يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
إعلان حرب أمريكي
الأمين العام للأمم المتحدة جوتيريش لجأ للمرة الأولى إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة التي تتيح له لعب دور شخصي مباشر وأن ينبه مجلس الأمن إلى أيّ مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدولي.
لجأ إلى هذه المادة بعد أن وصلت حرب الإبادة الصهيونية على غزة حدا من الهمجية لم يعد من الممكن قبول أن يواصل العالم الصمت عنها. وقال في رسالته لرئيس مجلس الأمن إن ما يجري في غزة يهدد السلم والأمن العالميين، وأضاف: «في مواجهة الخطر الجسيم لانهيار النظام الإنساني في غزة، أدعو مجلس الأمن إلى المساعدة في تجنب وقوع كارثة إنسانية وأناشد إعلان وقف إنساني لإطلاق النار».
وفي الكلمة التي ألقاها في مجلس الأمن قبل التصويت على مشروع القرار العربي قدم الأمين العام حقائق وأرقاما عن حرب الإبادة الصهيونية في غزة المفروض أن تفزع العالم كله. قال: «إن عشرات الآلاف أصيبوا في قطاع غزة جراء القصف، وهناك الكثيرون تحت أنقاض المباني التي هدمت بسبب العدوان الإسرائيلي».
وتابع: «85% من سكان قطاع غزة اضطروا إلى مغادرة منازلهم بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع الذي يستهدف البنية التحتية والمنازل». وقال إن 97% من الأسر في شمال قطاع غزة لا يجدون الغذاء الكافي بسبب استمرار الحرب.
وغير هذا أكد جوتيريش أن التهجير القسري للفلسطينيين في غزة ستكون نتائجه مدمرة للمنطقة كلها.
الصورة التي قدمها الأمين العام للأمم المتحدة على هذا النحو هي صورة شعب تتم إبادته بالمعنى الحرفي للكلمة. وبناء على ذلك طالب المجلس بإصدار قرار بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة.
الدول العربية من جانبها وضعت أمام مجلس الأمن أبعاد الصورة الكاملة لحرب الإبادة الصهيونية وما فعله العدو الصهيوني وارتكبه من جرائم حرب ووضعت العالم أمام مسؤوليته التاريخية بضرورة وقف الحرب فورا.
وحرصت المنظمات الانسانية الدولية على أن تخاطب مجلس الأمن قبل التصويت على القرار وتطالبه بوقف الحرب وحذرت من النتائج الكارثية لفشل المجلس.
الولايات المتحدة الأمريكية رغم كل هذا استخدمت الفيتو لقتل الأمل في صدور قرار بوقف الحرب الهمجية مع أن كل أعضاء المجلس باستثناء بريطانيا التي امتنعت عن التصويت أيدوا القرار.
معروف أن أمريكا دأبت على استخدام الفيتو لمنع صدور أي قرار يدين العدو الصهيوني. لكن الأمر هذه المرة مختلف. الفيتو الأمريكي جريمة كبرى لا يمكن أن تغتفر.
يجب أن نتوقف مليا عند معنى ما فعلته أمريكا رغم كل المجازر وصور الإبادة التي يرتكبها العدو في غزة ورغم كل الغضب العربي والعالمي العارم.
الفيتو الأمريكي في هذا التوقيت يعني أول ما يعني أن أمريكا تريد إعطاء العدو الصهيوني الفرصة كاملة كي يدمر غزة بالكامل وكي يبيد كل الشعب الفلسطيني في غزة. أمريكا نفسها تعترف بهذا إذ تبرر موقفها بأن العدو الإسرائيلي يجب أن يكمل المهمة. أي مهمة بقيت بعد اكثر من 17 ألف شهيد وتدمير أغلب بيوت غزة ومساجدها ومنشآتها؟ أي مهمة بقيت بعد تشريد نحو 90% من الشعب الفلسطيني في غزة؟
والفيتو الأمريكي يعني أن كل مطالب العرب والمسلمين لا تعني بالنسبة إليها شيئا على الإطلاق، وحتى أرواح العرب والمسلمين لا تعني لها شيئا.
الفيتو الأمريكي يعني أن العدو الصهيوني بالنسبة إلى أمريكا فوق الجميع ويجب أن يقبل الكل بهذا أيا كان الثمن حتى لو كان الثمن كل هذه الإبادة وكل هذا الدمار.
كثيرون اعتبروا ان الفيتو يعني أن أمريكا أصبحت شريكا مباشرا في حرب الابادة. وليس هذا توصيفا دقيقا. هي شريكة مع العدو أصلا منذ البداية.
هذا الفيتو ليس مجرد رفض لوقف الحرب. هو أشبه بإعلان حرب امريكي على الشعب الفلسطيني وعلى كل العرب.
ولا يعرف المرء حقا كيف يمكن بعد هذا أن نتحدث عن أمريكا كحليف أو حتى صديق للعرب؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك