العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

ظاهرة التغير المناخي وحكاية «مدن الـ 15 دقيقة»!

بقلم: يوسف صوفـي {

الأربعاء ١٠ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

كان‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬أرادوا‭ ‬شراء‭ ‬بعض‭ ‬العملات‭ ‬المشفرة،‭ ‬وعندما‭ ‬أنشأوا‭ ‬حسابًا‭ ‬لشراء‭ ‬عملة‭ ‬مشفرة،‭ ‬اتصل‭ ‬بهم‭ ‬قسم‭ ‬مكافحة‭ ‬الاحتيال‭ ‬الإلكتروني‭ ‬في‭ ‬البنك،‭ ‬وبدأوا‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬أسئلة‭ ‬عليهم‭ ‬حول‭ ‬سبب‭ ‬شرائهم‭ ‬العملات‭ ‬المشفرة،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬يعرفون‭ ‬مخاطر‭ ‬التشفير‭ ‬وكل‭ ‬تلك‭ ‬الأشياء‭. ‬الآن‭ ‬ستكون‭ ‬هذه‭ ‬نقطة‭ ‬انطلاقا‭ ‬نحو‭ ‬اصدار‭ ‬العملات‭ ‬الرقمية‭ ‬المركزية‭ (‬CBDC‭) ‬التي‭ ‬تتم‭ ‬برمجتها‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬شراء‭ ‬العملات‭ ‬المشفرة‭. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬حوله‭ ‬الأمر،‭ ‬فهو‭ ‬أمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتحكم‭ ‬والسيطرة‭.‬‮ ‬

سيتعين‭ ‬عليك‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬نقدي،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬ينفد‭ ‬النقد‭ ‬ويوقفون‭ ‬قدرتك‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬عملتك‭ ‬الرقمية‭ ‬لأنهم‭ ‬يتحكمون‭ ‬بها،‭ ‬ستكون‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬‮«‬شخصا‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التصرف‮»‬‭ ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭. ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬كله‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬تداعيات‭ ‬موضوع‭ ‬‮«‬تغير‭ ‬المناخ‮»‬‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬مع‭ ‬شخصيات‭ ‬بارزة‭ ‬مدافعة‭ ‬عن‭ ‬البيئة‭ ‬مثل‭ ‬السويدية‭ ‬غريتا‭ ‬ثونبرج،‭ ‬وهي‭ ‬مجرد‭ ‬فتاة‭ ‬ذات‭ ‬أفكار‭ ‬مثالية‭ ‬يقدم‭ ‬مؤشرات‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬قادم‭ ‬من‭ ‬أحداث‭.‬

سوف‭ ‬يتم‭ ‬استغلال‭ ‬ظاهرة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬لتبرير‭ ‬وضع‭ ‬قيود‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬الإنسان‭. ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬يخططون‭ ‬له‭ ‬فيما‭ ‬يبدو‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬نتوقع‭. ‬لقد‭ ‬رأينا‭ ‬مظاهر‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فكرة‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬المنزل‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬العمل‭ ‬المعتادة،‭ ‬وتأكيد‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتكريس‭ ‬حالات‭ ‬الإغلاق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تفشي‭ ‬فيروسات‭ ‬الأنفلونزا‭ ‬الموسمية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطيران‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬اليومية‭ ‬فإنهم‭ ‬يستهدفون‭ ‬السيارات‭ ‬والمركبات‭ ‬وينتقلون‭ ‬إلى‭ ‬السيارات‭ ‬الكهربائية،‭ ‬ويتأكدون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التشريعات،‭ ‬فلن‭ ‬يكون‭ ‬ممكنا‭ ‬صنع‭ ‬مركبات‭ ‬البنزين‭ ‬بعد‭ ‬وقت‭ ‬معين‮…‬‭ ‬الخ‭.‬

ولكن‭ ‬لننتظر‭ ‬قليلاً‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬هناك‭ ‬أحاديث‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬موارد‭ ‬كافية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لصناعة‭ ‬البطاريات‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬السيارات‭ ‬الكهربائية،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬فالموضوع‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬باستبدال‭ ‬المركبات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالبنزين‭ ‬والديزل‭ ‬بالمركبات‭ ‬الكهربائية،‭ ‬بل‭ ‬سوف‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بمدى‭ ‬قدرة‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬سيارة‭. ‬بمعنى‭ ‬ان‭ ‬حركة‭ ‬الإنسان‭ ‬والمركبات‭ ‬ستكون‭ ‬محدودة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬ما‭ ‬يسمونه‭ ‬بمدن‭ ‬15‭-‬20‭ ‬دقيقة‭ (‬اقرأ‭ ‬تفاصيل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬منتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭)‬،‭ ‬والتفكير‭ ‬الكامن‭ ‬وراءه‭ ‬بإنشاء‭ ‬مجتمعات‭ ‬تسجنها‭ ‬الكاميرات،‭ ‬فلا‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬منطقتك‭ ‬أو‭ ‬مجتمعك‭ ‬المخصص‭ (‬أي‭ ‬مدينتك‭ ‬المصنفة‭ ‬في‭ ‬إطارالـ15‭ ‬دقيقة‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ (‬وفقًا‭ ‬لهم‭) ‬على‭ ‬بعد‭ ‬15‭ ‬دقيقة،‭ ‬وهي‭ ‬رحلة‭ ‬يمكن‭ ‬إنجازها‭ ‬بالدراجة‭ ‬أو‭ ‬سيرًا‭ ‬على‭ ‬الأقدام‭ ‬من‭ ‬منزلك‭.‬

فهنا‭ ‬يتم‭ ‬إنشاء‭ ‬وتحديد‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬ثم‭ ‬يقولون‭ ‬إنهم‭ ‬لا‭ ‬يقررون‭ ‬عدم‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬منزلك‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬معينة‭ ‬خلال‭ ‬الشهر،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬منطقتك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إذن،‭ ‬ويقومون‭ ‬بمراقبة‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬تلتقطك‭ ‬الكاميرا‭ ‬المراقبة‭ ‬لهذه‭ ‬المدن‭ ‬الذكية،‭ ‬ومن‭ ‬بعدها‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تستجب‭ ‬للتعليمات‭ ‬فسيتم‭ ‬تغريمك‭.‬

وقد‭ ‬يقول‭ ‬الناس‭ ‬إن‭ ‬الأغلبية‭ ‬لن‭ ‬تدفع‭ ‬الغرامة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ستكون‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتنفيذ،‭ ‬هذا‭ ‬صحيح‭. ‬ولكن‭ ‬بمجرد‭ ‬حصولك‭ ‬على‭ ‬العملة‭ ‬الرقمية‭ ‬الجديدة،‭ ‬سيتم‭ ‬سحب‭ ‬تلك‭ ‬الغرامة‭ ‬من‭ ‬حسابك‭ ‬البنكي‭ ‬أثناء‭ ‬عبورك‭ ‬للكاميرا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مناطق‭ ‬الصين‭. ‬يمكنك‭ ‬المشي‭ ‬عشوائيا‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬معينة‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬وبحلول‭ ‬وقت‭ ‬عودتك‭ ‬إلى‭ ‬المنزل،‭ ‬سيتم‭ ‬خصم‭ ‬الغرامة‭ ‬من‭ ‬حسابك‭ ‬المصرفي‭.‬

إذا‭ ‬نظرت‭ ‬إلى‭ ‬لندن‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬وهذا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى،‭ ‬فقد‭ ‬أدخلوا‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬حدود‭ ‬السرعة‭ ‬فيها‭ ‬تبلغ‭ ‬20‭ ‬ميلًا‭ ‬في‭ ‬الساعة،‭ ‬إنه‭ ‬مثل‭ ‬الواقع‭ ‬المرير‭ ‬الكامل،‭ ‬حيث‭ ‬يقود‭ ‬الناس‭ ‬سياراتهم‭ ‬بسرعة‮ ‬20‭ ‬ميلًا‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬ببطء‭ ‬شديد‭ ‬على‭ ‬طرق‭ ‬فارغة‭ (‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أحد‭ ‬أمامهم‭) ‬لكنهم‭ ‬يسيرون‭ ‬مثل‭ ‬الآلات‭ ‬لأنهم‭ ‬خائفون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تلتقطهم‭ ‬الكاميرا‭.‬‮ ‬

قام‭ ‬عمدة‭ ‬لندن،‭ ‬السيد‭ ‬صادق‭ ‬خان،‭ ‬بتقديم‭ ‬اقتراح‭ ‬نظام‭ ‬ULEZ‭ (‬مناطق‭ ‬انبعاثات‭ ‬منخفضة‭ ‬للغاية‭)‬،‭ ‬بحيث‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬لديك‭ ‬سيارة‭ ‬لا‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬معايير‭ ‬الانبعاثات‭ ‬المنخفضة‭ ‬للغاية،‭ ‬فعليك‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬12,50‭ ‬جنيهًا‭ ‬إسترلينيًا‭ ‬يوميًا‭ ‬مقابل‭ ‬قيادة‭ ‬سيارتك‭ ‬الخاصة‭ ‬بك‭. ‬

الآن‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬هذا‭ ‬التطبيق‭ ‬هو‭ ‬شيئين،‭ ‬أولاً‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬أجبر‭ ‬عددًا‭ ‬متزايدًا‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬سياراتهم،‭ ‬وثانيًا،‭ ‬إنه‭ ‬يبرر‭ ‬وجود‭ ‬وانتشار‭ ‬الكاميرات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬لندن‭ (‬وتاليا‭ ‬سيتم‭ ‬تطبيق‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭) ‬لمراقبة‭ ‬مناطق‭ ‬ULEZ،‭ ‬لكن‭ ‬تلك‭ ‬الكاميرات‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ذلك،‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬موجودون‭ ‬لمراقبة‭ ‬مدن‭ ‬الـ15‭ ‬دقيقة،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬كاميرات‭ ‬ترصد‭ ‬اللوحات‭ ‬الرقمية‭ ‬للسيارات‭.‬

لذا،‭ ‬عندما‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬حد‭ ‬الـ15‭ ‬دقيقة‭ ‬المسموح‭ ‬به‭ ‬للمدن‭ ‬وتتجاوز‭ ‬إحدى‭ ‬تلك‭ ‬الكاميرات،‭ ‬ستنعكس‭ ‬لوحة‭ ‬الأرقام‭ ‬التابعة‭ ‬للسيارة‭ ‬التي‭ ‬تقودها،‭ ‬وسيتم‭ ‬أخذ‭ ‬رقم‭ ‬حسابك‭ ‬البنكي‭ ‬واقتطاع‭ ‬قيمة‭ ‬غرامة‭ ‬‮«‬المخالفة‮»‬‭ ‬منه‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬خطط‭ ‬تطبيقات‭ ‬مستوى‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بهدف‭ ‬التحكم‭ ‬الرقمي‭ ‬في‭ ‬تصرفاتك‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬شؤون‭ ‬حياتك،‭ ‬والذي‭ ‬سيصبح‭ ‬ممكنًا‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لديك‭ ‬وسيلة‭ ‬واحدة‭ ‬للشراء‭ ‬عبر‭ ‬العملة‭ ‬المصرفية‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬غير‭ ‬نقدي‭.‬‮ ‬

 

{‭ ‬كاتب‭ ‬بحريني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا