العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تمنياتنا ونحن نستقبل عاما جديدا

بقلم: د. نبيل العسومي

الأربعاء ١٠ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

وتمضي‭ ‬الأيام‭ ‬وتمر‭ ‬السنون‭ ‬وهكذا‭ ‬هي‭ ‬الدنيا‭ ‬تودع‭ ‬الإنسانية‭ ‬عاما‭ ‬وتستقبل‭ ‬عاما‭ ‬جديدا‭ ‬لتستمر‭ ‬الحياة‭ ‬بحلوها‭ ‬ومرها‭ ‬وتتواصل‭ ‬المسيرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬السنوية‭ ‬لتبدأ‭ ‬دورة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬الذي‭ ‬نعيش‭ ‬فيه‭. ‬فقد‭ ‬ودع‭ ‬العالم‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬عاما‭ ‬آخر‭ ‬وهو‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬واستقبل‭ ‬عاما‭ ‬جديدا‭ ‬وهو‭ ‬عام‭ ‬2024‭. ‬فقد‭ ‬انتهى‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬مخلفا‭ ‬وراءه‭ ‬آلاما‭ ‬وأوجاعا‭ ‬ومأسي،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أسوأ‭ ‬الأعوام‭ ‬التي‭ ‬عشناها‭ ‬خلال‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬هذه‭ ‬الآلام‭ ‬والأوجاع‭ ‬والمآسي‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬فيها‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بقيادة‭ ‬الإرهابي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تراع‭ ‬ولم‭ ‬تعط‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬لأبسط‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الإنسانية‭ ‬ولا‭ ‬لقواعد‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬كريمة،‭ ‬حيث‭ ‬شنت‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬ضد‭  ‬أخوتنا‭ ‬وأشقائنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ليعم‭ ‬الدمار‭ ‬والخراب‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬تعترف‭ ‬بها‭ ‬أغلب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬اصبح‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬كبير‭ ‬بلا‭ ‬ماء‭ ‬ولا‭ ‬كهرباء‭ ‬ولا‭ ‬غاز‭ ‬ولا‭ ‬طاقة‭ ‬ولا‭ ‬خدمات‭ ‬ولا‭ ‬مستشفيات‭ ‬ولا‭ ‬تعليم‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬مواد‭ ‬غذائية‭ ‬كافية،‭ ‬حيث‭ ‬منعت‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات‭ ‬بمختلف‭ ‬أشكالها‭ ‬وأنواعها‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وسط‭ ‬شجب‭ ‬واستنكار‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المحبة‭ ‬للسلام‭ ‬وتحول‭ ‬القطاع‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬أشباح‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬إلا‭ ‬العدوان‭ ‬والإرهاب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬التي‭ ‬تمارسه‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬أبشع‭ ‬صوره‭ ‬وراح‭ ‬ضحيته‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬أغلبهم‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬والأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬مقبرة‭ ‬للأطفال‭ ‬بدعم‭ ‬ومساندة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬سخرت‭ ‬كل‭ ‬إمكانياتها‭ ‬العسكرية‭ ‬والإعلامية‭ ‬وأرسلت‭ ‬البوارج‭ ‬الحربية‭ ‬وحاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬ووضعتها‭ ‬تحت‭ ‬تصرف‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬لإبادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمنطقتنا‭ ‬العربية،‭ ‬فإن‭ ‬المشهد‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أفضل‭ ‬حالا‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬المنصرم‭ ‬فالوضع‭ ‬في‭ ‬القطر‭ ‬الليبي‭ ‬الشقيق‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬على‭ ‬حاله‭ ‬ولم‭ ‬يشهد‭ ‬أي‭ ‬تحسن‭ ‬أو‭ ‬توصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬ينهي‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬الليبية‭ ‬المؤثرة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬الدولة‭ ‬الليبية‭ ‬منقسمة‭ ‬والصراع‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قائما‭ ‬بين‭ ‬البرلمان‭ ‬الليبي‭ ‬والحكومة‭ ‬الليبية‭ ‬لتعيش‭ ‬الشقيقة‭ ‬ليبيا‭ ‬بين‭ ‬دولتين‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬واحدة،‭ ‬ويدفع‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬ثمن‭ ‬هذا‭ ‬الخلاف‭ ‬من‭ ‬أمنه‭ ‬واستقراره‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬ليبيا‭ ‬من‭ ‬خيرات‭ ‬مادية‭ ‬كبيرة‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬بدل‭ ‬من‭ ‬استخدامها‭ ‬لرفاهية‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭.‬

وفي‭ ‬السودان‭ ‬وبعد‭ ‬مضي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنتين‭ ‬على‭ ‬اسقاط‭ ‬نظام‭ ‬عمر‭ ‬البشير‭ ‬بعد‭ ‬ثورة‭ ‬شعبية‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬استقرارا‭ ‬فالقتال‭ ‬الذي‭ ‬خلف‭ ‬ويخلف‭ ‬آلاف‭ ‬القتلى‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مستمرا‭ ‬بين‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬والمجلس‭ ‬العسكري‭ ‬رغم‭ ‬الوساطات‭ ‬العربية‭ ‬والدولية‭ ‬ورغم‭ ‬الجهود‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذا‭ ‬الخلاف‭ ‬وإخراج‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬النفق‭ ‬المظلم‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬إليه‭ ‬فلا‭ ‬أمن‭ ‬ولا‭ ‬استقرار‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬ولا‭ ‬أفق‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬السودان،‭ ‬حيث‭ ‬يفتقر‭ ‬الشعب‭ ‬السوداني‭ ‬إلى‭ ‬أبسط‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية‭ ‬للحياة‭.‬

وفي‭ ‬اليمن‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي‭ ‬الإرهابية‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬تعرقل‭ ‬أي‭ ‬جهود‭ ‬للمصالحة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وتعرقل‭ ‬الملاحة‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬تنفيذا‭ ‬للأجندة‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تهديد‭ ‬المصالح‭ ‬الخليجية‭ ‬والعالمية‭.‬

على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬مستمرة‭ ‬وبعد‭ ‬أيام‭ ‬سوف‭ ‬تدخل‭ ‬عامها‭ ‬الثالث‭ ‬دون‭ ‬أفق‭ ‬للحل‭ ‬السياسي‭ ‬أو‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬لإنهاء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬حيث‭ ‬تفشل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كل‭ ‬المحاولات‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬سياسي‭ ‬لتكون‭ ‬أوكرانيا‭ ‬خنجرا‭ ‬في‭ ‬خاصرة‭ ‬الدولة‭ ‬الروسية‭ ‬وأداة‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تحركها‭ ‬متى‭ ‬تشاء‭ ‬وكيفما‭ ‬تشاء‭ ‬لإلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬والأذى‭ ‬بروسيا‭ ‬الاتحادية‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬فقد‭ ‬استطاعت‭ ‬بلادنا‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬تحديدا‭ ‬التي‭ ‬نواجهها،‭ ‬حيث‭ ‬انخفض‭ ‬معدل‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬وتحسن‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والحمد‭ ‬لله،‭ ‬ونتمنى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مقدمة‭ ‬نحو‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬تحسين‭ ‬معيشة‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭.‬

نستقبل‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬المآسي‭ ‬والأوجاع‭ ‬والمشكلات‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬العالم‭ ‬وتبقى‭ ‬دون‭ ‬أفق‭ ‬لحلها،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬2024‭ ‬عام‭ ‬خير‭ ‬وبركة‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬وتغليب‭ ‬لغة‭ ‬الحوار‭ ‬على‭ ‬لغة‭ ‬الخلاف‭ ‬والحرب‭ ‬وعدم‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬ليكون‭ ‬بداية‭ ‬لمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬لعالمنا‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬فيه،‭ ‬أساسها‭ ‬التعاون‭ ‬والتفاهم‭ ‬والتنسيق‭ ‬والثقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬لحل‭ ‬هذه‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬كابوسا‭ ‬جاثما‭ ‬على‭ ‬صدور‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تنشد‭ ‬السلام‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬متحضر‭ ‬ومتقدم‭ ‬ومتطور‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬فيه‭ ‬للحروب‭ ‬والخلافات‭ ‬والصراعات‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا