يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
إيران وفلسطين: الادعاء والحقيقة
عندما نفذت المقاومة الفلسطينية عملية «طوفان الأقصى» ضد العدو الصهيوني وما تلا ذلك من حرب إبادة على غزة شنها العدو، حددت إيران منذ اليوم الأول موقفها بشكل واضح وحاسم. أعلنت أنها لم تكن على علم بالعملية، وأنها لن تتدخل إطلاقا، أي ستبقى بعيدا عن الحرب وتطوراتها.
إيران أعلنت هذا وفي ذهنها أمران يمثلان أكبر أركان استراتيجيتها في المنطقة العربية.
الأمر الأول: أن القوى والمليشيات والجماعات التابعة لإيران في المنطقة العربية، وتحديدا في لبنان والعراق وسوريا واليمن، مهمتها الأساسية هي خدمة إيران ومشروعها ومصالحها.
على الرغم من أنهم يطلقون على هذه القوى «محور المقاومة»، فإن الحقيقة هي أنه محور إيراني بحت مهمته الأساسية خدمة إيران وتنفيذ استراتيجيتها ومشروعها في المنطقة العربية.
والأمر الثاني: أن أحد أكبر أهداف إيران الاستراتيجية، وعبر القوى والمليشيات والجماعات العميلة لها، استغلال القضايا والتطورات على الساحة العربية، وعلى رأسها قضية فلسطين، من أجل خدمة المشروع الإيراني والمصالح الإيرانية لا خدمة المصالح العربية.
من منطلق هذين المبدأين شرعت إيران في التحرك فورا لاستغلال اندلاع الحرب والأوضاع الحالية لخدمة مشروعها في المنطقة.
إيران تصرفت عبر القوى العميلة لها في المنطقة، انطلاقا من حقيقة أنها مهما فعلت تحت شعار نصرة فلسطين أو غزة، فمن الممكن أن يمر على اعتبار أن الشعوب العربية بأسرها تقف مع الشعب الفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني.
لنتأمل ماذا فعلت إيران، وماذا وراء ذلك.
في العراق دفعت إيران المليشيات الشيعية العميلة لها إلى استهداف القواعد الأمريكية بالصواريخ بشكل منتظم. بالطبع دفعت هذه المليشيات إلى إعلان أنها تفعل ذلك لدعم الفلسطينيين في غزة وانتقاما من أمريكا لهذا السبب، ولكن ليست هذه هي الحقيقة. ليس هذا هو السبب.
إيران فعلت هذا في العراق كي تحقق هدفها الأكبر الذي تسعى إليه وهو إخراج أمريكا نهائيا من العراق وإجبار الحكومة العراقية على أن تصر على هذا الإنهاء.
لسنا بحاجة إلى القول بأن إيران تريد إخراج كل القوات الأمريكية من العراق كي تخلو لها الساحة العراقية تماما لتكرس احتلالها وتفعل بالعراق ما تشاء عبر عملائها.
وفي اليمن دفعت إيران الحوثيين العملاء لها إلى استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر على نحو ما نتابع.
أيضا فعل هذا تحت زعم نصرة أهل غزة واستهداف الدول التي تدعم العدوان الصهيوني.
مرة أخرى ليست هذه هي الحقيقة تماما.
إيران تريد أن تؤكد لأمريكا والدول الغربية أن بمقدورها أن تشل حركة الملاحة التجارية الدولية وتلحق بالتجارة العالمية أذى شديدا. بالطبع تفعل هذا كي تبتز أمريكا وتحصل منها على التنازلات التي تريدها في أي مفاوضات أو صفقة قادمة.
وفي لبنان دفعت إيران حزب الله إلى إطلاق بعض الصواريخ على مواقع للكيان الصهيوني من منطلق الوقوف مع الفلسطينيين في حربهم في غزة.
إيران دفعت حزب الله لهذا كي يتاح لها أن تقول إنها شاركت في الحرب بجانب الفلسطينيين من دون أن تتحمل أي مسؤولية عن هذا، لكن الهدف الأساسي من وراء ذلك هو أن تلقي في روع أمريكا أن بمقدورها توسيع نطاق الحرب ضد الكيان الصهيوني في أي وقت تريد، وكي تجبر أيضا أمريكا على تقديم تنازلات في مقابل هذا التهديد.
هذا إذن هو جوهر الموقف والتحركات الإيرانية اليوم عبر عملائها في المنطقة.
وكما هي العادة تحرص إيران على التنصل من كل هذا والادعاء بأن هذه القوى العميلة إنما تتصرف من نفسها من دون أي تخطيط أو توجيه من إيران. والكل يعلم بالطبع أنه لا توجد أي قوة من هذه القوى العميلة بمقدورها أن تفعل أي شيء من دون توجه وتخطيط من النظام الإيراني.
نقول هذا كي تكون الحقيقة واضحة.
للقضية جوانب مهمة أخرى.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك