العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

هذا البيان جريمة حرب

هذا‭ ‬البيان‭ ‬يعتبر‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‭ ‬مكتملة‭ ‬الأركان‭. ‬من‭ ‬كتبه‭ ‬مجرم‭ ‬ومن‭ ‬أصدره‭ ‬مجرم‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬وافق‭ ‬عليه‭ ‬مجرم‭.‬

نعني‭ ‬البيان‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تعليقا‭ ‬على‭ ‬استئناف‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الهمجية‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

هذا‭ ‬البيان‭ ‬تضمن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المواقف‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬تمثل‭ ‬ذروة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الإرهاب‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة،‭ ‬وذروة‭ ‬المشاركة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭.‬

لنتأمل‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬البيان‭.‬

يقول‭ ‬البيان‭ ‬بداية‭: ‬‮«‬رأينا‭ ‬إسرائيل‭ ‬وهي‭ ‬تصدر‭ ‬طلبات‭ ‬أكثر‭ ‬تحديدا‭ ‬لعمليات‭ ‬الإخلاء‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬ويضيف‭: ‬‮«‬عمليات‭ ‬الإخلاء‭ ‬المحددة‭ ‬التي‭ ‬تنفذها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬تمثل‭ ‬تحسنا‭ ‬مقارنة‭ ‬بإبلاغ‭ ‬مدينة‭ ‬بأكملها‭ ‬بالإخلاء‮»‬‭.‬

البيان‭ ‬يشيد‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬بأوامر‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬الأخيرة‭ ‬بإخلاء‭ ‬مناطق‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وطرد‭ ‬أهلها‭.‬

الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تقر‭ ‬بداية‭ ‬بحق‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬طرد‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬وطلبه‭ ‬بأن‭ ‬يخلوا‭ ‬منازلهم‭ ‬وأحياءهم‭ ‬ومناطقهم‭. ‬هذا‭ ‬الطرد‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‭ ‬بحسب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬والخارجية‭ ‬تقر‭ ‬بما‭ ‬يفعله‭ ‬العدو‭ ‬بارتكابه‭ ‬لهذه‭ ‬الجريمة،‭ ‬بل‭ ‬تشيد‭ ‬بأوامره‭.‬

والخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تكذب‭. ‬كما‭ ‬يعلم‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يعتبر‭ ‬آمنا‭. ‬ويتابع‭ ‬العالم‭ ‬كيف‭ ‬يقوم‭ ‬العدو‭ ‬بقتل‭ ‬الأبرياء‭ ‬وهم‭ ‬ينزحون‭ ‬من‭ ‬بيوتهم،‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬يوجدون‭ ‬فيه‭.‬

حتى‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬ذكرت‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬نصف‭ ‬مساحة‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬يخضع‭ ‬لأوامر‭ ‬الإخلاء‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬العدو‭ ‬لأهل‭ ‬غزة‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬آمن‭ ‬يلجأون‭ ‬إليه‭. ‬

ويقول‭ ‬بيان‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭: ‬‮«‬لم‭ ‬نشاهد‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تقتل‭ ‬المدنيين‭ ‬عمدا‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭.‬

تصور‭ ‬الى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬وصل‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬عن‭ ‬الهمجية‭ ‬الصهيونية‭ ‬بالقتل‭ ‬الجماعي‭ ‬العمدي‭ ‬لأهل‭ ‬غزة،‭ ‬والى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬وصلت‭ ‬الاستهانة‭ ‬والاستهتار‭ ‬بأروح‭ ‬عشرات‭ ‬الالاف‭ ‬الذين‭ ‬سقطوا‭ ‬شهداء‭ ‬وجرحى‭.‬

في‭ ‬نفس‭ ‬يوم‭ ‬صدور‭ ‬هذا‭ ‬البيان‭ ‬كانت‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬وكل‭ ‬المصادر‭ ‬الإخبارية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تنقل‭ ‬انباء‭ ‬سقوط‭ ‬عشرات‭ ‬الشهداء‭ ‬في‭ ‬قصف‭ ‬صهيوني‭ ‬لمدرسة‭ ‬ولمستشفى‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬الشهداء‭ ‬وصلوا‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬العدوان‭ ‬الى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬16‭ ‬ألفا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصفهم‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭. ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬مدنيون‭ ‬قتلهم‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬جماعيا‭ ‬في‭ ‬بيوتهم‭ ‬التي‭ ‬دمرها،‭ ‬وفي‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمدارس‭ ‬التي‭ ‬لجأوا‭ ‬اليها‭.. ‬وهكذا‭. ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للمدنيين‭ ‬هي‭ ‬هدف‭ ‬يسعى‭ ‬الى‭ ‬تحقيقه‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭. ‬كل‭ ‬المنظمات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬الحقوقية‭ ‬والإنسانية‭ ‬تقول‭ ‬هذا‭.‬

لكن‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬العمياء‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المجازر‭ ‬المتعمدة‭ ‬وتعتبر‭ ‬ان‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬لا‭ ‬يتعمد‭ ‬قتل‭ ‬المدنيين‭. ‬

ويقول‭ ‬بيان‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭: ‬‮«‬ليس‭ ‬لدينا‭ ‬معلومات‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تستهدف‭ ‬الصحفيين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‮»‬‭.‬

العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬قتل‭ ‬73‭ ‬صحفيا‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭. ‬والعدو‭ ‬يستهدف‭ ‬الصحفيين‭ ‬رغم‭ ‬أنهم‭ ‬يتمتعون‭ ‬بالحصانة‭ ‬بموجب‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭.‬

هذا‭ ‬العدد‭ ‬يفوق‭ ‬أعداد‭ ‬الصحفيين‭ ‬والاعلاميين‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حروب‭ ‬سابقة‭.‬

ووفقا‭ ‬لمؤسسة‭ ‬‮«‬منتدى‭ ‬الحرية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬فقد‭ ‬69‭ ‬صحفيا‭ ‬حياتهم‭ ‬خلال‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬وفقد‭ ‬63‭ ‬صحفيا‭ ‬حياتهم‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬خلال‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬لفيتنام،‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬قرابة‭ ‬20‭ ‬عاما،‭ ‬كما‭ ‬فقد‭ ‬17‭ ‬صحفياً‭ ‬حياتهم‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الكورية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬3‭ ‬سنوات‭.‬

منظمة‭ ‬مراسلون‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭ ‬قالت‭ ‬ان‭ ‬تحقيقاتها‭ ‬اثبتت‭ ‬تعمد‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬استهداف‭ ‬الصحفيين‭ ‬رغم‭ ‬وضعهم‭ ‬إشارة‭ ‬‮«‬صحافة‮»‬‭ ‬على‭ ‬ملابسهم‭. ‬كل‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بالإعلام‭ ‬طالبت‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬الصحفيين‭ ‬باعتبارها‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‭ ‬متعمدة‭.‬

كما‭ ‬هو‭ ‬معروف،‭ ‬العدو‭ ‬يتعمد‭ ‬قتل‭ ‬الصحفيين‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬لصوت‭ ‬الحقيقة‭ ‬حول‭ ‬مجازر‭ ‬الإبادة‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬ان‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬العالم‭ ‬عبر‭ ‬هؤلاء‭ ‬الصحفيين‭.‬

لكن‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق،‭ ‬أصرت‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ان‭ ‬تبرئ‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬البشعة،‭ ‬جريمة‭ ‬قتل‭ ‬الصحفيين‭.‬

كما‭ ‬نرى،‭ ‬كل‭ ‬فقرة‭ ‬من‭ ‬الفقرات‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬جريمة‭ ‬حرب‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭.‬

والأمر‭ ‬لم‭ ‬يقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭.‬

تأمل‭ ‬الجريمة‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬بيانها‭.‬

‭ ‬يقول‭ ‬البيان‭: ‬‮«‬أمريكا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتوقع‭ ‬سقوط‭ ‬ضحايا‭ ‬مدنيين‭ ‬نتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬الحملة‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الحروب‮»‬‭.‬

‭ ‬تصور‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬يكفها‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬الذين‭ ‬استشهدوا‭ ‬وجرحوا‭ ‬وتشردوا‭. ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬تبرر‭ ‬مسبقا‭ ‬للعدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬جرائم‭ ‬ومذابح‭ ‬أخرى‭ ‬تعرف‭ ‬انه‭ ‬سيرتكبها‭ ‬ضد‭ ‬اهل‭ ‬غزة‭ ‬المدنيين‭ ‬الأبرياء‭ ‬وتقول‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭.‬

الخارجية‭ ‬تقول‭ ‬صراحة‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬القتل‭ ‬الجماعي‭ ‬للمدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬امر‭ ‬عادي‭ ‬ومقبول‭ ‬إذ‭ ‬يحدث‭ ‬عادة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭. ‬أي‭ ‬همجية‭ ‬هذه‭ ‬وأي‭ ‬استهانة‭ ‬هذه‭ ‬بأرواح‭ ‬أهل‭ ‬غزة؟

كل‭ ‬الذين‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬الأمريكية‭ ‬ويراهنون‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬عليهم‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬يقرأوا‭ ‬هذا‭ ‬البيان‭ ‬الجريمة‭.‬

لا‭ ‬أحسب‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ذكرناه‭ ‬عن‭ ‬البيان‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التعليق‭. ‬شيء‭ ‬واحد‭ ‬واضح‭. ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬مجرمو‭ ‬الحرب‭ ‬الصهاينة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحاكموا‭ ‬على‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬التي‭ ‬يرتكبونها‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فإن‭ ‬القادة‭ ‬والمسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحاكموا‭ ‬معهم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا