يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
انظروا من يتحدث عن الصداقة؟!
حين قرأت هذا المقال كتبت فورا: انظروا من يتحدث عن الصداقة؟.. متى كنتم أصدقاء لنا أصلا؟
المقال مقال افتتاحي نشرته صحيفة «التليجراف» البريطانية قبل يومين تحت عنوان: «الأصدقاء المزعومون». أما الأصدقاء المزعومون الذين يقصدهم المقال فهم الإمارات والسعودية.
مقال الصحيفة ينتقد بشدة استقبال الإمارات والسعودية للرئيس الروسي بوتين والاستقبال الحافل الذي لقيه في البلدين، واعتبر ان البلدين، بهذه الزيارة، ساعدا روسيا على التحايل على العقوبات التي تفرضها دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) على النفط الروسي. واعتبر المقال ان مساعدة روسيا على هذا النحو وعلى زيادة موارد الخزينة الروسية هو مساعدة لها على مواصلة حربها على أوكرانيا.
وقالت الصحيفة إن استقبال رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، للرئيس بوتين باعتباره «صديقه العزيز»، يعتبر عملا غير ودي، على اعتبار أن بوتين يخضع لمذكرة اعتقال دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
إجمالا تعتبر افتتاحية الصحيفة البريطانية ان الامارات والسعودية لم تعودا دولتين صديقتين بعد استقبال بوتين، ودعت الحكومة البريطانية إلى التصرف على هذا الأساس.
بالطبع ما كتبته الصحيفة البريطانية على هذا النحو لا يعبر بالضرورة عن الموقف الرسمي للحكومة البريطانية، لكنه بالتأكيد يعبر عن المزاج العام السائد في بريطانيا اليوم. المزاج العام في بريطانيا اليوم، كما في كل الدول الغربية، هو مزاج عنصري معاد للعرب والمسلمين.
ما كتبته الصحيفة يجب ألا يمر هكذا من دون وقفة وقراءة لأبعاده وما يثيره من تساؤلات.
قبل كل شيء، ما دخل بريطانيا أو أمريكا او أي دولة في الغرب، بعلاقات الإمارات والسعودية أو أي دولة عربية بدول العالم، أو بسياسات دولنا الخارجية عموما؟
بأي وجه حق يريدون أن يحددوا هم للدول العربية طبيعة علاقاتها مع روسيا أو الصين او أي قوة أخرى في العالم؟
بأي وجه حق يريدون ان يفرضوا على دولنا أن تصادق من يصادقه الغرب وتعادي من يعاديه الغرب؟
ما كتبته الصحيفة البريطانية نموذج صارخ يجسد العقلية الاستعمارية العنصرية في بريطانيا وفي الغرب عموما في التعامل مع دولنا العربية.
في بريطانيا وفي أمريكا وعديد من الدول الغربية يفكرون ويتصرفون بمنطق أن لهم حق الوصاية علينا وعلى التدخل في أدق شؤون دولنا الداخلية وعلاقاتها الدولية وسياساتها.
هذا موقف استعماري عنصري مرفوض جملة وتفصيلا.
الأمر الثاني، بأي وجه حق يريدون في بريطانيا وفي الغرب عموما أن يلزموا الإمارات أو السعودية أو أي بلد عربي بموقفهم هم من روسيا ومن حرب أوكرانيا؟
موقف الدول الغربية من روسيا ومن حرب أوكرانيا تحكمه مصالحهم وصراعهم من أجل استمرار الهيمنة الغربية على مقدرات العالم.
هذا أمر يعنيهم هم ولا يعنينا نحن في الدول العربية. الذي يعنينا هو مصالحنا لا مصالحهم. ومصالح دولنا العربية تحتم بالتأكيد تنويع علاقاتنا الاستراتيجية وتقوية علاقاتنا مع روسيا والصين وغيرهما من القوى غير الغربية.
وأن يطلبوا في بريطانيا أو غيرها من دولنا أن تتبنى موقفهم من روسيا يعتبر قمة الاحتقار للمصالح العربية ولاستقلال القرار العربي.
الأمر الآخر أنه من الصفاقة حقا أن تتحدث هذه الصحيفة البريطانية عن الصداقة وتكتب ما كتبته عن الامارات والسعودية في هذا الوقت بالذات.
نعني أن بريطانيا وأمريكا وكل الدول الغربية بموقفها الهمجي من حرب الابادة الصهيونية في غزة أظهروا عداء سافرا صريحا لكل العرب والمسلمين، ويعلنون هذا صراحة دون مواربة ولا خجل. هم لا يعلنون العداء لنا فقط بل أظهروا رغبتهم في إبادتنا.
على أي حال ما تكتبه مثل هذه الصحيفة البريطانية أو غيرها لم يعد يستحق منا قلقا ولا انزعاجا. هم في الغرب ببساطة لم يعد لهم أدنى قدر من المصداقية، وهم آخر من يحق له في العالم ان يتحدث عن صداقة او حقوق انسان او أي قيم انسانية.
الأمر الواضح اليوم أن أحد الدروس الكبرى لما يجري أن علاقات دولنا العربية مع الدول الغربية يجب أن يعاد بناؤها على أسس جديدة على ضوء ما أظهرته من عداء لنا. وفي القلب إعادة النظر هذه يجب تقوية روابطنا الاستراتيجية مع القوى غير الغربية في العالم، ويجب أن تكون سياستنا مستقلة حقا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك