العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

بعد عجز مجلس الأمن .. هل سيتغير العالم؟

بقلم: د. عمرو الشوبكي

الأربعاء ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

فتحت‭ ‬معركة‭ ‬غزة‭ ‬ملفات‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬الساحتين‭ ‬الدولية‭ ‬والمحلية،‭ ‬وطرحت‭ ‬تساؤلات‭ ‬كثيرة‭ ‬تتعلق‭ ‬بمستقبل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية،‭ ‬وخاصة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬الذي‭ ‬اهتزت‭ ‬شرعيته‭ ‬القانونية‭ ‬والأخلاقية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عجز‭ ‬عن‭ ‬إصدار‭ ‬قرار‭ ‬واحد‭ ‬يدين‭ ‬العمليات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ويطالب‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تحترمه‭ ‬إسرائيل،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مع‭ ‬مئات‭ ‬القرارات،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬سيدعم‭ ‬مصداقيته‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬البرتغالي‭ ‬‮«‬أنطونيو‭ ‬جوتيريش‮»‬،‭ ‬اتخذ‭ ‬مواقف‭ ‬شجاعة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬تحركاته‭ ‬وتصريحاته‭ ‬حول‭ ‬ضرورة‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وحتى‭ ‬التنبيه‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬واعتباره‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬يمثل‭ ‬تهديدًا‭ ‬للسلم‭ ‬العالمي،‭ ‬لم‭ ‬تسفر‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬اجتماع‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إصدار‭ ‬قرار‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

يقينًا،‭ ‬شرعية‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأممية،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬صارت‭ ‬على‭ ‬المحك،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬شديد‭ ‬الخطورة‭ ‬أن‭ ‬تتراجع‭ ‬قيمة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬وتفقد‭ ‬أغلب‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬دولة‭ ‬واحدة‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬بسبب‭ ‬حصانة‭ ‬أمريكية‭ ‬خاصة‭ ‬وتدليل‭ ‬غربي‭ ‬لها‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الداخل،‭ ‬فقد‭ ‬شهد‭ ‬العالم‭ ‬انقسامًا‭ ‬واضحًا‭ ‬بين‭ ‬النخب‭ ‬المسيطرة‭ ‬إعلاميًّا‭ ‬وماليًّا‭ ‬وسياسيًّا‭ ‬والداعمة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وبين‭ ‬نخب‭ ‬جديدة‭ ‬وتيارات‭ ‬شعبية‭ ‬واسعة‭ ‬ترفض‭ ‬سياسات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وهو‭ ‬انقسام‭ ‬واضح‭ ‬بات‭ ‬يتعمق‭ ‬كل‭ ‬يوم‭.‬

يقينًا،‭ ‬هناك‭ ‬مَن‭ ‬يدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬أحد‭ ‬المؤرخين‭ ‬الفرنسيين‭ ‬لكونها‭ ‬تمثل‭ ‬رمزية‭ ‬للعالم‭ ‬الغربي‭ ‬الحر،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬قيام‭ ‬إسرائيل‭ ‬بقتل‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬مدني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬تكرر،‭ ‬ولو‭ ‬بصور‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الاستعماري‭ ‬الغربي،‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬التاريخ‭ ‬الأمريكي‭ ‬المعاصر،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان،‭ ‬لذا‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬ردد‭ ‬المسؤولون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬ردًّا‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬انتقادات‭ ‬أمريكية‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬الأخيرة‭ ‬قتلت‭ ‬مدنيين،‭ ‬بعد‭ ‬تعرضها‭ ‬لعمليات‭ ‬إرهابية‭.‬

لقد‭ ‬اختار‭ ‬تيار‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬النخب‭ ‬المسيطرة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬يدعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والعسكرية‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬نموذجًا‭ ‬غربيًّا‮»‬‭ ‬متمسكًا‭ ‬بنفس‭ ‬السياسات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬القديمة،‭ ‬وبصورة‭ ‬أبشع‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬عكس‭ ‬مسار‭ ‬الإنسانية،‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬تحرر‭ ‬واستقلال‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ونهاية‭ ‬عصر‭ ‬الاستعمار‭.‬

إن‭ ‬تأثير‭ ‬اللوبي‭ ‬الداعم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬إقصاء‭ ‬أي‭ ‬صوت‭ ‬مؤيد‭ ‬للحقوق‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بين‭ ‬النخب‭ ‬العليا‭ ‬ومراكز‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬خلق‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬شعبية‭ ‬واسعة‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬نخبة‭ ‬جديدة‭ ‬تواجه‭ ‬أو‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬سيطرة‭ ‬النخب‭ ‬الداعمة‭ ‬لإسرائيل‭.‬

لم‭ ‬تعد‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تثير‭ ‬فقط‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬مؤيدين‭ ‬للحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬ومؤيدين‭ ‬للاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬إنما‭ ‬أصبحت‭ ‬تضم‭ ‬مَن‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬المنظومة‭ ‬العالمية‭ ‬غير‭ ‬العادلة،‭ ‬وأيضًا‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬نخب‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬دولهم‭ ‬أشد‭ ‬إنصافًا‭ ‬وإيمانًا‭ ‬بالعدالة‭ ‬واحترام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬النخب‭ ‬المسيطرة‭ ‬حاليًا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا