العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حرب غزة تكشف مجددا ازدواجية المعايير الأمريكية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ١٧ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

أظهر‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬مدى‭ ‬افتقار‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬للزعامة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬والسياسية،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بكيفية‭ ‬تعاملها‭ ‬مع‭ ‬استخدام‭ ‬العنف‭ ‬المسلح‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين‭. ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬يتجلى‭ ‬هذا‭ ‬الفشل،‭ ‬في‭ ‬انتهاج‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬‮«‬سياسة‭ ‬ثابتًة‮»‬،‭ ‬بحماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬الإدانة‭ ‬والمساءلة‭ ‬الدوليين،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬الوفاء‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬نحو‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

وتبدو‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والغربية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬‮«‬جلية‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمعاملتها‭ ‬المتباينة‭ ‬للإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين‭. ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬دعت‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الفوري‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع،‭ ‬وتوفير‭ ‬الإغاثة‭ ‬لملايين‭ ‬المدنيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬داخل‭ ‬غزة،‭ ‬فقد‭ ‬أرسلت‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬البوارج‭ ‬الحربية‭ ‬والطائرات‭ ‬والجنود‭ ‬لمساعدة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وطرحت‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬هدنة‭ ‬إنسانية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬وقف‭ ‬مؤقت‭ ‬للحرب‭ ‬بشروط‭ ‬إسرائيلية،‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬جيشها‭ ‬لاستئناف‭ ‬مهمته‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬القطاع،‭ ‬ليصبح‭ ‬غير‭ ‬صالح‭ ‬للعيش‭ ‬لمن‭ ‬يتبقى‭ ‬من‭ ‬سكانه‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تقف‭ ‬فيه‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬طليعة‭ ‬الموقف‭ ‬الغربي‭ ‬المتناقض،‭ ‬يحاول‭ ‬كبار‭ ‬مسؤوليها‭ ‬وقف‭ ‬تصعيد‭ ‬الصراع‭ ‬دبلوماسيًا‭. ‬وقام‭ ‬وزير‭ ‬خارجيتها‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬بلينكن‮»‬،‭ ‬بزيارة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬باتريك‭ ‬وينتور‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المساعي‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تعثرت‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬عجز‭ ‬بلينكن‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬إقناع‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬بقبول‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬الهدنة‭ ‬الإنسانية‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وفشله‭ ‬في‭ ‬إرضاء‭ ‬الشركاء‭ ‬الآخرين‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬الذين‭ ‬أدانوا‭ ‬بشدة‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وانتقدوا‭ ‬بشكل‭ ‬صريح‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية‭ ‬وخاصة‭ ‬الأمريكية‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬كتب‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬سانجر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬يواجه‭ ‬‮«‬محدودية‭ ‬في‭ ‬النفوذ‮»‬‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فإن‭ ‬الواقع‭ ‬يُظهر‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬و«بلينكن‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬واجها‭ ‬ذلك،‭ ‬منذ‭ ‬توليهما‭ ‬منصبيهما‭ ‬في‭ ‬يناير2021،‭ ‬وأخفقا‭ ‬في‭ ‬محاسبة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬المستمرة‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعادت‭ ‬تأكيد‭ ‬دعمها‭ ‬الكامل‭ ‬للجيش‭ ‬لفرض‭ ‬أي‭ ‬انتقام‭ ‬تريده،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬يهدم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬الموقف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وينال‭ ‬من‭ ‬سمعتها،‭ ‬كونها‭ ‬قد‭ ‬نصبت‭ ‬نفسها‭ ‬الراعية‭ ‬الأولى‭ ‬لعملية‭ ‬السلام‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والعدالة‭ ‬والحرية‭.‬

ومنذ‭ ‬بداية‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬حرصت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬على‭ ‬تأطير‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬باعتباره‭ ‬حربا‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬واحد‭ (‬حماس‭)‬،‭ ‬وانشغلت‭ ‬بتجريم‭ ‬هذه‭ ‬الحركة،‭ ‬وتجاهلت‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستمرة،‭ ‬وتناولت‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬الفلسطينيون،‭ ‬وكأنه‭ ‬نوبة‭ ‬غير‭ ‬مبررة‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬وكراهية،‭ ‬وليس‭ ‬مجابهة‭ ‬الاحتلال‭ ‬منذ‭ ‬55‭ ‬عامًا،‭ ‬والحصار‭ ‬منذ‭ ‬16‭ ‬عاما‭. ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬جرمت‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأبرزت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬الضحية،‭ ‬أو‭ ‬المُعتدى‭ ‬عليه،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إرهابًا‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬فيما‭ ‬ركز‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬على‭ ‬ادعاء‭ ‬قتل‭ ‬إسرائيليين،‭ ‬بينما‭ ‬تم‭ ‬تجاهل‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬استشهاد‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والمسنين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتدمير‭ ‬المباني‭ ‬والمساجد‭ ‬والمدارس‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية‭.‬

وللتدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬قال‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭: ‬‮«‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬إسرائيل‭ ‬لكان‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تخلقها‭ ‬لحماية‭ ‬مصالحنا‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وسنستمر‭ ‬في‭ ‬دعمها‮»‬‭. ‬وأثناء‭ ‬عمله‭ ‬نائبا‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق،‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬صرح‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬يهوديا‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬صهيونيا‭.. ‬أنا‭ ‬صهيوني‭.. ‬وإذا‭ ‬كنتُ‭ ‬يهوديا‭ ‬فسأكون‭ ‬صهيونيا‮»‬‭. ‬وأثناء‭ ‬زيارته‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬قال‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬ممتن‭ ‬لأن‭ ‬أكون‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭.. ‬أتحدث‭ ‬بشكل‭ ‬شخصي،‭ ‬وأتيت‭ ‬كيهودي‮»‬،‭ ‬مكررا‭ ‬المزاعم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬ذبحت‭ ‬الأطفال‭ ‬وحرقتهم‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬اللامحدود‭ ‬لإسرائيل‭ ‬والالتزام‭ ‬التاريخي‭ ‬بحمايتها،‭ ‬كهدف‭ ‬محوري‭ ‬لواشنطن‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬إداراتها،‭ ‬والذي‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬تغاضيها‭ ‬عما‭ ‬ترتكبه‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬ومذبح‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وحجم‭ ‬الكلفة‭ ‬البشرية‭ ‬والإنسانية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب،‭ ‬أكدت‭ ‬موقفها‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬لإسرائيل‭ ‬‮«‬الحق‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬أضافت‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬ذلك‭ ‬شرطًا‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬متوافقًا‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحماية‭ ‬المدنيين،‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان؛‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬أظهر‭ ‬قيام‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بشن‭ ‬حملة‭ ‬من‭ ‬القصف‭ ‬المتواصل‭ ‬والغزو‭ ‬البري،‭ ‬باعتراف‭ ‬وقبول‭ ‬ودعم‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬الغربيين،‭ ‬أبرزهم‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬و«سوناك‮»‬،‭ ‬و«ماكرون‮»‬،‭ ‬و«شولتس‮»‬‭.‬

‭ ‬ومع‭ ‬ارتفاع‭ ‬أرقام‭ ‬الضحايا‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬و‭(‬استشهاد‭ ‬ما‭ ‬يربو‭ ‬على‭ ‬11300‭ ‬شخص،‭ ‬منهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬4500‭ ‬طفل‭)‬،‭ ‬وإعلان‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية،‭ ‬ونزوح‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬القطاع،‭ ‬بسبب‭ ‬محاولات‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬قطع‭ ‬أوصاله،‭ ‬وعزل‭ ‬غزة،‭ ‬والمدنيين‭ ‬المتبقين‭ ‬فيها؛‭ ‬فشلت‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬القيادة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬لبقية‭ ‬العالم،‭ ‬وأظهرت‭ ‬‮«‬تقصيرًا‭ ‬واضحًا‮»‬،‭ ‬في‭ ‬واجبها‭ ‬الدولي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬الصراعات‭ ‬وتخفيف‭ ‬المعاناة‭ ‬عن‭ ‬المدنيين‭. ‬

وفي‭ ‬منتصف‭ ‬أكتوبر،‭ ‬استخدمت‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ (‬الفيتو‭)‬،‭ ‬ضد‭ ‬مشروع‭ ‬قرار‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ (‬هُدنة‭ ‬إنسانية‭)‬،‭ ‬وإنشاء‭ ‬منطقة‭ ‬آمنة‭ ‬لتوصيل‭ ‬المساعدات،‭ ‬وتم‭ ‬ذلك‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬رفضها‭ ‬إدانة‭ ‬انتهاكات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وعدم‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وأصرّت‭ ‬مُمثلتها‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬ليندا‭ ‬غرينفيلد‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬الأُممي‭ ‬لم‭ ‬يُشِر‭ ‬إلى‭ ‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬لن‭ ‬تدعمه‭. ‬

وبالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬قدّمت‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬ومعها‭ ‬العواصم‭ ‬الأوروبية؛‭ ‬السلاح‭ ‬الوفير‭ ‬للأوكرانيين‭ ‬لتنظيم‭ ‬دفاعهم‭ ‬عن‭ ‬أرضهم،‭ ‬وأمدّتهم‭ ‬بالمساعدات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وفتحت‭ ‬أبوابها‭ ‬لاستقبال‭ ‬اللاجئين،‭ ‬وأدانت‭ ‬روسيا‭ ‬بزعم‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تبني‭ ‬قرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ضدها،‭ ‬ودعمت‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬بإصدار‭ ‬مذكرة‭ ‬اعتقال،‭ ‬بحق‭ ‬‮«‬بوتين»؛‭ ‬فقد‭ ‬استخدمت‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ (‬الفيتو‭)‬،‭ ‬ضد‭ ‬قرار‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭.‬

وفي‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬عُقد‭ ‬بالبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬أكتوبر،‭ ‬ردد‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬المزاعم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أن‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬تختبئ‭ ‬وراء‭ ‬المدنيين،‭ ‬وبدلًا‭ ‬من‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬ذعره،‭ ‬إزاء‭ ‬معاناة‭ ‬هؤلاء‭ ‬المدنيين‭ ‬وما‭ ‬حل‭ ‬بهم،‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬تعاطفه‭ ‬لما‭ ‬يعنيه‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬من‭ (‬عبء‭ ‬إضافي‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭)‬،‭ ‬ورغم‭ ‬علم‭ ‬المسؤولين‭ ‬الغربيين‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬البرية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬يوم‭ ‬28‭/‬10‭ ‬تحصد‭ ‬المئات‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬سقوط‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الجرحى‭ ‬والمصابين‭ ‬مُنذ‭ ‬7‭/‬10،‭ ‬فقد‭ ‬أيدوها‭ ‬ودعموها،‭ ‬وأكّد‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬تأجيل‭ ‬أو‭ ‬إلغاء‭ ‬الغزو‭ ‬المخطط‭ ‬له،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ (‬هذا‭ ‬هو‭ ‬قرارهم‭)‬،‭ ‬وهذا‭ ‬يجافي‭ ‬الحقيقة‭.‬

وبينما‭ ‬يبحث‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬عن‭ ‬مأوى‭ ‬من‭ ‬الغارات‭ ‬الجوية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتواصلة‭ ‬والغزو‭ ‬البري،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الدعوات‭ ‬الدولية‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار؛‭ ‬حاولت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬الغربيون‭ ‬الدفع‭ ‬بفكرة‭ ‬‮«‬الهدنة‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬محاولة‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬تبرير‭ ‬موقفه‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬وقفًا‭ ‬كاملاً‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬‮«‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬مكانها‮»‬،‭ ‬ويمنحها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬تجميع‭ ‬صفوفها‭ ‬وتكرار‭ ‬ما‭ ‬فعلته‮»‬‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬ريتشارد‭ ‬ستانفورث‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬أوكسفام‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬توجد‭ ‬قوانين‭ ‬محددة‭ ‬تحكم‭ ‬الممرات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬أو‭ ‬المناطق‭ ‬الآمنة‮»‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬لإنشاء‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الممرات،‭ ‬حيث‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬جميع‭ ‬الاحتياطات‭ ‬اللازمة‭ ‬لتجنب‭ ‬الأهداف‭ ‬المدنية،‭ ‬مما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إصرار‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬‮«‬الهدنة‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬اعتراف‭ ‬منها‭ ‬باستهداف‭ ‬إسرائيل‭ ‬للمدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬بما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الإخفاقات‭ ‬الواضحة‭ ‬في‭ ‬الجوانب‭ ‬العملية‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬الهدنة‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هدنًة‭ ‬مؤقتًة‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الدائم،‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬مساعدة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬إحكام‭ ‬قبضتها‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬والاستعداد‭ ‬لحملة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬الجوية‭ ‬والبرية‭ ‬والبحرية‭ ‬ضد‭ ‬المناطق‭ ‬المكتظة‭ ‬بالسكان،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬يروج‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ومع‭ ‬اهتمامه،‭ ‬بما‭ ‬شبهته‭ ‬‮«‬ألكسندرا‭ ‬شارب‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬بـمسار‭ ‬‮«‬الدبلوماسية‭ ‬المكوكية،‭ ‬التي‭ ‬استخدمها‭ ‬‮«‬هنري‭ ‬كيسنجر‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬حرب‭ ‬عام‭ ‬1973،‭ ‬فقد‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬بدور‭ ‬بلاده،‭ ‬وأهمية‭ ‬التقدم‭ ‬نحو‭ ‬السلام،‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وبات‭ ‬الولاء‭ ‬الكامل‭ ‬لإدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬إزاء‭ ‬حماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية،‭ ‬‮«‬سمة‭ ‬بارزة‮»‬،‭ ‬لهذه‭ ‬العملية‭ ‬الدبلوماسية‭.‬

وبعد‭ ‬الجولة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة،‭ ‬خلص‭ ‬‮«‬وينتور‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يحرز‭ ‬أي‭ ‬تقدم‮»‬،‭ ‬سواء‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تلبية‭ ‬مطلب‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬بعودة‭ ‬الرهائن‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬دليلاً‭ ‬واضحًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬باتت‭ ‬تفقد‭ ‬بسرعة‭ ‬الثقة‭ ‬الضئيلة‭ ‬التي‭ ‬تركتها‭ ‬لدى‭ ‬قادة‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬استقبال‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬‮«‬أردوغان‮»‬،‭ ‬لبلينكن،‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬الدعم‭ ‬غير‭ ‬المحدود‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬شارب‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الجولة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬مناقشاته‭ ‬مع‭ ‬الحكومات‭ ‬الإقليمية‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬تركزت‭ ‬على‭ (‬حماية‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتعزيز‭ ‬تدفقات‭ ‬المساعدات،‭ ‬وزيادة‭ ‬عدد‭ ‬المواطنين‭ ‬الأجانب‭ ‬المسموح‭ ‬لهم‭ ‬بمغادرة‭ ‬غزة‭)‬،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬النقاط‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬إثارتها‭ ‬مع‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬مباشرة،‭ ‬ومحاسبة‭ ‬حليفهم‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬بشأنها‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬اعتماد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬يشير‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬مدى‭ ‬تقلص‭ ‬قدراته‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬تبدو‭ ‬فيه‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬راضية‭ ‬بتجاهل‭ ‬شروط‭ ‬والمطالب‭ ‬الأمريكية‭ ‬عمدًا‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬سانجر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬رفض‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬التزام‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حكومته‭ ‬سوف‭ ‬تنفذ‭ ‬‮«‬انتقامًا‭ ‬كاسحًا‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬القطاع‭.‬

وبهذا‭ ‬المعني،‭ ‬اعترف‭ ‬‮«‬سيث‭ ‬مولتون‮»‬،‭ ‬عضو‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬بوجود‭ ‬‮«‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬إدراك‭ ‬رؤساء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬قدرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬النفوذ‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬كما‭ ‬كانوا‭ ‬يعتقدون‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬سانجر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬‮«‬فوجئ‭ ‬في‭ ‬لقاءاته‭ ‬الخاصة‭ ‬بعدم‭ ‬رغبة‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬ذات‭ ‬الكثافة‭ ‬السكنية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬افتقاد‭ ‬النفوذ‭ ‬الأمريكي‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬يبرر‭ ‬فشلها‭ ‬الذريع‭ ‬في‭ ‬لفت‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وإدانة‭ ‬القصف‭ ‬المتعمد‭ ‬للمناطق‭ ‬المكتظة‭ ‬سكانيًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬وإصابة‭ ‬وتشريد‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬الآخرين‭.‬

ولم‭ ‬تفشل‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أمدت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بدعم‭ ‬مادي‭ ‬وعسكري‭ ‬بمليارات‭ ‬الدولارات،‭ ‬وأرسلت‭ ‬أكبر‭ ‬حاملة‭ ‬طائرات‭ ‬‮«‬جيرالد‭ ‬فورد‮»‬،‭ ‬وأتبعتها‭ ‬بحاملة‭ ‬أخرى‭ ‬‮«‬ايزنهاور‮»‬،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مستشارين‭ ‬أمنيين‭ ‬وعسكريين‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بلينكن‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬صرح‭ ‬بأنه‭ ‬يتفهم‭ ‬‮«‬حجم‭ ‬القلق‭ ‬العميق‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬الخسائر‭ ‬الفادحة‭ ‬التي‭ ‬يتحملها‭ ‬الفلسطينيون‮»‬،‭ ‬نتيجة‭ ‬لهذا‭ ‬الصراع،‭ ‬فإن‭ ‬تجاهل‭ ‬بلاده‭ ‬للخسائر‭ ‬الفادحة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المدنيين،‭ ‬يعكس‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬قبولا‭ ‬بهذا‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬الضحايا،‭ ‬كإجراء‭ ‬تنفذه‭ ‬إسرائيل‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬العسكرية‭.‬

ومن‭ ‬المعلوم،‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬المستخدمة‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مصدرها‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬التمويل‭ ‬الذي‭ ‬يقدمه‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬لإسرائيل‭ ‬سنويًا،‭ ‬والبالغ‭ ‬3,8‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬نائب‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬جون‭ ‬فاينر‮»‬،‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إمداد‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬بالأسلحة‭ ‬والصواريخ‭ ‬لإسرائيل‭ ‬يأتي‭ ‬ضمن‭ ‬ضرورة‭ ‬توفر‭ ‬كافة‭ ‬التطمينات‭ ‬والضمانات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بـ«قانون‭ ‬النزاعات‭ ‬المسلحة‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬مخاوف‭ ‬تثار‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أوضحت‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تستخدم‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬قنابل‭ ‬موجهة‭ ‬زنة‭ ‬1000،‭ ‬و2000‭ ‬رطل،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬القنابل‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬اللجوء‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬ترسانة‭ ‬عسكرية‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬المناطق‭ ‬الحضرية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬المتصور‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬كثيفة‭ ‬السكان‮»‬‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬انتقاد‭ ‬إسرائيل‭ ‬لاستخدام‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الذخائر‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬موسكو‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬فقد‭ ‬ذكرت‭ ‬‮«‬الصحيفة‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬بقيمة‭ ‬320‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬لشراء‭ ‬ذخائر‭ ‬وقنابل‭ ‬دقيقة‭ ‬جديدة‭ ‬موجهة‭ ‬بنظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي‭ (‬GPS‭).‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬إخفاق‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ومعالجة‭ ‬المعاناة‭ ‬الإنسانية‭ ‬للمدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬نظرتها‭ ‬لنفسها‭ ‬باعتبارها‭ ‬الراعية‭ ‬الأولى‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والحرية،‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬واقعها،‭ ‬باعتبارها‭ ‬مؤيدة‭ ‬لحكومة‭ ‬وجيش‭ ‬يقومان‭ ‬بالتدمير‭ ‬المنهجي‭ ‬والفصل‭ ‬العنصري‭ ‬لشعب‭ ‬أعزل‭ ‬تعرض‭ ‬لحصار‭ ‬دام‭ ‬16‭ ‬عاما‭. ‬وعليه،‭ ‬فقد‭ ‬باتت‭ ‬بفعل‭ ‬تلك‭ ‬التصرفات،‭ ‬تفتقد‭ ‬لصفة‭ ‬الوسيط‭ ‬النزيه،‭ ‬وتضاءلت‭ ‬الثقة‭ ‬الدولية‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬باتت‭ ‬معه‭ (‬مُنعدمة‭).‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا