العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مصير الحرب بعد انتهاء وقف إطلاق النار في غزة

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ١٣ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

إن‭ ‬انقضاء‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بين‭ ‬حماس‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬الذي‭ ‬نجحا‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬السجناء‭ ‬والرهائن‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الجانبين،‭ ‬وإيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬سكان‭ ‬غزة؛‭ ‬قد‭ ‬ترك‭ ‬مسارا‭ ‬مستقبليا‭ ‬مبهما‭ ‬للحرب،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وضوح‭ ‬نوايا‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ورغبتها‭ ‬في‭ ‬إلحاق‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭. ‬

وأشار‭ ‬‮«‬روبرت‭ ‬بايب‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬أفيرز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬مارست‭ ‬أعنف‭ ‬حملات‭ ‬القصف‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬على‭ ‬منازل‭ ‬المدنيين،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الأساسية،‭ ‬والمستشفيات،‭ ‬والمدارس،‭ ‬وملاجئ‭ ‬ومباني‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة؛‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬استشهاد‭ ‬قرابة‭ ‬18,000‭ ‬شخص‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ (‬بينهم‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬7‭ ‬آلاف‭ ‬طفل،‭ ‬و5‭ ‬آلاف‭ ‬امرأة‭)‬،‭ ‬وتجاوز‭ ‬عدد‭ ‬المصابين‭ ‬50‭ ‬ألفا‭ (‬أكثر‭ ‬من‭ ‬75%‭ ‬منهم‭ ‬أطفال‭ ‬ونساء‭)‬،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تدمير‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬المنازل،‭ ‬و1,9‭ ‬مليون‭ ‬نازح‭. ‬

وبشكل‭ ‬عام،‭ ‬سلط‭ ‬المحللون‭ ‬الضوء‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الخسائر‭ ‬التي‭ ‬سيتكبدها‭ ‬الجانبان‭ ‬نتيجة‭ ‬الصراع‭ ‬طويل‭ ‬الأمد؛‭ ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬تحمل‭ ‬حماس‭ ‬الهجمات‭ ‬المضادة‭ ‬لها‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وكيفية‭ ‬استقرار‭ ‬قيادتها‭ ‬وبنيتها‭ ‬الأساسية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اكتسابها‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ويرى‭ ‬‮«‬بايب‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬اجتياح‭ ‬إسرائيل‭ ‬لغزة‭ ‬ليس‭ ‬‮«‬محكومًا‭ ‬عليه‭ ‬بالفشل‮»‬،‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬فاشل‭ ‬بالفعل‮»‬‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬استمرار‭ ‬القتال‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬التوقعات‭ ‬القاتمة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬غزة‭ ‬وسكانها‭. ‬وعلق‭ ‬‮«‬جورجيو‭ ‬كافييرو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬غلف‭ ‬ستيت‭ ‬أناليتكس‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬سينشأ‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬غير‭ ‬واضح‮»‬،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬واضحة‭ ‬تجاه‭ ‬مستقبل‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬،‭ ‬‮«‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭.‬

ورأى‭ ‬‮«‬هيو‭ ‬لوفات‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬تتعمد‭ ‬بشكل‭ ‬همجي‭ ‬وممنهج‭ ‬تدمير‭ ‬المؤسسات‭ ‬المدنية،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الضرورية‭ ‬لاستقرار‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الصراع‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬جيشها‭ ‬يتعمد‭ ‬إجبار‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دفعهم‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬مستحيلة‭ ‬العيش،‭ ‬وجعل‭ ‬بقية‭ ‬القطاع‭ ‬غير‭ ‬صالح‭ ‬للسكن،‭ ‬لكن‭ ‬الدلائل‭ ‬كلها‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬فشلت‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استمر‭ ‬العدوان‭ ‬لشهره‭ ‬الثالث‭.‬

وأتاحت‭ ‬الهدنة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليها‭ ‬أواخر‭ ‬نوفمبر2023،‭ ‬فرصة‭ ‬قصيرة‭ ‬للأمل‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬ملموس‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬والذي‭ ‬سمح‭ ‬بإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬رهينة‭ ‬إسرائيلية،‭ ‬و240‭ ‬سجينًا‭ ‬فلسطينيًا‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬الإسرائيلية؛‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬المفاوضات‭ ‬قد‭ ‬انهارت،‭ ‬واستأنفت‭ ‬إسرائيل‭ ‬غزوها‭ ‬البري‭ ‬الواسع‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬ديسمبر‭ ‬على‭ ‬جنوب‭ ‬القطاع،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قيام‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬بقصف‭ ‬‮«‬مناطق‭ ‬آمنة‭ ‬تم‭ ‬تحديدها‭ ‬آنفاً‮»‬،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أشارت‭ ‬إليه‭ ‬‮«‬الكسندرا‭ ‬شارب‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬‭. ‬

ومع‭ ‬استئناف‭ ‬إسرائيل‭ ‬غزوها،‭ ‬أضحى‭ ‬المراقبون‭ ‬الغربيون‭ ‬غير‭ ‬مقتنعين‭ ‬بأنها‭ ‬ستحقق‭ ‬نصرا‭ ‬عسكريا،‭ ‬وحذروا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬سياستها‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬مشاكلها‭ ‬الأمنية،‭ ‬وزيادة‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إصرار‭ ‬‮«‬رونين‭ ‬بار‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬جهاز‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬‮«‬الشاباك‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬سوف‭ ‬يدمر‭ ‬حماس‭ ‬‮«‬في‭ ‬كل‭ ‬بقعة»؛‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬بايب‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬رأى‭ ‬أن‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬لم‭ ‬تثبت‭ ‬سوى‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬‮«‬إلحاق‭ ‬الأذي‭ ‬بالمدنيين‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬‮«‬افتقادها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬حماس‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الحركة‭ ‬أصبحت‭ ‬‮«‬أقوى‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬الغزو‮»‬‭. ‬وخلص‭ ‬‮«‬جيفري‭ ‬أرونسون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬‮«‬تُعاني‭ ‬ضررا‭ ‬وخسائر،‭ ‬لكن‭ ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬القضاء‭ ‬عليها‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تقدر‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬القتال‭ ‬مهما‭ ‬طال‭.‬

وفي‭ ‬الاتفاق،‭ ‬وثق‭ ‬‮«‬بايب‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للحركة‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تفكيكها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وأنها‭ ‬ستعود‭ ‬للقتال‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬بشروط‭ ‬أكثر‭ ‬ملاءمة‭ ‬مستقبلًا‮»‬،‭ ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وحشية‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تدعيم‭ ‬صفوف‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مع‭ ‬حماس،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الوقيعة‭ ‬بينهما‭. ‬

وتُظهر‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬التي‭ ‬أجراها‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬للبحوث‭ ‬والتنمية‮»‬‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2023،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬27%‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬المشاركين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬حماس‭ ‬هي‭ ‬أفضل‭ ‬ممثل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬كان‭ ‬76%‭ ‬منهم‭ ‬بحلول‭ ‬منتصف‭ ‬نوفمبر،‭ ‬ينظرون‭ ‬إليها‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي،‭ ‬مع‭ ‬تسليط‭ ‬‮«‬بايب‮»‬،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني‭ ‬تتراوح‭ -‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬18‭ ‬و34‭ ‬عامًا‭- ‬باتوا‭ ‬الآن‭ ‬مجندين‭ ‬فاعلين‭ ‬للحركة،‭ ‬وجماعات‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬استهداف‭ ‬إسرائيل‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬فإن‭ ‬الوسيلة‭ ‬التي‭ ‬قررت‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الانتقام‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة؛‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ستعزز‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المسلحة‭ ‬ضدها‭.‬

ويرى‭ ‬‮«‬كافييرو‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬من‭ ‬المؤسف‭ ‬تقييم‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭ ‬للحركة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬سبب‭ ‬الصراع،‭ ‬وليس‭ ‬اعتبار‭ ‬الصراع‭ ‬سببًا‭ ‬في‭ ‬نشوء‭ ‬حماس؛‭ ‬وبالتالي،‭ ‬ودون‭ ‬حل‭ ‬عادل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‮»‬،‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬سلام‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬أو‭ ‬بعيد‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬يدرك‭ ‬الصعوبات‭ ‬أمام‭ ‬جيشه‭ ‬في‭ ‬إلحاق‭ ‬هزيمة‭ ‬عسكرية‭ ‬بحماس؛‭ ‬وعوضًا‭ ‬عن‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬دبلوماسي‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭ ‬لهذه‭ ‬القضية؛‭ ‬أشار‭ ‬الخبراء‭ ‬إلى‭ ‬رغبة‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬غزة‭ ‬غير‭ ‬مناسبة‭ ‬للعيش‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬أرونسون‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جعل‭ ‬القطاع‭ ‬غير‭ ‬صالح‭ ‬للسكن،‭ ‬ليس‭ ‬‮«‬هدفا‭ ‬سياسيا‭ ‬فقط‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬‮«‬عسكريا‭ ‬أيضا‮»‬‭. ‬ووافقه‭ ‬‮«‬ماركو‭ ‬كارنيلوس‮»‬،‭ ‬السفير‭ ‬الإيطالي‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬حلم‮»‬‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬يتبلور‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬‮«‬نكبة‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬وتتجلى‭ ‬الأدلة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬التطويق‭ ‬المنهجي‭ ‬لمئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬داخل‭ ‬جيب‭ ‬يزداد‭ ‬ضيقا‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬القطاع؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعترف‭ ‬به‭ ‬‮«‬فيليبو‭ ‬غراندي‮»‬،‭ ‬المفوض‭ ‬السامي‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين،‭ ‬مؤكدا‭ ‬‮«‬تعرض‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬للانتهاكات‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬يندفعون‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬نحو‭ ‬زاوية‭ ‬ضيقة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬هي‭ ‬بالفعل‭ ‬ضيقة‭ ‬للغاية‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬توقع‭ ‬يستحيل‭ ‬تحقيقه‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الغربي‭ ‬بإمكانية‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬تُعيد‭ ‬بمقتضاه‭ ‬إسرائيل‭ ‬إدارة‭ ‬القطاع‭ ‬إلى‭ ‬قيادة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مقبولة‭ ‬سياسيا،‭ ‬مقابل‭ ‬ضمانات‭ ‬أمنية‭. ‬ويمتد‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‭. ‬وذكرت‭ ‬‮«‬ناهال‭ ‬الطوسي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬بوليتيكو‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬‮«‬أمضت‭ ‬أسابيع‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬خطة‭ ‬متعددة‭ ‬المراحل‭ ‬لمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬سلطة‭ ‬فلسطينية‭ ‬متجددة‮»‬،‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬معتبرة‭ ‬أنها‭ ‬فقط‭ ‬‮«‬أفضل‭ ‬الخيارات‭ ‬السيئة‮»‬‭.‬

في‭ ‬حين،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬ناثان‭ ‬براون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬كارنيغي‭ ‬للسلام‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬مستقبل‭ ‬لغزة»؛‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬‮«‬التدهور‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الحكم‭ ‬والأمن‭ ‬والنظام‭ ‬العام‮»‬،‭ ‬سيترجم‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تلاشي‭ ‬أي‭ ‬أفق‭ ‬سياسي‭ ‬أو‭ ‬عملية‭ ‬دبلوماسية،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬آفاق‭ ‬مستقبلية‮»‬‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬داخل‭ ‬القطاع‭.‬

وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬أرونسون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يحاول‭ ‬تشديد‭ ‬سيطرته‭ ‬الاحتلالية‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬القطاع‭. ‬وعليه،‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬المصير‭ ‬الأكثر‭ ‬ترجيحًا،‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬السيناريو‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬سيسيطر‭ ‬فيه‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1967‭ ‬إلى‭ ‬2005‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إنشاء‭ ‬نقاط‭ ‬تفتيش‭ ‬وقواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬لمنع‭ ‬اللاجئين‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬يعد‭ ‬‮«‬دليلاً‭ ‬واضحًا‮»‬‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التأكيد‭.‬

وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬فإن‭ ‬الاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لغزة،‭ ‬لن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬تأجيج‭ ‬التوترات‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬فيديريكا‭ ‬فاسانوتي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الدراسات‭ ‬السياسية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بالنسبة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الاحتلال‭ ‬التكتيكي‭ ‬الراهن‭ ‬بعيد‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬إحراز‭ ‬نصر‭ ‬ما،‭ ‬أو‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬سلام‭ ‬حقيقي‭ ‬ودائم‮»‬،‭ ‬موضحة‭ ‬أن‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬أثارت‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬الغضب‭ ‬ضدها،‭ ‬و‮«‬سوف‭ ‬يمر‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يستقر‭ ‬الوضع‭ ‬مجددًا‮»‬‭. ‬ووفقا‭ ‬لـ«كافييرو‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لغزة‭ ‬هو‭ ‬‮«‬حافز‭ ‬لموجات‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬الأبدي‭ ‬والمقاومة‭ ‬المسلحة‮»‬،‭ ‬ولن‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬استشهاد،‭ ‬وإصابة‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬استمرار‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬والمدنيين‭ ‬الإسرائيليين‭.‬

وبالفعل،‭ ‬تضاءلت‭ ‬احتمالات‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬مع‭ ‬‮«‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‮»‬،‭ ‬و«امتناع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‮»‬،‭ ‬و«اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬جادة‭ ‬نحو‭ ‬فرض‭ ‬السلام‮»‬‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬أرونسون‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬احتلال‭ ‬غزة،‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الحملة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬العسكرية‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬ضد‭ ‬فلسطين‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬تسعى‭ ‬للتصدي‭ ‬لأي‭ ‬محاولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬لتغيير‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‮»‬‭. ‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬بايب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نمو‭ ‬المستوطنات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬يظل‭ ‬‮«‬عاملاً‭ ‬مركزيًا‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬الصراع‮»‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬المستوطنين‭- ‬من‭ ‬4000‭ ‬فقط‭ ‬عام‭ ‬1977،‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬في‭ ‬2023‭- ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬‮«‬سببًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬لفقدان‭ ‬فكرة‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬لمصداقيتها‮»‬‭. ‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬واصلت‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬تطبيق‭ ‬‮«‬معاييرها‭ ‬المزدوجة‮»‬،‭ ‬تجاه‭ ‬قضايا‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬فيه‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬أنتوني‭ ‬بلينكن‮»‬،‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬لضمان‭ ‬حماية‭ ‬المدنيين‭ -‬فيما‭ ‬وصفته‭ ‬‮«‬باربرا‭ ‬آشر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬أقوى‭ ‬تصريح‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بشأن‭ ‬قصف‭ ‬إسرائيل‮»‬‭- ‬فإن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬أرسلت‭ ‬قنابل‭ ‬‮«‬خارقة‭ ‬للتحصينات‮»‬،‭ ‬تزن‭ ‬الواحدة‭ ‬منها‭ ‬2000‭ ‬رطل‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬لاستخدامها‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬بغزة‭.‬

‭ ‬ومنذ‭ ‬بداية‭ ‬العدوان،‭ ‬قدمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬قنبلة،‭ ‬ونحو‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬قذيفة‭ ‬مدفعية‭. ‬ووثقت‭ ‬منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬تم‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬استخدام‭ ‬القنابل‭ ‬الأمريكية‭ ‬الصنع‭ ‬في‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬استشهاد‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬بينما‭ ‬خلص‭ ‬‮«‬بايب‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزوها‭ ‬العسكري‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬‮«‬يصبح‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‮»‬،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المعاناة‭ ‬الهائلة‭ ‬للفلسطينيين‭ -‬الذين‭ ‬تعرضوا‭ ‬بالفعل‭ ‬لحصار‭ ‬دام‭ ‬16‭ ‬عامًا‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭- ‬قد‭ ‬تفاقمت‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬وليام‭ ‬شومبورج‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬للصليب‭ ‬الأحمر‮»‬،‭ ‬وصف‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬بأنه‭ ‬أشبه‭ ‬بـ«الجحيم‭ ‬على‭ ‬الأرض»؛‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬يتفق‭ ‬المراقبون‭ ‬الغربيون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أملا‭ ‬قد‭ ‬يلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا