يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
لعبة أمريكا المفضوحة
في الفترة الماضية تحاول الإدارة الأمريكية أن تظهر أن مواقفها من حرب الإبادة الصهيونية على غزة قد تغيرت، وأنها أصبحت حريصة على الفلسطينيين في غزة وحمايتهم وعلى إيصال المساعدات الإنسانية لهم وأنها تضغط على الكيان الصهيوني في هذا الاتجاه.. وهكذا. وتحاول الإدارة الأمريكية عبر تصريحات مسئوليها أن تظهر أنها ترفض مخططات العدو الصهيوني لتهجير الفلسطينيين وترحيلهم عن أرضهم، وأنها تريد إقامة دولة فلسطينية وفق حل الدولتين.
من المفهوم بالطبع الأسباب التي تدفع الإدارة الأمريكية إلى التظاهر بهذه المواقف. تفعل هذا تحت ضغط قطاعات كبيرة من الرأي العام في أمريكا ورفضها لسياسات بايدن ومواقفه ومشاركته في العدوان الصهيوني، ورفض قطاع لا يستهان به في أوساط النخبة السياسية الأمريكية. كما تفعل الإدارة الأمريكية هذا بعد أن انقلب العالم كله على أمريكا والدول الغربية لدورهم الإجرامي في دعم حرب الإبادة الجماعية للفلسطينيين.
حقيقة الأمر التي يجب أن نعي بها أن كل محاولات أمريكا بالتظاهر بتغيير مواقفها واتخاذ مواقف تبدو كما لو كانت تنصف الشعب الفلسطيني زائفة وليست صادقة ولا تعكس المواقف الحقيقية الفعلية للإدارة الأمريكية. الواقع نفسه يكذبها.
حقيقة الأمر إن الموقف الأمريكي الجوهري يتمثل في العمل على تمكين العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه من وراء حربه الهمجية على غزة.
بداية، ينبغي ألا ننسى أنه منذ اللحظة الأولى لحرب الإبادة الصهيونية على غزة أعلنت الإدارة الأمريكية صراحة وعلنا مشاركتها في هذه الحرب إلى جانب العدو. فعلت هذا بإعلان تأييدها الفاضح للعدو وبإرسال بوارجها الحربية ووضع إمكانياتها العسكرية تحت تصرفه. وكما ذكرت التقارير المنشورة فإن أمريكا قدمت للعدو القنابل العملاقة الخارقة للحصون والتي يستخدمها في قتل الآلاف في غزة وتدمير كل ما فيها.
قبل أن تنتهي الهدنة القصيرة في غزة بيوم واحد ويستأنف العدو الصهيوني حربه الهمجية كان وزير الخارجية الأمريكي بلينكن يزور الكيان الصهيوني. بلينكن اجتمع بمجلس حرب العدو، وعمليا أعطاه الضوء الأخضر لإنهاء الهدنة ولاستئناف حرب الإبادة في غزة. وذرا للرماد في العيون كما يقال دعا بلينكن إلى «اتخاذ التدابير اللازمة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين في الحرب على قطاع غزة». قال هذا وهو يعلم جيدا أنه ليست هناك أي تدابير في عرف العدو الصهيوني، ويعلم أن العدو لا يفعل إلا القتل الجماعي للمدنيين في غزة.
في نفس الوقت تتحدث التقارير عن أن الكونجرس الأمريكي يبحث مشروعا، ليس بعيدا بالطبع عن دوائر الإدارة، بتهجير الفلسطينيين إلى عدة دول عربية وضرورة ممارسة ضغوط أمريكية على هذه الدول لإجبارها على قبول هذا.
وتتحدث تقارير أيضا عن أن الإدارة الأمريكية تمارس بالفعل ضغوطا على الدول العربية لدفعها إلى قبول الهدف الذي يعلنه العدو الصهيوني بضرورة القضاء على حماس وقبول الخطط المطروحة لمستقبل غزة.
نريد أن نقول إن كل من يتصور أن الموقف الأمريكي تغير أو يراهن على هذا التغير مخطئ. أمريكا شريك أساسي للعدو الصهيوني في حرب الإبادة التي يشنها وفي السعي إلى تحقيق الأهداف الإجرامية الإرهابية التي يتصور أنه يمكن أن يحققها، بما في ذلك هدف تصفية القضية الفلسطينية بطرد الفلسطينيين من غزة.
وليس في كل هذا أي شيء جديد. أمريكا هي الحامي الأول للكيان الصهيوني دوما وترضخ باستمرار لكل ما يريد.
لكن الحديث عن الموقف الأمريكي مهم.
أمريكا هي الدولة الوحيدة القادرة على إجبار العدو الصهيوني على وقف عدوانه إن أرادت ذلك. لكنها لا تريد.
بعبارة أدق أمريكا لن تغير مواقفها ولن تمارس أي ضغوط على العدو إلا إذا دفعتها الدول العربية إلى هذا. فيما عدا هذا كل الحديث عن تغير الموقف الأمريكي ما هو إلا لعبة مفضوحة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك