العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الكيان الصهيوني وعبثية اغتيال قيادات «التحرر الوطني» الفلسطيني

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ١٤ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

لطالما‭ ‬كانت‭ ‬الحلول‭ ‬العسكرية‭ ‬أو‭ ‬الأمنية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لإدامة‭ ‬الاحتلال‭ ‬أمرا‭ ‬عبثيا‭. ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬هذه‭ ‬الحلول‭ ‬تأتي‭ ‬سياسة‭ ‬اغتيال‭ ‬وتصفية‭ ‬القيادات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬فيها‭ ‬تهديدا‭ ‬لمشروعها‭ ‬التوسعي‭ ‬الاستعماري‭/ ‬‮«‬الاستيطاني‮»‬‭/ ‬الإحلالي،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬عفوية‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام،‭ ‬بل‭ ‬حظيت‭ ‬بتأييد‭ ‬رؤساء‭ ‬ووزراء‭ ‬الحكومات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬أفكارهم‭ ‬الأيديولوجية‭.‬

التجربة‭ ‬الإنسانية‭ ‬وتجربة‭ ‬حركة‭ ‬التحرر‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬تجربة‭ ‬فلسطين،‭ ‬تؤشر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬اغتيال‭ ‬أو‭ ‬الحكم‭ ‬بمؤبدات‭ ‬على‭ ‬قيادات‭ ‬التحرر‭ ‬الوطني،‭ ‬فهذه‭ ‬الحركات‭ ‬قادرة‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬إفراز‭ ‬قيادات‭ ‬جديدة‭.‬

ففي‭ ‬الماضي‭ ‬البعيد‭ ‬والقريب،‭ ‬اغتالت‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬الأولى‭ ‬والبارزة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬أو‭ ‬حماس‭ ‬أو‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‭ ‬أو‭ ‬الجبهة‭ ‬الشعبية‭ ‬أو‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬الفصائل‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬صالح‭ ‬العاروري‭ ‬ووسام‭ ‬طويل‭ ‬آخر‭ ‬هؤلاء‭.‬

ورغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬اغتيال‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬شخصية‭ ‬قيادية‭ ‬مثل‭ ‬العاروري‭ ‬أو‭ ‬طويل،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت‭ ‬كانت‭ ‬مؤلمة‭ ‬وتقهر،‭ ‬بل‭ ‬لعله‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬العاروري‭ ‬نفسه‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬أو‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬كانوا‭ ‬يتوقعون‭ ‬استهدافهم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬والعدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتواصل‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬فالعاروري،‭ ‬الذي‭ ‬قتل‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب‭ ‬أبرزها‭ ‬دوره‭ ‬العسكري‭ ‬القتالي‭ ‬وخاصة‭ ‬مسؤوليته‭ ‬عن‭ ‬انتفاضة‭ ‬‮«‬الجبهة‭ ‬الثانية‮»‬‭ ‬المفتوحة‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬إلى‭ ‬وضعه‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬قائمة‭ ‬المطلوبين‭ ‬للاغتيال‭.‬

الشهيد‭ ‬صالح‭ ‬العاروري،‭ ‬الذي‭ ‬قضى‭ ‬18‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال‭ ‬وأبعد‭ ‬عن‭ ‬فلسطين،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬كتائب‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬القسام‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬عام‭ ‬1991‭. ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬وضع‭ ‬هدفين‭ ‬أمامه‭ ‬عند‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬السجن‭: ‬أولهما،‭ ‬التحرير‭ ‬عبر‭ ‬تثوير‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬هادئة‭ ‬نتيجة‭ ‬عوامل‭ ‬عديدة‭ ‬يتقدمها‭ ‬القمع‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والهدف‭ ‬الثاني‭ ‬إخراج‭ ‬رفاقه‭ ‬من‭ ‬السجن‭. ‬

ومعروف‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يتهم‭ ‬العاروري‭ ‬بتأسيس‭ ‬‮«‬عرين‭ ‬الأسود‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬لعب‭ ‬الدور‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التشكيل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يخيف‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬فلقد‭ ‬كان‭ ‬السؤال‭ ‬الأهم‭ ‬عندهم‭: ‬كيف‭ ‬استطاع‭ ‬العاروري‭ ‬أن‭ ‬يجمع‭ ‬كوادر‭ ‬وعناصر‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬وحماس‭ ‬والجهاد‭ ‬والشعبية‭ ‬وغيرهم‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬واحد؟‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬العاروري‭ ‬كان‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬التباينات‭ ‬بين‭ ‬الفصائل‭ ‬والعصبية‭ ‬الحزبية‭ ‬والتفتيش‭ ‬عن‭ ‬المشتركات‭ ‬وهي‭ ‬صفة‭ ‬اكتسبها‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬سجنه‭ ‬الطويلة،‭ ‬ومعايشته‭ ‬أفراداً‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الفصائل‭.‬

وبحق،‭ ‬كان‭ ‬العاروري‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬رجال‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬والداعين‭ ‬لها‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العاروري‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬المطلوبين‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬إذ‭ ‬يوصف‭ ‬بـ«مهندس‮»‬‭ ‬الهجمات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬ضد‭ ‬جنود‭ ‬الاحتلال‭ ‬والمستعمرين‭/ ‬‮«‬المستوطنين‮»‬،‭ ‬وإطلاق‭ ‬الصواريخ‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ولبنان‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وصفه‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬كابوس‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬مدرج‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهابيين‭ ‬الدوليين‭ ‬الأمريكي‭!!!‬

عمليات‭ ‬الاغتيال‭ ‬التي‭ ‬ينفذها‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬ضد‭ ‬قيادات‭ ‬ورموز‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والعربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬فلسطين‭ ‬أو‭ ‬خارجها،‭ ‬لن‭ ‬تفلح‭ ‬في‭ ‬كسر‭ ‬إرادة‭ ‬وصمود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬أو‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬مقاومته‭. ‬والماضي،‭ ‬والحاضر،‭ ‬بل‭ ‬والمستقبل‭ ‬شهود‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا