ ‬إدانة‭ ‬أوروبية‭ ‬أو‭ ‬أمريكية‭ ‬واحدة‭ ‬لحملات‭ ‬الترويع‭ ‬والقتل‭ ‬العمد‭ ‬لمدنيين‭ ‬فلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬كانت‭ ‬مثل‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬الرعب‭ ‬المتطرف‭ ‬وراء‭ ‬قرار‭ ‬حماس‭ ‬بالتحرك‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

خامسا‭: ‬أعترف‭ ‬بأنني‭ ‬مستاء‭ ‬لما‭ ‬تردت‭ ‬إليه‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭. ‬مستاء‭ ‬للفوضى‭ ‬الضاربة‭ ‬أطنابها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القارات،‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬فشل‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬قيادتها‭ ‬وعجزها‭ ‬عن‭ ‬نشر‭ ‬قناعاتها‭ ‬الأيديولوجية‭. ‬مستاء‭ ‬للممارسات‭ ‬الشاذة،‭ ‬أو‭ ‬فلنقل‭ ‬الممارسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬غير‭ ‬المألوفة‭ ‬ولكن‭ ‬الخطيرة‭ ‬في‭ ‬مراميها،‭ ‬النموذج‭ ‬البارز‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬إعلان‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬سلم‭ ‬الطائرة‭ ‬الراسية‭ ‬لتوها‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬بن‭ ‬جوريون‭ ‬أنه‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬بصفته‭ ‬اليهودية‭. ‬هل‭ ‬نتوقع‭ ‬من‭ ‬معظم‭ ‬أعضاء‭ ‬جهاز‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬أن‭ ‬يكرروا‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬عند‭ ‬تنفيذهم‭ ‬مهام‭ ‬سياسية‭ ‬أمريكية‭ ‬خارج‭ ‬أمريكا؟‭ ‬هل‭ ‬صار‭ ‬الدين‭ ‬ضرورة‭ ‬من‭ ‬ضرورات‭ ‬فرض‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي؟‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬بالذات؟‭ ‬هل‭ ‬قدر‭ ‬السيد‭ ‬بلينكن‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬السابقة‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬أمريكا‭ ‬الخارجية‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بشكل‭ ‬عام؟‭ ‬أتخيل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬دبلوماسيا‭ ‬أمريكيا‭ ‬يقدم‭ ‬نفسه‭ ‬باسمه‭ ‬وديانته‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬خارجية‭ ‬فيرد‭ ‬عليه‭ ‬المضيف‭ ‬المكلف‭ ‬باستقباله‭ ‬باسمه‭ ‬مضيفا‭ ‬أنه‭ ‬هندوسي‭ ‬الديانة‭ ‬أو‭ ‬بوذي‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬ديني‭ ‬أو‭ ‬مسلم‭ ‬أو‭ ‬مسيحي‭ ‬كاثوليكي‭. ‬

هل‭ ‬كان‭ ‬القصد‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬طمأنة‭ ‬الطرف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أم‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬ترويع‭ ‬شعوب‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ومنها‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صارت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬نظرهم‭ ‬دينية‭. ‬هكذا‭ ‬فهم‭ ‬الناس‭ ‬القصد‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬المثير‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬رئيس‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭. ‬أخشى‭ ‬مع‭ ‬الكثيرين‭ ‬أن‭ ‬تستفحل‭ ‬الظاهرة‭ ‬متمنيا‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬مصرع‭ ‬الطفل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬إلينوى‭ ‬الأمريكية‭ ‬بطعنات‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬متأثر‭ ‬بحملة‭ ‬الكراهية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربي‭ ‬بداية‭ ‬مسيرة‭ ‬عنف‭ ‬وغضب‭ ‬متبادل‭. ‬خطأ‭ ‬آخر‭ ‬ترتكبه‭ ‬إدارة‭ ‬سياسية‭ ‬منهكة‭ ‬يحسب‭ ‬عليها‭ ‬ضمن‭ ‬أخطاء‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬خطورة‭.‬

سادسا‭: ‬فرد‭ ‬واحد‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يشعل‭ ‬حربا‭ ‬ويدفع‭ ‬الغرب‭ ‬كله‭ ‬إلى‭ ‬التأهب‭ ‬لحماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬ويفرض‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬وضعا‭ ‬جديدا‭ ‬في‭ ‬علاقاتهم‭ ‬بها‭ ‬وبالغرب،‭ ‬هذا‭ ‬الفرد‭ ‬أثار‭ ‬زوبعة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬إصلاح‭ ‬القضاء‭ ‬ليتهرب‭ ‬من‭ ‬إدانة‭ ‬بالفساد‭ ‬ومن‭ ‬إعلان‭ ‬نهاية‭ ‬لدوره‭ ‬السياسي،‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أراد‭ ‬فشن‭ ‬حربا‭ ‬ضد‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬مراهنا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تمتد‭ ‬الحرب‭ ‬لتصبح‭ ‬حربا‭ ‬إقليمية‭ ‬ثم‭ ‬شبه‭ ‬دولية‭. ‬نتنياهو‭ ‬بالفعل‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬معه‭ ‬المعبد‭ ‬بأسره‭ ‬إلى‭ ‬الدمار‭ ‬طالما‭ ‬ظل‭ ‬سيف‭ ‬المحكمة‭ ‬على‭ ‬رقبته‭. ‬وقد‭ ‬حدث‭. ‬كل‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬المؤسسات‮»‬‭ ‬غير‭ ‬مطمئنة‭ ‬الآن‭ ‬لتربعه‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬قرار‭ ‬السلم‭ ‬والحرب‭ ‬فراحت‭ ‬تقيده‭ ‬بحكومة‭ ‬ائتلاف‭ ‬وطنية،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬أغلبيتها‭ ‬غير‭ ‬مختلفة‭ ‬معه‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬الأساليب‭ ‬والهدف‭.‬

المطلوب‭ ‬الآن‭ ‬تنبيه‭ ‬الغرب‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬وقف‭ ‬الاندفاع‭ ‬نحو‭ ‬كارثة‭ ‬محققة‭ ‬لو‭ ‬استمر‭ ‬قادته‭ ‬في‭ ‬محاباة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬أمم‭ ‬أخرى‭. ‬توسعوا‭ ‬فكوفئوا،‭ ‬قتلوا‭ ‬ولم‭ ‬يعاقبوا،‭ ‬مزقوا‭ ‬فلسطين‭ ‬ولم‭ ‬يحاكموا،‭ ‬هددوا‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لسبعين‭ ‬عاما‭ ‬ولم‭ ‬يؤاخذوا‭.‬

 

{‭ ‬كاتب‭ ‬ومحلل‭ ‬سياسي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا