العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

لن يغفر التاريخ للصامتين على الجرائم الإسرائيلية في غزة

بقلم: د. رمزي بارود

الأربعاء ٠٨ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

لن‭ ‬يغفر‭ ‬التاريخ‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬ظلوا‭ ‬صامتين،‭ ‬أو‭ ‬أظهروا‭ ‬أو‭ ‬عبروا‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬‮«‬متوازنة‮»‬‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬دافعوا‭ ‬عن‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬المحاصر‭ ‬والفقير‭ ‬والمكتظ‭ ‬بالفعل‭.‬

وهذا‭ ‬ليس‭ ‬إعلاناً‭ ‬مبتذلاً،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬يائسة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬هز‭ ‬العالم،‭ ‬وخاصة‭ ‬العالم‭ ‬الغربي،‭ ‬لإظهار‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الأخلاق‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يموت‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬بالآلاف،‭ ‬بينما‭ ‬تتناثر‭ ‬جثث‭ ‬الأطفال‭ ‬المسحوقة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حي‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

كلا‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتاريخ

في‭ ‬أعقاب‭ ‬هجمات‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬الإرهابية،‭ ‬أرادت‭ ‬واشنطن‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬الغربيون‭ ‬فرض‭ ‬تاريخ‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي،‭ ‬تاريخ‭ ‬يخوض‭ ‬فيه‭ ‬الغرب‭ ‬‮«‬حربًا‭ ‬حضارية‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‮»‬‭.‬

ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬ذُكر‭ ‬مرات‭ ‬عديدة،‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬الجناة،‭ ‬‮«‬الأشرار‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬الأمريكي،‭ ‬هم‭ ‬المسلمون‭ - ‬دينهم،‭ ‬ولغاتهم،‭ ‬وثقافاتهم،‭ ‬وتركيبتهم‭ ‬المجتمعية‭ ‬ذاتها‭.‬

في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬عدو‭ ‬جماعي‭. ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اختراعه‭. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬المسلمون‭ ‬متحدين‭. ‬وكانت‭ ‬لهم‭ ‬صراعاتهم‭ ‬الإقليمية‭ ‬والسياسية‭ ‬وحتى‭ ‬الطائفية‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬كانت‭ ‬معظم‭ ‬الحكومات‭ ‬الإسلامية‭ ‬تعتبر‭ ‬‮«‬حليفة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬ومدينة‭ ‬بالفضل‭ ‬للأجندات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬مدمرة‭ ‬وعنيفة‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الوهمي،‭ ‬كان‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬‮«‬الإسلاميين‭ ‬المتطرفين‮»‬،‭ ‬الذين‭ ‬وقعوا،‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬غيرتهم‮»‬‭ ‬المطلقة‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬والحضارة‭ ‬الغربية،‭ ‬عقدًا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬لهزيمة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وتدمير‭ ‬التنوير‭.‬

وقفز‭ ‬الغرب،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إسرائيل‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬العملاء‭ ‬الآخرين،‭ ‬إلى‭ ‬متن‭ ‬الطائرة‭. ‬لقد‭ ‬أرادوا‭ ‬جميعًا‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‮»‬،‭ ‬والفرص‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوافرة‭ ‬التي‭ ‬تتيحها‭ ‬لهم‭. ‬

لكن‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬كان‭ ‬ولايزال‭ ‬ملفقا‭. ‬لقد‭ ‬خاضت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬التي‭ ‬تتزعم‭ ‬العالم‭ ‬الغربي،‭ ‬حرباً‭ ‬لأسبابها‭ ‬الأنانية‭: ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬والمناورات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والألعاب‭ ‬الجيوستراتيجية‭ ‬الكبرى‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬كانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تقاتل‭ ‬ضد‭ ‬حركة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬قبل‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001،‭ ‬وستظل‭ ‬موجودة‭ ‬حتى‭ ‬يتعافى‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬ويعودون‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم‭ ‬المستعمر‭.‬

هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشوفينيين‭ ‬والعنصريين‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬الذين‭ ‬تجمعوا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬في‭ ‬التشكيلات‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬اليوم،‭ ‬استخدموا‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬ككبش‭ ‬فداء‭ ‬لتبرير‭ ‬عنصريتهم‭ ‬القائمة‭ ‬بشكل‭ ‬مستقل،‭ ‬وكراهيتهم‭ ‬للمهاجرين‭ ‬واللاجئين،‭ ‬وكعلف‭ ‬أو‭ ‬حطب‭ ‬في‭ ‬حربهم‭ ‬السياسية‭ ‬ضد‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يسمون‭ ‬الليبراليين‭.‬

لا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬أداء‭ ‬المجموعة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أي‭ ‬الليبيراليين‭ ‬الغربيين‭ ‬كان‭ ‬أفضل‭. ‬إن‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬تبرر‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والتي‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬أو‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬أو‭ ‬أولاف‭ ‬شولتز‭ ‬في‭ ‬برلين،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تمييزها‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬إيديولوجية‭ ‬فاشية‭ ‬في‭ ‬بلدانهم‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭.‬

هذه‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬غير‭ ‬المريحة‭ ‬التي‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والغربيين‭ ‬عموماً‭ ‬أن‭ ‬يتعاملوا‭ ‬معها‭ ‬الآن‭. ‬إن‭ ‬حربهم‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬الداخلية‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬مهزلة‭. ‬

إن‭ ‬التيارات‭ ‬الليبرالية‭ ‬والمحافظة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعنيا‭ ‬شيئًا‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬اختبارهما‭. ‬والمؤسسة‭ ‬الغربية‭ ‬برمتها،‭ ‬بألوانها‭ ‬الإيديولوجية‭ ‬المختلفة‭ ‬ـ‭ ‬مع‭ ‬استثناءات‭ ‬ضئيلة‭ ‬للغايةـ‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬الاختبار‭ ‬الأخلاقي‭ ‬بشأن‭ ‬فلسطين‭ ‬فشلاً‭ ‬ذريعاً‭.‬

‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬حظ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬كل‭ ‬الأوراق‭. ‬على‭ ‬الاقل‭ ‬ليس‭ ‬المزيد‭. ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1991،‭ ‬أو‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬عندما‭ ‬شنت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حروباً‭ ‬كبرى‭ ‬ومدمرة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬دون‭ ‬منازع‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬وسُمِح‭ ‬لها‭ ‬بإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬المنطقة‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬توقعاتها‭ ‬وتوقعات‭ ‬تل‭ ‬أبيب،‭ ‬وتوقعات‭ ‬بروكسل‭ ‬التي‭ ‬تحتضن‭ ‬مقر‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭.‬

هناك‭ ‬شرق‭ ‬أوسط‭ ‬جديد‭ ‬ينشأ‭ ‬بالفعل،‭ ‬وهو‭ ‬يعد‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬أسوأ‭ ‬كابوس‭ ‬لواشنطن،‭ ‬لأن‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يتماسكون‭ ‬ويرصون‭ ‬صفوفهم‭ ‬خلف‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لم‭ ‬يعودوا‭ ‬مرتبطين‭ ‬بالعرق‭ ‬أو‭ ‬اللون‭ ‬أو‭ ‬العقيدة‭.‬

هناك‭ ‬عالم‭ ‬إسلامي‭ ‬جديد‭ ‬آخذ‭ ‬في‭ ‬الظهور،‭ ‬عالم‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فيه‭ ‬مساحة‭ ‬للإرهاب‭ ‬والعنف‭ ‬العشوائي‭ ‬ضد‭ ‬الناس‭ ‬الأبرياء‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد‭ ‬المبدئي‭ ‬يتحد‭ ‬الآن‭ ‬حول‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬الصغيرة‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬وكأنها‭ ‬أزمة‭ ‬إنسانية‭ ‬لا‭ ‬تنتهي‭ ‬أبداً،‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬خلقتها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وإسرائيل‭ ‬وحدها‭.‬

عندما‭ ‬قررت‭ ‬إسرائيل‭ ‬محاصرة‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الانتخابات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬لم‭ ‬يتوقعوا‭ ‬قط‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬هناك‭ ‬سيكونون‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬فترة‭ ‬طويلة،‭ ‬وسيكونون‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬القتال،‭ ‬وسيكونون‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬أنفسهم‭ ‬كمركز‭ ‬للنضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬النضال‭ ‬ضد‭ ‬الإمبريالية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بأكملها‭. ‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬أظهرته‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬لنا‭ ‬ولأي‭ ‬شخص‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬تحرير‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬التلقين‭ ‬والإملاءات‭ ‬الأمريكية‭ ‬السافرة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬خارجها‭. ‬

أولا‭- ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬أو‭ ‬الاستقرار‭ ‬أو‭ ‬الأمن‭ ‬أو‭ ‬الرخاء‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬لفلسطين‭ ‬وتكريس‭ ‬الحرية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬كسائر‭ ‬الشعوب‭ ‬الحرة‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

ثانياً‭ - ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬قد‭ ‬خذلوا‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬ومازالوا‭ ‬يفعلون‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬الإسلامية‭ ‬تجد‭ ‬أرضية‭ ‬مشتركة‭ ‬حول‭ ‬دعمها‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬وإذا‭ ‬استمر‭ ‬هذا‭ ‬الزخم‭ ‬ــوينبغي‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يستمرــ‭ ‬فسوف‭ ‬يغير‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبة‭ ‬برمتها‭. ‬

ثالثاً‭- ‬إسرائيل‭ ‬ضعيفة‭ ‬عسكرياً،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬التأكيدات‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬نظام‭ ‬تابع‭ ‬لواشنطن،‭ ‬ويرتبط‭ ‬بقاؤها‭ ‬بدعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬الممكنة‭.‬

رابعاً‭- ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تملك‭ ‬كل‭ ‬الأوراق‭. ‬ومع‭ ‬وحدة‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والنفوذ‭ ‬المتزايد‭ ‬لإيران،‭ ‬ورفض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬التابعين‭ ‬لواشنطن،‭ ‬والموقف‭ ‬القوي‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وإيران‭ ‬وتركيا‭ ‬وغيرها،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬المنطقة‭ ‬منطقة‭ ‬آمنة‭ ‬لواشنطن‭. ‬

خامسا‭- ‬إن‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة‭ ‬ليست‭ ‬ضرباً‭ ‬من‭ ‬الخيال،‭ ‬كما‭ ‬اعتقد‭ ‬الكثيرون‭ ‬وكرروا‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين‭. ‬صحيح‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬غزة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬بمفردها‭ ‬على‭ ‬هزيمة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فإن‭ ‬قوة‭ ‬المقاومة‭ ‬المشتركة‭ ‬تظهر‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الدولة‭ ‬القوية‭ ‬التي‭ ‬هزمت‭ ‬بمفردها‭ -‬وبدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬بالطبع‭- ‬العديد‭ ‬من‭ ‬جيوش‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬عام‭ ‬1967‭.‬

سادسا‭- ‬وربما‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬النقاط‭ ‬الآنفة‭ ‬الذكر،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬غزة‭ ‬قللت‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الصراع‭ ‬الطائفي‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وهو‭ ‬صراع‭ ‬دام‭ ‬عقودًا‭ ‬وأثارته‭ ‬أطراف‭ ‬عديدة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإسرائيل‭ ‬وحكومات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭.‬

عندما‭ ‬شنت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬أفغانستان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬أشعلت‭ ‬فتيل‭ ‬الحرب‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بعد‭ ‬عقدين‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬صياغة‭ ‬نفسه‭ ‬بما‭ ‬يتجاوز‭ ‬التعريفات‭ ‬والتوقعات‭ ‬الأمريكية‭.‬

إن‭ ‬الاعتقاد‭ ‬بأن‭ ‬غزة‭ ‬الصغيرة‭ ‬هي‭ ‬الشرارة‭ ‬التي‭ ‬أعادت‭ ‬تركيز‭ ‬طاقات‭ ‬المنطقة‭ ‬برمتها‭ ‬هو‭ ‬معجزة‭ ‬سياسية‭ ‬سيجد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬السياسة‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬فهمها،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬تفسيرها‭.‬

 

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا