يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
عالم شريعة الغاب
أي عالم هذا الذي يحكمه مجرمو الحرب والإبادة الصهاينة والأمريكان؟
أي عالم هذا الذي يعجز مجلس الأمن فيه، المسؤول عن السلم والأمن في العالم، عن أن يقرر مجرد وقف حرب إبادة جماعية غير مسبوقة في التاريخ الحديث؟
أي عالم هذا الذي يعطي لمجرمي الحرب رخصة للاستمرار قدما في ارتكاب أبشع المجازر ضد مدنيين أبرياء وتسوية بلادهم بالأرض؟
الذي يحدث اليوم أن الهمج هزموا البشرية.. ألحقوا بها أكبر هزيمة في تاريخها.
العالم كله سيدفع ثمنا فادحا لهذا الوضع وللرضوخ لحكم مجرمي الحرب والإبادة.
لنتأمل ماذا يعنيه هذا بالنسبة إلى البشرية ولكل شعوب العالم.
ما يحدث اليوم يعني أولا أن القانون الدولي الإنساني بكل ما يتضمنه من حماية للشعوب ولحقوق البشر لم يعد موجودا. تم محوه من الوجود.
القانون الدولي الذي كافحت البشرية طويلا من أجل إقراره والذي يحمي حق الشعوب في مقاومة الاحتلال ويحتم احترام حياة البشر ويجرّم العدوان.. هذا القانون تم دوسه بالأقدام في غزة، ويقف العالم عاجزا عجزا مطلقا عن أن ينفذ أيّا من بنوده.
كل المؤسسات الدولية التي من المفروض أنها مسؤولة عن تطبيق القانون الدولي اختفت كأنها غير موجودة أصلا.
الأمر الآخر الذي تكشف عنه التطورات الحالية والعجز الحالي للعالم أن الأمم المتحدة وكل مؤسساتها، وبالأخص مجلس الأمن الدولي، ثبت أن وجودها لم يعد له معنى أو جدوى أو قيمة. ليس هذا فحسب، بل ثبت أن مجلس الأمن أصبح بعجزه أداة للتشجيع على استمرار حرب الإبادة الهمجية في غزة.
المفروض أن الأمم المتحدة ومؤسساتها وأجهزتها -وخصوصا مجلس الأمن- وظيفتها الأساسية الدفاع عن الدول والشعوب في مواجهة العدوان والبطش وحماية الأمن والسلم الدوليين. كانت هذه هي الفكرة الجوهرية من وراء إنشاء المنظمة الدولية.
لكن الحادث اليوم -كما ذكرنا- أن المنظمة الدولية عاجزة عن أن تتخذ قرارا في مجلس الأمن يوقف أبشع حرب إبادة عرفها العالم ويؤمّن وصول المساعدات الإنسانية. وحتى إذا اتخذت قرارا فلا أحد يجرؤ على تنفيذه وإجبار مجرمي الحرب والإبادة على الالتزام به.
السبب الرئيسي لهذا الوضع الشاذ هو أن دولة واحدة مثل أمريكا أو أي من الدول التي تملك حق الفيتو بمقدورها أن تحبط أي قرار يتخذه مجلس الأمن. وهذا ما فعلته مع مشروع القرار الأخير حين استخدمت الفيتو لحماية مجرمي الحرب الصهاينة.
منذ سنوات طويلة يجري الحديث عن إصلاح مجلس الأمن لجعله أكثر فعالية وأكثر تعبيرا عن مصالح الدول والشعوب. يتضح اليوم أن الحديث عن هذا الإصلاح حديث وهمي عبثي لا يقدم ولا يؤخر.
هذا الوضع يضع دول العالم غير الغربي أمام معضلة خطيرة. مواصلة الرهان على الأمم المتحدة أصبح بلا معنى، فما العمل إذن؟ هذه معضلة يجب على الدول غير الغربية أن تنشغل ببحثها. هل تنشئ مثلا منظمة عالمية جديدة وتترك هذه الأمم المتحدة للدول الغربية أم ماذا بالضبط؟
الحادث اليوم مع ما يفعله العدو الصهيوني وأمريكا والعجز العالمي الفاضح لوقف كل هذه الإبادة أننا إزاء عالم تحكمه شريعة الغاب. عالم الكلمة فيه لمجرمي الحرب والإبادة، ولا مكان فيه لا لقانون دولي إنساني، ولا لمنظمات دولية قادرة على فعل أي شيء.
شعب فلسطين في غزة يذبح اليوم ويباد في عالم شريعة الغاب هذا. العالم كله سيدفع الثمن.
في عالم كهذا من السخف الحديث عن أوهام سلام مع العدو على نحو ما يفعل البعض.
في عالم كهذا، على دول العالم غير الغربي، وفي مقدمتها الدول العربية، أن تدرك أنها إذا أرادت الدفاع عن مصالحها ليس أمامها سوى الاعتماد على نفسها فقط وألا تراهن لا على قانون دولي أو أمم متحدة أو علاقات مع الغرب.
إلى أن ينهار هذا النظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب والذي ثبت أنه نظام همجي مجرم، وإلى أن يقوم نظام عالمي جديد منصف وعادل وإنساني، ليس أمام دول العالم سوى الاعتماد على قوتها الذاتية فقط للدفاع عن نفسها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك