يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
عار على قنوات إم بي سي
قبل أيام، وفي ساعة متأخرة من الليل، كنت جالسا أشاهد التلفزيون. بدأ عرض فيلم أمريكي على قناة «إم بي سي ماكس» للأفلام اسمه the counselor - المستشار.
ما إن بدأ عرض الفيلم، حتى أصبت بالذهول التام وأنا أتابع هذا المشهد.
المشهد يضم بطل الفيلم، وهو محام يطلقون عليه «المستشار» وتاجر مجوهرات يهودي.
التاجر اليهودي يلقي على المحامي ما يشبه محاضرة عن اليهود في مشهد يمتد لوقت طويل. يقول بلا مقدمات ولا مناسبة، وبالنص تقريبا: «ليست هناك ثقافة ولا حضارة إلا الثقافة والحضارة اليهودية. آخر ثقافة وحضارة معروفة في العالم قبل ذلك كانت الحضارة والثقافة اليونانية. لن تكون هناك ثقافة ولا حضارة بعد ذلك. ويقول: من موسى إلى المسيح، لا يوجد إله اليوم إلا إله الشعب اليهودي».
ويقول هذا اليهودي للمحامي بطل الفيلم: أنت لا تعرف ما يحدث لأي دولة تعادي أو تطرد اليهود. وحين يسأله: وماذا يحدث لها؟ يرد: سوف تذهل إذا علمت.
هذا ملخص مشهد طويل في الفيلم كما سجلته كتابةً بمجرد مشاهدته. ولست بحاجة إلى التعليق على ما قاله هذا اليهودي.
حين أقول إنني أصبت بالذهول وأنا أتابع المشهد وهذا الحوار ليس لأنه مشهد في فيلم أمريكي، فهذا أمر طبيعي على ضوء ما نعرفه من سيطرة اليهود على هوليوود وأفلامها كما يسيطرون على القرار السياسي الأمريكي. الذهول سببه أن تبث قناة عربية فيلما يضم مشهدا مثل هذا. مع العلم أنني بمجرد أن تابعت هذا المشهد أغلقت المحطة ولا أعرف ماذا جرى في الفيلم بعد ذلك.
أشك بشدة أن يكون عرض فيلم كهذا وما يتضمنه من مشاهد كهذه على سبيل السهو أو الخطأ. هو بالتأكيد أمر مقصود في هذا التوقيت بالذات. لهذا الذي قلته فورا بمجرد متابعة هذا المشهد: عار عليكم.. عار عليكم.
عار على قناة تلفزيونية عربية أن تبث رسائل صهيونية مثل هذه في وقت يتعرض فيه أهلنا في غزة لكل هذه الإبادة الهمجية، وفي وقت كشف فيه الصهاينة عن نواياهم الإرهابية التوسعية تجاه الوطن العربي كله وتجاه كل العرب. هل هذه القنوات تخدم العرب أم تخدم الأمريكان والصهاينة؟!
الدول العربية خذلت أهلنا في غزة على الصعيد الرسمي ولم تفعل شيئا عمليا من شأنه وقف هذه الإبادة الصهيونية الهمجية. على الأقل الإعلام العربي يتحمل مسئولية كبرى في دعم غزة والشعب الفلسطيني وفي تقديم الحقائق للعالم وفضح العدو الصهيوني وكشف أكاذيبه وجرائمه. هذا أقل ما يجب أن نفعله في ظل حرب إعلامية شرسة يشنونها في الغرب على الشعب الفلسطيني وعلى كل العرب. وهذا ما نحاول أن نفعله في «أخبار الخليج» مثلا.
أما أن تكون أي أداة إعلامية عربية من أي نوع، كقنوات الأفلام هذه، أداة إضافية في يد الأمريكان والصهاينة تردد أكاذيبهم وتنقل رسائلهم، فهذه جريمة كبرى. هي جريمة في حق كل الشعوب العربية.
لهذا السبب، أتابع باستمرار بكثير من التقدير والاحترام ما تفعله قنوات تلفزيونية مصرية عدة في الوقت الحاضر إذ تبث بشكل منتظم أفلاما وبرامج وثائقية متميزة جدا عن القضية الفلسطينية وكفاح الشعب الفلسطيني، وعن العدو الصهيوني وجرائمه الممتدة ضد الفلسطينيين والعرب. هذا عمل وطني عربي له قيمة كبرى وخصوصا بالنسبة إلى الأجيال العربية الشابة التي بحاجة إلى أن تعرف هذه المعلومات والحقائق عن العدو وعن كفاحنا ضده.
ليس هذا فحسب، يجب الدعوة إلى مقاطعة أجهزة الإعلام العربي التي تلعب هذه الأدوار المشبوهة كما تقاطع الشعوب العربية بحسها الوطني العروبي الفطري السلع والمنتجات والمحلات الصهيونية والغربية.
لا أعرف إن كانت هناك أي جهة عربية لديها الحق في متابعة أجهزة الإعلام العربي المختلفة وما تبثه ومحاسبتها أم لا. لكن المؤكد أن من حق المشاهد والقارئ العربي أن يكون على وعي بالأدوار المشبوهة التي يمكن أن تلعبها بعض أجهزة الإعلام العربية.
في السنوات القليلة الماضية، صمتنا عن البعض في الدول العربية الذين روجوا للعدو الصهيوني وحاولوا تبييض وجهه الإرهابي القبيح تحت شعار التطبيع أو ضرورات السلام أو أي شعار آخر. اليوم، وبعد ما يجري لأهلنا في غزة ولنا جميعا، لم يعد مقبولا الصمت عن هؤلاء.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك