العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٨ - الاثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

كيف تكون الخيار المفضل لسوق العمل؟

بقلم: د. أسعد حمود السعدون {

الجمعة ٢٦ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

تمتلك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تجربة‭ ‬وطنية‭ ‬مميزة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تنمية‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬وتأهيلها‭ ‬لأجل‭ ‬تمكينها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬خيارا‭ ‬مفضلا‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬والإحلال‭ ‬محل‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬الوافدة،‭ ‬وقد‭ ‬اعتمدت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السياسات‭ ‬والإجراءات‭ ‬والحوافز‭ ‬المالية‭ ‬والنوعية‭ ‬والتشريعية‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب،‭ ‬وذلك‭ ‬ما‭ ‬تحدثنا‭ ‬عنه‭ ‬تفصيلا‭ ‬في‭ ‬مقالنا‭ ‬الموسوم‭ ‬‮«‬تنمية‭ ‬مهارات‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬بوابة‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬العمل‮»‬‭ ‬والمنشور‭ ‬في‭ ‬صحيفتنا‭ ‬الغراء‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬في‭ ‬العدد‭ ‬الصادر‭ ‬بتاريخ‭ ‬17‭ ‬يناير‭ ‬2024‭.‬

وقد‭ ‬تلقينا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الاتصالات‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الباحث‭ ‬عن‭ ‬عمل،‭ ‬وهم‭ ‬يقولون‭ ‬تخرجنا‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬ودخلنا‭ ‬دورات‭ ‬متنوعة‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬الفرص‭ ‬المناسبة،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬المهارات‭ ‬المطلوبة‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تجعلنا‭ ‬الخيار‭ ‬المفضل‭ ‬فعلا‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬وفقا‭ ‬لرغباتنا‭ ‬واهتماماتنا‭ ‬الشخصية؟

لذا‭ ‬فإن‭ ‬مقالنا‭ ‬لهذا‭ ‬اليوم‭ ‬موجه‭ ‬إلى‭ ‬الشباب‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭. ‬ونقول‭ ‬بدءا‭ ‬إن‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬هي‭ ‬المهارات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬التدريب‭ ‬التطبيقي‭ ‬على‭ ‬الاعمال‭ ‬المتاحة‭ ‬وليس‭ ‬التدريب‭ ‬الوصفي‭.‬

وحسنا‭ ‬فعل‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬بتقديمه‭ ‬اقتراحا‭ ‬بقانون‭ ‬بشأن‭ ‬إضافة‭ ‬مادة‭ ‬جديدة‭ ‬إلى‭ ‬قانون‭ ‬التدريب‭ ‬المهني‭ ‬تؤكد‭ ‬إلزام‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بتدريب‭ ‬الخريجين،‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬يوفر‭ ‬لهم‭ ‬مهارات‭ ‬عملية‭ ‬ومعايشة‭ ‬ميدانية‭ ‬لبيئة‭ ‬العمل‭ ‬ومعرفة‭ ‬متطلباتها‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬العمل‭ ‬الفعلي‭.‬

والاطلاع‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬الآلات‭ ‬والمعدات‭ ‬المعتمدة‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬المدخلات‭ ‬والخامات‭ ‬المستخدمة،‭ ‬وكيفية‭ ‬التفريق‭ ‬بينها‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬يتدربون‭ ‬به‭ ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بكفاءة‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬إهدار‭ ‬للزمن‭ ‬والموارد‭.‬

فضلا‭ ‬عن‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الجوانب‭ ‬الإدارية‭ ‬وأخلاقيات‭ ‬المهنة،‭ ‬وآليات‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الزبائن‭ ‬وحسابات‭ ‬الأسعار،‭ ‬والتشريعات‭ ‬واللوائح‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬ممارسة‭ ‬العمل،‭ ‬وجميع‭ ‬التفاصيل‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالعمل،‭ ‬وبما‭ ‬يمكن‭ ‬الخريجين‭ ‬من‭ ‬كسب‭ ‬مهارة‭ ‬فعلية‭ ‬تتيح‭ ‬لهم‭ ‬دخول‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬مناسبة‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬الخريجين‭ ‬بأن‭ ‬يحرصوا‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬الشركات‭ ‬التي‭ ‬يتدربون‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬اتجاهاتهم‭ ‬وقيمهم‭ ‬الشخصية‭ ‬نحو‭ ‬العمل‭ ‬المرغوب‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬التخرج،‭ ‬وذلك‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬ونضج‭ ‬وعيهم‭ ‬المهني‭ ‬والذي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يتبلور‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تخصصهم‭ ‬الجامعي،‭ ‬والدورات‭ ‬التدريبية‭ ‬المتخصصة‭ ‬بإنضاج‭ ‬الوعي‭ ‬المهني‭ ‬لدى‭ ‬الشباب‭ ‬عموما،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬تقنيات‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬متواصل،‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬آفاق‭ ‬تطور‭ ‬المهنة‭ ‬التي‭ ‬نتدرب‭ ‬عليها‭ ‬ومجالاتها‭ ‬المختلفة،‭ ‬والمسارات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تتفرع‭ ‬عنها‭ ‬وعلاقتها‭ ‬بالمهن‭ ‬الاخرى‭ ‬وبسوق‭ ‬العمل‭. ‬

وعلى‭ ‬الخريجين‭ ‬أيضا‭ ‬وقبل‭ ‬ان‭ ‬يتقدموا‭ ‬إلى‭ ‬التوظيف‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬قدراتهم‭ ‬ومهاراتهم‭ ‬وميولهم‭ ‬الراسخة‭ ‬وامكاناتهم‭ ‬في‭ ‬التكيف‭ ‬والتوافق‭ ‬مع‭ ‬المهن‭ ‬المتاحة‭ ‬للتوظيف‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭.‬

كما‭ ‬ينبغي‭ ‬لهم‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬معارفهم‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬لاطلاعهم‭ ‬على‭ ‬بيئة‭ ‬أعمالهم‭ ‬وآليات‭ ‬العمل‭ ‬لديهم‭ ‬وتجاربهم‭ ‬الخاصة،‭ ‬وبما‭ ‬يدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬ليس‭ ‬المهارات‭ ‬المهنية‭ ‬فقط‭ ‬وانما‭ ‬المهارات‭ ‬الحياتية‭ ‬التي‭ ‬تندرج‭ ‬تحت‭ ‬مهارات‭ ‬التوظيف،‭ ‬مثل‭ ‬مهارات‭ ‬الاتصال‭ ‬والتواصل‭ ‬الفعال،‭ ‬حيث‭ ‬ان‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬وعرض‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتية‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬المكالمة‭ ‬المباشرة،‭ ‬وحضور‭ ‬جلسات‭ ‬مقابلات‭ ‬العمل‭ ‬كلها‭ ‬تتطلب‭ ‬عملية‭ ‬اتصال‭ ‬فعال‭ ‬يستطيع‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬المتقدم‭ ‬للتوظيف‭ ‬اعطاء‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬لجنة‭ ‬مقابلة‭ ‬المتقدمين‭ ‬للتوظيف‭ ‬تصورا‭ ‬أفضل‭ ‬عنه‭ ‬بما‭ ‬يجعله‭ ‬خيارا‭ ‬مفضلا‭ ‬للتوظيف‭. ‬

ومن‭ ‬المهارات‭ ‬الحياتية‭ ‬المهمة‭ ‬مهارة‭ ‬العمل‭ ‬ضمن‭ ‬فريق،‭ ‬وامتلاك‭ ‬مهارة‭ ‬المرونة‭ ‬التي‭ ‬تعني‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الظروف‭ ‬والحالات‭ ‬والانماط،‭ ‬وتقود‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الصبر‭ ‬والتحمل،‭ ‬وبالتالي‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الابداع‭ ‬والابتكار‭ ‬والتجديد،‭ ‬وهذه‭ ‬المهارة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬مهارتي‭ ‬الاتصال‭ ‬والعمل‭ ‬ضمن‭ ‬فريق،‭ ‬حيث‭ ‬ان‭ ‬قدرة‭ ‬الخريج‭ ‬على‭ ‬اجراء‭ ‬اتصال‭ ‬فعال‭ ‬والعمل‭ ‬ضمن‭ ‬الفريق‭ ‬تفترض‭ ‬بالضرورة‭ ‬وجود‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬المرونة‭ ‬تساعده‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬المهارتين‭ ‬المذكورتين‭.‬

ومن‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬مطلبا‭ ‬حتميا‭ ‬في‭ ‬اغلب‭ ‬الوظائف‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬والتي‭ ‬يتطلب‭ ‬تعلمها‭ ‬والتدريب‭ ‬عليها‭ ‬مهارة‭ ‬إجادة‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬قراءة‭ ‬وكتابة‭ ‬ومحادثة،‭ ‬ومهارة‭ ‬سبر‭ ‬أغوار‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬البرمجيات‭ ‬الرقمية‭ ‬المختلفة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬او‭ ‬المالية‭ ‬أو‭ ‬التقنية‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فهي‭ ‬الخط‭ ‬الاول‭ ‬للدخول‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭.‬

وختاما‭ ‬نؤكد‭ ‬أن‭ ‬امتلاك‭ ‬المهارات‭ ‬المهنية‭ ‬والحياتية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المقترحات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬وتضمنت‭ ‬زيادة‭ ‬رسوم‭ ‬استقدام‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬لتقليص‭ ‬الأثر‭ ‬المالي‭ ‬المباشر‭ ‬بين‭ ‬كلف‭ ‬توظيف‭ ‬المواطن‭ ‬والوافد،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬حزمة‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬اطلقها‭ ‬صندوق‭ ‬العمل‭ ‬تمكين‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬توجيهات‭ ‬قيادة‭ ‬البلاد‭ ‬الرشيدة‭ ‬والمتضمنة‭ ‬دعم‭ ‬التوظيف‭ ‬والتطوير‭ ‬الوظيفي‭ ‬ودعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬سيسهم‭ ‬في‭ ‬تمكين‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬الخيار‭ ‬المفضل‭ ‬لسوق‭ ‬العمل‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬وتوفيقه‭.‬

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا