العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

صدمة جيش الاحتلال والسيناريو الأكثر رعبا!

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ٢٩ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

هناك‭ ‬رؤية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬مشوشة‭ ‬ومضطربة‭ ‬تظهر‭ ‬قوة‭ ‬تأثير‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بكل‭ ‬شرائحه‭! ‬فكلما‭ ‬ازداد‭ ‬الانشغال‭ ‬بإمكانية‭ ‬الدخول‭ ‬البري‭ ‬لجيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬يزداد‭ ‬أيضاً‭ ‬التوتر‭ ‬والحساسية‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬لبنان‭.‬

وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يحقق‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬نتائج‭ ‬عسكرية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬أساسيه‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬رغم‭ ‬آلاف‭ ‬الأطنان‭ ‬من‭ ‬المتفجرات‭ ‬التي‭ ‬دمرت‭ ‬أحياء‭ ‬سكنية‭ ‬كاملة‭ ‬وأوقعت‭ ‬عشرات‭ ‬آلاف‭ ‬الضحايا‭ ‬المدنيين‭ ‬بين‭ ‬شهداء‭ ‬وجرحى‭. ‬وحتى‭ ‬تاريخ‭ ‬كتابة‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ (‬24‭ ‬أكتوبر‭) ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬انتظار‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬حدود‭ ‬‮«‬قطاع‭ ‬غزة‮»‬‭ ‬منتظرا‭ ‬البدء‭ ‬بـ«تدمير‭ ‬حكم‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬تتواصل‭ ‬الهجمات‭ ‬الجوية‭ ‬الكثيفة‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬البشر‭ ‬والشجر‭ ‬والحجر،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬تهجير‭ ‬مئات‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬وذلك‭ ‬لربما‭ ‬في‭ ‬أوسع‭ ‬عملية‭ ‬تطهير‭ ‬عرقي‭ ‬إسرائيلي‭ ‬جديد‭ ‬لأبناء‭ ‬فلسطين‭ ‬تجري‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬عمليات‭ ‬الإبادة‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬منذ‭ ‬نكبة‭ ‬1948‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬يخشى‭ ‬صدمة‭ ‬جديدة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يحتملها‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وهو‭ ‬مازال‭ ‬يتخبط‭ ‬جراء‭ ‬صدمة‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭. ‬فاجتياح‭ ‬بري‭ ‬إسرائيلي‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬المجازر‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬من‭ ‬الجو‭ ‬والبحر‭ ‬مغامرة‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬خسائر‭ ‬استراتيجية‭ ‬فادحة،‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬القبول‭ ‬بمساعي‭ ‬مكرسة‭ ‬لإبادة‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬أهالي‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬مع‭ ‬اتساع‭ ‬الرفض‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشعبي‭ ‬العالمي‭. ‬هذا‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬ثمة‭ ‬خوف‭ ‬إسرائيلي‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬جبهات‭ ‬إضافية‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬الجبهة‭ ‬اللبنانية،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬قوة‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬توازي‭ ‬قوة‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬عشرات‭ ‬المرات‭.‬

الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬مأزوم‭ ‬معنويا‭ ‬ومهزوم‭ ‬عسكرياً،‭ ‬وآثار‭ ‬عدوانه‭ ‬تعيشه‭ ‬غزة‭ ‬وباقي‭ ‬‮«‬القطاع‮»‬‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تسلم‭ ‬المستشفيات‭ ‬وأماكن‭ ‬العبادة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬حذر‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬العسكريين‭ ‬والجنرالات‭ ‬السابقين‭ ‬ومن‭ ‬ضمنهم‭ (‬إيهود‭ ‬باراك‭) ‬و‭(‬موشيه‭ ‬يعالون‭) ‬و‭(‬يوسي‭ ‬كوهين‭) ‬رئيس‭ ‬الموساد‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬تضخيم‭ ‬الأهداف‭ ‬الطموحة‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬للحرب،‭ ‬ومن‭ ‬مخاطر‭ ‬العملية‭ ‬البرية‭ ‬باعتبارها‭ ‬مضمونة‭ ‬الخسائر‭ ‬وغير‭ ‬مضمونة‭ ‬النتائج،‭ ‬وسخر‭ ‬بعضهم‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬بـ«سحق‭ ‬حماس‮»‬‭ ‬و«تفكيك‭ ‬حماس‮»‬‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬القادة‭ ‬السياسيين‭ ‬والعسكريين،‭ ‬باعتبارها‭ ‬مهمة‭ ‬مستحيلة‭.‬

‭ ‬ودعا‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العسكري‭ (‬يجيل‭ ‬ليفي‭) ‬إلى‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬الاستغراق‭ ‬في‭ ‬أوهام‭ ‬إسقاط‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬مذكرا‭ ‬بأمثلة‭ ‬‮«‬الفشل‭ ‬الذريع‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬أفغانستان‭ ‬وليبيا،‭ ‬وكيف‭ ‬ساهمت‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬في‭ ‬إشعال‭ ‬حروب‭ ‬أهلية‮»‬‭. ‬

أما‭ (‬إيلي‭ ‬كرمون‭) ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬السياسات‭ ‬والمحاضر‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬ريخمان‮»‬،‭ ‬فيحذر‭ ‬مما‭ ‬أسماه‭ ‬‮«‬السيناريو‭ ‬الأكثر‭ ‬رعبًا‭ ‬لتداعيات‭ ‬العملية‭ ‬البرية‮»‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬فتح‭ ‬جبهة‭ ‬جديدة‭ ‬ودخول‭ ‬حزب‭ ‬اللّه‭ ‬إلى‭ ‬الحرب،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيقود‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬أصعب‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬لبنان‭ ‬الثانية‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬فحزب‭ ‬اللّه‭ ‬يمتلك‭ ‬اليوم‭ ‬بين‭ ‬100‭ ‬و150‭ ‬ألف‭ ‬صاروخ‭ ‬يبلغ‭ ‬مداها‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬إلى‭ ‬700‭ ‬كم‭ ‬بينها‭ ‬صواريخ‭ ‬دقيقة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عشرات،‭ ‬وربما‭ ‬مئات‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‮»‬‭. ‬

وعلى‭ ‬حد‭ ‬قول‭ ‬اللواء‭ ‬احتياط‭ (‬يعقوب‭ ‬عميدرور‭): ‬‮«‬نحن‭ ‬نوشك‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬صعب‭. ‬إدخال‭ ‬قوات‭ ‬برية‭ ‬بحجم‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬له‭ ‬مثيل‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬لبنان،‭ ‬فيما‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬إبادة‭ ‬حماس‭ ‬كمنظمة‭ ‬عسكرية‭. ‬من‭ ‬شأننا‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬جبهتين‮»‬‭.‬

سواء‭ ‬حصل‭ ‬الهجوم‭ ‬البري‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬بشكل‭ ‬موسع‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬محدود،‭ ‬فإن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬مازال‭ ‬متخوفا‭ ‬ومتلكئا‭ ‬في‭ ‬تنفيذه‭ ‬لإدراكه‭ ‬لحجم‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬المتوقعة‭ ‬لجنود‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬موقع‭ ‬بلومبيرج‭ ‬الأمريكي‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬غيرت‭ ‬لهجتها‭ ‬بشأن‭ ‬الخطط‭ ‬الميدانية،‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬مؤشرا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النهج‭ ‬يذهب‭ ‬باتجاه‭ ‬عملية‭ ‬محدودة‮»‬‭. ‬

وتبقى‭ ‬حالة‭ ‬الحيرة‭ ‬الإسرائيلية‭ (‬نعم‭ ‬للحرب‭ ‬البرية‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬نعم‭ ‬لاقتحام‭ ‬بري‭ ‬شامل‭ ‬أم‭ ‬محدود؟‭) ‬هي‭ ‬الحالة‭ ‬السائدة‭ ‬والكاسحة،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المباشرة‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬تخضع‭ ‬لجملة‭ ‬اعتبارات‭ ‬أساسية‭ ‬محلية‭ ‬وإقليمية‭ ‬ودولية،‭ ‬وسط‭ ‬حالة‭ ‬غموض‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الميداني‭ ‬قرب‭ ‬غزة‭ ‬وحتى‭ ‬عند‭ ‬الحدود‭ ‬اللبنانية،‭ ‬يرافقها‭ ‬حالة‭ ‬ترقب‭ ‬تسود‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬يحبس‭ ‬أنفاسه‭ ‬من‭ ‬لحظة‭ ‬تضطر‭ ‬فيها‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تصوب‭ ‬أسلحتها‭ ‬نحو‭ ‬أهداف‭ ‬جديدة‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬تنخرط‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬المحتملة‭. ‬وإن‭ ‬غدا‭ ‬لناظره‭ ‬قريب‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا