العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تغيرات سوق الطاقة على وقع الحرب الإسرائيلية على غزة

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٠٤ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

فيما‭ ‬تعد‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬مركز‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬والغاز،‭ ‬وعليها‭ ‬يعتمد‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي،‭ ‬فمن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وما‭ ‬يرتبط‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬تمدد‭ ‬وتصعيد‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭. ‬ومنذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬تعد‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الخطر‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬الأكبر،‭ ‬المهدد‭ ‬لسوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي

ففي‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للحرب‭ ‬8‭ ‬أكتوبر،‭ ‬ارتفعت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬بنحو‭ ‬5%‭ ‬أو‭ ‬4‭ ‬دولارات‭ ‬للبرميل‭ ‬بسبب‭ ‬المخاوف‭ ‬على‭ ‬الإمدادات،‭ ‬وفي‭ ‬22‭ ‬أكتوبر‭ ‬ارتفع‭ ‬سعر‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬بنسبة‭ ‬10%،‭ ‬ونظيره‭ ‬الأمريكي‭ ‬بنسبة‭ ‬9%‭. ‬وحذر‭ ‬خبراء‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬قد‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬الإمدادات،‭ ‬ودفع‭ ‬الأسعار‭ ‬إلى‭ ‬الارتفاع،‭ ‬فيما‭ ‬صرح‭ ‬رئيس‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬لا‭ ‬تجلب‭ ‬أخبار‭ ‬جيدة‭ ‬لأسواق‭ ‬النفط‭ ‬المنهكة‭ ‬بالفعل،‭ ‬بسبب‭ ‬تخفيضات‭ ‬الإنتاج‭ ‬من‭ ‬أوبك‭ ‬بلس‭ (‬1.3‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭)‬،‭ ‬وصعود‭ ‬الطلب‭ ‬الصيني‭.‬

يأتي‭ ‬ذلك‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ليست‭ ‬دولة‭ ‬نفطية،‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬دولية‭ ‬كبرى‭ ‬للنفط‭ ‬قرب‭ ‬غزة،‭ ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬خطرًا‭ ‬محتملاً‭ ‬التوسع‭ ‬الإقليمي‭ ‬للحرب،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬يمثل‭ ‬ثلث‭ ‬العرض‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬النفط‭. ‬ويمر‭ ‬عبر‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬20%‭ ‬من‭ ‬الإمدادات‭ ‬العالمية،‭ ‬أو‭ ‬نحو‭ ‬30%‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬المنقول‭ ‬بحرًا‭.‬

وقد‭ ‬حذر‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬أكتوبر،‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬صدمة‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الخام،‭ ‬مثل‭ ‬النفط‭ ‬والمنتجات‭ ‬الزراعية‭ ‬حال‭ ‬تصاعد‭ ‬الصراع‭ ‬واتساع‭ ‬رقعته،‭ ‬وبحسب‭ ‬كبير‭ ‬خبراء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬البنك‭ ‬ستكون‭ ‬هذه‭ ‬أول‭ ‬صدمة‭ ‬مزدوجة‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية،‭ ‬ومنها‭ ‬النفط،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬الحربين،‭ ‬الروسية‭ ‬والإسرائيلية‭.‬

وكان‭ ‬البنك‭ ‬قد‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬قد‭ ‬ترتفع‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭ ‬إذا‭ ‬تصاعد‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬حاليًا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬عند‭ ‬مستوى‭ ‬90‭ ‬دولارا،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬السعر‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينخفض،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التوقع‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينقلب‭ ‬بسرعة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬أسوأ‭ ‬السيناريوهات‭ ‬طبقًا‭ ‬للبنك،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتطور‭ ‬الوضع‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬مماثل‭ ‬لأزمة‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتفاقم‭ ‬الأزمة،‭ ‬فإن‭ ‬التوقعات‭ ‬الحالية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬إمكانية‭ ‬انخفاض‭ ‬الأسعار‭ ‬إلى‭ ‬81‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يتعافى‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬الذي‭ ‬شهده‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬التضخم،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية،‭ ‬وأن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية،‭ ‬خاصة‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬ما‭ ‬ينذر‭ ‬بتفاقم‭ ‬أزمة‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬عالميًا‭. ‬والسيناريو‭ ‬الأفضل‭ ‬الذي‭ ‬حدده‭ ‬البنك‭ ‬يتوقع‭ ‬فيه‭ ‬حدوث‭ ‬اضطراب‭ ‬بسيط،‭ ‬يخفض‭ ‬إمدادات‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬نصف‭ ‬إلى‭ ‬مليوني‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬فترتفع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬93‭ ‬‭ ‬102‭ ‬دولار‭ ‬للبرميل‭.‬

وأبقى‭ ‬محللون‭ ‬من‭ ‬‮«‬جولد‭ ‬مان‭ ‬ساكس‮»‬‭ ‬توقعاتهم‭ ‬لسعر‭ ‬برميل‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬2024‭ ‬عند‭ ‬95‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل،‭ ‬وأضافوا‭ ‬أن‭ ‬تراجع‭ ‬الصادرات‭ ‬الإيرانية‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬الأسعار‭ ‬إلى‭ ‬الارتفاع‭ ‬نحو‭ ‬5%،‭ ‬ولكن‭ ‬الأسعار‭ ‬قد‭ ‬تقفز‭ ‬بما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬20%‭ ‬حال‭ ‬تحقق‭ ‬الاحتمال‭ ‬الأقل‭ ‬ترجيحًا‭ ‬بتصاعد‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وقد‭ ‬ارتفعت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬1%‭ ‬يوم‭ ‬27‭ ‬أكتوبر،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مخاوف‭ ‬المستثمرين‭ ‬من‭ ‬اتساع‭ ‬نطاق‭ ‬الحرب،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تعطل‭ ‬الإمدادات،‭ ‬بعد‭ ‬ورود‭ ‬تقارير‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬قصف‭ ‬أهدافا‭ ‬إيرانية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭.‬

ولأن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬ظلت‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬محدودًة‭ ‬مع‭ ‬دخولها‭ ‬الأسبوع‭ ‬الرابع،‭ ‬فقد‭ ‬هبطت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى،‭ ‬حيث‭ ‬انخفض‭ ‬خام‭ ‬غرب‭ ‬تكساس‭ ‬الوسيط‭ ‬بنسبة‭ ‬3.8%،‭ ‬وبلغ‭ ‬نحو‭ ‬83‭ ‬دولارا‭ ‬للبرميل،‭ ‬وكان‭ ‬المضاربون‭ ‬قد‭ ‬توقعوا‭ ‬اجتياح‭ ‬بري‭ ‬كامل‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولكن‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الاجتياح‭ ‬أقل‭ ‬مما‭ ‬توقعه‭ ‬المضاربون،‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬انخفاض‭ ‬علاوة‭ ‬المخاطرة‭ ‬وتسارع‭ ‬وتيرة‭ ‬البيع،‭ ‬ولكن‭ ‬المضاربين‭ ‬يستمرون‭ ‬في‭ ‬تضخيم‭ ‬أبعاد‭ ‬المخاطر‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬التي‭ ‬تضاف‭ ‬لانخفاض‭ ‬المعروض‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أوبك‭ ‬بلس،‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬تدهور‭ ‬الأسعار،‭ ‬ولذلك‭ ‬اتسمت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬بالتقلب‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬الفائت‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬تركز‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وتعدد‭ ‬المخاطر‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬فيها،‭ ‬وآخرها‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬أظهرتها‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬تزيد‭ ‬القناعة‭ ‬عالميًا،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬البلاد‭ ‬المستهلكة‭ ‬للنفط‭ ‬والغاز،‭ ‬أن‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬ليس‭ ‬خيارين‭ ‬آمنين‭ ‬للطاقة،‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬تسريع‭ ‬تحول‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬تقدم‭ ‬المصادر‭ ‬المتجددة‭ ‬كالطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬والرياح‭ ‬حلًا‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬لقضايا‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬وتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬طبقًا‭ ‬لما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لوكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭.‬

وهناك‭ ‬مظهر‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬تأثير‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬أسواق‭ ‬النفط،‭ ‬وذلك‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬إعراض‭ ‬المستثمرين‭ ‬عن‭ ‬أنشطة‭ ‬الاستكشاف‭ ‬والتنقيب‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ما‭ ‬سوف‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬المديين‭ ‬المتوسط‭ ‬والطويل،‭ ‬ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬تعاني‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬كبير‭ ‬بسبب‭ ‬ضغوط‭ ‬أزمة‭ ‬المناخ‭.‬

ويلاحظ‭ ‬هنا،‭ ‬أن‭ ‬تأثير‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬الغاز‭ ‬كان‭ ‬أسرع،‭ ‬حيث‭ ‬ارتفع‭ ‬سعره‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬أكتوبر،‭ ‬عبر‭ ‬منصة‭ ‬تداول‭ ‬عقود‭ ‬الغاز‭ ‬الهولندية،‭ ‬وهي‭ ‬المؤشر‭ ‬الأوروبي‭ ‬للغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬بمقدار‭ ‬الثلث‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬في7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬وارتفعت‭ ‬الأسعار‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬دولارا‭ ‬إلى‭ ‬17‭ ‬دولارا‭ ‬لكل‭ ‬مليون‭ ‬وحدة‭ ‬حرارية‭.‬

كما‭ ‬ارتفع‭ ‬سعر‭ ‬الغاز‭ ‬المسال‭ ‬في‭ ‬بورصتي‭ ‬اليابان‭ ‬وكوريا‭ ‬من‭ ‬14‭.‬5‭ ‬إلى‭ ‬18‭.‬5‭ ‬دولارا‭ ‬لكل‭ ‬مليون‭ ‬وحدة‭ ‬حرارية‭ ‬بريطانية،‭ ‬فيما‭ ‬تهدد‭ ‬الحرب‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أيضًا‭ ‬سوق‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬إمدادات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬المخزونات‭ ‬الأوروبية‭ ‬ممتلئة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬كافية‭ ‬لتجاوز‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء،‭ ‬حال‭ ‬توقفت‭ ‬جميع‭ ‬الإمدادات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تعطيل‭ ‬الواردات‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬قد‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬الاضطرار‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي،‭ ‬ويذكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ارتفعت‭ ‬أسعار‭ ‬الغاز‭ ‬إلى‭ ‬145‭ ‬يورو‭ ‬لكل‭ ‬ميجاوات‭/‬ساعة‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬قياسي،‭ ‬وإذا‭ ‬استمرت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وما‭ ‬قد‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬تداعيات،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬أوروبا‭ ‬ومرونتها‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬أحداث‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬متوقعة،‭ ‬مثل‭ ‬شتاء‭ ‬قارس،‭ ‬أو‭ ‬انقطاع‭ ‬الإمدادات‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬أخرى،‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬صعود‭ ‬الأسعار‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬أوروبا‭ ‬قد‭ ‬عانت‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬طاقة،‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬تداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وتوقف‭ ‬الإمدادات‭ ‬الروسية،‭ ‬فيما‭ ‬تتسبب‭ ‬التداعيات‭ ‬الحالية‭ ‬للحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬تصاعد‭ ‬مخاوف‭ ‬مماثلة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سيناريو‭ ‬أسوأ‭ ‬مرتبط‭ ‬بتوسع‭ ‬دائرة‭ ‬الصراع،‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬بتأثير‭ ‬شديد‭ ‬في‭ ‬الأسواق،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬التأثير‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬مازال‭ ‬محدودًا‭ ‬بسبب‭ ‬امتلاء‭ ‬المخزون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وبسبب‭ ‬انخفاض‭ ‬الطلب‭ ‬بنسبة‭ ‬15%،‭ ‬ولأن‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬لأوروبا‭ ‬من‭ ‬غاز‭ ‬إسرائيلي‭ ‬مازال‭ ‬بكميات‭ ‬قليلة،‭ ‬ويمكن‭ ‬الاستعاضة‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬سوق‭ ‬الغاز‭ ‬المسال‭ ‬العالمية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تأخر‭ ‬قدوم‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭.‬

وكان‭ ‬تأثير‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الغاز‭ ‬واضحًا‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬إغلاق‭ ‬حقل‭ ‬تمار‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬شمالي‭ ‬غزة‭)‬،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬صادرات‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬مجاورة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضاف‭ ‬بالطبع‭ ‬إلى‭ ‬احتمالية‭ ‬تعطيل‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشاريع‭ ‬الأنابيب‭ ‬الجديدة‭ (‬مشروع‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬شرق‭ ‬المتوسط‭)‬،‭ ‬وتقليل‭ ‬رغبة‭ ‬المستثمرين‭ ‬في‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬المشروعات‭ ‬التطويرية‭ ‬لزيادة‭ ‬إنتاج‭ ‬الغاز‭ ‬الإسرائيلي‭. ‬وإذا‭ ‬استمر‭ ‬إغلاق‭ ‬حقل‭ ‬‮«‬تمار‮»‬،‭ ‬ستضطر‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬أنواع‭ ‬وقود‭ ‬أخرى،‭ ‬أو‭ ‬استخدام‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬حقل‭ ‬‮«‬ليفايثان‮»‬‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬بيعه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬بالتأكيد‭ ‬في‭ ‬اقتصادها‭ ‬المنهك‭ ‬بالفعل‭.‬

وعموما،‭ ‬فإن‭ ‬تأثير‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة،‭ ‬يظل‭ ‬مرتبطا‭ ‬بمدى‭ ‬تفاقم‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬المديين‭ ‬القصير‭ ‬والمتوسط،‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬خطوط‭ ‬الإمداد،‭ ‬والميل‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬مشروعات‭ ‬الطاقة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الاستكشاف‭ ‬والتنقيب‭ ‬وتطوير‭ ‬الحقول،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬علاوة‭ ‬المخاطر‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالأوضاع‭ ‬الجيوسياسية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا