العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

يهدي ابنته جريمة إرهابية

هذا‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬يسمع‭ ‬به‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

ضابط‭ ‬او‭ ‬جندي‭ ‬يهدي‭ ‬ابنته‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‭ ‬إرهابية‭ ‬بمناسبة‭ ‬عيد‭ ‬ميلادها‭.‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬ضابط‭ ‬من‭ ‬جيش‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬انتشر‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬بالأمس‭ ‬لضابط‭ ‬يدعى‭  ‬موشيه‭ ‬جرونبيرج‭ ‬يقوم‭  ‬بتفجير‭ ‬مبنى‭ ‬بأكمله‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وظهر‭ ‬وهو‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬أهدي‭ ‬هذا‭ ‬التفجير‭ ‬لابنتي‭ ‬إيلا‭ ‬بمناسبة‭ ‬عيد‭ ‬ميلادها‭ ‬الثاني‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬الضابط‭ ‬الصهيوني‭ ‬يرتكب‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‭ ‬ارهابية‭ ‬بكل‭ ‬المعايير‭ ‬ويهدي‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬الى‭ ‬ابنته‭ ‬ويفتخر‭ ‬بهذا‭.‬

البعض‭ ‬في‭ ‬تعليقاتهم‭ ‬وصفوا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬بـ«التصرف‭ ‬المشين‮»‬‭ ‬و‮«‬غير‭ ‬الإنساني‭  ‬والمستفز‮»‬‭. ‬والبعض‭ ‬اعتبر‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الضابط‭ ‬‮«‬مريض‭ ‬نفسياً‭ ‬واخلاقيا‮»‬‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الضابط‭ ‬ليس‭ ‬مريضا‭ ‬نفسيا‭ ‬ولا‭  ‬يعتبر‭ ‬ان‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬أمر‭ ‬مشين‭ ‬اوما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك‭   ‬ولا‭ ‬يجد‭ ‬أي‭  ‬شيء‭ ‬يدعو‭ ‬للخجل‭.‬

هذا‭ ‬الضابط‭ ‬صادق‭ ‬مع‭ ‬نفسه‭. ‬هو‭ ‬يتصرف‭ ‬بشكل‭ ‬تلقائي‭ ‬ويعتبر‭ ‬انه‭ ‬يقوم‭ ‬بواجبه‭ ‬ومهمته‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه‭. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬انه‭ ‬بهذه‭ ‬الجريمة‭ ‬وقتل‭ ‬وابادة‭ ‬من‭ ‬يقدر‭ ‬على‭ ‬ابادتهم‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يعتبر‭ ‬انه‭ ‬يقوم‭ ‬بمهمة‭ ‬دينية‭ ‬مقدسة‭ ‬حسب‭ ‬‮«‬المبادئ‮»‬‭ ‬و«القيم‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تربى‭ ‬عليها،‭ ‬ويجد‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬واجبه‭ ‬ومما‭ ‬يدعوه‭ ‬للفخر‭ ‬ان‭ ‬يربي‭ ‬ابنته‭ ‬على‭ ‬هذا‭.‬

وهو‭ ‬على‭ ‬حق‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬العقيدة‭ ‬العسكرية‭  ‬للجيش‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وعقيدة‭ ‬الصهيونية‭ ‬والمجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬جوهر‭ ‬هذه‭ ‬العقيدة‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬القتل‭ ‬الشامل‭ ‬للآخرين‭ ‬وابادتهم،‭ ‬وقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬واي‭ ‬احد‭ ‬آخر‭ ‬يعتبرونه‭ ‬عدوا‭ ‬هو‭ ‬واجب‭ ‬سياسي‭ ‬وديني‭. ‬هم‭ ‬يتربون‭ ‬على‭ ‬هذا‭.‬

حين‭ ‬بدأت‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬أصدر‭ ‬الحاخامات‭ ‬اليهود‭ ‬فتاوى‭ ‬دينية‭ ‬لرئيس‭ ‬وزراء‭ ‬العدو‭ ‬نتنياهو‭ ‬يفتون‭ ‬فيها‭ ‬بجواز‭ ‬تدمير‭ ‬المستشفيات‭ ‬وقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والرجال‭ ‬والشباب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وحرمانهم‭ ‬ولو‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬شربة‭ ‬ماء،‭ ‬ويعتبرون‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬تحتمه‭ ‬معتقداتهم‭ ‬وما‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يفعله‭ ‬الجيش‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

تصريحات‭ ‬كل‭ ‬الساسة‭ ‬والمعلقين‭ ‬الصهاينة‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ .. ‬اتجاه‭ ‬اعتبار‭ ‬الإبادة‭ ‬والتدمير‭ ‬الشامل‭ ‬واجب‭ ‬سياسي‭ ‬وديني‭. ‬لهذا‭ ‬ليس‭ ‬مستغربا‭ ‬ان‭ ‬يخرج‭ ‬احد‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬ويقول‭ ‬ان‭ ‬‮«‬الفلسطينيين‭ ‬حيوانات‮»‬‭. ‬وليس‭ ‬غريبا‭ ‬ان‭ ‬يبث‭ ‬العدو‭ ‬أغنية‭  ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬إبادة‭ ‬جميع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬عبر‭ ‬هيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الهواء‭ ‬وحسابات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬رسمية‭ ‬بمواقع‭ ‬التواصل‭.‬

الذي‭ ‬فعله‭ ‬هذا‭ ‬الضابط‭ ‬الصهيوني‭ ‬وما‭ ‬يعنيه‭ ‬يثير‭ ‬ثلاثة‭ ‬جوانب‭ ‬كبرى‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نتوقف‭ ‬عندها‭.‬

الجانب‭ ‬الأول‭ ‬يتعلق‭ ‬بقضية‭ ‬الوعي‭ ‬بحقيقة‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬وجوهر‭ ‬مشروعه‭ ‬وأهدافه‭.‬

المسألة‭ ‬هنا‭ ‬باختصار‭ ‬ان‭ ‬العدو‭ ‬يعتبر‭ ‬انه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬وجود‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬الا‭ ‬اذا‭ ‬تم‭ ‬طرد‭ ‬كل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬ارضهم‭ ‬ووطنهم‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يفسر‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الهمجية‭ ‬والوحشية‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬اهل‭ ‬غزة،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مئات‭ ‬المجازر‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬منذ‭ ‬قيامه‭. ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬العربي‭ ‬العام‭.‬

الجانب‭ ‬الثاني‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نفعله‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬سياسيا‭ ‬واعلاميا‭. ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬يتهموننا‭ ‬بالعنف‭ ‬والتطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬ويشنون‭ ‬الحملات‭ ‬الشعواء‭ ‬علينا‭ ‬وعلى‭ ‬الاسلام‭. ‬هذه‭ ‬الوقائع‭ ‬والمشاهد‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬ذروة‭ ‬الإرهاب‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نسجلها‭ ‬وان‭ ‬نقدمها‭ ‬للغرب‭ ‬كي‭ ‬يعرفوا‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬الإرهابيون‭ ‬حقا‭.‬

الجانب‭ ‬الثالث‭ ‬وهو‭ ‬اهم‭ ‬الجوانب‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭ ‬يتعلق‭ ‬بأي‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نربي‭ ‬عليها‭ ‬الأجيال‭ ‬العربية‭ ‬الجديدة‭ ‬الآن‭ ‬ومستقبلا‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬لا‭ ‬حضارتنا‭ ‬ولا‭ ‬ثقافتنا‭  ‬ولا‭ ‬قيمنا‭ ‬واخلاقنا‭ ‬ولا‭ ‬ديننا‭ ‬تسمح‭ ‬لنا‭ ‬بأن‭ ‬نربي‭ ‬ابناءنا‭ ‬واحفادنا‭ ‬على‭ ‬الكراهية‭ ‬العنصرية‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬الدموية‭ ‬والعنف‭ ‬مثلما‭ ‬يفعل‭ ‬العدو‭.‬

لكن‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نربي‭ ‬ابناءنا‭ ‬واحفادنا‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬الصمود‭ ‬والمقاومة‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬اوطاننا‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬وانما‭ ‬ايضا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأخطار‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬اوطاننا‭.‬

اننا‭ ‬نرتكب‭ ‬جريمة‭ ‬تاريخية‭ ‬لا‭ ‬تغتفر‭ ‬اذا‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأخطار‭ ‬والأعداء‭ ‬ربينا‭ ‬الجيل‭ ‬العربي‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬الخضوع‭  ‬والاستسلام‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬دعوى‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا