العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

أمريكا ستدفع ثمن تواطؤها مع إسرائيل في عدوانها على غزة

بقلم: د. رمزي بارود {

الجمعة ١٢ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

قال‭ ‬الأديب‭ ‬العالمي‭ ‬الفذ‭ ‬فرانز‭ ‬كافكا‭ ‬قولته‭ ‬الشهيرة‭: ‬‮«‬كل‭ ‬شيء‭ ‬تحبه‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬جدًا‭ ‬أن‭ ‬تضيعه،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬سيعود‭ ‬الحب‭ ‬بطريقة‭ ‬مختلفة‮»‬‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬المبدأ‭ ‬نفسه‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬شعور‭ ‬قوي‭ ‬آخر،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الاستياء‭ ‬والكراهية‭ ‬والغضب،‭ ‬وحتى‭ ‬السخط‭.‬

ويجب‭ ‬على‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬ذلك‭ ‬جيداً‭ ‬بينما‭ ‬يواصلون‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بمليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وأي‭ ‬شيء‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يسمح‭ ‬لإسرائيل‭ ‬بمواصلة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين،‭ ‬بل‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬يراقبون‭ ‬ويستمعون‭ ‬ويقرأون،‭ ‬ويزداد‭ ‬غضبهم‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الدور‭ ‬الأمريكي‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬تسهيل‭ ‬حمام‭ ‬الدم‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

لقد‭ ‬أحدثت‭ ‬الحملة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬دمارًا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬حلب‭ ‬السورية‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2012‭ ‬و2016،‭ ‬أو‭ ‬ماريوبول‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬أو‭ ‬بشكل‭ ‬متناسب،‭ ‬قصف‭ ‬الحلفاء‭ ‬لألمانيا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬تعد‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬الحملات‭ ‬دموية‭ ‬وتدميرًا‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‮»‬‭.   ‬حسبما‭ ‬ذكرت‭ ‬وكالة‭ ‬أسوشيتد‭ ‬برس،‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬تحليل‭ ‬بيانات‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬الأخيرة‭.‬

وبصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬القتلى‭ ‬والمفقودين‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض،‭ ‬فقد‭ ‬أصيب‭ ‬عدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬وتشوهوا،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬آلاف‭ ‬الأطفال‭. ‬وفقًا‭ ‬لليونيسف،‭ ‬يُترك‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬يحصى‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬‮«‬يصارعون‭ ‬فقدان‭ ‬ذراع‭ ‬أو‭ ‬ساق‮»‬‭.‬

إن‭ ‬معاناة‭ ‬غزة‭ ‬هذه‭ ‬تتم‭ ‬مشاهدتها‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التلفزيون،‭ ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬مشاهدتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جميع‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الممكنة‭. ‬وكأن‭ ‬العالم‭ ‬يعاني‭ ‬مع‭ ‬أطفال‭ ‬غزة،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬وقف‭ ‬أو‭ ‬إبطاء‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭.‬

ولكن‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬عكست‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬باستثناء‭ ‬القليل‭ ‬منها،‭ ‬موقفها‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬وانضمت‭ ‬إلى‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بوقف‭ ‬فوري‭ ‬وشامل‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬استمرت‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬هذه‭ ‬الدعوات‭.‬

هكذا‭ ‬بررت‭ ‬سفيرة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬ليندا‭ ‬توماس‭ ‬غرينفيلد،‭ ‬استخدام‭ ‬بلادها‭ ‬لحق‭ ‬النقض،‭ ‬لتفشل‭ ‬بذلك‭ ‬أول‭ ‬محاولة‭ ‬جادة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬هدنة‭ ‬دائمة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬18‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭: ‬‮«‬لإسرائيل‭ ‬الحق‭ ‬الأصيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬51‭ ‬من‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭.‬

وقد‭ ‬تكرر‭ ‬نفس‭ ‬المنطق‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬أصبح‭ ‬حجم‭ ‬مأساة‭ ‬غزة‭ ‬معروفاً‭ ‬للجميع،‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أنفسهم‭.‬

ويتعارض‭ ‬هذا‭ ‬المنطق‭ ‬الأناني‭ ‬مع‭ ‬روح‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والإنساني،‭ ‬الذي‭ ‬يرفض‭ ‬بشدة‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬الحرب‭ ‬والصراع،‭ ‬ومنع‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬ضحايا‭ ‬الحرب‭ ‬المدنيين‭.‬

إن‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬المدنيين،‭ ‬ووفقاً‭ ‬لمنظمة‭ ‬اليونيسيف‭ ‬فإن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬القتلى‭ ‬والجرحى‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وبسبب‭ ‬الممارسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬اللاإنسانية،‭ ‬يواجه‭ ‬الناجون‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬الآن‭ ‬مجاعة‭ ‬فعلية،‭ ‬وهو‭ ‬حدث‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬فلسطين‭ ‬الحديث‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تواصل‭ ‬إسرائيل‭ ‬منع‭ ‬وصول‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬والوقود‭ ‬والإمدادات‭ ‬العاجلة‭ ‬الأخرى‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تنتهك‭ ‬قوانين‭ ‬واشنطن‭ ‬ذاتها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭.‬

‮«‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬مساعدة‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬عندما‭ ‬يُعلم‭ ‬الرئيس‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬تحظر‭ ‬أو‭ ‬تقيد،‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬نقل‭ ‬أو‭ ‬تسليم‭ ‬المساعدة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الأمريكية‮»‬‭ ‬‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬ينص‭ ‬عليه‭ ‬قانون‭ ‬المساعدة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ (‬المادة‭ ‬620I‭).‬

لم‭ ‬تفعل‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬شيئًا‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬إجبارها‭ ‬‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بأبسط‭ ‬القوانين‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬والأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬يزود‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالأدوات‭ ‬اللازمة‭ ‬لإطالة‭ ‬أمد‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬المدمرة‭.‬

ووفقاً‭ ‬لتقرير‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬ديسمبر‭ ‬عن‭ ‬القناة‭ ‬12‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬قامت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬سفينة‭ ‬و244‭ ‬طائرة‭ ‬أمريكية‭ ‬بتسليم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10,000‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬والمعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭.‬

وتشمل‭ ‬هذه‭ ‬الإمدادات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وفقاً‭ ‬لصحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال،‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬100‭ ‬قنبلة‭ ‬BLU-109،‭ ‬وهي‭ ‬قنابل‭ ‬خارقة‭ ‬للتحصينات‭ ‬تزن‭ ‬2000‭ ‬رطل،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬استخدامها‭ ‬مراراً‭ ‬وتكراراً‭ ‬طوال‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬وجرح‭ ‬المئات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭.‬

كان‭ ‬الإجراء‭ ‬الملموس‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬اتخذته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬هو‭ ‬إنشاء‭ ‬تحالف،‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬حارس‭ ‬الازدهار‮»‬،‭ ‬بهدف‭ ‬وحيد‭ ‬هو‭ ‬ضمان‭ ‬سلامة‭ ‬السفن‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر،‭ ‬من‭ ‬وإلى‭ ‬إسرائيل‭.‬

ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لم‭ ‬تتعلم‭ ‬شيئاً‭ ‬من‭ ‬الماضي،‭ ‬من‭ ‬حروبها‭ ‬المدمرة‭ ‬على‭ ‬العراق،‭ ‬ومما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬فشلها‭ ‬في‭ ‬إيجاد‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬دعمها‭ ‬لإسرائيل‭ ‬واحترامها‭ ‬للفلسطينيين‭. ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭. ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬منفصلون‭ ‬تماماً‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭.‬

وفي‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬عُقد‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬أعلن‭ ‬منسق‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬للاتصالات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬جون‭ ‬كيربي‭: ‬‮«‬أخبرني،‭ ‬اذكر‭ ‬اسم‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬تفعل‭ ‬نفس‭ ‬القدر‭ ‬الذي‭ ‬تفعله‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬وطأة‭ ‬الفقر‮»‬‭. ‬آلام‭ ‬ومعاناة‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭. ‬لا‭ ‬يمكنك‭. ‬أنت‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬ذلك‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‮»‬‭. ‬

ولكن‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للقنابل‭ ‬الغبية،‭ ‬و«القنابل‭ ‬الذكية‮»‬،‭ ‬وخارقة‭ ‬التحصينات،‭ ‬وعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأطنان‭ ‬من‭ ‬المتفجرات‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تخفف‭ ‬الألم‭ ‬والمعاناة‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وأطفالها؟

وإذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كيربي‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بالدور‭ ‬الذي‭ ‬لعبته‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فإن‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أسوأ‭ ‬مما‭ ‬كنا‭ ‬نتصور‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬يدرك‭ ‬ذلك،‭ ‬وينبغي‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬ذلك،‭ ‬فمن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬الأزمة‭ ‬الأخلاقية‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬بلاده‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭.‬

المشكلة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬لديها‭ ‬رؤية‭ ‬مجزأة‭ ‬للواقع،‭ ‬حيث‭ ‬تركز‭ ‬باهتمام‭ ‬على‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤثر‭ ‬بها‭ ‬أفعالها،‭ ‬أو‭ ‬تقاعسها‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬على‭ ‬أحزابها‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة‭.‬

ولكن‭ ‬الأمريكيين‭ ‬الذين‭ ‬يهتمون‭ ‬ببلادهم‭ ‬وموقعها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬المتغيرة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬والتحولات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬العالمية‭ ‬السريعة‭ ‬ينبغي‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬يتذكروا‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬لا‭ ‬يبدأ‭ ‬ولا‭ ‬ينتهي‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬محدد‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭.‬

وكتب‭ ‬كافكا‭: ‬‮«‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬سيعود‭ ‬الحب‭ ‬بطريقة‭ ‬مختلفة‮»‬‭. ‬إنه‭ ‬علي‭ ‬حق‭. ‬لكن‭ ‬الكراهية‭ ‬أيضًا‭ ‬تميل‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬أيضًا،‭ ‬وتتجلى‭ ‬بطرق‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى‭. ‬وكان‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬واشنطن،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الإدراك‭ ‬وتدرك‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬بمفردها‭.‬

 

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا