العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

توقعات بشأن مسار الحرب في غزة عام 2024

بقلم: د. عمرو حمزاوي

الجمعة ٠٥ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

إسرائيليا،‭ ‬ثمة‭ ‬توقع‭ ‬سائد‭ ‬بقرب‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬تحجيم‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬وقدرات‭ ‬الحكم‭ ‬والإدارة‭ ‬لحركة‭ ‬حماس،‭ ‬وفي‭ ‬الضغط‭ ‬الفعال‭ ‬على‭ ‬قيادات‭ ‬الجناحين‭ ‬العسكري‭ ‬والسياسي‭ ‬لحماس‭ ‬والفصائل‭ ‬الأخرى‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بدفعها‭ ‬إما‭ ‬إلى‭ ‬المنفى‭ ‬وإما‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬ثمة‭ ‬قناعة‭ ‬بحتمية‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬الاستئصال‭ ‬الكامل‭ ‬لحماس‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الغزواي‭.‬

فمن‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬إسرائيل‭ ‬الهدف‭ ‬المعلن‭ ‬لحربها‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وهو‭ ‬استئصال‭ ‬حماس،‭ ‬والحركة‭ ‬تسيطر‭ ‬وتدير‭ ‬كافة‭ ‬مرافق‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬وخبراتها‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬فوق‭ ‬وتحت‭ ‬الأرض‭ ‬تراكمت‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬إقليمية‭ ‬كمصر‭ ‬وإيران‭ ‬وقطر،‭ ‬وحركات‭ ‬ومليشيات‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ومع‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬تشعبت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬

المتوقع‭ ‬إسرائيليا‭ ‬أيضا‭ ‬هو‭ ‬بقاء‭ ‬حكومة‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬الذي‭ ‬سيلي‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الراهنة،‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬الضغوط‭ ‬الداخلية‭ ‬عليها‭ ‬والسعي‭ ‬المتوقع‭ ‬لقيادات‭ ‬اليمين‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬نتنياهو،‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬انتخابات‭ ‬مبكرة‭. ‬المتوقع‭ ‬بقاء‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التشكيل‭ ‬المتوقع‭ ‬للجنة‭ ‬لتقصي‭ ‬الحقائق‭ ‬في‭ ‬هجمات‭ ‬حماس‭ ‬وفق‭ ‬الآلية‭ ‬المعهودة‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬تطلب‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬الدستورية‭ ‬العليا‭ ‬تشكيل‭ ‬اللجنة‭ ‬وأن‭ ‬تصدر‭ ‬اللجنة‭ ‬تقريرها‭ ‬الذي‭ ‬يتضمن‭ ‬تحديد‭ ‬المخفقين‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬سياسية‭ ‬وعسكرية‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬محددة‭.‬

المرجح،‭ ‬إذًا،‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬رئاسة‭ ‬الوزراء‭ ‬مدة‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬كامل‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬وأن‭ ‬تجبره‭ ‬بعدها‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬وضغوط‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬إما‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬انتخابات‭ ‬مبكرة‭ ‬أو‭ ‬الاستقالة‭ ‬بعد‭ ‬إدانته‭ ‬المتوقعة‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لجنة‭ ‬تقصي‭ ‬الحقائق‭.‬

المتوقع‭ ‬إسرائيليا‭ ‬هو‭ ‬بقاء‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية‭ ‬على‭ ‬حالها،‭ ‬أي‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬اليومي‭ ‬والمواجهات‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وبين‭ ‬المستوطنين‭ ‬والقوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وسقوط‭ ‬قتلى‭ ‬ومصابين‭ ‬وتدخلات‭ ‬عنيفة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬واعتقالات‭ ‬متكررة‭ ‬لشباب‭ ‬قريبين‭ ‬من‭ ‬حماس‭ ‬والفصائل‭ ‬الأخرى‭. ‬بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬تتوقع‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬الضفة‭ ‬متوترة‭ ‬ودموية،‭ ‬ولكنها‭ ‬غير‭ ‬متفجرة‭ ‬بالكامل‭ ‬وأن‭ ‬تظل‭ ‬للسلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬الأوضاع‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خسارة‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬قليل‭ ‬القبول‭ ‬الشعبي‭ ‬بين‭ ‬الناس‭.‬

تتوقع‭ ‬الحكومة‭ ‬والمعارضة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬مواقف‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬على‭ ‬حالها‭ ‬دون‭ ‬تغيرات‭ ‬دراماتيكية‭: ‬المملكة‭ ‬الأردنية‭ ‬على‭ ‬تنسيقها‭ ‬مع‭ ‬مصر‭ ‬ومع‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬السعودية‭ ‬على‭ ‬محاولاتها‭ ‬تصدر‭ ‬الجهود‭ ‬العربية‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب‭ ‬ومنع‭ ‬تحولها‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬إقليمي‭ ‬أوسع،‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬موقفها‭ ‬الموظف‭ ‬لحضورها‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬للجهود‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬قطر‭ ‬تواصل‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬مصر‭ ‬جهود‭ ‬الوساطة‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب‭ ‬وإطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الرهائن‭ ‬في‭ ‬صفقات‭ ‬تبادلية‭ ‬مع‭ ‬الأسرى‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬احتمالات‭ ‬النجاح‭ ‬بعد‭ ‬الهدنة‭ ‬الأولى‭ ‬غير‭ ‬مؤكدة‭.‬

تتوقع‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬تلتزم‭ ‬إيران‭ ‬وحركاتها‭ ‬بعدم‭ ‬تجاوز‭ ‬ممارسات‭ ‬التصعيد‭ ‬الجزئي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تفجير‭ ‬‮«‬الساحات‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأخرى‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬تستمر‭ ‬تركيا‭ ‬متأرجحة‭ ‬بين‭ ‬خطاب‭ ‬سياسي‭ ‬تصعيدي‭ ‬وبين‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬للتنسيق‭ ‬مع‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭ ‬وقطر‭ ‬للإسهام‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬الوساطة‭ ‬والعمل‭ ‬الدبلوماسي‭.‬

يتوقع‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أيضا‭ ‬بقاء‭ ‬مواقف‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬وأدوار‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬حالها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تغيرات‭ ‬دراماتيكية‭. ‬فالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عدلت‭ ‬موقفها‭ ‬جزئيا‭ ‬للمزج‭ ‬بين‭ ‬تأييد‭ ‬إسرائيل‭ ‬والجهوزية‭ ‬العسكرية‭ ‬للقيام‭ ‬بعمليات‭ ‬مساعدة‭ ‬لحربها‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬وبين‭ ‬مطالبتها‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬أرواح‭ ‬المدنيين‭ ‬ومنع‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬إدخال‭ ‬مساعدات‭ ‬إنسانية‭ ‬وإغاثية‭ ‬وطرح‭ ‬تساؤلات‭ ‬بشأن‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للحرب‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬ضغوط‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الداخلي‭ ‬بفعل‭ ‬الجاليات‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬ومطالب‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬بوقف‭ ‬الحرب‭. ‬من‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬إسرائيليا‭ ‬أن‭ ‬تضغط‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬بالكامل‭.‬

أما‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬فتتبع‭ ‬في‭ ‬المجمل‭ ‬الخط‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الحرب‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تطالب‭ ‬بأصوات‭ ‬أعلى‭ ‬بالهدن‭ ‬الإنسانية‭ ‬وبحماية‭ ‬المدنيين‭ ‬وإدخال‭ ‬المساعدات‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬تتحرك‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬في‭ ‬سياقات‭ ‬تكتفيان‭ ‬فيها‭ ‬بالدعوة‭ ‬إلى‭ ‬مؤتمرات‭ ‬سلام‭ ‬برعاية‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية،‭ ‬وتعلنان‭ ‬الاستعداد‭ ‬للموافقة‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬متوازن‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭. ‬البلدان‭ ‬يبتعدان‭ ‬عن‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬وتعمل‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬إبعاد‭ ‬سوريا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬للحرب‭.‬

أما‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬فتتوقع‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬مواصلتها‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬والعجز‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬بسبب‭ ‬صراع‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬وستستمر‭ ‬وكالاتها‭ ‬المتخصصة‭ (‬الأونروا‭ ‬واليونيسيف‭ ‬ووكالات‭ ‬أخرى‭) ‬في‭ ‬لعب‭ ‬أدوار‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬توافق‭ ‬دولي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬إسهام‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬سيناريو‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬الذي‭ ‬تريده‭ ‬إسرائيل‭ ‬لغزة،‭ ‬أي‭ ‬لتواجد‭ ‬أمني‭ ‬طويل‭ ‬المدى‭ ‬مصحوب‭ ‬بتحميل‭ ‬للمسؤوليات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والإغاثية‭ ‬والمدنية‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬إقليميا‭ ‬ودوليا‭.‬

 

{ أستاذ‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬بجامعة‭ ‬ستانفورد‭ ‬الأمريكية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا