يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
هذا البيان جريمة حرب
هذا البيان يعتبر في حد ذاته جريمة حرب مكتملة الأركان. من كتبه مجرم ومن أصدره مجرم وكل من وافق عليه مجرم.
نعني البيان الذي أصدرته الخارجية الأمريكية تعليقا على استئناف العدو الصهيوني حرب الإبادة الهمجية على غزة.
هذا البيان تضمن عددا من المواقف الأمريكية من العدوان الصهيوني تمثل ذروة الدفاع عن الإرهاب وجرائم الحرب والإبادة، وذروة المشاركة الأمريكية في هذه الحرب.
لنتأمل ما جاء في البيان.
يقول البيان بداية: «رأينا إسرائيل وهي تصدر طلبات أكثر تحديدا لعمليات الإخلاء في جنوب قطاع غزة»، ويضيف: «عمليات الإخلاء المحددة التي تنفذها إسرائيل في غزة تمثل تحسنا مقارنة بإبلاغ مدينة بأكملها بالإخلاء».
البيان يشيد كما نرى بأوامر العدو الصهيوني الأخيرة بإخلاء مناطق واسعة في غزة وطرد أهلها.
الخارجية الأمريكية تقر بداية بحق العدو الصهيوني في طرد أهل غزة وطلبه بأن يخلوا منازلهم وأحياءهم ومناطقهم. هذا الطرد هو في حد ذاته جريمة حرب بحسب القانون الدولي. والخارجية تقر بما يفعله العدو بارتكابه لهذه الجريمة، بل تشيد بأوامره.
والخارجية الأمريكية تكذب. كما يعلم العالم كله، لم يعد هناك مكان واحد في غزة يعتبر آمنا. ويتابع العالم كيف يقوم العدو بقتل الأبرياء وهم ينزحون من بيوتهم، وفي أي مكان يوجدون فيه.
حتى صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية ذكرت أن «ما يزيد على نصف مساحة قطاع غزة يخضع لأوامر الإخلاء العسكرية الإسرائيلية»، أي لم يترك العدو لأهل غزة أي مكان آمن يلجأون إليه.
ويقول بيان الخارجية الأمريكية: «لم نشاهد أي دليل على أن إسرائيل تقتل المدنيين عمدا في غزة».
تصور الى هذا الحد وصل الدفاع الأمريكي عن الهمجية الصهيونية بالقتل الجماعي العمدي لأهل غزة، والى هذا الحد وصلت الاستهانة والاستهتار بأروح عشرات الالاف الذين سقطوا شهداء وجرحى.
في نفس يوم صدور هذا البيان كانت وكالات الأنباء وكل المصادر الإخبارية في العالم تنقل انباء سقوط عشرات الشهداء في قصف صهيوني لمدرسة ولمستشفى في غزة. الشهداء وصلوا منذ بدء العدوان الى أكثر من 16 ألفا أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء. كل هؤلاء مدنيون قتلهم العدو الصهيوني جماعيا في بيوتهم التي دمرها، وفي المستشفيات والمدارس التي لجأوا اليها.. وهكذا. العدو الصهيوني يعتبر أن هذه الإبادة الجماعية للمدنيين هي هدف يسعى الى تحقيقه في حد ذاته. كل المنظمات والمؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية تقول هذا.
لكن الخارجية الأمريكية العمياء تدافع عن كل هذه المجازر المتعمدة وتعتبر ان العدو الصهيوني لا يتعمد قتل المدنيين.
ويقول بيان الخارجية الأمريكية: «ليس لدينا معلومات تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستهدف الصحفيين في هذا الصراع».
العدو الصهيوني قتل 73 صحفيا منذ 7 أكتوبر الماضي. والعدو يستهدف الصحفيين رغم أنهم يتمتعون بالحصانة بموجب القوانين الدولية.
هذا العدد يفوق أعداد الصحفيين والاعلاميين الذين قتلوا في أي حروب سابقة.
ووفقا لمؤسسة «منتدى الحرية»، في واشنطن، فقد 69 صحفيا حياتهم خلال 6 سنوات خلال الحرب العالمية الثانية، وفقد 63 صحفيا حياتهم في الحرب خلال الاحتلال الأمريكي لفيتنام، الذي استمر قرابة 20 عاما، كما فقد 17 صحفياً حياتهم في الحرب الكورية التي استمرت 3 سنوات.
منظمة مراسلون بلا حدود قالت ان تحقيقاتها اثبتت تعمد القوات الإسرائيلية استهداف الصحفيين رغم وضعهم إشارة «صحافة» على ملابسهم. كل المنظمات الحقوقية الدولية المعنية بالإعلام طالبت بالفعل من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في قتل الصحفيين باعتبارها جريمة حرب متعمدة.
كما هو معروف، العدو يتعمد قتل الصحفيين لأنه لا يريد لصوت الحقيقة حول مجازر الإبادة وجرائم الحرب التي يرتكبها ان تصل الى العالم عبر هؤلاء الصحفيين.
لكن رغم كل هذه الحقائق، أصرت الخارجية الأمريكية ان تبرئ العدو الصهيوني من هذه الجريمة البشعة، جريمة قتل الصحفيين.
كما نرى، كل فقرة من الفقرات السابقة في بيان الخارجية الأمريكية هي جريمة حرب بحد ذاتها.
والأمر لم يقف عند هذا الحد.
تأمل الجريمة الكبرى التي ارتكبتها الخارجية الأمريكية في بيانها.
يقول البيان: «أمريكا لا تزال تتوقع سقوط ضحايا مدنيين نتيجة لهذه الحملة كما يحدث في جميع الحروب».
تصور الخارجية الأمريكية لم يكفها عشرات الآلاف الذين استشهدوا وجرحوا وتشردوا. الخارجية الأمريكية تبرر مسبقا للعدو الصهيوني جرائم ومذابح أخرى تعرف انه سيرتكبها ضد اهل غزة المدنيين الأبرياء وتقول ان هذا يحدث في كل الحروب.
الخارجية تقول صراحة ان هذا القتل الجماعي للمدنيين في غزة امر عادي ومقبول إذ يحدث عادة في كل الحروب. أي همجية هذه وأي استهانة هذه بأرواح أهل غزة؟
كل الذين يتحدثون عن تغير في المواقف الأمريكية ويراهنون على هذا ما عليهم الا ان يقرأوا هذا البيان الجريمة.
لا أحسب أن ما ذكرناه عن البيان بحاجة إلى مزيد من التعليق. شيء واحد واضح. إذا كان مجرمو الحرب الصهاينة يجب أن يحاكموا على جرائم الحرب والإبادة التي يرتكبونها في غزة، فإن القادة والمسؤولين الأمريكيين يجب أن يحاكموا معهم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك