يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
غزة ونهاية الحضارة الغربية
كتبنا أكثر من مرة من قبل عما كشف عنه الغرب من همجية ووحشية بدعمه الكامل وشراكته مع العدو الصهيوني في حرب الإبادة التي يشنها على غزة وأهلها وما كشف عنه ذلك من كراهية لا حدود لها للعرب والمسلمين ورغبة في إبادة كل العرب.
محللون كثيرون في العالم كله، وفي الغرب نفسه ناقشوا هذه القضية تفصيلا من زوايا مختلفة. بعض المحللين نقلوا النقاش إلى مستوى أبعد من مجرد أنه شراكة غربية في إبادة شعب فلسطين في غزة. اعتبروا أن ما يفعله الغرب يعتبر فضحا كاملا للحضارة الغربية والثقافة الغربية التي فرضت هيمنتها على العالم.
يهمنا متابعة هذا الجدل، فالأمر يتعلق بمعسكر غربي ارتبطنا به طويلا.
من التحليلات المهمة التي توقفت عندها وناقشت القضية تحليل كتبته كيتلين جونستون وهي محللة سياسية أسترالية بعنوان «الفظائع في غزة هي تجسيد للقيم الغربية».
تبدأ مقالها بالإشارة إلى ما قاله رئيس الكيان الصهيوني بأن «الهجوم على غزة هو لإنقاذ الحضارة الغربية، ولإنقاذ قيم الحضارة الغربية». وتعلق قائلة إنه لم يكذب، بل قال الحقيقة وإن كان على عكس المعنى الذي يقصده تماما.
تقول الكاتبة: «إن إبادة غزة تتم بالفعل من أجل الدفاع عن القيم الغربية، وهي أكبر تجسيد للقيم الغربية. وحين نقول القيم الغربية، فهي ليست القيم التي علموها لنا في المدارس، ولكن القيم الحقيقية التي يخفونها ولا يريدون لنا أن نتوقف عندها».
وتضيف: «لقرون عدة اعتمدت الحضارة الغربية كليا على الحروب، والإبادة الجماعية، والسرقة والنهب، والاستعمار، والإمبريالية. وكل هذا تم تبريره وتغليفه بمقولات وفرضيات تتعلق بالدين، والعنصرية، والتفوق العرقي. ونرى اليوم تجلياتها العملية فيما يجري من حرب وإبادة لغزة.
وتقول كان ما نراه يجري أمام أعيننا في غزة ما هو إلا تمثيل واضح لحقيقة الحضارة الغربية أكثر بكثير جدا من الشعارات والدعاوى الفارغة حول الحرية، والديمقراطية التي تعلمناها في المدارس. وهو أكثر تمثيلا بكثير للحضارة الغربية من كل إرثنا الأدبي والفني الذي نتباهى به عبر القرون.
وتقول أيضا: لقد كان أمرا عبثيا مستفزا ونحن نتابع الغربيين وهم يتحدثون بلا توقف عما اعتبروه وحشية للثقافة الإسلامية، وتأكد هذا اليوم ونحن نتابع كل هذا العداء للإسلام والمسلمين ونشاهد جثث عشرات آلاف من الأطفال.
إن جبل جثث الأطفال الذي نشاهده في غزة هو الأكثر تمثيلا للثقافة الغربية، وأكثر بكثير من كل ما أنتجه موزارت أو دافنشي أو شكسبير. هذه هي الحضارة الغربية، وهذا هو ما تمثله».
على هذا النحو تمضي الكاتبة في الحديث عن القيم الزائفة المزعومة للثقافة والحضارة الغربية وحقيقة هذه القيم كما كشفت عنها مواقف الغرب من حرب إبادة غزة.
وتنهي المقال بالقول: إذا سألت أي شخص عن القيم التي يؤمن بها فسوف يحدثك طويلا في الأغلب وبكلمات جميلة معبرة عن قيم مثل حب الأسرة والاهتمام بالآخرين وما شابه ذلك، لكن عليك أن تتأمل وتتابع السلوك الفعلي لهذا الشخص كي تعرف أي قيم يؤمن بها حقا ويتصرف على أساسها، وفي أغلب الأحوال سوف تكون الصورة مختلفة كثيرا عما يقوله.
وتضيف: هذا هو ما نحن عليه في الغرب. هذه هي الحضارة الغربية. إننا نقول دوما إننا نقدس الحرية، والعدالة، والحقيقة، والسلام، وحريات التعبير، لكن أفعالنا على أرض الواقع تختلف جذريا عن كل هذا وتناقضه. إن القيم الغربية الحقيقية هي ما نراه اليوم ونمارسه فعليا في غزة».
الحديث عن انهيار الحضارة الغربية ليس جديدا. هو حديث مثار في الغرب منذ سنوات طويلة، لكن الحديث كان ينصب على أزمات النظام الليبرالي الغربي والمشاكل الداخلية للدول الغربية.
لكن اليوم يدور الحديث على نحو ما تضمنه هذا التحليل عن نهاية الحضارة الغربية بسبب ما يجري في غزة.
وبالفعل يمكن القول إن غزة ستكون مؤشرا لنهاية الحضارة الغربية. نهايتها بمعنى نهاية مزاعم الدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. بالنسبة إلى شعوب العالم هذا الزعم انتهى مع غزة إلى غير رجعة.
والأمر المؤكد أن ما يجري في غزة وما يفعله الغرب سيكون خطوة كبرى نحو انهيار هيمنة الغرب على النظام العالمي. العلم اكتشف أن هذا الغرب بكل همجيته ووحشيته ليس أهلا لأن يقود العالم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك