العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الأمير الراحل نواف الأحمد ومسيرة حافلة في خدمة الكويت

بقلم: د. نبيل العسومي

الأربعاء ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

شكلت‭ ‬فجيعة‭ ‬وفاة‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬نواف‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬أمير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬خسارة‭ ‬كبيرة‭ ‬للأمتين‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬وللدول‭ ‬الصديقة،‭ ‬فبرحيله‭ ‬خسر‭ ‬العالم‭ ‬شخصية‭ ‬وطنية‭ ‬لها‭ ‬مكانتها‭ ‬المرموقة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭ ‬بفضل‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلها‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬والعالم‭ ‬وإسهاماته‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬وتجسيد‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬والمحبة‭ ‬ونبذ‭ ‬الخلافات‭ ‬ومنع‭ ‬الحروب‭ ‬وعدم‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول،‭ ‬فكان‭ ‬هذا‭ ‬المصاب‭ ‬الجلل‭ ‬برحيل‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬نواف‭ ‬الأحمد‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬صعبا‭ ‬علينا‭ ‬جميعا‭ ‬حيث‭ ‬عم‭ ‬الحزن‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬فنحن‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ومنذ‭ ‬لحظة‭ ‬إعلان‭ ‬خبر‭ ‬وفاته‭ ‬آلمنا‭ ‬الخبر‭ ‬وعبر‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬حزنهم‭ ‬الشديد‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬وقرى‭ ‬البحرين‭ ‬متضرعين‭ ‬إلى‭ ‬المولى‭ ‬العلي‭ ‬القدير‭ ‬أن‭ ‬يتغمده‭ ‬بواسع‭ ‬رحمته،‭ ‬مؤكدين‭ ‬وقوف‭ ‬البحرين‭ ‬حكومة‭ ‬وشعبا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬وفاة‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭.‬

بدأ‭ ‬الشيخ‭ ‬نواف‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬حياته‭ ‬السياسية‭ ‬منذ‭ ‬نيل‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬استقلالها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1962‭ ‬عندما‭ ‬تولى‭ ‬منصب‭ ‬محافظ‭ ‬حولي‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬ستة‭ ‬عشر‭ ‬عاما‭ ‬بعدها‭ ‬انيطت‭ ‬إليه‭ ‬حقيبة‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1978‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1988‭ ‬عين‭ ‬وزيرا‭ ‬للدفاع،‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬الكويت‭ ‬خلال‭ ‬توليه‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬المراحل‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت‭ ‬الحديث‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1990،‭ ‬حيث‭ ‬قاد‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي‭ ‬بكل‭ ‬كفاءة‭ ‬واقتدار‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشكيل‭ ‬تحالف‭ ‬دولي‭ ‬ضم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الشقيقة‭ ‬والصديقة‭ ‬في‭ ‬تضامن‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬دعما‭ ‬للشرعية‭ ‬الكويتية‭ ‬انتهى‭ ‬بخروج‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬واستعادة‭ ‬الدولة‭ ‬الشقيقة‭ ‬شرعيتها‭ ‬وسيادتها‭.‬

وبعد‭ ‬التحرير‭ ‬وإعادة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭ ‬وعودة‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬إلى‭ ‬بلاده‭ ‬وانتهاء‭ ‬المحنة‭ ‬تم‭ ‬تشكيل‭ ‬أول‭ ‬حكومة‭ ‬كويتية‭ ‬بعد‭ ‬التحرير،‭ ‬حيث‭ ‬أسندت‭ ‬حقيبة‭ ‬وزارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والعمل‭ ‬إلى‭ ‬الشيخ‭ ‬نواف‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1994‭ ‬تم‭ ‬تعيينه‭ ‬نائبا‭ ‬لرئيس‭ ‬الحرس‭ ‬الوطني‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬تعيينه‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬وزيرا‭ ‬للداخلية‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬تمت‭ ‬تزكيته‭ ‬وليا‭ ‬للعهد‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تولى‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬تولي‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وأصبح‭ ‬أميرا‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت‭ ‬خلفا‭ ‬لصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تحديات‭ ‬تواجهها‭ ‬البلاد‭ ‬بسبب‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬وتحدي‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬الذي‭ ‬كلف‭ ‬العالم‭ ‬الكثير‭ ‬ماديا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وبشريا،‭ ‬حيث‭ ‬استطاعت‭ ‬الكويت‭ ‬بفضل‭ ‬قيادته‭ ‬الحكيمة‭ ‬ونظرته‭ ‬الثاقبة‭ ‬تجاوز‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭.‬

وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬كان‭ ‬للوساطة‭ ‬الكويتية‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬نواف‭ ‬الأحمد‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬الخلافات‭ ‬الإقليمية‭ ‬وإعادة‭ ‬الثقة‭ ‬وأسهمت‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الإقليم‭.‬

وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬واصل‭ ‬الشيخ‭ ‬نواف‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬نهج‭ ‬سلفه‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬كثابت‭ ‬من‭ ‬ثوابت‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الكويتية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول‭ ‬وإقامة‭ ‬علاقات‭ ‬متوازنة‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬المصالح‭ ‬الكويتية‭.‬

ولا‭ ‬يسعنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نتقدم‭ ‬بتعازينا‭ ‬الحارة‭ ‬لأسرة‭ ‬آل‭ ‬صباح‭ ‬الكرام‭ ‬وللكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬حكومة‭ ‬وشعبا‭ ‬بخالص‭ ‬التعازي‭ ‬والمواساة‭ ‬بهذا‭ ‬المصاب‭ ‬الجلل‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬يطمئننا‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬ما‭ ‬رأيناه‭ ‬وشاهدناه‭ ‬من‭ ‬انتقال‭ ‬سلس‭ ‬وسريع‭ ‬للسلطة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاحتكام‭ ‬للدستور‭ ‬الكويتي‭ ‬والمادة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتوارث‭ ‬الإمارة‭ ‬وبمباركة‭ ‬أسرة‭ ‬آل‭ ‬صباح‭ ‬وبموافقة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمة‭ ‬وتأييد‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬الشقيق،‭ ‬وإننا‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بأن‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الشيخ‭ ‬مشعل‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬الصباح‭ ‬أمير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬هو‭ ‬خير‭ ‬خلف‭ ‬لخير‭ ‬سلف‭ ‬وسوف‭ ‬يواصل‭ ‬النهج‭ ‬الكويتي‭ ‬الذي‭ ‬سار‭ ‬عليه‭ ‬أسلافه‭ ‬من‭ ‬حكام‭ ‬الكويت‭ ‬منذ‭ ‬نشأة‭ ‬الدولة‭ ‬الكويتية‭ ‬الحديثة‭.‬

تغمد‭ ‬الله‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬بواسع‭ ‬رحمته‭ ‬وأسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته‭ ‬مع‭ ‬الشهداء‭ ‬والصديقين‭ ‬والأبرار،‭ ‬وإنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا