العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ماذا بعد أن أعلن نتنياهو نهاية «حل الدولتين»؟!

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬عاد‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬وعلى‭ ‬رأسه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومن‭ ‬ورائه‭ ‬عديد‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ (‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭) ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬باعتباره‭ ‬المخرج‭ ‬الوحيد‭ ‬للصراع‭ ‬الفلسطيني‭/ ‬الإسرائيلي،‭ ‬ومع‭ ‬استبسال‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومواصلة‭ ‬مقاتليها‭ ‬الإمعان‭ ‬في‭ ‬إذلال‭ ‬جنود‭ ‬جيش‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬معارك‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬أعلن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ (‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭) ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لن‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬خطأ‭ ‬أوسلو‭ ‬مرة‭ ‬ثانية،‭ ‬وأن‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬انتهت‭ ‬مقوماته‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬وأن‭ ‬غزة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬حماسستان‮»‬‭ ‬ولا‭ ‬‮«‬فتحستان‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬توافق‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬مع‭ ‬توجهات‭ ‬قديمة‭/‬جديدة‭ ‬تبناها‭ (‬نتنياهو‭) ‬لإسدال‭ ‬الستار‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬اصطلح‭ ‬على‭ ‬تسمية‭ (‬عملية‭ ‬السلام‭) ‬مكرساً‭ ‬نظرة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الراهنة‭ ‬والعلنية،‭ ‬ليس‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬ولقطاع‭ ‬غزة‭ ‬أيضاً،‭ ‬قوامها‭: ‬خياران‭ ‬لا‭ ‬ثالث‭ ‬لهما‭ (‬أيها‭ ‬الفلسطينيون‭): ‬المغادرة‭ ‬أو‭ ‬الموت،‭ ‬أرضكم‭ ‬لنا‭.‬

عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬أفقدت‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬توازنه‭ ‬وبات‭ ‬يتصرف‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬سعار‭ ‬انتقامي‭ ‬يقارب‭ ‬الجنون‭ (‬وخاصة،‭ ‬بعد‭ ‬مقتل‭ ‬ثلاثة‭ ‬محتجزين‭ ‬إسرائيليين‭ -‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الخطأ‭- ‬على‭ ‬يد‭ ‬جنود‭ ‬إسرائيليين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬تزايد‭ ‬الضغوط‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬عائلات‭ ‬الأسرى‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لدى‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬معلنا‭ ‬أنه‭ ‬يخوض‭ ‬حربا‭ ‬وجودية،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬خسارته‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬بخطوات‭ ‬متسارعة‭. ‬

ومن‭ ‬المعلوم‭ ‬إنه،‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬‮«‬لطوفان‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬شهد‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تجييشا‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬فاشية‭ ‬تستهدف‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭. ‬ويكفي‭ ‬متابعة‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الجنرال‭ ‬والباحث‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الصهيوني‭ (‬جيورا‭ ‬آيلاند‭) ‬بكل‭ ‬صلافة‭ ‬انتقامية‭ ‬حين‭ ‬أعلن‭ ‬ساخراً‭: ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬تحارب‭ ‬دولة،‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬يتصرف‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬دولة‭ ‬شديدة‭ ‬التماسك‭.. ‬ففي‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬المواطنون‭ ‬الأبرياء،‭ ‬والنساء‭ ‬المساكين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬هم‭ ‬أمهات‭ ‬وأخوات‭ ‬وزوجات‭ ‬‮«‬القتَلة‮»‬‭ ‬التابعين‭ ‬لحركة‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭. ‬

كان‭ ‬يكفينا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬الفرحة‭ ‬على‭ ‬وجوههن،‭ ‬وهتافات‭ ‬التشجيع‭ ‬الفظيعة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬كثيرون‭ ‬في‭ ‬الشوارع،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬النساء‭. ‬إذاً،‭ ‬لا،‭ ‬هؤلاء‭ ‬ليسوا‭ ‬مدنيين‭ ‬مساكين‭. ‬لقد‭ ‬قررت‭ ‬قيادة‭ ‬الغزيين‭ ‬خوض‭ ‬عملية‭ ‬عسكرية،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬ثمن‭ ‬باهظ‭ ‬جداً‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬السكان‭ ‬أيضاً‭ ‬دفعه‮»‬‭.‬

حقيقة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬خافية‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬فقد‭ ‬كشف‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬للعالم‭ ‬الغربي‭ ‬عن‭ ‬الوجه‭ ‬البشع‭ ‬‮«‬للدولة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الوحيدة‭ (‬المزعومة‭) ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭! ‬بل‭ ‬إنه،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬تقترفه‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ها‭ ‬هو‭ ‬الكيان‭ ‬يقر‭ ‬زيادات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬شؤون‭ ‬المستوطنات‭ ‬والمهمات‭ ‬القومية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التعديلات‭ ‬التي‭ ‬قررت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إدخالها‭ ‬إلى‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬لسنة‭ ‬2023،‭ ‬والتي‭ ‬يجري‭ ‬الدفع‭ ‬بها‭ ‬قدماً‭ ‬في‭ ‬الكنيست‭ (‬البرلمان‭ ‬الإسرائيلي‭) ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬بتعديل‭ ‬الميزانية‭ ‬لتغطية‭ ‬تكاليف‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وحاجات‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬إجلاؤهم،‭ ‬والأثر‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للحملة‭ ‬العسكرية‭ ‬المستمرة،‭ ‬مع‭ ‬زيادات‭ ‬جديدة‭ ‬للمستعمرات‭/‬‮«‬المستوطنات‮»‬‭ ‬ترفع‭ ‬ميزانيتها‭ ‬من‭ (‬343‭) ‬مليون‭ ‬شيكل‭ ‬إلى‭ (‬543‭) ‬مليون‭ ‬شيكل‭.‬

المفارقة‭ ‬الكبرى‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تكاثر‭ ‬الحديث‭ ‬أمريكياً‭ ‬وعربياً‭ ‬وعالمياً‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وتكريس‭ ‬وحدة‭ ‬الضفة‭ ‬والقطاع‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المفعلـة،‭ ‬تتزايد‭ ‬الأصوات‭ ‬الإسرائيلية‭ (‬القيادية‭ ‬والجماهيرية‭) ‬الداعية‭ ‬لاستمرار‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬‏وقمع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يملك‭ ‬أدنى‭ ‬إنسانية‭ ‬فيدعو‭ ‬لوقف‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬فضح‭ ‬الكاتب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الجريء‭ (‬جدعون‭ ‬ليفي‭) ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬حين‭ ‬أعلن‭: ‬‮«‬‏لم‭ ‬تكن‭ ‬لدينا‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬حرب‭ ‬كهذه‭ ‬الحرب‭. ‬حرب‭ ‬الاتفاق‭ ‬المطلق‭. ‬حرب‭ ‬التأييد‭ ‬الأعمى‭. ‬حرب‭ ‬دون‭ ‬معارضة‭ ‬أو‭ ‬احتجاج‭ ‬أو‭ ‬رفض؛‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬بدايتها‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬ذروتها؛‭ ‬حرب‭ ‬بالإجماع‭ ‬مع‭ ‬الدعم‭ ‬الشامل‭ ‬من‭ ‬الجميع،‭ ‬باستثناء‭ ‬المواطنين‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬تمّ‭ ‬منعهم‭ ‬من‭ ‬المعارضة،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬علامات‭ ‬استفهام‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أي‭ ‬تشكيك‮»‬‭.‬

إذن،‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ (‬أقلها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭) ‬شبه‭ ‬اجتماع‭ ‬صهيوني‭ ‬رافض‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬ومتحمس‭ ‬للمقولة‭ ‬الموجهة‭ ‬لأبناء‭ ‬فلسطين‭ ‬الأصلاء‭: ‬خياران‭ ‬لا‭ ‬ثالث‭ ‬لهما‭: ‬المغادرة‭ ‬أو‭ ‬الموت،‭ ‬أرضكم‭ ‬لنا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا