العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

في مواجهة طوفان الدعم «متعدد الطبقات» لإسرائيل

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ١٧ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬اليوم‭ ‬يعيش‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬التي‭ ‬أكدها‭ ‬قادته‭ ‬المهزومون‭: ‬‮«‬هناك‭ ‬خسائر‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬قواتنا‭ ‬للأسف‭ ‬ولكننا‭ ‬مصممون‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الحرب‭!‬‮»‬،‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬نقاتل‭ ‬أشباحا‭ ‬في‭ ‬غزة‭!‬‮»‬،‭ ‬‮«‬نواجه‭ ‬خسائر‭ ‬مالية‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬مثيل‭!‬‮»‬،‭ ‬‮«‬الصور‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬المعركة‭ ‬مؤلمة‭ ‬ودموعنا‭ ‬تتساقط‭ ‬عند‭ ‬رؤية‭ ‬جنودنا‭ ‬يسقطون‮»‬‭. ‬هذه‭ ‬بعض‭ ‬صور‭ (‬وغيرها‭ ‬كثير‭) ‬تعكس‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الانكسار‭ ‬والهزيمة‭ ‬عند‭ ‬قادة‭ ‬في‭ ‬‮«‬الكيان‮»‬‭.‬

‏وفي‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬على‭ ‬إنكار‭ ‬إنجازات‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬تبث‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة،‭ ‬ومواجهتها‭ ‬لمقاومة‭ ‬شرسة‭ ‬وجها‭ ‬لوجه‭ ‬كما‭ ‬وصفها‭ ‬الناطق‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬يظهر‭ ‬الدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬للدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬والهدف‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭. ‬وهذا‭ ‬الدعم‭ ‬الصارخ‭ ‬لمقارفات‭ ‬وانتهاكات‭ ‬الاحتلال‭ ‬يظهر‭ ‬مخاوف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الهزيمة‭ ‬معناها‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬العواقب‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬ولذلك،‭ ‬ليس‭ ‬ثمة‭ ‬اختلاف‭ ‬جوهري‭ ‬يميز‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬المواقف‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يقال،‭ ‬على‭ ‬ألسنة‭ ‬مسؤولين‭ ‬أمريكيين،‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬تبذلها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لكبح‭ ‬شهية‭ ‬القتل‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

‭ ‬فالرئيس‭ ‬الأمريكي‭ (‬جو‭ ‬بايدن‭) ‬يواجه‭ ‬انتخابات‭ ‬رئاسية‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬حيث‭ ‬سيترشح‭ ‬مواجها‭ ‬لجمهوري‭ ‬عنيد‭ ‬مرجح‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ (‬دونالد‭ ‬ترامب‭). ‬و‭(‬بايدن‭)‬،‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬موقفه‭ ‬الداعم‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬سيكون‭ ‬سببا‭ ‬قويا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬فرصة‭ ‬انتزاع‭ ‬دعم‭ ‬منظمة‭ (‬أيباك‭ (‬‮«‬لجنة‭ ‬الشؤون‭ ‬العامة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‮«‬AIPAC‭)  ‬أكبر‭ ‬منظمات‭ ‬اللوبي‭ ‬اليهودي‭ ‬وأهمها‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والعالم،‭ ‬والمؤثر‭ ‬الأقوى‭ ‬في‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬واتجاهاتها،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يشكل‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬رأس‭ ‬الحربة‭ ‬والقاعدة‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وأداتها‭ ‬الرئيسة‭ ‬لضمان‭ ‬هيمنتها‭ ‬وحماية‭ ‬مصالحها‭.‬

الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ (‬ومثل‭ ‬سابقتها‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬6‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973‭) ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬اتخاذ‭ ‬قراراته‭ ‬وخطواته‭ ‬وحده‭! ‬فهو،‭ ‬في‭ ‬مواجهته‭ ‬لملحمة‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬يعيش‭ ‬حالة‭ ‬استقواء‭ ‬بفضل‭ ‬‮«‬طوفان‮»‬‭ ‬التأييد‭ ‬الأمريكي‭ (‬والغربي‭) ‬‮«‬المتعدد‭ ‬الطبقات‮»‬،‭ ‬وفقاً‭ ‬لوصف‭ ‬معبّر‭ ‬مصدره‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭.‬

‭ ‬وبحسب‭ ‬استخلاص‭ ‬شبه‭ ‬‮«‬جامع‭ ‬مانع‮»‬،‭ ‬قدمه‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬هآرتس‮»‬‭ (‬ألوف‭ ‬بن‭) ‬بخصوص‭ ‬دعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحدها‭ (‬مستثنيا‭ ‬الدعم‭ ‬البريطاني‭ ‬والغربي‭ ‬عموماً‭) ‬المقدم‭ ‬على‭ ‬طبق‭ ‬مغموس‭ ‬بالدماء‭ ‬لدولة‭ ‬الاحتلال‭:‬

أولاً،‭ ‬هناك‭ ‬تجديد‭ ‬مخزون‭ ‬العتاد‭ ‬والتعويض‭ ‬عن‭ ‬القنابل‭ ‬والصواريخ‭ ‬والقذائف‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬استُخدمت‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬وآخرها‭ ‬شهدناه‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬معدودات‭. ‬

ثانياً،‭ ‬الردع‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬إطلاق‭ ‬الصواريخ‭ ‬من‭ ‬مسافات‭ ‬بعيدة‭ ‬بواسطة‭ ‬شبكة‭ ‬الرادارات‭ ‬والإنذار‭ ‬المبكر‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والقيادة‭ ‬الوسطى‭ ‬الأمريكية‭.‬

ثالثاً،‭ ‬ضمان‭ ‬حرية‭ ‬الملاحة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬من‭ ‬مرفأ‭ ‬إيلات‭ ‬وإليه‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬حصار‭ ‬الحوثيين‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬مضيق‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬على‭ ‬مدخل‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭.‬

رابعاً،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ردع‭ ‬إيران‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬فتح‭ ‬جبهات‭ ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬وربما‭ ‬في‭ ‬سورية‭ ‬والعراق،‭ ‬بواسطة‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬والغواصات‭ ‬النووية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

خامساً،‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حق‭ ‬استعمال‭ ‬الفيتو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ويمكنها‭ ‬إفشال‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬أو‭ ‬السماح‭ ‬به‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭!‬

أوساط‭ ‬عديدة‭ ‬مطلعة‭ ‬ترجح‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬لن‭ ‬توجه‭ (‬على‭ ‬الأقل‭: ‬قريبا‭) ‬إنذارا‭ ‬حقيقيا‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬والرئيس‭ (‬بايدن‭) ‬‮«‬سيسمح‮»‬‭ ‬لجيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬استنفاد‭ ‬العدوان‭ ‬البري‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬مدة‭ ‬إضافية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬شهراً‭ ‬أو‭ ‬يزيد،‭ ‬لعل‭ ‬وعسى‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬ذلك‭ ‬سلباً‭ ‬في‭ ‬قدرات‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وبالأخص‭ ‬قدرة‭ ‬‮«‬كتائب‭ ‬القسام‮»‬‭ ‬و«الجهاد‭ ‬الإسلامي‮»‬‭ ‬للاستمرار‭ ‬في‭ ‬القتال،‭ ‬قبل‭ ‬تحول‭ ‬القطاع‭ (‬وقد‭ ‬حصل‭) ‬فعلا،‭ ‬إلى‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

هذا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬بقاء‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬ضعيفة‭ ‬ومهزوزة،‭ ‬سيفقدها‭ ‬الهيمنة‭ ‬وسيخرجها‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬التأثير‭ ‬والردع،‭ ‬ومواجهة‭ ‬تهديد‭ ‬وجودي‭ ‬ملموس،‭ ‬وعندها‭ ‬لربما‭ ‬نجاح‭ ‬الدعوات‭ ‬المتزايدة‭ ‬في‭ ‬ملاحقة‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ (‬وغيرهم‭) ‬في‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬لاهاي‮»‬‭ ‬بتهم‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭. ‬لذلك‭ ‬كله،‭ ‬أقدمت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬وحكومات‭ ‬الغرب‭ ‬المتصهين‭) ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬متعدد‭ ‬الطبقات‮»‬‭ ‬آنف‭ ‬الذكر‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا