العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

قبل أن يجتاحنا الطوفان

‭  ‬يبدو‭ ‬ان‭ ‬كثيرين‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬غير‭ ‬مدركين‭ ‬تماما‭ ‬لأبعاد‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬شاملة‭ ‬وتدمير‭ ‬كامل‭ ‬يشنها‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭  ‬ومعه‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭.‬

كثيرون‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬يتصورون‭ ‬ان‭ ‬المسألة‭ ‬مجرد‭ ‬انتقام‭ ‬صهيوني‭ ‬مما‭ ‬فعلته‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬هجوم‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬وان‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬فقط‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬والتنكيل‭ ‬بغزة‭. ‬هذا‭ ‬تقدير‭ ‬ليس‭ ‬صحيحا‭.‬

من‭ ‬المفروض‭ ‬ان‭ ‬نكون‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬تام‭ ‬بأبعاد‭ ‬المخطط‭ ‬الشيطاني‭ ‬الذي‭ ‬يواجهه‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬والذي‭ ‬تعتبر‭ ‬حرب‭ ‬ابادة‭ ‬غزة‭ ‬خطوة‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬اليه‭.‬

يخطئ‭ ‬العرب‭ ‬خطأ‭ ‬تاريخيا‭ ‬قاتلا‭ ‬ان‭ ‬هم‭ ‬اعتقدوا‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬مقصود‭ ‬بها‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وخصوصا‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬فقط‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬مجرد‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وحدها‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭.‬

هذه‭ ‬ليست‭ ‬حربا‭ ‬صهيونية‭ ‬غربية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬او‭ ‬فلسطين‭ ‬فقط‭. ‬هي‭ ‬حرب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭. ‬حرب‭ ‬هدفها‭ ‬محاولة‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخطط‭ ‬قديم‭ ‬لفرض‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬الكامل‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬كقوة‭ ‬موحدة‭.‬

العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬والغرب‭ ‬اعتبروا‭ ‬ان‭ ‬هجوم‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬وما‭ ‬الحقه‭ ‬بالعدو‭ ‬من‭ ‬خسائر‭  ‬واذلال‭ ‬وكشف‭ ‬لأوجه‭ ‬ضعفه‭ ‬وهشاشته‭ ‬هي‭ ‬فرصة‭ ‬مواتية‭ ‬تماما‭ ‬لمحاولة‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭.‬

ثلاثة‭ ‬خطوات‭ ‬كبرى‭ ‬يتصورون‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬سيمر‭ ‬بها‭.‬

أولا‭: ‬الإبادة‭ ‬الكاملة‭ ‬لغزة‭ ‬بلا‭ ‬تردد‭ ‬وبشكل‭ ‬وحشي‭ ‬همجي‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬ويتابعه‭ ‬العالم‭ ‬كله‭.‬

هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬ليس‭ ‬مقصودا‭ ‬بها‭ ‬اهل‭ ‬غزة‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬وحدهم‭ ‬والانتقام‭  ‬منهم،‭ ‬وانما‭ ‬مقصود‭ ‬بذلك‭ ‬كل‭ ‬العرب‭.‬

مقصود‭ ‬ان‭ ‬يفهم‭ ‬العرب‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المصير،‭ ‬أي‭ ‬مصير‭ ‬العدوان‭ ‬والإبادة،‭  ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬ينتظرهم‭ ‬ان‭ ‬هم‭ ‬تجرأوا‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬او‭ ‬التصدي‭ ‬للمخططات‭ ‬الصهيونية‭ ‬الغربية‭.‬

ثانيا‭: ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هي‭ ‬مقدمة‭ ‬لتصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالكامل،‭ ‬والسبيل‭ ‬الأساسي‭ ‬لذلك‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬هو‭ ‬محاولة‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وطردهم‭ ‬من‭ ‬ارضهم‭ ‬وبلادهم‭.‬

‭  ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬لبدء‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬اعلنوا‭ ‬ان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬عليهم‭ ‬ان‭ ‬يتركوا‭ ‬ارضهم‭ ‬ويتوجهوا‭ ‬الى‭ ‬مصر‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

وحاولت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬أمريكا‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬كي‭ ‬تقبل‭ ‬بهذا‭ ‬التهجير‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬أعلنت‭ ‬موقفا‭ ‬حازما‭ ‬برفض‭ ‬التهجير‭ ‬وتصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لذلك‭ ‬تمهلت‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬مؤقتا‭ ‬في‭ ‬الإلحاح‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭.‬

مجرد‭ ‬الإلحاح‭ ‬على‭ ‬مخطط‭ ‬التهجير‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬تأكيد‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬على‭ ‬النية‭ ‬المبيتة‭ ‬لتصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬نهائيا‭. ‬بمعنى‭ ‬انه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬مجال‭ ‬بالنسبة‭ ‬للصهاينة‭ ‬والغرب‭ ‬للحديث‭ ‬الان‭ ‬ومستقبلا‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬فلسطينية‭. ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬امريكا‭ ‬كذب‭ ‬وتضليل‭.‬

3‭ ‬‭ ‬اذا‭ ‬تحقق‭ ‬هذا،‭ ‬ففي‭ ‬التقدير‭ ‬الصهيوني‭ ‬الغربي‭ ‬سيكون‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬مطلق‭ ‬السراح‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وستكون‭ ‬الظروف‭ ‬مواتية‭ ‬للمضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬باقي‭ ‬اهداف‭ ‬المخطط‭ ‬بتدمير‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وتقسيمها‭ ‬واعادة‭ ‬رسم‭ ‬خريطة‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬السطوة‭ ‬الصهيونية‭ ‬فيها‭.‬

كل‭ ‬ابعاد‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬منشورة‭ ‬تفاصيلها‭ ‬بالكامل‭ ‬في‭ ‬وثائق‭ ‬صهيونية‭ ‬وغربية‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬جدا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يبدو‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبعض‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬مفاجئا‭ ‬او‭ ‬غير‭ ‬متوقع‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭.‬

على‭ ‬أي‭ ‬حال‭ ‬نقول‭ ‬هذا‭ ‬لأننا‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نبني‭ ‬حساباتنا‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬الرسمية‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬وان‭ ‬نضع‭ ‬استراتيجيتنا‭ ‬ونحشد‭ ‬قوانا‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭.‬

يجب‭ ‬ان‭ ‬نفعل‭ ‬هذا‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يجتاحنا‭ ‬الطوفان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الغربي‭ ‬الامبريالي‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا