أهم مبدأ تحث عليه جميع القيم والأخلاقيات والمفاهيم والفطرة السليمة وبالأخص في ديننا الإسلامي الحنيف، هو (أداء الحقوق). وجميع مفاهيم الأخلاقيات وأصول العدالة ونصوص القانون تحتم احترام الحقوق وادائها في وقتها المستحق لأصحابها. هذا ما يجعلها قاعدة أساسية وأصلا ثابتا للنهوض بالقيم والأخلاقيات السليمة في أي مجتمع.
بالمقابل.. من صفات قلة الإيمان والتمسك بالقيم الأخلاقية، هو الاستهانة بأداء الحقوق، وهو ما يعكس الى حد بعيد ضعف نفوس البعض وتفضيلهم للماديات على حساب الاخلاقيات، بل أحيانا انعدام الاخلاقيات من خلال الادعاء بالجهل أو استباحة التهرب والتملص في زمن قل فيه احترام القيم الرفيعة وزاد فيه احترام الماديات، وأحيانا حتى فوق أساسات العدالة والحقوق والنظام.
أبسط دليل على ذلك هو ما نجده في أروقة المحاكم من اكتظاظ وتزاحم بالقضايا المتعلقة بالمطالبات المادية والديون والمنازعات العقارية والتقاضي على ابسط المبالغ التافهة أحيانا. وهو ما يعكس في النهاية ضعف النفوس أمام المادة وأمام إعطاء كل ذي حق حقه، وهو كما أسلفنا امر تفرضه الفطرة السليمة.
في السابق كانت المحاكم تنشغل بشكل أساسي بقضايا كبيرة وأمور مستعصية. وكان دخول المحكمة أمرا جسيما وغير شائع بالمجتمع البحريني والخليجي بشكل عام. وللأسف تحول الوضع وصارت المحاكم تعج بقضايا المطالبين بحقوقهم.
بيت القصيد في طرحنا لهذا الموضوع يمكن تلخيصه بعبارة واحدة: (أستأجر.. ثم أهرب.. فلا منع سفر دائم!). فأين الخلل؟
الخلل يكمن في إجراءات التنفيذ الجديدة التي لا تردع الذين تسول لهم أنفسهم في تجاوز الحقوق خصوصاً مع عدم وجود عقوبة منع السفر الدائم.
السؤال الذي يطرح نفسه، أن تقديم طلب منع السفر يكون لمدة 3 أشهر، وهي مدة قابلة للتمديد مرتين فقط، ليكون مجموع منع السفر 9 أشهر فقط لا غير من خلال ثلاثة طلبات، وبعد انقضاء هذه الأشهر يسافر من عليه الحكم بكل يسر وأريحية، من دون إلزام بأداء الحقوق ومن دون استطاعة المتضرر الحصول على حكم بمنع السفر مجدداً. فلماذا اعتمدت هذه الإجراءات التي لا تردع المتهاونين بحقوق الناس، وتجعل الحقوق تذهب مع الريح. أليست الحقوق واجب يفترض حمايته، وهذا ما يشمل الارغام على دفعها لمستحقيها قبل رفع المنع من السفر.
الوضع الحالي يلحق الكثير من الظلم بأصحاب الحقوق. في الوقت الذي نرى القوانين في الدول الخليجية والعربية والأجنبية لا ترفع العقوبة إلا بعد تسوية الحقوق.
ليس من المستغرب ان نجد اليوم العديد من المنفذ عليهم يتهربون من اداء الاحكام القضائية للحقوق، وذلك بسبب عدم وجود رادع كاف، وخاصة بعد إلغاء القبض. بل على العكس بات البعض منهم يبدي نوعا من التحدي من خلال تجاهل الحقوق والسفر للاستجمام والحصول على إجازات ممتعة، فيما يبقى أصحاب الحقوق يبحثون عن حقوقهم، وتبقى ملفات التنفيذ متراكمة ومتزاحمة في مكاتب المنفذين الخاصين والمحامين وإدارة التنفيذ بوزارة العدل. وبالطبع يلجأ البعض الى تبريرات انه لا يعمل وليس لديه أي إيرادات، وربما ذلك كاف للتهرب من دفع الحقوق.
هذا الوضع مقلق وخطير على المدى البعيد على الاقتصاد الوطني وعلى حماية حقوق المستثمرين، وخاصة في القطاع العقاري. والسبب في المقام الأول كما أسلفنا هو عدم وجود الروادع الكافية وإلغاء عقوبتي (أمر القبض) و(منع السفر الدائم).
وعليه نأمل من المعنيين إعادة النظر في خاصية المنع من السفر الدائم، فاليوم ظاهرة (أستأجر وأهرب) أمر معروف بالمجتمع، وجب إعادة النظر فيه لمصلحة المواطنين وأصحاب العقارات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك