يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
وماذا يفيد الغضب العربي الإسلامي؟!
قبل نحو أسبوع كتبت عن القمة العربية الطارئة وقلت إنه إن لم تكن الدول العربية عازمة على أن تخرج القمة بإجراءات عملية محددة تُردع الكيان الصهيوني والدول الغربية الشريكة في عدوانه، فإن من الأفضل ألا تُعقد لأن ضررها سيكون أكثر من نفعها بكثير.
وحين تقرر أن تكون القمة عربية إسلامية مشتركة تفاءلنا بعض الشيء على اعتبار أن المواقف التي ستخرج عنها والإجراءات التي ستقررها ستكون مُعبّرة عن كل الدول العربية والإسلامية وسيكون لها بالتالي قوة وتأثير أكبر.
للأسف القمة العربية الإسلامية لم ترق إلى مستوى التوقعات أبدا وجاءت مخيبة للآمال.
استمعنا ساعات طوال لكلمات عدد كبير من القادة كثير منها حماسية زاعقة تحمل أقصى التهديدات للعدو الصهيوني، لدرجة أننا توقعنا أن تخرج القمة بقرارات تاريخية استثنائية.
البيان الختامي للقمة تضمن 31 بندا تطرقت في مجملها إلى كل جوانب حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني والموقف العربي الإسلامي منها.
البيان أظهر غضبا عربيا إسلاميا عارما مما يجري، وحدد مواقف واضحة وبعبارات قوية تتضمن إدانة للعدوان الصهيوني، ورفضا لكل مبرراته، ودعا إلى وقفه، وأكد الرفض القاطع لمخططات تصفية القضية الفلسطينية عن طريق تهجير الشعب الفلسطيني، ودعا المحكمة الجنائية الدولية إلى أن تحقق في جرائم الحرب التي يرتكبها العدو.. إلى آخر ما تضمنه البيان.
المشكلة أن كل ما تضمنه البيان تعبير عن مواقف إنشائية فقط، وهي معروفة مسبقا على أي حال، لكنه لم يتضمن أي إجراء عملي، أو حتى التهديد باتخاذ أي إجراء عملي، يمكن أن يردع العدو الصهيوني، أو يجبر الدول الغربية على تغيير موقفها.
البيان ترك مسألة اتخاذ أي إجراءات عملية اختيارية ومتروكة للدول الأعضاء تقرر بشأنها ما تريد، فقد نص البند 12 من البيان على «دعوة الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة إلى ممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية واتخاذ أي إجراءات رادعة لوقف جرائم سلطات الاحتلال الاستعمارية ضد الإنسانية».
أي أن القمة قررت عدم اتخاذ أي إجراء عملي بشكل جماعي يعبر عن إرادة العالم العربي والإسلامي وتخلت عن محاولة ممارسة أي ضغوط، وتركت الأمر لكل دولة منفردة.
للأسف القمة لم ترتق إلى مستوى حرب الإبادة التي يشنها العدو الصهيوني والغرب، وما تتطلبه من رد عربي إسلامي.
العدو الصهيوني، ومعه الغرب، أعلن بوضوح أن حرب الإبادة هذه لن تتوقف قبل التدمير الشامل لغزة بكل ما فيها ومَنْ فيها، حتى لو تطلب الأمر استشهاد مئات الآلاف.
والعدو الصهيوني، والغرب معه، أظهر بوضوح أنه لا يعنيهم في شيء القانون الدولي والمحكمة الجنائية والمنظمات الدولية وأنه لا أحد سوف يمنعهم من الاستمرار في ارتكاب أي جرائم حرب وإبادة.
مع ما صدر عن القمة، لم يشعر العدو الصهيوني ولا الدول الغربية بأن هناك ما يمكن أن يجبرهم على وقف حرب الإبادة هذه أو أنهم يمكن أن يدفعوا أي ثمن.
بعبارة أخرى، لا يمكن للغضب الذي أظهرته القمة، ولا بيانها بما تضمنه من بنود إنشائية أن تمثل رادعا للعدو وشركائه.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد. الرسالة التي فهمها العدو والغرب مما صدر عن القمة أن هذا هو أقصى ما يمكن أن يفعله العالم العربي والإسلامي.. خطب حماسية وإدانات ومطالبات ومناشدات فقط.
ما الذي يجبرهم إذن على وقف هذا العدوان الهمجي أو التخلي عن مخططاتهم؟
يستغرب المرء، إذا لم تستخدم الدول العربية والإسلامية كل مصادر قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية اليوم، فمتى يمكن أن تستخدمها إذن؟
ومع هذا، مازال المجال مفتوحا أمام الدول العربية والإسلامية لاتخاذ إجراءات عملية رادعة حقا تحمي شعب فلسطين وتردع هؤلاء المجرمين الإرهابيين القتلة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك